facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ممحاة ووطن


احمد حسن الزعبي
22-01-2015 03:22 AM

كنا صغاراً..نحسن التضييع ولا نحسن البحث، نحسن التأفف ولا نحسن الشكر..نحسن السؤال ولا نحسن الجواب..مثلاً كنا نقلب البيت رأسا على عقب بحثاً عن ممحاة ، او قلم نصف مبري ، او فردة جوارب مثقوبة ..حتى لو كانت بين ايدينا أو أمام ناظرينا، فجأة يغفلها الانتباه، و تضيع عن مغناطيس النظر ، فنبدأ بنبش الأشياء وقلبها وصوتنا يعلو شيئا فشيئاً بالمناداة :يُمّه شفتي لي محّايتي!.فتردّ وهي منهمكة بين الغسيل والجلي والتكنيس وترتيب ما خرّبناه بعبارة تقرأ على وجهيّ الجدّية والسخرية: «غمّض عيونك»بتشوفها..!.حتى اللحظة لم نعرف هل كانت تقصد أمهاتنا بــ»أغمض عينيك» ذلك المعنى المعاكس تماماً أي افتح عينيك جيداً تراها»..ام انها كانت تقصد بالفعل «أغمض عينيك» لترى في شاشة ذاكراتك أين وضعت أغراضك...

الغريب ان عبارة «أغمض عينيك» كان لها مفعولا سحريا في العثور على الأشياء..فمجرد ان نسمع صوت الوالدة وهي تطلب أن نغمض أعيننا أثناء البحث ..كنا فجأة نتذكّر أين وضعنا أشياءنا..فنكتشف ان الممحاة في وسط كتاب العلوم، وأن القلم في الجيب السري للحقيبة وان فردة الجوارب فوق الخزانة..والأشد غرابة في سحر «إغماض العينين» ان الباحثين في إحدى الجامعات البريطانية توصّلوا مؤخراً إلى ما توصلت إليه أمي قبل نصف قرن.. حيث قالوا في إحدى دراساتهم أن إغماض العينين هو أفضل طريقة لاسترجاع الذكريات، وقد يساعد في العثور على الأشياء الضائعة مثل مفاتيح السيارة والهاتف المتحرك والنظارة.. «أغمض عينيك لتبصر أشياءك الضائعة «...ترى هل هي عبقرية الأمهات الفطرية التي لم تتغير أو تتلون او تتلوث على مدار عقود البساطة التي عشنها دون تعقيد او فلسفة او «فذلكة»..أم أنها عبارة كانت تقال في خضّم العمل اليومي والتعب والإنهاك..فهي الأم والشغّالة والمربّية والطاهية وحارسة البيت وعاملة البناء...وهل إغماض العينين فعّالاً في استرجاع الأوطان الضائعة كما هو في حال استرجاع «الممحاة»... آآه يا أمي...وصفتك لم تعد تجدي: لقد أغمضنا أعيننا كي نسترجع فلسطين...فضاعت العراق.. ثم أغمضا أعيننا كي نسترجع فلسطين والعراق..فضاعت سوريا...هل نغمض أعيننا بعد؟..لم نعد نبصر يا امي سوى خيمة لجوء ممتدة من المحيط إلى الخليج..
(الرأي)





  • 1 السفير الدكتور موفق العجلوني 22-01-2015 | 08:57 AM

    اخي احمد ،ًصدقت : ( {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور. )


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :