facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مباراة بدون جمهور .. ممكن .. جمهور بدون مباراة .. مستحيل


سامر حيدر المجالي
21-04-2008 03:00 AM

رغم عشقي الشديد لكرة القدم .. وأوداجي التي طالما انتفخت حسرة على فرصة ضائعة أو قرار تحكيمي جائر ، فإن حظي مع هذه اللعبة كان عاثرا ونصيبي منها يبعث على اليأس والإحباط . لقد جربتها لاعبا ناشئا فتلقيت في أهم مبارياتي ركلة ( متعمدة ) وجّهها لاعب الفريق الخصم إلى وجهي بعد أن ارتميت على الكرة وخطفتها من أمامه كي أحرمه من تسجيل هدف في مرماي ، فبقي أنفي وعيني اليسرى منتفخين أسابيع عديدة .

ثم التحقت بالجماهير وأصبحت من رواد المدرجات في عمان واربد والكرك ، إلا أن أحد المباريات انتهت ب " هوشة " من العيار الثقيل المُجَحْفَل ، فتلقيت حجرا طائشا أصابني في حنكي وأفقدني توازني وكدت أفارق هذه الدنيا رجيما ، أعاذني الله وإياكم من الشيطان الرجيم ، فقررت من يومها أن أُطَلِّقَ ستاد عمان الدولي وكل الملاعب الرياضية طلاقا بائنا بينونة كبرى ، فمن خاف سلم .. ويا روح ما بعدك روح .

عذرا لهذه المقدمة التي تتحدث عن تجربة شخصية في شأن عام يخصنا جميعا ، لكن ما يميز اللعبة الشعبية الأولى في العالم أنها لعبة يختلط فيها الخاص بالعام فتصلح بذلك لأن تكون مجهرا مكبرا يكشف نقاط ضعفنا وقوتنا دون مواربة أو خجل ، فهي نبض الشارع الحقيقي ، ومدرجاتها تضمنا جميعا بكل آمالنا وهمومنا .

إقامة مباراة الفيصلي والوحدات بدون جمهور للأسباب التي ذكرها الاتحاد ، تعني أن كل التدابير التي اتخذتها الجهات الرسمية بالتعاون مع رابطة المشجعين قد فشلت في أن تؤتي ثمارها وتقضي على الداء العضال الذي مازال يفتك بنا وبأخلاقنا وقيمنا . وهم معذورون في ذلك لأن المسألة ليست مسألة مجموعة من الجماهير اجتمعت في مكان واحد فأطلقت العنان لانفعالاتها فغضبت وشتمت وجرحت وأهانت ، الموضوع أعمق من ذلك بكثير ، وما الملاعب إلا سطح الماء الذي ظهرت فيه الفقاقيع معبرة عما في العمق بعيدا عن الأنظار ...

الموضوع أننا جميعا نلعب مباراة خارج الخط بل خارج حدود الملعب كله ، نلعبها في نومنا ويقظتنا وفي كل أحوالنا ، نلعبها بالاتجاه الأفقي بين بعضنا وضد بعضنا فقط !! بعد أن أصبحت كل الاتجاهات الرأسية مغلقة في وجوهنا فلم نجد بدا من أن نقبع في القاع ونرضى بقوانينه .

انظروا إلى كل هذه الدوائر التي تكبر وتصغر وتتجاذب وتتنافر بحسب واقع الحال . الدائرة الكبيرة تبدأ على مستوى الوطن كله فتقسم الناس إلى شرقي وغربي وشمالي وجنوبي ومسلم ومسيحي وعمري وزيدي ، ثم تصغر إن جدّت لها ظروف جديدة ، فتظهر على مستوى المحافظة ثم على مستوى العشيرة ثم على مستوى الفخذ وهكذا .. إلى أن تصل في النهاية إلى الإنسان نفسه فتصيبه بالفصام وتقوده إلى الجنون . كلها دوائر أفقية تفسد نسيجنا الاجتماعي وتهدد بنياننا بالانهيار .

إنها ثقافة " ويلك يا اللي تعادينا " التي ننفسها في بعضنا ونجترها في كل مرة يتهيأ لها ظرف مناسب ، هذه الثقافة قصرت يدها عن العدو الحقيقي الذي هو يذيقها الويل في حقيقة الأمر ، فنفست عن كربها وغضبها في نفسها ، وبدأت تأكل جسدها قطعة قطعة .

حضرت في أحد المرات مباراة بين فريقين محليين في محافظتي التي اعتز بها وبأهلها ، فكادت تلك المباراة أن تتحول إلى مذبحة حقيقية لولا أن منَّ الله علينا ببعض العقلاء الذين تداركوا الموقف في لحظاته الأخيرة . وشاهدت وشاهد كل واحد منكم منافسات انتخابية تحولت إلى ساحات حرب وقتال ذهبت فيها الكثير من الأرواح هدرا ، لا لشيء إلا لأننا نريد أن نذيق الويل لمن يعادينا ، وليتنا قادرون على تحديد عدونا الحقيقي !!

ما الذي تريدونه أيها الأردنيون بكل أصولكم ومنابتكم ؟ عيشكم في انحطاط وفقركم في ازدياد ومعدلات بطالتكم في ارتفاع ، والأدهى والأمر أن هناك من يريد أن يحولكم إلى " فِيَش " فوق طاولة روليت كبيرة ، أو يجعلكم مجرد شواخص مرورية فوق دروب وأراض ابتلعها مستثمرون غرباء .
فوجهوا طاقاتكم نحو ناب الجوع والعبوا مباراتكم ضده ، واعرفوا عدوكم الحقيقي الذي يسعى لابتلاعكم جميعا .

samhm111@hotmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :