facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




فانتازيا قمة عربية


23-03-2008 02:00 AM

بدت القدس جميلة كما هي,بدون رتوش ولا أصباغ ولا أقنعه، فالشوارع المرصوفة بحجارة التاريخ العتيقة والمغطاة بعبق الزمان متهيئة لاستقبال سيارات الليموزين وعروض الدراجات النارية،أشجار اللوز والزيتون المنتشرة تضم فروعها وأغصانها لتعانق الأعلام العربية المزركشة وصدى الأذان الندي يعلو في الأفق بتناغم ملائكي مع دقات الأجراس المعلقة في أرحام الكنائس، وكأن هناك عزفا سيمفونيا لا تضاهيه تراجيع أي سلام جمهوري.


الشوارع والزقاق القديمة الخلفية لمدينة القدس بدت مكتظة بمركبات الصحافة العالمية، العديد من الإعلاميين على مختلف جنسياتهم تحلقوا مشغولين حول مركباتهم وآلات التصوير وأجهزة الاتصال، جموع من المارة من سكان محليين و سياح عرب وأجانب وقفوا عن بعد يتابعون بفرح وزهو مواكب السيارات اللامعة التي تقل الزعماء العرب ومرافقيهم وكأنهم نجوم لأحد المهرجانات العالمية......نعم اليوم ستبدأ أولى جلسات مؤتمر القمة العربية في القدس عاصمة فلسطين العربية.


الفلسطينيون كعادتهم اهتموا بدقائق الأمور وتفاصيلها، فالرئيس الفلسطيني (المنظَم) كان يشرف بنفسه على كل كبيرة وصغيرة, وكان في حالات انشغاله وعدم قدرته على المتابعة يولي المهمة لنائبه ( المتحمس) الذي يماثله نفس الأفكار و الرؤية.


كان أول الواصلين موكب ملوك وأمراء دول الخليج العربي الذين حضروا معا في نفس الوقت، كعادتهم مبادرين للخير ومحلّيّن للبركة, بدوا في ثيابهم البيضاء الناصعة وكأنهم ملائكة تتهادى على الأرض، وما هي بدقائق تمر حتى وصل موكب الرئيس اللبناني بصحبة العديد من رجال دولته، لطالما تميز اللبنانيون بالأناقة والجمال حتى أن موكبهم كان في مجمله تظاهرة للأزياء، فمنهم من اعتمر عمامة بيضاء وآخر سوداء وحتى أن أحدهم اعتمر قبعة صغيرة حمراء ,عدا أولئك حاسريّ الرؤوس والذين بالغوا بعض الشيء في تصفيف شعورهم و تشذيب ذقونهم. همس الرئيس الفلسطيني في سره "إن شاء الله سوف نبيض وجوهنا ما دام أول الحاضرين دول الخليج و لبنان فهذا فأل خير", قرأ النائب أفكار رئيسه عن بعد ففرح في سره هو أيضا, واستمرت مواكب الرؤساء بالتوافد واحدا تلو أخر إلى أن اكتمل وصول جميع الوفود العربية.


احتضنت قاعة الاجتماعات الضخمة بجدرانها المكسوة بلوحات فنية لتشكيلين من أنحاء الوطن العربي جميع الحاضرين, فما هي إلا لحظات, حتى اخذ كل من المدعوين مكانه مستعدا لبدء الجلسة الأولى, و بالرغم من الجدية التي حاول الرؤساء تقمصها ,إلا أن شدة اشتياق بعضهم للآخر حالت دون المغالاة في تقمصها فلاحت إيماءة رأس من هنا وتلويح أياد من هناك.


وكعادة أي مؤتمر، فقد كانت تلاوة ما تيسر من القران الكريم فاتحته، كان القارئ ذو الصوت الامازيغي العذب يتلو آيات القران العربي بطلاوة مابعدها طلاوة لم يجد منها الرئيس الليبي مفرا إلا بذرف دموعه التي سقطت لا إراديا، فتبعه الرئيس المغربي وتلاه الجزائري ,وأما بقية الرؤساء العرب فحاولوا قدر المستطاع كبح العبرة في حناجرهم. وللتأكيد على ما يتمتع به الوطن العربي من تنوع حضاري وثقافي ـ وهو العنوان الأعرض للمؤتمرـ كان قد اقترح نائب الرئيس الفلسطيني (المتحمس جدا) تقديم لوحة رقص فولكلورية ولأول مرة في مؤتمر للقمة, وقد تم الاستعانة بفرقة رقص كردية راح راقصوها الأكراد يتمايلون بملابسهم الزاهية على أنغام فرقة اوبرالية دارفورية تتمتع بزخم فني رفيع المستوى ولا احد ينكر دور الأوبرا الدارفورية في تطوير وصناعة الموسيقى في الوطن العربي.


بعد الانتهاء من المراسيم الشكلية والترحيب بالرؤساء وحكوماتهم ,استعرض الرئيس الفلسطيني (رئيس المؤتمر) بخطاب مختصر المحاور الأساسية للمؤتمر, مذكرا الجميع أنه كان لا بد من إدراج قضايا للنقاش بالرغم من أنها لاتسمو لدرجة تستدعي المفاوضات الرسمية, ولكنها مدعاة لإعطاء المؤتمر نوعا من الديمومة والاستمرارية وحفاظا على تقليد دأبت عليه الدول العربية. ولم يسهب الرئيس كثيرا فبدأ استعراض تلك القضايا:


1- اقتراح تشكيل لجنة من علماء الجيولوجيا العرب, لوضع حلول جذرية للتخلص من كميات النفط المتدفقة من الأراضي الأردنية, خصوصا بعد أن احتلت بدائل الطاقة جميع الاستخدامات التقليدية للنفط والذي لم يعد له أي استخدامات تذكر.


2- اقتراح تشكيل لجنة خاصة من علماء الذرة العرب للتأكد من أن الأراضي الفلسطينية خالية من أي اثر للمفاعلات النووية التي خلفها الإسرائيليون البائدون ورائهم .


3- مناقشة المقترحات المعروضة فيما يخص الجدار الرملي الفاصل بين المغرب والصحراء المغربية والذي أصبح وجوده يشكل عائقا أمام الانفتاح الثقافي والفكري و التمازج العرقي الذي تشهده الأراضي المغربية، والتذكير باقتراح وزراء الخارجية العرب بأن إنشاء مطار تحويلي ضخم في تلك المنطقة سوف يخدم دول المغرب العربي, وخصوصا أنه سوف يتيح فرص عمل جديدة لأبناء المحاربين القدامى من جبهة البوليساريو المقيمين في تلك المنطقة.


4- اقتراح بالتدخل السريع والعاجل لوقف الأطماع الاقتصادية المتزايدة في أرض الصومال العربي الذي يشهد كما يعلم الجميع فورة في التطور العمراني, وازدياد في المدن الصناعية الضخمة وحالة متراكمة من النمو الاقتصادي السريع تشد إليه أنظار المستثمرين الأجانب.


5- بعد أن أصبحت المملكة العربية السعودية المقر الدائم للمركز الرئيسي لحقوق الإنسان (Amnesty International) فانه بات من الضروري وضع استيراتيجية تضمن رفد المركز بجميع الدراسات التي تقوم بها مراكز الأبحاث والاستطلاع العربية فيما يخص الأوضاع الأمنية والصحية المتعلقة بحقوق الإنسان في دول العالم من اجل الخروج بصورة أوضح عما يجري في بعض الدول للسعي إلى تقديم أفضل الحلول والمساعدات.


6- للحد من ظاهرة ارتفاع نسبة البطالة وكذلك أزمة الاكتظاظ السكاني الذي تعاني منه دول الخليج العربي مؤخرا فقد تقدمت جمهورية مصر العربية باقتراحات لتخطي مثل هذا النوع من الأزمات ـ على أن يتم بحثها وتقيمها من قبل الأطراف المعنية لاحقاـ وتشتمل على إقامة مدن زراعية متكاملة في الأرياف المصرية ومشاريع اقتصادية سياحية على سواحلها تضمن من خلالها تزويد مساكن ملائمة وحياة كريمة لتفتح بذلك آفاق جديدة للكفاءات الخليجية.


7- مناقشة الاقتراح المقدم من الجمهورية العربية السورية فيما يخص المطبوعات الصادرة عن دور النشر السورية، حيث أن زيادة الطلب على المطبوعات السورية في الآونة الأخيرة – والتي يشهد لها الجميع بالمصداقية وسقف حرية لا مثيل له سواء عربيا أو عالميا - أصبح يشكل عبأ على دور النشر والأيدي العاملة فيها، فقد اقترحت الشقيقة سوريا التوجه لبقية الدول العربية وخصوصا المجاورة لها لمد يد العون من خلال المساعدة في استقبال فروع أخرى لدور النشر السورية ومطابعها على أراضيها.


8- مناقشة الاقتراح المقدم من دولة العراق الشقيق فيما يخص أرباح الأسهم والأرصدة المودعة في المصارف العربية والعالمية والتي تعود لمواطنين عراقيين قضوا نحبهم(رحمة الله عليهم) والتي تبين عدم وجود أطراف معنية لاستلام تلك الإيداعات المالية الضخمة، لذا اقترح العراق الشقيق أن يتم تشكيل لجنة متابعة مصرفية قانونية تضمن تحويل تلك الأموال إلى مؤسسات عربية تعنى بتحسين أوضاع ضحايا الحروب في العالم ومنكوبيها.



وختم الرئيس الفلسطيني بقوله: "أخواني أصحاب الجلالة والسمو والفخامة....لن أطيل عليكم، بقي عدد قليل من القضايا المعروضة للنقاش على أن استعرضها بإيجاز وإياكم في الجلسة الثانية,ولكن اسمحوا لنا قبل الاستراحة المخصصة للتداول والتشاور بدقائق نقضيها معا في مشاهدة فيلم وثائقي يعرض آخر الانجازات التي حققتها دولة اليمن الشقيقة في مجال صناعة الأقمار الصناعية وإطلاعنا على آخر مستجدات المكوك الفضائي (قات 14)."


أخذت الأضواء تخفت شيئا فشيئا بتزامن مع انزلاق اللَََوحات الجدارية لتكشف عن شاشات عرض ضخمة بدت وكأنها ساحات حقيقية بألوانها الساطعة وأصواتها الضخمة حتى شعر الرؤساء العرب ولوهلة أنهم جزء من المشهد المعروض فأسندوا ظهورهم إلى مقاعدهم وضلال انعكاسات الأحداث المعروضة تتحرك على وجوههم وعلامات الإعجاب والفخر تعلو جباههم.







  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :