facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أمانةُ عمّان تمنع البسطات


د.عودة الله منيع القيسي
26-08-2014 03:58 AM

- من طبيعة – الإدارة الرشيدة – أنها لا تغلق باباً يُضيَّقُ على المواطنين – إلا وتفتح باباً يُوَسَّع عليهم . أما الإدارة الفاشلة ( والحكومة أيضاً – إدارة) – فتغلق أبواباً ، وليس باباً واحداً ، ولا تفتح مقابلها – ولا باباً واحداً ...

- أمانةُ عمّان الموقّرة – أغلقت بابين من أبواب التوسعة على الناس ولم تفتح –مقابلهما ولا باباً واحداً : قرّرت رفع البسطات من الشوارع ، ولم تجد بديلاً مُجزياً ، ولا عملاً- لهاؤلاء الغلابا الذين يتعيشون – عيشَ الكفاف ، بل دونَهُ – من هاذه البسطات . ولا يكفي أن تخطط الأمانة بأن تكون المدينة منظمّة الشوارع – ولا أن تقف مع التجار الذين تحطّ البسطات أمام متاجرهم ، ويتذمرون -!- من أن البسطات تعوق المشترين فتخفف أرباحهم – لا يكفي هاذا ، وهاذا .. لكي ترفع الأمانة البسطات ، بل تكنسها من الشوارع – لأن الإدارة التي تخطط لتكون الشوارع نظيفة سالكة – بغير صعوبة – كشوارع – باريس – عليها أن تجد عملاً لهاؤلاء الغلابا – يسدّ رَمقهم ، ويبعد عنهم غائلة الجوع – أو تخصص مكاناً لهم يأتي لهم بشيء من الربح يسدّ رمقهم . وإلاّ ..

فإنها تُدير ظهرها للناس ، وتتسبب في شحْن نفوسهم بالحقد والبغضاء والكراهية . وهل تريد الأمانة أو الحكومة أن تترك الناس – جياعاً – ولا تُشحَنَ أنفسهم بالحقد والبغضاء والكراهية ..؟- وهاذه الثلاثة تقود إلى كثرة المشكلات = إلى ضرْب الأمواس ، وإلى امتلاء السجون بالجانحين والمجرمين ..!! إن الأمانة – كإدارة – غير مسؤولة عن – الأمن- وإنما المسؤولة عن الأمن الحكومة – يهمها – أي الأمانة – أن تنفّذ خططها النظرية المخملية ، من دون أن تكون مسؤولة عن الأمن – خلافاً للحكومة التي يجب أن تكون عينُها على الأمن ، قبل أن ترمِيَ ببصر عينها الأخرى – على تنظيم شوارع السوق ( وليس كل شوارع المدينة) – إذا كان التصرف يؤدي إلى جوع فئة كبيرة غلبانة – وإلى امتلاء صدورها بالحقد والبغضاء والكراهية – ثم .. سيلان الدماء . على الحكومة أن تجد حلاً لمشكلة الجوع والأمن ، قبل البحث عن حلّ لجمالية الأسواق أو نظافتها ...

- والباب الثاني الذي أغلقته الأمانة هو أنها قرّرت أن تمنع هاذا الشعب الفقير – بنسبة خمسين بالمئة – أن يجلس على جوانب هاذه الطرقات – المتفرعة من العاصمة ( والذين من هاذه النسبة لديهم كراكيب ( أعني سيارات آيلة لأن تسجد على الأرض) لا يجدون لها بنزيناً ، بعد أن تلطفت الحكومة – وخفضت أسعار المشتقات النفطية – قياساً معاكساً لقول شاعر يهجو النحويَّ الكسائيّ – وأصحابه – إذْ يقول :
( إن الكسائيَّ – وأصحابَهُ ----يَعْلُونَ في النحو – إلى (أسفلِ) .
والحكومة – على العكس – خفّضت الأسعار إلى –( أعلى) .

- أجَلْ .. لا يجدون بنزيناً إلا بشقّ الأنفس – ولذا .. يبحثون عن أقرب المسافات على جوانب الطرق – المتفرّعة من – العاصمة – ليجلسوا عليها – ينّسمون الهواء ، وتُجلي أبصارهم بتسريحها إلى الأفق البعيد – وتمتلئ رئاتهم بهواء عليل ، لم يألفوه في عُلب الكبريت التي يحشرون أجسادهم فيها. والقليل منهم الذي وفّر ، خلال الشهر دُنْينيراتٍ ، واشترى كيلو من اللحم هاذا المستورد ، يريد أن يتدسم وتتدسم زوجتُهُ – وصغارُهُ الذين هم – كزُغب القطا – كما قال الشاعر :
( لولا بنيّاتُُ كزُغبِ القطا ----رُددْنَ من غُصْنٍ إلى غُصْنٍ )
( لكنتُ خُضْتُ الحرب – نيرانَها --فالموتُ خيرٌ ، يا بني سِنّي ) .

- أجل يريد أن يتدسم وتتدسم زوجتُهُ وصغارُهُ – في هاذا الجوّ الشاعري الذي يفتح النفس لرائحة الشواء – ويفتح المعدة ، لالْتهام الشواء ... قرّرت أمانةُ عمّان – الموقرة أن تحفظ على هاؤلاء نقودهم ، فلا يشترون اللحم – هاذا المستورد ، وإذا اشتَروْهُ .. فليأكلوه داخل عُلب الكبريت – لا سدّاً لباب التنفس والتفسُّح ، وإنما سدّاً لباب المعدة ، التي يُفتحّها النسيم العليل والمكان المنفسح الجميل – ذالك من أجل التوفير على مثل هاؤلاء المتطلعين إلى الخروج من الضرورة إلى متعة التنزه في الخلاء . لأن الخلاء – يفتح المعَدَه . ولذا .. لا تكفي كيلو اللحم هاذا المستورد لأربعة . فيضطر الأبُ الغلبان للاستدانة ، لكي يشتري كيلويْن – لا كيلَواً واحداة . فلا بُدّ من أن تعيده أُمُّهُ الأمانةُ من التبذير إلى التقتير ، حتى لا يركبهُ الديْن ، فيضطرّ إلى أن يصرف الدائن – بالمَيْن-!- أما قال الشاعر .

( فقسا ، ليزدجروا ، ومن يكُ حازماً ---فلْيقسُ ، أحياناً ، على مًن يرحمُ؟)
- أمّا من لا يملكون ثمن كيلو من هاذا اللحم المستورد – فلماذا يحقّ لهم أن يخرجوا إلى جوانب الطرقات المتفرعة من العاصمة ، يتنسّمون الهواء ، وتمتدّ أبصارهم إلى بعيد الأجواء والأرجاء ؟- أما ورد في الأثر –( اخشوشنوا فإن النّعَمَ لا تدوم) ؟- إن الأمانةَ أمَّ حريصةٌ على أبنائها ، يهمها أن تحْملهم على الشدة حتى يجدوا حَلاوةَ الرخاء – الذي لن يجيء – ولسان حال الأمانة يقول : ابني المواطن ابنتي المواطنة ، اشكر نعمة الله عليك – لدارُكَ أوسعُ من القبر الذي أليه تصير – اشكر الله تعالى على ما أنت فيه من نعمة . ولماذا لا تقول أُمّنا الأمانةُ ذالك – والشيخ عمر عبد الكافي – سُئل – وهو يتكلم من إذاعة الأردن ، قبل ستّ سنوات : أما يتطلع الفقير إلى نعيم الدنيا ؟- فأجاب ، بثقة : والفقير .. يتنعم ، أما يشرب الماء البارد ؟- أو ليس الماء البارد من نعَم الله ؟!- ثم .. لدى الفقير .. نِعَمٌ كثيرة : نِعمة الصحة ، نعمة البصر، نعمة السمع ...
- هاذا صحيح ، يا دكتور عبد الكافي – أنت ترى هاذه نعَماً للفقير ، وأنت تتنعم بنصف مليون دولار في السنة تكسبها ، من أحاديثك في الإذاعة والتلفاز ( هاكذا قالت الصحف )

- أمانتنا .. تحرمنا شمّ النسيم ، والتمتع بمناظر الطبيعة ، لأنها ترى أن لدينا نعماً أخرى كثيرة – ولسانُ حالها يقول : يكفيك من القلادة ما أحاط بالعنق – وما لا يُدركَ كُلّهُ – يكفيك ظلُّهُ .

- لماذا تفعل الأمانة ذالك ؟- لأنها تريد لعّمان أن تكون صورة طبْق الأصل أو متفوقة – عن باريس . ولأن الزائر الذي يزور الأردن .. عندما يرى الناس الشعبيين – وأنا واحدً منهم - يجلسون على جوانب الطرق ، ينظر إلينا شزْراً ، ويرانا شعباً – بُجْراً ، ويترك بلادنا – هجراً ، ويتحدث عنا شرّاً ... إلخ .

- أجَلْ .. الزائر المحترم – أهم من الشعب الأردني ، لأن الشعب مقهور مقدور عليه ، راضٍ بما قسم المليك له – كما قال الشاعر الجاهليّ – لبيدُ ابن ربيعة العامريّ:
( فاقنعْ بما قسَمَ المليكُ ، فإنّما --------قسَمَ الخلأئقَ – بيَنُهمْ علّلامُها )
- والظاهر .. أن أمانة عمّان الموقرة – لم تقرأ موقفاً عظيماً حكيماً – لرسولنا العظيم الحكيم المعصوم ...
- خطبَ الناس يوماً ، فقال : ( إيّاكم – والجلوسَ على الطرقات...) قالوا : يا رسول الله، ما لنا بُدّ ... قال – صلى الله عليه وسلم – (فإذا أبَيْتمْ إلا الجلوسَ ، فأعطُوا الطريقَ حقَّها ) – قالوا : وما حقُّ الطريق ؟- قال : ( غضُّ البصر وكفُّ الأذى – وردّ السلامِ – والأمرُ بالمعروف – والنهيُ عن المنكر) – قالوا : قبلنا .. فترك لهم الرسول الحكيم المعصوم – ذالك لأنه – صلى الله عليه وسلم – أحسَّ أن في أمرِه المشدّد ذاك – تضييقاً على الناس ، فرأى أن من الحكمة وحق الناس في الحياة – ألا يُضيّق عليهم – ما دام لا يستطيع أن يبنيّ لهم – نواديَ – يجلسون فيها ، ويُديرون بينهم الأحاديث – فيها ...

والطريق التي عناها الرسول الحكيم هي جوانب شوارع المدينة المنوّرة ( وكلَّ مدينة) .
- فهل تستفيد أمانةُ عمّان ( وكلُّ بلدية) من هاذا الدرس البليغ الحكيم العظيم .. فتترك لنا- نحن الغلابا – الذين ليس لنا – بُدُّ – من شمّ النسيم على الطرقات المتفرعة من العاصمة ، ومن تعريض صدورنا للهواء الطليق ، وفتح عيوننا لهاذا الجّو الفسيح الأنيق – ومن أن يتدسّم القادر منا من شراء كيلو لحم من هاذا المستورد - وتتدسم زوجتُهُ وأطفالهُ ...؟! – خروجاً من عُلب الكبريت ، بعضَ الوقت ، وأيام الجُمع والعطل – حتى لا نشعر بأن الأمانه – لا تقف منا كموقف الرسول الحكيم المعصوم من صحبه – ولا نشعر أنها تغلق علينا الأبوب ، باباً ، بعد باب ، ولا تفتح لنا ، بل ولا توارب لنا شِقّ باب ؟- والحكمة تقول : إذا أردت أن تُغلق باباً على الناس ، فافتح لهم باباً – وإلاّ .. أمّتهم وهم أحياء . وتقول إذا أردت أن تُطاع – فاطلبْ المستطاع – والصلاة والسلام على رسول الله الهادي الأمين .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :