facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




درس اسكتلندا ..


د.نبيل الشريف
19-09-2014 08:06 PM

صوّت غالبية مواطني اسكتلندا لصالح إستمرار الوحدة مع المملكة المتحدة وعدم الإنسلاخ عنها رغم إدراكهم أن الوضع الحالي ليس مثاليا ، ولكنهم قالوا - بتصويتهم هذا – أنه أفضل من القفز في أحضان المجهول.
ورغم وجود الكثيرمن الفوارق بين الوضع في اسكتلندا ومايحدث في عالمنا العربي ، فإن السؤال الذي يمزق العالم العربي الآن هو نفس السؤال الذي كاد أن يلقي باسكتلندا وشعبها في غياهب الفوضى ، ألا وهو سؤال الهوية الوطنية مقابل سؤال الوحدة ، فالسعي لتكريس الهوية الإثنية والدينية أو الديموغرافية مشروع تماما وهو يخاطب المشاعر الصادقة القوية لدى الشعوب.
إن من حق أي شعب أن يعيش على أرضه ويمارس طقوسة الفلكورية ويستمع إلى أغانية الوطنية و يتذوق أطعمته الشعبية وأن يرفل بزهو في زيه الوطني ، ولكن هل المصلحة تكمن هنا دائما هنا أم يمكن تلمسها أيضا في إطار الوحدة الجامعة ضمن إطار سياسي وإقتصادي أكبر وأنجح؟
لقد صوت الاسكتلنديون لصالح الوحدة رغم ان لديهم ألف تحفظ وتحفظ على الوحدة كما تمارس حاليا ضمن إطار المملكة المتحدة.
أما في عالمنا العربي، فالوضع يسير في الإتجاه المغاير تماما ، فهناك سعي حثيث لإحياء الولاءات الفرعية التي حسبنا أنها إنطوت وإندثرت مذ عقود على حساب كيان الدولة الواحدة الجامع.
ثمة تفتيت وتقسيم وتجزئة في كل مكان ، وهناك قتل يمارس على الهوية وفرز يقترف على خلفية دينية مزعومة . وأصبح المجتمع العربي ، الذي كان أنموذجا في إحتضان إبن الوطن الآخر المختلف في الدين أو العرق ، طاردا لأصحاب كل إنتماء إثني أو عقدي مختلف، وكأننا نبحث عن نقاء عرقي أو إثني مفقود ، فلامكان للآخر بين ظهرانينا حتى لو كان شريكا معنا - أوحتى قبلنا - في الأرض ورفيقا لنا في التاريخ والمصير الواحد.
لسنا هنا بصدد تحديد المسؤولية في إنهيار حلم الوحدة العربية ومن المسؤول عن ذلك وهل حدث ذلك صدفة أم كان نتيجة لمؤامرة شريرة حاقدة قضت عليه وإستبدلته بكابوس التجزئة والإنشطار والتفتيت، فالمهم الآن هو وقف أو إبطاء الإنحدار المتسارع نحو الكارثة التي تنذر بعودة العالم العربي إلى عصر ماقبل الدولة ، ومن الضروري أن نسأل أنفسنا عما حل بنا فأصبحنا نتغنى بالتجزئة ونمجد الإنفصال بعد أن كنا ننام ونصحو على أمل تحقيق الوحدة العربية الكبرى التي تجمعنا تحت مظلة واحدة وتمكننا من مواجهة الأخطار والتحديات؟
لقد أصبح الهدف الذي تبذل من أجله الأرواح وتسفك الدماء هو إعادة الحياة لدولة "مسقط الرأس" و مرابع الصبا الأولى ؟
لقد أرسل الاسكتلنديون للعالم ولنا بالذات في العالم العربي رسالة بليغة مفادها بإختصار أن الوحدة ، على علاتها وصعوباتها ونواقصها ، أفضل بكثير من الإنشطار والإنفصال والتجزئة والتمسك بالهوية الوطنية الفرعية ، فالإطار الوحدوي للمملكة المتحدة تعتريه الكثير من الثغرات ، وهناك إحساس في اسكتلندا أن ثروات البلاد الطبيعية الهائلة يذهب ريعها إلى بريطانيا ولاتعود بالفائدة المرجوة على أبناء اسكتلندا.
ولكن الاسكتلنديون إختاروا ، رغم ذلك، البقاء ضمن الإطار الجامع للمملكة المتحدة والتعبير عن إعتراضاتهم من داخل هذا الإطار.
إن مايجري في عالمنا العربي من تقتيل وذبح وتشريد على الهوية وسعي محموم لتمزيق الوطن العربي والعودة به إلى عصر ماقبل الدولة يجب أن يقرع الآف نواقيس الخطر، فالنتيجة الوحيدة المترتبة على هذا المسعى الخائب والهدف الخبيث هو المزيد من الإضعاف لبلادنا العربية بحيث تصبح لقميمات صغيرة سائغة في أفواه الآخرين .
وإذا كان مايجري هو مؤامرة خبيثة تم تصنيعها في مختبرات المكر والخديعة الدولية التي لم تتوقف منذ ( سايكس- بيكو ) ، فهذا ليس مستغربا فمن ديدن الأعداء أن يتآمروا ويحيكوا الدسائس .
إن السؤال هو عن إنسياقنا نحن وراء مؤامرات التجزئة وإندفاعنا المحموم للترويج لها والعمل على تحقيقها وترجمتها على أرض الواقع.
فهل نتوقف لحظة للتمعن في أبعاد الرسالة التي أرسلها لنا وللعالم شعب أسكتلندا؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :