facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الاعتداء على المستشفيات الحكومية .. لماذا ؟


04-02-2008 02:00 AM

شهدت اقسام الطواريء في عدد من المستشفيات الحكومية الاردنية ، خلال العام الماضي ، حالات اعتداءات جسدية على أطباء هذه الاقسام ، من قبل مرافقي المرضى ، واستدعت دخولهم المستشفيات ، نتيجة اصابات بالغة تعرضوا لها ، وخلال الايام الماضية ، تعرضت منشأت قسم الطواريء في مستشفى البشير للعنف من مرافقي مرضى ، توفوا الى رحمة الله بعد ادخالهم القسم . ان معرفة اسباب هذه الاعتداءات ، لا يحتاج لذكاء خارق ، فمن معرفتنا بطبيعة اوضاع المستشفيات الحكومية وظروف عملها ، سواء من ناحية ضغط العمل الكبير الذي يتعرض له طاقمها الطبي ، أواللامبالاة عند بعضهم ولها أسبابها ، نستطيع ان نفهم دوافع هذه الاعتداءات ، بانها ناتجة عن شعور مرافقي المرضى بتقصير هذه المستشفيات في معالجة أحبتهم المرضى ، ومماطلتهم في اتخاذ الاجراءات الطبية التي تبعث الاطمئنان في نفوسهم ، وهذا الامر قد يكون صحيحا في حالات معينة ، وقد يكون مبالغا في في حالات اخرى ، خاصة اذا علمنا ان المعالجة شبه المجانية في المستشفيات الحكومية ، تعزز هذا الشعور عند المرضى ومرافقيهم ، وحتى عند الاطباء انفسهم .

ان مثل هذا الأمر لا يحدث في المستشفيات الخاصة ، او نادرا ما يحدث ، حيث يدفع فيها المريض كامل تكاليف المعالجة ، وينعكس ذلك على خدمة الاطباء انفسهم ، الذين قد يبالغ بعضهم في تقييم الحالة المرضية ، ويبدي كل الاهتمام بالمرضى ، وقد يتم ادخالهم للمستشفى الخاص دون ان تكون هناك حاجة ملحة لذلك ، اضافة الى المتابعة الدؤوبة اثناء الاقامة من ناحية العلاج وزيارة الاطباء ، واختيار الطبيب الذي يرتاح له المريض ، وايضا تسهيل الزيارات الاجتماعية للمرضى ، كل ذلك يبعث على الاطمئنان للمريض ، ويبعث على الرضى لادارة المستشفيات ، حيث ان هذه العناية تسر المريض واهله وتزيد من ارباح المستشفى وتحسين سمعته .

ان الثقافة الشعبية السائدة عن المستشفيات الحكومية ، وبسبب كونها مجانية او شبه مجانية ، وبسبب حالة الاكتظاظ فيها ، هي السبب في الشك الدائم الذي ينتاب المريض واهله بفعالية أداء هذه المستشفيات وأطبائها وممرضيها ، وهي ثقافة تستند الى أسس صحيحة احيانا ، تجتمع فيها عوامل الشك بمستوى الخدمة الطبية المجانية ، مع عوامل الغضب من ضيق ذات اليد والفقر ، الذي يدفع كثير من المرضى لمراجعة هذه المستشفيات ، فمن انعم الله عليه لا يرسل احبائه الا الى المستشفيات الخاصة ومهما كانت التكاليف .

اود هنا ان اشير الى مشاعر متناقضة تولدت لدي ، من خلال التعامل مع المستشفيات الحكومية ، شعور بالتقدير للجهد الكبير الذي يبذله الاطباء والممرضين ، من خلال حجم العمل الذي يقومون به ، والضغط النفسي الذي يولده ذلك لهم ، وكفاءة كثير من الأطباء ، رغم شح الامكانيات في كثير من هذه المستشفيات ، يقابله شعور بالاسى يتولد من الاحساس باللامبالاة ، والتعامل مع بعض المرضى وكانهم متمارضين ، والتقصير في اوجه طبية عديدة .

كما لا بد ان بعضنا قد سمع بالاخطاء الطبية التي تحصل ، وهي هنا تشمل المستشفيات العامة والخاصة على حد سواء ، وقد كان بعضها مميتا ، وبالتاكيد فان الشعور بالمرارة تجاه هذه الاخطاء يكون اكبر في المستشفيات الخاصة ، لان المريض يتوسم فيها دائما الخدمة الممتازة ، ولانه يدفع تكاليف المعالجة كاملة ، اضافة الى تكاليف الخدمة الفندقية الباهظة ، والتي تفوق في حالات كثيرة تكاليف المعالجة نفسها ، ويكون مخزون الشعور بالغضب اكبر ايضا ، عندما تمر مثل هذه الحالات من الخطأ دون محاسبة رادعة ، فيظهر الأطباء في هذه الحالة وكأنهم فوق القانون .

انني لست من اهل الاختصاص ، ولا ادعي ان لدي الحل لمثل هذه القضية ، لكنني كمواطن احس بالمعاناة من مثل هذه التجارب ، وبالبون الشاسع بين خدمات المستشفيات الحكومية والخاصة ، اجد الحل الامثل بتقليص هذا البون ، من خلال توسيع مظلة التأمين الصحي ومرافقه ، بحيث لا يقتصر التأمين الصحي الحكومي على المستشفيات الحكومية ، بل باشراك المستشفيات الخاصة في المعالجة بغض النظر عن الموقع الوظيفي للمريض ، وبفارق كلفة بسيط عن المستشفيات الحكومية يدفعها المريض ، وبهذا نسهم بالتخفيف عن المستشفيات الحكومية ، وتهيئة المجال لها لتحسين خدماتها ، ونفسح المجال للمرضى متوسطي الحال او اقل من ذلك ، والذين لا يستطيعون دفع نفقات المستشفيات الخاصة بتسعيرتها المرتفعة جدا ، ان يحصلوا على العلاج فيها بكلفة اقل تتوافق مع امكانياتهم ، وهذا الامر معمول به – حسب معلوماتي - حاليا لكن مع وجود قيود كثيرة محددة له .

كما ان تحسين مستوى رواتب القطاع الحكومي ، والاستعانة باطباء القطاع الخاص في المستشفيات الحكومية ، هو امر مفيد في حل جوانب كثيرة من المشكلة ، ولا شك بان هذه القضية تحتاج الى دراسة معمقة من اهل الاختصاص ، يكون هدفها الاساسي تقليل الفرق في مستوى الخدمات الطبية بين القطاعين العام والخاص .

لا بد ايضا من التاكيد ، ان لا احد فوق القانون ، وان سياسة الثواب والعقاب هي سياسة عامة تشمل كافة الناس ، ولا بد من ايجاد التشريعات القانونية ، التي تردع من يرتكب الاخطاء الطبية الناتجة عن الاهمال وليس عن الاجتهاد ، وتضمن حقوق ضحاياها .

ان التركيز فقط على حماية الطاقم الطبي من اعتداءات مماثلة ، وتصويرهم وكأنهم ضحايا دائما، واهل الضحية هم المعتدون دائما ، هو تصور ناقص لا يغطي جميع جوانب القضية ، فقد يكون هناك تقصير فعلا ، دفع اهل المريض الى ردود فعل عنيفة ، وربما يكون هناك ايضا مبالغة من اهل المريض ، فمن الضروري ان يشعر المريض واهله بالاهتمام من الطاقم الطبي ، اما التركيز على الجانب الامني ، دون ان يتم ازالة المبررات الدافعة لمثل هذا العنف الموجه للمستشفيات الحكومية ، فهي معالجات ناقصة لن تحل المشكلة ، فالعقوبات مهما كانت ، ومن دون اجراءات وقائية تعالج الاسباب ، لم ولن توقف مسلسل التجاوزات ، فهي موجودة منذ خلق البشرية ، لكنها لم تنهي العنف والاعتداء ، ربما لان الانسان يجد نفسه احيانا ، ونتيجة الشعور بالغبن يتحدى العقوبات ، وربما تكون عند البعض الاخر فلسفة حياة ، يمارس على ضوئها العنف دون مبرر ، وهذا الامر ينسحب على امور كثيرة في الحياة .
m_nasrawin@yahoo.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :