facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




وللدفلى على النهر حُداء


راتب المرعي الدبوش
30-11-2014 10:12 AM

"الـدِّفْـــلَى" شجيرة مزهرة، دائمة الخضرة، قد يصل ارتفاعها، في بعض الأحيان، إلى مترين أو ثلاثة. وتتألف من عدة سيقان تنطلق من أَرُوْمَةٍ واحدة.
تحمل شجرة الـدِّفْـلَى أوراقاً شمعية لا تبتلّ بالماء، وأزهارا جميلة، تكون في الغالب حمراءَ، أو بيضاءَ، أو مزيجا من اللونين معا، تتدلّى منها قرون صغيرة تشتمل على عدد من البذور الخضراء، تتحول إلى اللون الأسود عند اكتمال نضجها.
تنمو شجرة الـدِّفْلَى حول الينابيع، ومجاري السيول والأنهار. ولأنها تعشق الدفء والحرارة، فهي تتخذ من الأجزاء الدافئة في آسيا، وخاصة إقليم البحر الأبيض المتوسط، موطنا مفضلا.
ورغم أن أشجار الـدِّفْـلَى تتكاثر بشكل طبيعي في البيئات المناسبة التي ذكرناها، كنباتات برية، فإنها تزرع، أيضا، عن طريق الأشتال الصغيرة، أو عن طريق الـعُـقَـلِ المأخوذة من الأشجار المكتملة النمو ؛ لتشكل أسيجة للحدائق المنزلية والعامة؛ كنباتات للزينة؛ بسببٍ من خضرتها الدائمة، وجمال أزهارها ؛ لونا ورائحة، بالإضافة إلى جدواها في طرد الزواحف، ومنعها من الدخول إلى الحدائق.

الغريب أن شجرة الـدِّفلى رغم جمالها، وروعة أزهارها، هي شجرة سامّة، بل إنها من أكثر أشجار العالم سُمّية. ويقال: إن مئة غرام من مادتها السامة، كافية لأن تقتل حصانا كبيرا ؛ ففي الـدِّفلى عناصر، ومركبات سامة في سائلها الحليبي، وفي عصارتها، بل حتى في أعوادها اليابسة. ومن هنا فإن استخدام حطب الدفلى في إنضاج الطعام، أمر محفوف بخطر سميتها القاتلة.
ويـبدو أن الحيوانات والمواشي تعرف، بشكل غريزي، سُمِّيَةَ هذه الشجرة، وخطورتها؛ فهي لا تأكل شيئا منها، وإن بلغ منها الجوع مبلغه.
***
لشجر الـدِّفْلـَى في بلدنا الأردن وجود واضح، في منطقة وادي شعيب، وعلى ضفاف نهر الأردن، وفي مناطق أخَـر، حيث يتوافر الدفء، وتتواجد مياه الينابيع، والسيول الدائمة الجريان.
في حِكَمِنَا و أمثالنا الشعبية الأردنية، تعبيرات عديدات، تشير إلى طعم الدِّفْلى المُرّ.. فبمرارة الدفلى تشبه كل الأحاسيس السيئة، والمشاعر السلبية تجاه الأشياء والمواقف. بل قد يوصف الإنسان المستكين إلى واقعه السيئ بأنه مِثْلُ (دودة الدفلى).
بالمناسبة، حيدر محمود، هو الشاعر الوحيد، في ظنّي، الذي وظّف شجر الـدِّفْـلى في شعره. ولعله أول شاعر، نَبّهَنَا إلى جماليات هذه الشجرة، وجماليات أزهارها،من خلال تغنّيه بنهر الأردن، موطن الدفلى الأول في بلادنا، ومربض النشامى الأردنيين، جنود الوطن، الذين يدفعون عنه العاديات.
مُؤَكـّد، أن حيدر محمود، وهو يتغنّى بدفلى نهر الأردن، كان يُماهي بين شجر الدفلى، وبين جنود الجيش العربي،بل بين هذه الشجرة، وبين الوطن الأردني كله ؛ فالأردن طيّب، وحَنون وجميل، ولكن لحم الأردن، ولحم الأردنيين مُــرٌ، شديد المرارة.
لا أريد أن أطيل، ولكنني أحب أن أُذكّر بديوانه الذي سماه "شجر الدفلى على النهر يغني ". وفي قصيدة تحمل هذا العنوان، يقول حيدر محمود :
على عُيون النّشامى.. يَسْهَرُ القَمَرُ
فالليلُ، بالحَدَقَاتِ السّودِ، مُؤْتَـــزِرُ..
وللحِمى رايةٌ مرفوعةٌ أبدا
يَحوطُها العزّ، والإيمانُ، والظّفَرُ..
***
وَجْهُهُ الأسمرُ..
من أرضِ بلادي.. وسَماها
لوّحَتْهُ شمسُها، فاشتدّ
وامتدّ ضِياها..
فعلى جَبْهتِها منزلُهُ
وعلى جَبْهتِه.. منزلُها
وهو في بالِ البطولاتِ،
ومنها.. ولها..
وعلى هامتِه الحرّةِ..
يختالُ لِواها..

***
شجرُ الدّفلى على النهر يغنّي
باسمِهِ..
والغارُ.. والمجدُ يغنّي
والنشامى الأردنيونَ، حَوَالَيْهِ :
سهولاً، وجبالا..
وجنوباً وشمالا..
والنشامى، أبدَ الدهرِ،
يَظلّون رجالا...
***
بِكِ، يا دارَ النشامى،
نتباهى..
يا ترابا قد زرعناه عُيونا،
وشِفاها..
وملأناهُ قلوباً، وجباها..
قَدَرُ الأحرارِ، أنْ يُعْطوا
فَيَا دارَ الرجالِ..
اطْلُبي ما شئْتِ منّا، لا تُبالي
فالنشامى أبدَ الدهرِ،
يظلّون رجالا....
****
وبعد،
فأجمل التحيات للدار الأردنية، وقمرها الهاشمي، وللرجال النشامى الذين أتعبوا نجوم الليل سهرا في سبيل الله والوطن. وتحية للشاعر الكبير حيدر محمود الذي فتّح العيون على جماليات الدفلى، والشيح، والدحنون، وكتب للوطن الأردني؛ أرضِه، وقيادتِه، وشعبه، وقواته المسلحة - أجمل ما يمكن أن يكتب عاشق في معشوق.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :