facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ما بعد العيـد


بلال حسن التل
03-08-2014 05:07 AM

ها قد انقضى رمضان وانتهت عطلة العيد، وأصبحنا في فترة ما بعد العيد، التي أجلنا إليها إنهاء الكثير من الأعمال والمعاملات، بعد ان حولنا رمضان إلى شهر كسل واسترخاء وتسويف. فهل ستشهد فترة ما بعد العيد تسريعًا في انجاز العمل والمعاملات؟ اما ان الكسل والتأجيل والترهل صار جزءًا من ثقافتنا التي تنعكس سلوكًا يوميًا نسعى لإيجاد المبررات لهما ومن بينها صيام رمضان فهل حالنا في الانجاز في غير رمضان أفضل منه في رمضان؟

الإجابة عن هذا السؤال تقتضي منا مراجعة واقع الحال، وعندها سنكتشف انه لا يكاد يمر يوم دون ان يستمع المرء منا إلى شكوى مواطن ومعاناته، مع دائرة من الدوائر الحكومية، واضطراره للانتظار ساعات طويلة لإنهاء معاملة، لا يحتاج إنهاؤها إلا دقائق معدودة، لو ان الموظف المختص موجود في مكتبه، ولا يجلس للتسلية في مكتب زميل آخر له في نفس الدائرة، لكنه يعطل معاملات مواطنين آخرين. وهي حالة تكتب عنها وتعرضها بصورة شبه يومية وسائل الإعلام المقروءة، والمسموعة، والمرئية، فما يحدث في دوائرنا الرسمية لم يعد يطاق، ولم يعد هناك مبررٌ للسكوت عليه، ولا على عدم العمل الجاد لإعادة الأمور إلى نصابها، خاصة وأن الأمر لا يحتاج إلى أموال، ولا يحتاج إلى تشريعات نتذرع بهما لكي لا نقوم بالمطلوب الذي لا يحتاج إلا للكثير من الحزم، خاصة في تطبيق التشريعات، التي صار الكثيرون من المُكلفين بتنفيذها بين واحد من اثنين: إما جاهل بها، أو مستهتر يضرب بها عرض الحائط، والأمثلة على ذلك لا تعد ولا تحصى، لكننا نكتفي بإيراد بعض النماذج ومنها: إن موظفة في مؤسسة خدمية كبرى، ترتبط بها الحياة اليومية لغالبية سكان الأردن، فاجأت المراجعين لهذه المؤسسة بطلبها منهم تأجيل معاملاتهم لأسبوع، مبررة ذلك بأن الحبر في جهاز الكمبيوتر الذي تعمل عليه قد نفذ، فهل يُعقل ان تتعطل معاملات المواطنين لمثل هذا السبب التافه؟ وهل ذنب المواطن دفع ضريبة إهمال الموظف؟ وهل يجوز أن يصل الموظف إلى اللحظة التي تنفذ بها أدوات ووسائل عمله؟ وهل يحتاج إحضار حبر لجهاز طباعة في مؤسسة خدمية عملاقة أسبوعًا كاملاً؟ أسئلة كثيرة وغريبة ومستهجنة تطرحها هذه الواقعة ومثيلاتها كالتذرع بأن جهاز الكمبيوتر عاطل عن العمل، وهي الذريعة التي يكاد يسمعها المواطن بصورة شبه يومية كمبرر من الموظفين لعدم القيام بمهام وظائفهم؛ بالإضافة إلى الكثير من الأعذار غير المقبولة..

والتي تقع مئات المرات في بلدنا يوميًا، والتي بسببها تُعطل معاملات المواطنين لأسابيع، بل ولأشهر، بالرغم من ان إنجازها لا يحتاج لأكثر من يوم أو بعض يوم، وربما أقل من ذلك لو كانت الأمور تسير بصورة صحيحة، ولو كان الموظف يعلم أن هناك رؤساء يتابعونه ويحاسبونه.

واقعة أخرى أكثر غرابة من واقعة الحبر، ذلك أن معاملات صرف المستحقات لأصحابها في دائرة حكومية خارج عمان توقفت بسبب نفاذ دفاتر الشيكات، وقد تم تبرير ذلك للمراجعين من أصحاب الحقوق، بأن عليهم الانتظار لأيام حتى يتم إحضار دفاتر الشيكات من الوزارة في عمان. فهل هذا معقول في زمن الحكومة الإلكترونية؟! ومرة أخرى نسأل: كيف يسمح للموظف، مهما كان موقعه الوظيفي–كبيرًا أو صغيرًا–بأن يصل إلى اللحظة التي تنفذ فيه أدوات أداء مهام وظيفته والقيام بعمله. سواء كانت هذه الأدوات قرطاسية، أو أجهزة؟ ألا يدخل ذلك في باب الاستهتار وعدم المبالاة التي صار يتصف بها جلّ العاملين في الجهاز الإداري، الذين يذوق المواطن على أيديهم صنوفًا من الإذلال، ويسببون له خسائر فادحة، أهمها وقته الذي يُهدر في أروقة الدوائر والمؤسسات، بحثًا عن موظف ترك مكتبه ليثرثر مع آخر، أو موظف يتلهى «بالفيس بوك»، أو ثالث غادر مبنى الدائرة التي يعمل بها دون مبرر قانوني لأنه يجد من يغطي غيابه، أو رابع يتناول طعام الإفطار مع مجموعة من الموظفين الذين لا يبالون بألم أو غضب المراجعين، الذين ينتظرون إنهاء معاملاتهم، التي كثيرًا ما تضيع في ردهات، وممرات الدائرة الواحدة من دوائر الحكومة. فهل يعقل أن تظل معاملة في طريقها من الديوان المركزي لمؤسسة كبرى، إلى ديوان إحدى مديرياتها الفرعية عدة أيام لم يستطع أحد معرفة مكانها، بالرغم من أن المسافة بين الدواوين لا تحتاج إلا لبضعة دقائق.

نعم.. يحدث هذا وأكثر منه في دوائرنا ومؤسساتنا الحكومية، التي يكثر وزراؤها من الحديث عن الأبواب المفتوحة، على الرغم من أن واقع الحال يقول: إن الوصول إلى أحدهم دونه خرق القتاد.. لأن بينهم وبين المواطنين جدران من السكرتيرات، والحجب، ومن ثم فهم لا يسمعون شكوى المواطنين من سوء تصرفات موظفي وزاراتهم، والدوائر التابعة لهذه الوزارات، وإهمال هؤلاء الموظفين لمهام وظائفهم، بل وفي كثير من الأحيان عدم الالتحاق بمكاتب عملهم، دون أن يخشى أحدهم عقوبة حَسْم من الراتب.. فما بالك الفصل من العمل؟

فهل تلتقي ممارسة سياسة الأبواب الموصدة مع شعار الشفافية التي يكثر المسؤولون في بلدنا من الحديث عنها، مثلما يكثرون من الحديث عن تشجيع الاستثمار؟ فأي مستثمر هذا الذي يقبل بوضع نفسه وأمواله بين يدي موظف جاهل أو مستهتر؟ أو موظف تملأ قلبه روح الضغينة، وتسيطر عليه عقلية الاستعلاء على المراجع؟ وأي مستثمر هذا الذي يقبل أن تضيع من أوقاته أسابيع على معاملة لا تحتاج إلا بضعة ساعات كما يحدث في بلدنا.

خلاصة القول: إن التجربة علمتنا ان ما بعد رمضان والعيد لن يختلف عما قبلهما لأن تأجيل الأعمال بسبب رمضان ثم العيد، ليس أكثر من ممارسة لثقافة الكسل التي نتفنن في تبريرها طوال العام حتى لو اضطررنا إلى تشويه المفاهيم وقلب الحقائق.
(الرأي)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :