facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حلّق مع النسور في رحلة الوداع ..


محمد كعوش
05-02-2015 03:25 AM

لم نخرج من الصدمة بعد.. الشعب الاردني ، بكل طوائفه واطيافه ، مفجوع باستشهاد الطيار معاذ الكساسبة في عزلة موحشة ، في قلب غابة متوحشة تسودها الظلامية وتحكمها القسوة. لذلك لا اعرف ماذا اكتب او اقول في هذا المقام ، فانا اخشى ان تخونني الكلمات ، فتعجز عن وصف المشهد ، او تكون غير قادرة على التعبير، أو ان لا ترتقي الى مستوى الحدث الجلل ، أو لا تملك القدرة على التحليق حيث النسور ، التي تحمل روحها على جناحيها في رحلة الوداع.

انا لا اعرف الطيار الشهيد معاذ الا بعدما اعلن موته الخاص ، الى جانب المئات ، واكثر ، من ضحايا الوعي الطائفي المزيف الذي قسم الدين الى شطرين ، وشطر التاريخ الى نصفين. اعرف فقط ، ان نسر الجيش العربي معاذ ، وكلنا ، ومن معنا وحولنا ، ندافع عن صلابة الفكرة ، وعن الحياة ، وكل ما فيها من جمال. كما اعرف ان العالم المندهش المذهول الغاضب يسأل: من اين اتت هذه القسوة والفظاظة لغلاظ القلوب ؟

وتساءل البعض: لماذا ذهب معاذ الى هناك ، الى سماء الرقة ، ليقع بايديهم ، ويقودونا الى نهاية الطريق ؟
امام هذا السؤال او التساؤل تذكرت المجاهد العربي الراحل المؤرخ الاديب شكيب ارسلان الذي عاش في الاردن فترة ، وتزوج هنا ، ودعا الى وحدة العرب والمسلمين ، وهو صاحب كتاب «حاضر العالم الاسلامي» والسائل: لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟. تذكرت شكيب ارسلان لأنه عندما ذهب للقتال في ليبيا الى جانب عمر المختار سئل عن سبب قدومه للجهاد في ليبيا فقال: «جئت للقتال في الصحراء الليبية للدفاع عن بساتين الشام» ، لاعتقاده انهم اذا انتصروا في ليبيا ستكون بلاد الشام هدفهم التالي.

ومأثرة معاذ الكبرى ، وتميزه الاكبر ، انه كان مخلصا لقناعاته ، والتزم بعقيدته العسكرية ، وذهب الى هناك محاربا ، حيث هم ، الذين اتوا الينا في يوم قريب مضى ، فنسفوا وفجروا وقتلوا في عمان ، وحولوا الافراح الى بحيرة من دم ودموع وحزن وغضب. ذهب الى هناك ليمنعهم من العودة الى هنا ، وباعتقاده ان من واجبه كنسر في الجيش العربي ان يقاتل دفاعا عن الوطن وسلامة المجتمع... وفي الختام افتدانا..

واليوم ، لا احد يستطيع ان يزعم عدم فهم المشهد الواضح رغم بعض الغموض السريالي الذي يلفه قصد التمويه ، فالجريمة واضحة فاضحة ، فهم ينتجون الموت بقساوة واسى ، فالقتلة واضحون ، ومعهم من يحالفهم ، بكل التسمم الروحي والاخلاقي الذي اصابهم ، واعتقد انهم خسروا اليوم كل شيء ، حتى بيئتهم الحاضنة في كل بلاد العرب ، بسبب هذا السلوك الذي يقود في نهاية الطريق الى انتحار جماعي ، برغم تسلحهم بوعيهم المذهبي المزعوم المزيف ، خصوصا بعد انكشاف استغلال ايمان البسطاء من الناس ، وتوظيفهم له في مشروع سياسي ديني غارق في القسوة والنفور ، لأن الرسالة الاسلامية الخالدة المتسامحة ، لا تعرف الكراهية والحقد ووحشية الانتقام ، ولا تعترف بالتمييز بين الناس على قاعدة طائفية اوعرقية او لون.

الانتحاريون امتهنوا الموت ، ونحن انحزنا الى الحياة التي وهبها الله لخلقه ، وهي الباقية بكل معانيها الجميلة. هم حاولوا ، بكل ما ملكوا من عمى البصر والبصيرة ، تصدير ازمتهم الى الاردن لاغراقه في حصة من العنف والفوضى والارتباك ، ولكن ايمان الاردنيين الصلب لا يرتد على ذاتنا امام كل مأزق او ازمة او منعطف. لذلك نقول ان من الضروري ان يجرنا هؤلاء وراء شهوة الانتقام. فالموقف يحتاج الى الخروج من الصدمة اولا ، ثم التسلح بالعقلانية والحكمة ، وترك الشان والفعل لاصحاب القرار.

في النهاية اقول ان الكتابة قد تنفع ، على الرغم من ان المخيلة قد لا تعطي الشهيد حقه. عزاؤنا ان فقيدنا الاعز كان ينظر الى الاعلى دائما حيث النسور تحلّق وروحه تحوم. فالشهداء هم اطهر الناس ، المجد لهم ، وهو منهم وفي ركبهم ، ولذويه جميل العزاء ، وحمى الله الاردن.
(الرأي)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :