facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




في عيون "ساشا"


13-11-2014 06:51 PM

"ساشا" طالبة امريكية تدرس في برنامج للدراسات الاجتماعية في جامعة نيويورك.. زارتني قبل ايام في مقابلة لتطرح عليَّ عدداً من الاسئلة حول ظاهرة التحول الاقتصادي نحو الليبرالية الجديدة التي اختارت شغل بحثها لتقارن بين الحالتين الاردنية والتشيلية.

بعد دردشة قصيرة عن الاردن والاجواء فيها وانطباعاتها طرحت ساشا مجموعة من الاسئلة واستعدت لكتابة ما سأقول بعد ان اشعرتني باستعراض دام اقل من دقيقتين انها قرأت الكثير عن ما حدث ويحدث في الاردن من مصادر متنوعة.. فجاءت اسئلتها على النحو التالي:

1. ما حجم التحول في الاقتصاد الاردني من الشكل التقليدي الى الليبرالي الجديد؟

2. كيف انعكس التحول على حياة الناس ؟...و

3. هل استجاب الناس لذلك؟

4. كيف عبر الناس عن موقفهم من التحول الذي حدث.؟..ومن ثم

5. كيف تفاعلت الدولة مع استجابات الناس"؟

من غير ان تعرف وضعت ساشا اطاراً لكل ما يحصل في الاردن وما يشغل المراقبين والمهتمين والناشطين من سجال.. فقد شكلت أسئلتها الخمسة العناوين الرئيسة التي ترسم الاجابة عليها صورة الواقع الاردني وتوضح كيف أدت التفاعلات الى الوصول الى ما وصلنا إليه.

فالتحول الاقتصادي والخصخصة وبيع الشركات ودخول الشركاء الاستراتيجيين وتشجيع الاستثمار أحدث ثورة في الاسعار وزاد تكلفة الحياة وقلل فرص التشغيل واظهر قصص الفساد والسمسرة والعمولات وولّد طبقة جديدة من الاثرياء الجدد وتنامت شكوك الناس بمغازي الاجراءات الجديدة وما صاحبها من ايجاد لهيئات وشركات أضعفت بنية القطاع العام واحدثت اختلالاً في مفهوم الوظيفة العامة ومواصفات شاغليها فطفت على السطح العديد من قصص الفساد التي كان ابطالها عاملين في اجهزة موثوقة ورؤساء مجالس ادارة ومستشارين ومديرين تنفيذيين لمؤسسات قامت على ادارة التحول وبرامجه.

في السنوات الاخيرة انتقلت ملكية أصول العديد من الموارد الوطنية لشركات الفوسفات والبوتاس والاسمنت والكهرباء والمواني وادارات الخدمات لتوزيع الكهرباء والمياه وشبكات الاتصال والاثير وغيرها من الموارد التي كان الناس يشعرون بانها مصدر لطمأنينتهم.

الكثير من الناس فقدوا وظائفهم في المؤسسات نتيجة خصخصتها والاسعار قفزت الى مستويات لا تتكافأ مع دخولهم.. والناس شعروا بان لا مردود يذكر على الخزينة من بيع الاصول او عوائد الاستثمار والمديونية تتزايد بالتزامن مع الخصخصة..

كثير من القلق يسيطر على الناس وينعكس على العلاقة بصناع القرار..

هناك انزعاج مما حدث والبرامج التي وضعت لحماية الاسر والافراد من التحول لم تنجح في التخفيف عن الاسر بل اثارت تساؤلات كبرى عن كيفية إنفاقها وأوجه انفاقها..

المشكلة الكبرى كانت في تولد ثقافة التذمر والشكوى.. وتنامي الشك لدى الناس وفقدان الثقة بالدولة ومؤسساتها وتزايد اعداد التظاهرات والاحتجاجات وعسكرة المجتمع للدرجة التي اصبحت فيها اعداد المنتسبين للمؤسسات العسكرية والامنية اكبر من اعداد منتسبي القطاع العام.

في وجه هذه التحولات ظهر مفهوم الامن الناعم واستطاعت الاجهزة احتواء الاحتجاجات بطرق متعددة بعد ان اصبح اعداد المتعاونين والمخبرين في كل المؤسسات اكبر من اعداد الناشطين..

ثقافة الاستحقاق والمطالبة بحقوق منطقية أو لا منطقية اصبحت جزءاً من المشهد اليومي.. عمال وموظفون تقاعدوا منذ عشرات السنين أخذوا يطالبون بحقوق لهم اعتقدوا انهم سلبوها.

بعد سنوات من الاحتجاجات والاعتصامات التي انهكت الشبان والكهول توقف المجتمع عن حراكه لكنه لم يتوقف عن مطالبه.. فقد تقلصت وقفات الاعتصام دون ان يتوقف الهمس والشكوى والتذمر.. كان للخوف مما يدور في المحيط أثر على توقف الحراك بالاضافة إلى الاحساس باللاجدوى من الاستمرار في ظل التغيرات التي طالت المحيط وتناولت النسيج الاجتماعي.

في الاردن اليوم حالة من عدم الاكتراث.. وهناك حالة من التبلد تقارب استجابات من هم تحت تأثير التخدير.. الناس يهتمون لكنهم يشعرون بان لا احد يستمع لهم او يكترث بمطالبهم فكثيرا ما تأتي القرارات على غير ما يشتهي الناس... يتخذ قرار بان يعين شخص في مكان ويتهامس الناس ولا احد ينبس ببنت شفة.. تجرى تنقلات بين مؤسسة تشريعية وتنفيذية ولا احد يعرف هل الاولوية ايجاد مواقع لاشخاص ام اشخاص لمواقع...

الخدر الاجتماعي والتبلد يفقدان المجتمع ديناميكيته وروحه.. اتعبني الحديث مع ساشا لكنها الزمتني ان اعيد التفكير في مسيرتنا على الطريقة الامريكية ... فما ان انهينا الساعات الثلاث التي تناولنا فيها الموضوع حتى شعرت بصداع اتعبني فتناولت حبة شوكولاته سويسرية وفنجان قهوة برازيلية وكأساً من الماء الذي وزعته علينا شركة مياههم..

شكرتني وودعتها وبقيت مشغولا باسئلتها طوال اليوم وباجاباتي التي لا ادري كم منا يتفق عليها فقد نجحنا في ان تكون لنا روايتان وآلاف التفاصيل.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :