facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




لماذا تحوّل الظواهري منظّراً سياسياً؟


د. محمد أبو رمان
16-04-2008 03:00 AM

ثمة دلالات رئيسة وراء تكرر حضور أيمن الظواهري، الرجل الثاني في القاعدة، على الإعلام الالكتروني خلال الشهور الأخيرة، إذ لا تكاد تمضي أسابيع قليلة إلاّ وتصدر عنه رسالة أو خطاب أو مشاركة إعلامية معينة وكأنه متفرّغ لهذا الدور الجديد. وتتنوع وتتعدد صور ظهور الظواهري؛ بين رسالة صوتية أو خطاب مصوّر حول قضية عامة أو وطنية مرتبطة بدولة معينة، أو حتى رسالة على الهاتف المحمول إلى السعوديين يطالبهم بدعم القاعدة، أو عقد «مؤتمر صحافي!» على شبكة الانترنت يجيب من خلاله على العديد من الأسئلة.

البعض يرى أنّ الدلالة الرئيسة من هذا الظهور تتمثل بحالة «الارتياح الأمني» التي يعيشها، وعدم وجود «قلق» على أمنه وتنقلاته. وأرى أنّ المسألة أبعد من ذلك وأكثر ارتباطاً بظروف داخل القاعدة وأنصارها وكذلك باستراتيجية القاعدة في السنوات الأخيرة. فهنالك حالة من «الفراغ التنظيري» لدى القاعدة خلال المرحلة الأخيرة، حيث خلت الساحة الفكرية والحركية من منظِّرين و»فقهاء» يقدمون لأبناء القاعدة وأنصارها وجبةً دسمة من الأدبيات والفتاوى والأفكار والتصورات حول طبيعة المرحلة والمستقبل والمطلوب منهم.

وتأتي هذه المرحلة بعد سنوات من الزخم التنظيري والفكري، ووجود أعداد ممن يتولون هذه المهمة، سواء من خلفية فكرية وعلمية، أو خلفية حركية وميدانية، ففي منتصف التسعينات برز كل من عصام البرقاوي (أبو محمد المقدسي) وعمر محمود (أبو قتادة الفلسطيني) وساهما في تأسيس وترسيخ المنهج الفكري لما سمي لاحقاً بتيار «السلفية الجهادية»، ثم بدأت تظهر أسماء عديدة إعلامياً كـ: عبد المنعم حليمة (ابو بصير الطرطوسي)، أبو مصعب السوري، وكذلك أبو الوليد الأنصاري وغيرهم.

ومع أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) والحرب الأفغانية ثم احتلال العراق، في سياق موازٍ لتوسع نشاط القاعدة الإقليمي في العديد من الدول برزت أسماء أخرى أقرب إلى الطابع الحركي والميداني كـ: سليمان أبو غيث، وأبو مصعب الزرقاوي، أبو أنس الشامي، وأبو عمر البغدادي، ويوسف العيري وسليمان الفهد، وغيرهم، حتّى امتلأت مواقع القاعدة على الانترنت بهذه الأدبيات والفتاوى.

إلاّ أنّ السنتين الأخيرتين، تحديداً، شهدتا تراجعاً كبيراً في نخبة التنطير والفتوى إمّا لمقتل بعض هؤلاء أو اعتقالهم أو تراجعهم عن مواقفهم السابقة. وترافق هذا التراجع الملحوظ مع تحولات ومنعطفات جديدة تمرّ بها القاعدة خلال هذه المرحلة، ما يستدعي وجود خطاب مستمر يشرح لأفراد وأنصار القاعدة وللأمة العربية والإسلامية (التي تمثل أحد مناطات هذا الخطاب) طبيعة هذه التحولات والموقف منها.

إذاً، تصدّر الظواهري للتنظير والتوجيه بصورة مباشرة ليس ترفاً أو تعبيراً عن «ارتياح أمني» بقدر ما هو «ضرورة مرحلية» لملء الفراغ الفكري والتنظيري، بخاصة مع انكسار القاعدة في العديد من المناطق: السعودية، اليمن، ثم النكسة الكبرى في العراق، وفي ظل مراجعات الجماعة الإسلامية في مصر ومراجعات زعيم الجهاد سابقاً، سيد إمام شريف، والتي تمثل قاصمة ظهر للقاعدة على الأقل على المستوى الإعلامي والنفسي (إذ تشكل كتابات سيد إمام أدبيات رئيسة لدى القاعدة)، وقد تعرّض إمام شريف بحواراته مباشرة للظواهري ولشخصيته بشدة، ما استدعى أن يخصص الظواهري كتاباً كاملاً هو «التبرئة» للرد على سيد إمام و»وثيقته في ترشيد العمل الجهادي».

فلو كانت تداعيات وانعكاسات «وثيقة ترشيد العمل الجهادي» ليست مهمة أو خطرة على القاعدة، كما يذهب بعض المراقبين والمحللين، لما انشغل الظواهري بإعداد هذا الكتاب الضخم، ولما تعرّضت المراجعات لهجوم «الكتروني» شرس من أنصار القاعدة، وبالتحديد من موقع «الثابتون على العهد»، لمحمد خليل الحكايمة، مسؤول ما يسمى بـ»قاعدة الجهاد في أرض الكنانة».

يرتبط الظهور المكثف للظواهري، وتحوله إلى التركيز على مجال التنظير والخطاب الإعلامي بتحول بنيوي آخر لدى القاعدة من منظمة مركزية، محكومة بقوانين أمنية صارمة، إلى شبكة عامة فضفاضة، و»رسالة إعلامية» عبر الانترنت بدرجة أولى والفضائيات بدرجة ثانية. فهذه السيولة الحركية والواقعية تتطلب في المقابل خطاباً مركزياً يشكل مضمون الرسالة وفحواها، ويقدّم إرشادات وتصورات وتنبيهات للأفراد والأنصار والمؤيدين بدرجة أولى، ويقدّم للمجتمعات العربية والمسلمة مواقف القاعدة ورؤيتها للكثير من التطورات والمتغيرات، بخاصة وأنّ القاعدة أصبحت «حركة عالمية»، ما يتطلب وجود خطاب وموقف لها تجاه كثير من القضايا والأحداث.

فلقد دخل العديد من الفصائل الجديدة في شبكة القاعدة، قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين، قاعدة أرض الكنانة، قاعدة المغرب العربي، قاعدة الجزيرة..الخ، وهنالك العديد من المجموعات التي تدور في فلك القاعدة والسلفية الجهادية (جيش الإسلام، فتح الإسلام، عصبة الأنصار..)، والملاحظ أنّ اغلب هذه المجموعات والجماعات الجديدة لا تملك خطاباً سياسياً وإعلامياً ولا قيادات تحظى بالشعبية والحضور. كما أنّ هنالك صعوبة كبيرة في التواصل بينها وبين القاعدة المركزية، ما يخلق فجوة كبيرة وواسعة تؤدي إلى خلل كبير في عمل الشبكة ما ينعكس على سمعة ومصداقية ومواقف «القاعدة الأم»، وهذا يتطلب «خطاباً مركزياً»، وتوجيهاً دائماً ومستمراً، كي لا تؤثر إحدى هذه الجماعات سلباً على الشبكة بأسرها في ظل الحرب الإعلامية الشرسة.

وفي جوار الأسباب السابقة، هنالك سبب حيوي آخر لظهور الظواهري المستمر، وهو أهمية الرسالة الإعلامية للقاعدة، وتعويلها على الحرب النفسية، وقدرتها على استخدام الإعلام للتجنيد والتعبئة بصورة مدهشة، في ظل هذه الظروف التاريخية الحرجة في المنطقة، التي تدفع إلى نمو وصعود الخطاب الراديكالي في السنوات الأخيرة. فالانترنت تبقى ساحة خصبة للتجنيد والتعبئة والحرب النفسية، وتشكل لدى القاعدة إحدى أهم جوانب الصراع الذي تخوضه ضد الولايات المتحدة وحلفائها في سياق «كسب القلوب والعقول».

ربما يتساءل بعض المراقبين؛ لماذا لا يتولّى هذه المهمة أسامة بن لادن؟ وعلى ما يبدو أنّ هنالك تقسام أدوار بين الرجلين؛ فأسامة بن لادن قليل الظهور، يمثل قيادة كارزمية لأتباع التنظيم وأنصاره، فيما يمثل الظواهري منظّراً وموجّهاً. ويعود أحد الأسباب إلى الاختلاف بين طبيعة الرجلين؛ فابن لادن أقرب إلى الصمت وقلة الكلام، وليس له باع في التنظير الحركي والفكري، كما هي حال رفيقه الظواهري.

الحياة





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :