facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حـوار مع الإسلاميين (5) (أسباب أخرى لبروز داعش)


بلال حسن التل
10-09-2014 01:55 PM

أشرنا في مقال سابق إلى بعض أسباب بروز «داعش» باعتبارها أبرز تجليات الفكر التكفيري المتطرف في هذه الأيام، غير أن هناك أسبابًا أخرى هامة لتكرار بروز الفكر التكفيري المتطرّف والمتعصّب في مراحل مختلفة من تاريخ أمتنا، ولعل أبرز هذه الأسباب وأكثرها تكرارًا، ومن ثم أكثرها إفرازًا للتعصب والتكفير، هي القراءات الخاطئة للنص المقدس ممثلاً بالقرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، ومن ثم للفقه الإسلامي على وجه العموم، فمن المعروف أن علماء السلف قد وضعوا شروطًا علمية دقيقة لمن يحق له الاجتهاد والإفتاء، من بينها معرفة أسباب النزول ومعرفة العام والخاص، والمتشابه والمُحكم، والناسخ والمنسوخ، هذا بالنسبة لآيات القرآن الكريم وأحكامها.. وكذلك بالنسبة للحديث والسنة النبوية، فلا بد من معرفة مراتب الحديث المتواتر والحسن والضعيف والمناسبة التي قيل فيها الحديث. كذلك معرفة السنة الفعلية لرسول الله عليه السلام، هذا بالإضافة إلى المعرفة التامة باللغة العربية نحوًا وصرفًا وفقهًا، ذلك أن حركة واحدة من حركات الإعراب لكلمة من الكلمات في اللغة العربية تقلب معنىً كاملاً، ومن ثم حكمًا كاملاً في قضية من القضايا، ومن الشروط أيضًا ان يعي المجتهد والمفتي ظروف المكان والزمان والأحداث التي صدرت فيها الفتوى أو الحكم، فلكل حكم ظروفه ولكل فتوى بيئتها، وفي هذا المجال علينا ان نستوعب بعمق دلالات تغيير الإمام الشافعي للكثير من أحكامه الفقهية عندما غير دار إقامته، حيث تغيرت عليه الكثير من أحكام ومعطيات البيئة الجديدة. فكيف الحال مع تغير الأزمان والأجيال؟!.
كثيرة هي شروط المجتهد والمفتي في الإسلام، وليس هذا مجال استعراضها.. لكن ما نريد ان نقوله: إن الكثير من الظواهر الشاذة في واقعنا ومنها ظاهرة التطرّف والتعصّب والتكفير مردها القراءة الخاطئة للنص الديني، لأن من يقوم بهذه القراءة الخاطئة يفتقر إلى أبسط شروط المجتهد والمفتي، ولو كان الأمر غير ذلك لما أقدم مسلم على قتل أي إنسان انطلاقًا من قوله تعالى:» من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا»(المائدة: 32). بل ان لقتل من قتل نفسًا أو أوقع فسادًا شروطًا يجب ان يتحراها القاضي المفوض من ولي الأمر. ومثل الامتناع عن القتل هناك أيضًا إجبار غير المسلم على دخول الإسلام، وهو أمر مرفوض يتنافى مع قوله تعالى:»لا إكراه في الدين» ويتنافى أيضًا مع وصايا رسول الله وخلفائه للجيوش الإسلامية بعدم التعرض للصوامع والكنائس والبيع وكل مكان للعبادة. بل ان الإسلام الحنيف لم يكتف بعدم التعرض لدور العبادة، بل ثبت غير المسلمين في أوطانهم وأملاكهم، بدليل هذا التلون الديني في بلادنا منذ بعثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث عاش المسلم، والمسيحي، واليهودي، والصابئة، والأزيدية وغيرهم جنبًا إلى جنب في ظل الإسلام ودولته.. فمن أين جاء أصحاب مدرسة التكفير ببدعة قتل غير المسلمين، أو إجبارهم على دخول الإسلام أو ترك ديارهم؟ ألا يدل ذلك كله على جهل مطبق بالإسلام، وقراءة خاطئة لنصوصه المقدسة وغير المقدسة؟ وهنا لا بد من الوقوف عند سببين من أسباب سيادة القراءة الخاطئة للإسلام، ومن ثم بروز مدارس التكفير والتعصّب، أولهما يتمثل بإبعاد علماء الشرع وفقهائه عن منابر التوجيه، بل وأكثر من ذلك تحويلهم إلى مادة للسخرية في وسائل الإعلام لفترات طويلة، مما أحدث فراغًا كبيرًا في المرجعية الدينية تقدم لملئها أنصاف المتعلمين، أو أشباههم، وثانيهما: انصراف الجزء الأكبر من هَمِّ واهتمام الحركة الإسلامية بالجانب السياسي، دون ان تسعى إلى تربية وتنشئة فقهاء يجمعون بين فهم روح العصر ومعطياته، وبين القدرة على قراءة الموروث لاستخلاص ما ينفع الناس في هذا الزمن من هذا الموروث، فتقدم لقراءة هذا الموروث من هو غير قادر على تمحيصه. فبرز فكر التعصّب والتكفير.
غير القراءة الخاطئة التي أدت إلى بروز الفكر المتعصّب والمتطرّف والتكفيري وأخطر منها، هو تعمد بعض دوائر صنع القرار في العديد من الدول غض النظر عن الفكر المتعصّب وتركه ينمو، بهدف توظيفه سياسيًا وعسكريًا في الصراعات الدائرة، سواء على الساحات المحلية، أو الإقليمية، العالمية، والشواهد على ذلك كثيرة، ومثلها الشواهد على انقلاب الفكر المتعصّب على رعاته وعلى حلفائه ومقاتليهم في أكثر من ساحة؛ وهو الأمر الذي ينطبق أيضًا على حالة تقاطع المصالح بين المحاور المتضادة، وهو بالضبط ما شهدناه في أفغانستان في فترة مقاومة الاحتلال السوفيتي، إذْ قبل بعض الإسلاميين بالتعاون مع الإدارة الأمريكية مثلما قبلت هي بذلك قبل ان ينقلب كل منهما على الآخر، لنشهد ما نزال نشهده في غير ساحة من ساحات المواجهة في مختلف أنحاء العالم بين حلفاء الأمس في أفغانستان، وهو بالضبط ما ينطبق تمام الانطباق على سعي بعض الأنظمة إلى التوظيف السياسي لبعض المدارس المتطرّفة، ثم اتهامها فيما بعد بالإرهاب وبذل جهود كبيرة لمحاربتها.
إضافة إلى ما تقدم كله هناك أسباب أخرى لبروز الفكر التكفيري أبرزها: سياسات الاضطهاد، والتهميش، والتعذيب والسجون التي مارستها بعض الأنظمة ضد مواطنيها، ما دفعهم إلى سلوك الطريق الوعر للانتقام منها، وتصفية الحساب معها، خاصة وان جلّ هؤلاء المواطنين يعانون من الفقر والبطالة، وهما الأرضية الخصبة للفكر المتعصّب والتكفيري.

"الراي"
Bilal.tall@yahoo.com *





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :