facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




صرخــة في البــرية


وليم سلايطة/ديترويت/امريكا
05-02-2008 02:00 AM

في نهاية العام الماضي أقدم رجلُ أميركيُ على قتل زوجته المريضة بعد ان القى بها من شرفة المنزل الواقع في الطابق الرابع والمطل على شارع تجاري مزدحم بالمارة في احدى مدن ولاية مونتانا.أعترف ستانلي ريمير البالغ من العمر واحداً وخمسين عاماً بجريمته لمحققي الشرطة، مبيناً انه أقدم على فعلته هذه لانه لم يعد قادراً على تحمل مصاريف التأمين الصحي لعلاج زوجته كرستي ريمير 47 عاماً المصابة بداء سرطان الرحم، والتي تصلُ تكاليفُ علاجها ثلاثة الآلآف وخمسمائة دولار في الشهر.

هذا الرجلُ الأميركي المحبط هو احدُ ملايين المواطنين العاملين الأميركين الذين لاتسمح مداخليهم السنوية التي تتجاوز بقليل مستوى الفقربالحصول على الرعاية الصحية المجانية لهم ولأفراد عائلاتهم، ولا يستطيعون بالتالي تحمل شراء تأمين من الشركات خاصة، ويصل عند بعضهم الأحباط الى اقتراف مثل هذه الجرائم ليخلصوا أنفسهم واحبائهم من متاعب الحياة اليومية القاسية .

ما من انتخابات أميركية تجري، وما من منافسة بين الحزبين الرئيسين الجمهوري والديمقراطي على منصب الرئاسة الأميركية، او عضوية مجلس الشيوخ والنواب او حاكمية الولايات وغيرها إلا وتكون التأميناتُ الصحية للمواطن الأميركي موضوعاً رئيسياً لحديث ونقاش وصراع المتنافسين للحصول على ثقة المواطن الأميركي الذي ما يزالُ ينتظرُ من عشرات السنين البت في عشرات الأقتراحات والتوصيات وحُزمة القوانين المقترحة الموضوعة أمام لجان مجلسي الشيوخ والنواب للموافقة عليها وتصديقها، لتمنح شعور الطمأنينة والأمان النفسي والجسدي لملايين الأميركين، وعائلاتهم وأطفالهم.


في الوقت الحاضر يبلغ عددُ الأميركين غير المؤمنين صحياً ستة وأربعين مليون (46) مواطن يشكلون ما نسبتة ستَ عشرةَ في المئة من عدد السكان، فيما يترددُ أكثر من ستة ملايين مواطن من أصحاب الدخل المتدني والمؤهلين للحصول على التأمينات الحكومية يترددون في التقدم للاستفادة من هذه البرامج لما تتظمنه أجراءات تعبئة الاستمارات من أسئلة واستفسارات شخصية ، يفضل هؤلاء المواطنون التضحية بعدم الحصول على التأمين من الأجابة عليها. ويعاني ملايين الأميركين غير المشمولين بالتأمين الصحي او اولئك المؤمنون صحياً، لكن بطاقات التأمين لديهم لا تغطي الادوية العلاجية، يعانون من عدم قدرتهم على تحمل تكاليف اسعار الأدوية المصنعة في الولايات المتحدة والتي تـُعـدُ أسعارها الأغلى في العالم، وتبيع كندا ومكسيكو جارتا الولايات المتحدة الأدوية العلاجية بأسعار مخفظة جداً تجعلُ أكثرَ من عشرة ملايين أميركي يتوجهون الى كندا ومكسيكو كل عام لشراء ما يحتاجونه من الأدوية من هذه الدول ومن خمس وعشرين دولة أخرى منها اسرائيل، الصين، وايطاليا ، وقد أنفق المستهلك الأميركي ما يزيدُ على سبعمائة وخمسين مليون دولار على الوصفات الطبية من كندا فقط. وتعتبرُ السلطات الأميركية شراء الأدوية من كندا ومكسيكو ودول أخرى ومن خلال الانترنت مخالف للقوانين الفدرالية، لكنها تغض النظر عنها ما دامت للأستعمال الشخصي الذي لا يتجاوز التسعين يوماً . وتدعو جهات أميركية الى رفع القيود عن شراء الأدوية من دول اجنبية بالكميات التي يرغبها المستهلك وتثير هذه الدعوات جدلا في المجتمع الاميركي بين مؤيد ومعارض وتتركز وجهات نظر المعارضين على نقطة اساسية وهي نوعية هذه الادوية ومدى سلامتها وفعاليتها مقارنة بالأدوية الاميركية فيما يقول المؤيدون لحرية شراء الادوية من خارج الولايات المتحدة ، إن شركات الادوية العملاقة هي التي تضغط على صناع القرار في الكونغرس لمنع تمرير مثل هذه القوانين التي ستؤثر سلباً على مبيعاتها.

وفي الوقت نفسه تنفق الحكومة الأميركية مئات الملايين من الدولارات على برامج لتأمينات صحية موجهة "للحالات الطارئة" للأستجابة لأحتياجات مرضى غير أميركين، من الزائرين او الطلبة الأجانب، او حتى اولئك الذين يتواجدون في الولايات الأميركية بصورة غير قانونية ومعظمهم من المكسيك يقدر عددهم باثني عشره مليون مهاجر غير شرعي.

أحدُ برامج التأمينات الصحية الذي يثارُ حولهُ في الوقت الحاضر جدلُ كبيرُ في ردهات الكونغرس بين ممثلي الحزبين الديمقراطي والجمهوري هو برنامج التأمين للأطفال الأقل حظاً والمسمى "برنامج شبكة الأمان" والممول من الأتحادية والذي يستفيد منه ملايين الأطفال والشبيبة التي تقل أعمارهم عن الثامنة عشره من جميع الولايات ممن لا تتجاوز مداخيل والديهم السنوية واحداً وأربعين الفاً وثلاثمائة دولار وهو ضعف الدخل السنوي المحدد لمستوى الفقر في الولايات المتحدة. وفي الوقت الذي يطالب فيه عدد من الديمقراطيين والجمهورين من اعضاء الكونغرس وأخرون مؤيدون لدعوات تأميم النظام الصحي الأميركي يطالبون بأضافة مخصصات لهذا البرنامج تصل الى خمسين مليار دولار يرفض اعضاء اخرون في الكونغروس من ديمقراطين وجمهورين وهيئات أميركية فعالة يرفضون هذا الاقتراح بالزيادة لانه كما يقولون سيؤدي الى تغطية صحية حكومية لافراد وعائلات الطبقة الوسطى، وهي خطوة اولى نحو هدف يسعى هؤلاء الى تحقيقه في المستقبل وهو تأميم شامل لنظام التأمين الصحي الأميركي. ويقول الرئيس بوش أنه سيدعمُ ميزانية هذا البرنامج بمبلغ خمسة مليارات دولار فقط .

الميزانية الاميركية التي صادق عليها الرئيس جورج بوش أمس شملت ستمائة وخمسين مليار دولار تنفق على برنامجي التأمينات الصحية الحكومية (الميديكيد و الميديكير) تظمنت زيادة قدرها خمسة مليارات دولار للسنوات الخمس القادمة لبرنامج التأمين للاطفال الاقل حظاً "برنامح شبكة الامان".

لن يتغير نظام التأمين الصحي الأميركي في المدى المنظور، لأن القوى المناهظة للتغير والتأميم لديها مخاوف حقيقية اهمها أن الدعم الحكومي الكامل للـتأمين الصحي الأميركي سيؤدي الى تراجع وتردي مستوى الرعاية الصحية الأميركية وقتل مبدأ التنافس الشريف الذي ارتقى بمستوى هذه الرعاية الى قمة الأبداع والمهارة والتفوق في العالم .

ستانللي بيريمر.... هذا المواطن الأميركي البسيط والمحبط اراد حين أتخذ قرارَ انهاء حياة رفيقة دربة "زوجته" قبل ان يقتلها السرطان توجية رسالة... ربما صرخة ... لن تعدو كونها صرخة مدوية في برية هذا العالم الذي مهما حاول الاقتراب من المثالية سيبقى بعيداً مسافات طويلة عنها .
Williams@myacc.org





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :