facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




لمن تعتذرين؟


خيري منصور
05-08-2014 03:45 AM

الأخت اللبنانية التي انفجرت بالبكاء على شاشة «الميادين» وهي تصغي لطفل فلسطيني من غزة يقول للعرب: نحن بخير فكيف أنتم، ثم يستشهد في اليوم التالي اعتذرت عن دموعها، فلمن تعتذرين يا لينا؟!

لسيدة بدينة تعاني من تلبك معوي بعد عشاء يكفي خمس عائلات في الشجاعية؟ أم لمن أفسدت غزّة عليها متابعة مسلسل تركي؟ لمن تعتذرين؟ لساسة لا يصلحون حتى لأن يسوسوا الخيول وينظفوا أسنانهم من لحم أطفالنا؟ أم لمخنث فرغ للتو من عادته اليومية عبر «الفيس بوك»؟

لمن تعتذرين عن دموعك يا أخت؟ لقنوات فضائية أخرى مصابة بسعار الرقص على إيقاع الرصاص؟ أم لإعلامي عربي من ذرية «الحطيئة» يؤجر لسانه لقاتل أخيه؟

من هم هؤلاء الذين يستحقون الاعتذار عن البكاء الآن؟ المهربون أم باعة المواقف المتجولون أم من قايضوا أمهاتهم وكل موتاهم برحلة استجمام إلى تل أبيب، لكنهم ما إن وصلوا حتى تدافعوا إلى الملاجئ يقتسمون الذعر مع سادتهم.

يبدو أننا على موعد مع زمن تعتذر فيه العذراء للبغيِّ، والشهيد لسمسار الدم والبطل الذي افتدانا للخائن الذي وشى بابنه للغزاة!

لكن قبل أن يأزف ذلك الزمن، سنكون جميعاً في مكان آخر فالقيادة القومية وشيكة، سواء أكانت ثالثة أو رابعة أو حتى عاشرة.

كيف يعتذر من يبكي من فرط الحزن لمن يبكي من شدة الضحك في سهرة ماجنة على بعد رصاصة أو قذيفة من غزة؟
أعترف يا أختُ أن ما أبكاني هو اعتذارك عن دموعك.. لأنني تذكرت على الفور قطعان الخراف والنعاج في وطن مذبوح من خليجه إلى محيطه ومن وريده إلى وليده، لكن الخراف والنعاج «تبرطع» إذا ظفرت بحفنة علف قبيل الذبح بدقيقة واحدة، فهي بلا خيال، وتعرف بالغريزة أنها خُلقت للذبح.

ما أطالب به الآن قبل وقف إطلاق الموت وليس النار فقط على غزة وقبل رفع الحصار المزمن هو إعادة تعريف الإنسان؟ فالتعريف الذي ورثناه لا يكفي، وإعادة تعريف العربي لأن الهوية وحدها لا تكفي.

ولأنني سمعت اعتذارك فلا بأس أن أعترف بأنني بكيت الليلة أكثر مما بكيت ليلة ماتت أمي أو في الظهيرة التي استشهد فيها أخي في لبنان، التوأم الأجمل في سلالة خضراء، وأعد الأخت التي انفجرت بالبكاء على طفل من لحمي ودمي ونخاعي أن أطالب كل من جفت قنوات الدمع لديه من الدموع أن يعتذروا عن لا مبالاتهم وعن انهماكهم في قضم الحشائش وهو قاب مذبحتين أو أدنى من أطلال غزة ومن المهد ذي الجناحين الذي ينام فيه ذلك الطفل!
(الدستور)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :