facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أردوغان: الأمر لي! .. محمد نور الدين


14-03-2015 04:49 PM

عندما استقال رئيس جهاز الاستخبارات التركية حاقان فيدان في السابع من شباط الماضي ليترشح إلى الانتخابات النيابية في السابع من حزيران المقبل، أثيرت تساؤلات كثيرة عن مغزى وأهداف هذه الاستقالة، والفائدة التي تدفع شخصية ناجحة في موقعها، الذي يساوي، على حد قول رئيس الجمهورية رجب طيب اردوغان، عشر وزارات، إلى الاستقالة لخوض غمار معترك السياسة.
وذهبت التحليلات إلى أقصاها، وكلها يمكن أن تكون صحيحة. وإذا أردنا استعادة سريعة ومختصرة لتلك التفسيرات فقد جاء في رأسها، ولعلها الأكثر واقعية، أن رئيس الحكومة احمد داود اوغلو يشعر بوطأة وجوده شبه وحيد في السلطة التنفيذية، بل حتى داخل «حزب العدالة والتنمية»، وهو يريد أن يرافقه في مسيرته السياسية شخصية تشارك في تحمل الأعباء، خصوصا أن جميع الرعيل الأول من مؤسسة «العدالة والتنمية» لن يكونوا في البرلمان المقبل بسبب حظر النظام الداخلي للحزب ترشح النائب لأكثر من ثلاث دورات متتالية.
وارتباطاً بهذا الهدف، فإن داود اوغلو يشعر بأن شخصية الرئيس رجب طيب أردوغان الطاغية تثقل عليه، وتحول دون أن يبرز استقلاليته، فأراد بجانبه شخصية قوية تواجه طغيان أردوغان وسعيه إلى إنشاء نظام رئاسي.
صحيح أن فيدان على علاقة جيدة جداً مع أردوغان الذي يعتبره «خزان أسراره»، غير أن جاذبية السياسة والشهرة من موقع وزاري، أو حتى قيادي في الحزب، ستكون كافية لجذب فيدان إلى ميدان البرلمان والحكومة أكثر من جاذبية موقع رئاسة الاستخبارات.
لقد اعترض أردوغان على استقالة فيدان حينها، وقال إنه أبلغ رئيس الحكومة أكثر من مرة انه غاضب من هذه الخطوة. بل انه بعد تقديم فيدان ترشحه عن «حزب العدالة والتنمية» واصل موقفه المعترض.
في الأسبوع الماضي، وأثناء زيارة أردوغان إلى السعودية التقى في المدينة المنورة حاقان فيدان.
اللقاء وصف بأنه عن طريق الصدفة، لكنه كان مفتاح التطورات التي حدثت لاحقا، وهي عودة فيدان عن ترشحه إلى الانتخابات النيابية في بيان مكتوب. وتلا ذلك إعلان رئيس الحكومة انه أعاد تعيين فيدان رئيسا للاستخبارات التركية، ليواصل بالتالي من حيث انتهى بعد شهر واحد فقط على شغور موقعه.
انقضى الأمر، لكن ليس على قاعدة كأن شيئا لم يكن، بل على قاعدة « كل شيء كان». فالاستقالة، كما العودة عنها، تكاد تختصر خريطة التوازنات الجديدة داخل تركيا وداخل «العدالة والتنمية»، والأمر ليس مجرد «دلع» شخص استهوته السياسة، أو أغروه لدخول السياسة لحسابات تبدأ ولا تنتهي.
أولا، بَانَ بوضوح أن فيدان بالفعل استقال رغما عن إرادة أردوغان، وكان بذلك يقامر في أول، وربما آخر، عصيان على سيده. وأن السيناريو الذي يقول إن اعتراض اردوغان على استقالة فيدان كان مسرحية، وأنه دفع به ليحل لاحقاً محل داود اوغلو لم يكن في محله. وهذا يعني أن هناك من كان يدفع فعلاً إلى خريطة توازنات جديدة تضعف موقع أردوغان في التوازنات داخل «حزب العدالة والتنمية» وفي قمة الهرم التركي، من خلال تقوية الصف المعارض لأردوغان عبر ضم فيدان إليه، والمقصود هنا بالتحديد احمد داود اوغلو.
ثانيا، يرى أردوغان التطورات المحيطة بتركيا، لا سيما بعد الذي يجري في العراق وفي شمال سوريا من تغيرات في موازين القوى على الأرض، واقتراب معركة الموصل الحساسة لتركيا، وتقدم النفوذ الإيراني على حساب صورة أنقرة، تزيد من التحديات والتهديدات التي تقترب من تركيا، وبالتالي لا بد من استعادة زمام المبادرة و «قنص» بعض المكاسب قدر الإمكان.
وليس أفضل من فيدان ليعيد التوازن والاعتبار للاعب التركي إقليمياً. وفي هذا المجال، لم يكن حتى أمام داود اوغلو خيار آخر، فرضخ لرغبة أردوغان وسحب ترشيح فيدان وأعاده إلى موقعه الاستخباراتي تقديماً للمصالح الوطنية على أي اعتبار آخر لا سيما أن استعراض الأسماء المخولة لخلافة فيدان في رئاسة جهاز الاستخبارات لم يجد اسماً كفؤا يمكن أن يملأ فراغ فيدان.
وثالثا، فإن أردوغان الساعي إلى تغيير النظام من برلماني إلى رئاسي، يرى أن طموحه هذا مرتبط بقوة بمدى التقدم على صعيد حل المشكلة الكردية، والمفاوضات مع زعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان، التي كان يقودها فيدان بنفسه. ومنعاً من أي تطورات مفاجئة ودموية يمكن أن يتعرض لها مسار الحل، ويؤثر في رغبة أردوغان في كسب الأكراد إلى جانبه في البرلمان المقبل لتعديل الدستور، فإنه يريد إعادة تدوير الزوايا مع أوجلان، واستمرار الإمساك بالمنحى السلمي للقضية، وهذا يتحقق، برأي أردوغان، فقط على يد فيدان.
ورابعا، فإن أردوغان لا يزال يرى أن جماعة فتح الله غولين تشكل خطراً جدياً ودائماً على نظام حكمه. وهي لم تتوقف عن إيجاد الوسائل الجديدة والمناسبة لإطاحته، وأن مثل هذه المعركة مع «الكيان الموازي» تحتاج إلى عزيمة كبيرة، كان فيدان قد أظهرها كأحد أهم المساهمين من موقعه في رئاسة الاستخبارات في ضرب نفوذ جماعة غولين التي حاولت أن تقتاده إلى السجن ومن بعده اردوغان.
تقود هذه العوامل كلها إلى أن يشدد أردوغان قبضته على السلطة في تركيا، وأن يتقدم أكثر في اتجاه حصر النفوذ بيده، وبالتالي تعزيز الاستئثار بالسلطة.
وهنا يمكن رسم الخريطة التالية للرابحين والخاسرين من معمعة استقالة فيدان، ومن ثم سحب ترشيحه للانتخابات وعودته إلى رئاسة الاستخبارات من جديد.
يمكن القول إن فيدان نفسه كان من أكبر الخاسرين. إذ إن سعيه لخوض غمار السياسة والزعامة داخل الحزب قد تأجل على الأقل أربع سنوات، أي إلى الانتخابات النيابية التي ستجري في العام 2019. وحينها، في حال نجح أردوغان في تغيير النظام إلى رئاسي، لن يعود من أهمية كبيرة، لا لفيدان ولا لغيره، لخوض معترك الزعامة، لأن كل الخيوط تكون بيد أردوغان ولأن الباقين سيكونون بمثابة «كورال» له.
وخسارة فيدان كانت أيضا في أنه، باستقالته ومن ثم العودة عنها، عكس شخصية لا تقدر جيداً الظروف والحسابات السياسية، وأنه شخصية غير حازمة، ولا يتمتع بإرادة مستقلة. إذ لا يعقل لشخصية لها قرارها المستقل أن تقدم على خطوتين كبيرتين متناقضتين في أقل من شهر. لذا، فإن أي خطط مستقبلية لفيدان في مجالات أخرى لن تقابل من الرأي العام بالجدية.
ومن الخاسرين جهاز الاستخبارات التركية نفسه، حيث انه لم يعثر على شخصية مناسبة تملأ الفراغ الذي تركه فيدان، وهذا يعكس ضعفاً بنيوياً فيه، كان فيدان بكفاءته يغطيه.
أيضا، فإن جهاز الاستخبارات تلقى ضربة قوية في صورته، إذ إن ترشح فيدان عن «حزب العدالة والتنمية» بالذات، ومن ثم عودته إلى ترؤس جهاز الاستخبارات، إنما يؤكدان أن الجهاز لم يكن يعمل كجهاز وطني لكل تركيا بل لـ «العدالة والتنمية»، وهو سيواصل، لكن بالجرم المشهود هذه المرة، كونه مجرد أداة للحزب الحاكم وليس مؤسسة تخدم كل تركيا، وهي وظيفتها الأساسية.
ولا شك أن رئيس الحكومة احمد داود اوغلو كان من أكبر الخاسرين. فهو الذي شجع فيدان على الاستقالة، ومن ثم الترشح عن الحزب، ومن بعد ذلك، حصلت الموافقة على طلب اردوغان بسحب ترشيح فيدان، بل معاودة داود اوغلو كرئيس للحكومة تعيين فيدان رئيسا للاستخبارات. وفي كل هذه الخطوات أظهر داود أوغلو انه لم يكن صائباً في كل هذه القرارات المتتالية، وانه ليس جديراً بأن يكون رجل دولة، ورجل قرار، يقدم على خطوة ثم يتراجع عنها، وكلها خطوات إستراتيجية وخطيرة، وليست مجرد تعيين مدير لمدرسة أو رئيس لدائرة حماية المستهلك.
بل إنه إذا كان صحيحاً سيناريو أن داود اوغلو كان يريد فيدان إلى جانبه لتعزيز موقعه السياسي ومواجهة طغيان أردوغان، فإن داود اوغلو، بإعادة فيدان إلى موقعه السابق، يكون تلقى ضربة قوية هزّت صورته كرئيس للحكومة أمام الرأي العام وكزعيم داخل الحزب.
وإذا كان من خلاصة معبرة عن كل هذه التطورات، فهي أن هناك رابحاً واحداً وحيدا هو رجب طيب أردوغان الذي أظهر، عبر كل الذي جرى، أن شيئاً لا يمكن أن يتغير في «حزب العدالة والتنمية» من دون إرادته، وأنه إذا كان البعض حاول التمرد على هذه الإرادة فإن مصيره سيكون في النهاية العودة إلى بيت الطاعة الأردوغاني، سواء كان هذا البعض اسمه حاقان فيدان أو احمد داود اوغلو. ولا يفيد كل هذا بشيء سوى في تعزيز نهج الاستبداد والاستئثار بالسلطة، سواء على صعيد الحزب أو داخل مؤسسات الدولة.
السفير.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :