غاب الحب وبقيت الوردة .. بقلم الراحلة غيداء درويش
14-02-2014 04:34 PM
عمون - في ذكرى وفاة الفقيدة الكاتبة غيداء درويش نعيد نشر ما كتبت ب الراي :
غاب الحب وبقيت الوردة
بقلم الراحلة غيداء درويش
اشترى وردته الحمراء وهرع إليها.. تتسارع دقات قلبه يريد أن يصل قبلها،
الفرحة تغمره،يخشى أن يطرأ مانع يمنعها من الحضور،
يخشى أن يتلعثم لسانه أمام هيبة حضورها،
استعرض ما حفظه من قصص الحب وشعره ليلبس لبوس المثقفين
فأختار عشق العباس بن الأحنف لحبيبته فوز
وكيف نصحه أهله بالتوجه للكعبة طلباً للإستشفاء من عشق فوز
فما كان منه إلا ان أنشد :.
أستغفر الله إلا من محبتها فإنها حسناتي يوم ألقاه
فإن زعمت أن الحب معصية. فالحب أحسن ما يُعصى به الله
خشي أن ينسى شيئاً من هذه القصة الطويلة فعدل عنها
واستبدلها ببيت من الشعر للقباني يختصر المعنى ويقول:.
أشكوك للسماء أشكوك للسماء كيف استطعت كيف
أن تختصري جميع ما في الأرض من نساء؟.
تذكر أنه لم يتعطر،أخرج زجاجة العطر من السيارة
وبّخ بغزارة على وجهه ولباسه وانتظر.على حب وقلق!!.
اشترت وردتها الحمراء وهرعت إلى لقائه تخشى أن يسبقها،
تريد الوصول قبله لتبرهن له على حبها،
استذكرت الرواية التي أمضت الليل في قراءتها لتناقشه فيها
ولتثبت له ثقافتها فتحتل فكره وتنال إعجابه مع حبه..
اثناء الطريق تفقدت شعرها نكشته بأصابعها،
رتبت ألفاظها ومن أين تبدأ؟ثم عدلت وارتأت ان تكون عفوية في تصرفاتها..
المكان هو هو لم يتغير تعودا أن يلتقيا على نفس المقعد
وتحت ظل شجرة وارفة تشهد على حبهما،
وصلا معاً اشتبكت الأيدي في عناق حار نضح عنه عرق بارد
انسال بين الأصابع، والتقت العينان في حوار بليغ
تعجز عن ترجمته قواميس اللغات عندما تتعطل لغة الكلام
و تنطق بوعود استمرارية هذا الحب الى اللانهايات
والإقتداء بلون الوردة الجوري وليس بعمرها القصير،
ولما هدأت براكين الشوق انطلقت المفردات المنسوجة من حرير
كمخمل الجسد الغض لوردة حمراء
فتعجبت من أين تأتي بهذه الردود العذبة على عواطفه الملتهبة؟
ومن أي نبع زلال يتدفق جميل كلامها؟
فاتفقا على أن يحتفظا بالوردة وإن جّفت بين دفتي كتاب قرآه معا
يمثل حبهما
وافترقا على لقاء الى أجل تسمح به الظروف..
بعد وردتين او ثلاثة وعيدين او ثلاثة
وبعد أن تحولت الشجرة إلى سرير ضم جسدين وروحين معاً
وأضحى اللقاء شرعيا برباط مقدس،
انخفضت درجة حرارة الكلمات من كثرة تكرارها ورتابتها،
وتحولت إلى درس يعيدانه على اسماعهما لإسناد مؤسسة يخشون عليها الإفلاس..
وبقيت الوردة الحمراء تنام بهدوء بين الصفحات..
أشياء كثيرة تغيرت وهي تتصفح وردات الكتاب
وقد جّفت بين الصفحات
فالوردة الأخيرة لم تحمل معها إلا ذكريات ما قبلها،
فالمرأة بحدسها ترصد الغيوم المتلبدة في صفحة سمائها..
بحيث أضحى الصمت بينهما رب المكان وكشّ الحديث
واختصر الحوار بهّزة رأس إيجاباً أو سلباً
،واقتنعت برأي درويش حين قال
أحب من الحب أوله
كذلك هي تؤمن بقصيدة الشاعر جلال الدهان التي غناها صباح فخري
خمرة الحب اسقنيها هّم قلبي تنسنيه.
عيشة لا حب فيها جدول لاماء فيه.
صبرت خوفاً على بنيان تعبت في بنائه
فأمسكت الورقة وباحت بالقلم أحاسيسها المشروخة:.
ترى؟ هل في العيد مررت ببالكْ؟ وهل طافت حبيبتك بذهنك وخيالكْ؟
. ترى هل تذكر من كانت كل حياتك؟
ومن حلقت يوماً في صفاء سمائكْ؟.
ومن ملأت سمعك وبصرك،وعاشت في صحوك ومنامكْ؟
ومن خلدتها في دواوينك وانشدتها في أشعاركْ؟.
ومن حكيت عنها للطير والشجر،وألبستها تاجك فزهت بصولجانكْ؟
ومن وهبتها اسمك وحبك، وأغدقت عليها من مالكْ؟
كيف بلحظة شطبتها، سحقتها، ألغيتها حين مرّت سيدة أخرى من أمامك!!
حزنت يا رفيقي حزنت لما إكتشفت أني بعض من متاعك.
وأن حبك كان وهماً زال لما أعلن قلبي زوالك. .
تافهة كل إمرأة تصدق قلبها ولا تُخضعه لعصيانك..
ولا تستطيب جحيماً محرراً ما دام بعيداً عن جنانك!!.
قرأ الرسالة، قدم وردته الحمراء وانسحب،
تنهدت،طمرت الوردة بين الصفحات
وكأنها تدفن حبا لم يعد يتحمل الزيف!!.