facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المشكلة في العقل العربي


11-03-2008 02:00 AM

الانسان العربي ستكون من اسهل مهماته التاريخية كي يتحرر تلك العقبة المتمثلة بالاحتلالات العسكرية على ارضه سواء في فلسطين او في العراق ، او حتى فيما تعانيه اوطانه من ارتهان السيادة الناجم عن وجود انظمة غير ديمقراطية فرضت نفسها بالقوة ضد ارادته في معظم ارجاء هذا الوطن الكبير الذي ارتد على كثير من منجزات انسانه الحضارية. فالاحتلال الصهيوني لفلسطين محكوم تاريخياً بالزوال كما زالت غيره من الاحتلالات عبر مسيرة الشعوب ونضالاتها نحو الحرية ، والصهاينة في فلسطين ان استطاعوا ان يسرقوا وطناً من شعبه ويفرضون عليهم الموت والشتات فسيتحولون بفعل الزمن ناهيك عن المقاومة الى اقلية تلقائية وستحكم عليهم الايام بالتلاشي تدريجياً في خضم هذه المنطقة المضطربة والتي لا تزال منذ قرون تجدد صيغ مقاومتها سواء ضد المحتل الاجنبي او النظام الدكتاتوري نفسه الذي يحكم القبضة على حرياتها.

غير ان العقبة الكأداء في وجه الامة العربية تكمن في عقل الانسان نفسه ، وما يحمله من مضمون اتاح نشوء دكتاتوريات عدة قلصت من حرياته وحقوقه الى درجة تقل عن الحيوانات في بعض الدول الاوروبية ، فلا تقتصر معاناته من جراء دكتاتوريات سياسية استندت على خرافة قداسة الفرد الحاكم المطلق ، ولم تستمد الشرعية من الصوت السياسي في تشكلها كما هي السلطة الحديثة اليوم ، حيث تتشكل في صناديق الاقتراع ويملك المواطن صلاحية انتاجها وانهائها في كل مراحلها من تنفيذية وتشريعية وقضائية.

غير ان الانسان العربي يعاني ايضاً من دكتاتورية اجتماعية تكاد ان تكون اقسى من تلك السياسية حيث ما يزال الفرد غير قادر على ممارسة حرياته في مجتمع مغلق تحكمه كثير من الاعراف والعادات والتقاليد التي تقلل من القدرة على التفكير السليم ، واختيار اسلوب الحياة الخاص بالفرد والذي يبرز تميزه ، وتخضع هذه القوانين الاجتماعية حياة الانسان المنقاد في كثير من البلاد العربية لعكس قناعاته ويكاد يكون المساس بها يصل حد انتهاك المحرمات والمقدسات.

فهنالك سطوة لاسلوب الحياة التقليدية على محاولات الانفلات والانعتاق من الماضي والذي يبرز في كثير من جوانب حياة الانسان العربي الى اليوم بدءاً من لحظة الميلاد ، ومروراً باجراءات الزواج ، وانتهاء بالتواصل الاجتماعي واقامة العلاقات ، والتعليم وحتى الموت ، وما تزال في بعض المناطق الاجراءات الاجتماعية مع تباينات احياناً هنا وهناك تزيد في قوتها عنها في القوانين المدنية حتى ان بعض المجتمعات ما تزال تملك العشائر فيها قوانين خاصة بها تتفوق في الزاميتها على القانون المدني والسلطة المعنوية للدين.

فهنالك الجلوة والقضوة والعطوة ، وما يزال دور كبير ومتجدد للوجهاء الاجتماعيين في حياة الناس ، ويفرضون قيوداً على الريف تمس بقدرة الانسان على ممارسة حرياته والتمتع بفضاء المواطنة الرحب ، وعدم اللجوء الى التقسيمات الصغيرة داخل المجتمع مما يعزز العزلة ويضرب الهوية السياسية الجامعة ، كونها القيم على حقوقه في ظل ضعف القانون وبهوت صورة مؤسسات الدولة.

وهنالك قيود نفسية تزداد شدة في حياة الانسان العربي وتفرض عليه غربة حادة في تواصله الحقيقي مع العالم والحضارات اوجدتها القراءة الخاطئة للدين الاسلامي من قبل اولئك الذين فسروا النصوص بشكل معاد لحق الحياة والتطور والتواصل ، فالانسان العربي يخضع اسبوعياً لخطب الجمعة ناهيك عن الدروس التي تنطلق عبر مئات الاف المساجد في كل المدن والقرى العربية ولا يوحدها خطاب ثقافي واحد ، وعلى الاغلب تخضع المستمع الى خطاب من صنع قائله يعتمد على الغلظة والشدة والعنف اللغوي ، والتوبيخ ومهاجمة التقدم والحضارة ، والدعاء بالموت والدمار على البشرية ، ويكاد ينصب الخطاب الديني على ادانة جمهور المصليين ، وتوبيخهم واعتبارهم مجرمين لا يتورعون عن تضييع الدين ، ولا يقومون بواجباتهم التي فرضها الله عليهم ، ويطالب الخطباء الانسان العربي المقهور بتحرير المحتل من ارض المسلمين ، وباعادة مجد الاسلام الغائب.

والعربي المسلم ينظر لمكانه اليوم في الحياة من منظور حضارته السالفة في التاريخ ، ويود ان يحصل على مركز القمة في قيادة البشرية استناداً الى موروثه الديني ، واعتماداً على انجازه في الماضي ، وينسى ان ما يحمله من مضامين سياسية واجتماعية وانسانية واقتصادية وعلمية غير سوية في هذه اللحظة التاريخية جعلته نقطة ضعف العالم ، وخاصرته الضعيفة ، وتنعكس في مناطقه الاختلالات في موازين القوى الدولية ، مما جعل القوى الرئيسية في العالم تستهدفها بالاحتلال ومصادرة السيادة ، وهو في هذه اللحظة لا يملك مقومات حضارية تؤهله للمقدمة ولا يشكل عقله سوى فيض من الاساطير والخرافات السياسية الى كثير من الموروثات الاجتماعية المانعة من التقدم ، وكذلك العزوف عن القراءة ، والامتناع عن التواصل الايجابي مع حركة التقدم الانساني في بحثها عن ذاتها عبر الاكتشافات والمعارف التي غيرت معظم وسائل العيش ، والبقاء ، مما قضى بتحول الحياة الى اطوار جديدة لم تكن عرفتها البشرية طوال مسيرتها عبر عشرات الآف السنين.

و"العقل العربي" ان صح التعبير لا يستطيع ان ينفصل عن مسيرة الانسانية اكثر ، ويعتبر ذاته من تكوين خاص بعينه ، ولا بد من ان يعاد ربطه مع تطور المجتمعات البشرية ، وما انجزته عبر تضحياتها الجمة من سلطات سياسية باتت تعتمد اصلاً على الصوت السياسي بعد الحكم المطلق وانتهت بذلك مرحلة قاسية على الشعوب وصارت البرامج السياسية تأخذ شرعيتها من اصوات المقترعين ، وهذه الصيغة العادلة في الحكم جاءت بعد سيل دماء الملايين على مذبح الحرية السياسية في اوروبا ، وصرف العلماء اعمارهم ، وفقدوا ارواحهم في سبيل ابرازها في العلم ، والحياة ، وهي ليست مخصوصة في مجمع بعينه ، وانما هي انجاز بشري يأتي استكمالاً لحلقات طويلة من الصراع بين السلطة السياسية والحريات في كل مكان سكنه ابناء ادم. وليعيد الانسان العربي قراءة حياة الامم والشعوب الموجودة في الحياة اليوم بقلب مفتوح ويطلع على الافكار الجديدة في الجوانب الاجتماعية ويتخلص من اعتداده باشياء واشياء ، وهي محض عنصرية اجتماعية يمارسها كثيرون الى هذا اليوم ولها ترجمات سياسية ايضاً لتصغر قيمة الاعمال وقدرتها على رفع سوية اصحابها.

والدين الاسلامي يتعرض الى حملة شعواء ممن يبررون به شر اعمالهم ، ويجعلونه مصدر شرعية للموت والدمار ، ويريدون من خلاله ان يضربوا حاجزاً بين الانسان العربي والعالم والحياة التي ارتقت في مناطق كثيرة من العالم بفعل عقل الانسان ومن حق العربي ان يستفيد منها كونها استندت على مسيرة البشرية كلها نحو التطور ، وكان للعرب المسلمون دور مهم في ارتقاء الانسان في فترة زمنية سابقة ، والدين الاسلامي يلتقي مع الفضيلة في اي طرح بشري ، وهو وبقية الاديان والشرائع جاءوا بهدف تحسين سبل حياة البشر ، واعادة ربطهم بخالقهم ، وان حق العربي الشرعي في تحرير ارضه ، وفي اجتراح وسائل المقاومة المتعددة لتحقيق هذا الهدف والاستفادة من التعبئة الدينية في هذا الخصوص لا يبرر ابداً عداء للحضارة والبشرية برمتها قد بدأ يبرز في خطاب اشد تطرفاً من مرحلة سبقت كانت ضربت حاجزاً صلباً بين العربي وبين الحياة والتطور في مختلف المجالات.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :