facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




يتامى وآباؤهم على قيد الحياة


يوسف غيشان
17-05-2015 03:50 AM

ليس اليتيم من مات أبوه وغاب عن الحياة وجه أمه؛ لكن اليتيم هو من سهى عنه ولم يغمره بواسع الاهتمام والاحتواء أبوه.هو من لم تمطره أمه بوابل الحنان وتحتضن نبض قلبه كما تحتضن الملائكة السماء. اليتم هوأن تتيتم الروح ويجفُّ نهرالحب،حتى وإن كان الآباءعلى قيدالحياة. فكم من آباء لهم الأثرالجميل على قلوب أولادهم،حتى بعد أن ماتوا ظلَّ عطرأنفاسهم في كل ركن من البيت يفوح وفي كل خطوة نجاح لهم منه نصيب. وكم من آباءٍ حضورهم بمذاق الغياب،أمواتٌ على هيئة أحياء.

أبٌّ يركض وسط الزحام يلهثُّ وراء لقمة العيش، وآخر يسعى وراء تفاصيل رغباته ونزوات النفس، وكلاهما عن ابنائه منشغل. منذ أن يبدأ النهار حركة الدوران الأولى يركب أمواج الحياة ويمضي في بحر الضجيج والصخب. يعزي النفس ويبرر الغياب بأسباب تبدو في ظاهرها منطقية ولكن في باطنها تحمل مذاق التقصير والسهو. فمن كان في ثراء وترف يُغدق على الأولاد بالمال والنعيم، ويحرمهم من لمسة الحنان والصدر الذي يتوق الابن في أن يرتمي عليه يشحذ لقلبه الحبِّ والشعور بالأمان. ومن كان في عوزٍ يخرج يصارع الحياة وينهمك في ذاك العراك ليلتقط نصيبه منها. يعود إلى الدار وقد هدَّه التعب وليس به من العزم ما يجعله يحتضن ابنته أو يُصغي لمشكلة ابنه. وينام وضميره مرتاح أنه يفعل كل هذا من أجلهم.

أمٌّ يأسرها بريق الحياة وتسلب منها لب عقلها، تُمضي الوقت كله وهي تختار ألوان ثيابها،وتنشغل في ترتيب شكلها، وجسدها وما يترتب عليها من صحبة ومشاوير لترضي غرور أنوثتها وتبدي ما أنفقته على تلك الأنوثة أمام الصديقات. فطورها في ركن باذخ، والغداء في ركن آخر. وسهر الليل يحتاج حين العودة لكثير من الترتيب. لا وقت لديها لتسمع أنين ابنتها وما يخالج قلبها من نبض صار عليها جديد. ولا تلمح في عيونها ما أثارته المراهقة من غبار حولها. ولا تدري إن كان ابنها صار في شذوذٍ أو صحبة سوء غيرت مسار عقله وحرفته عن الصواب.

أمٌّ ليس لها من هم إلا أن ترتب لعائلتها أسباب الحياة من سرير وافر العناية وطعام لذيذ، تعمل طوال الوقت لا تهدأ مثل ناعورة تدور بلا توقف. متعتها وسعادتها في إسعاد أولادها لكنها في زحام البيت ليس لها نصيب من جلوس أو راحة واستراحة تجالس أولادها، لتقرأ ملامح المشاكل والعوامل النفسية التي دخلت من بوابة حياتهم وهي تسعى طوال النهار والليل لينالوا الرخاء.

تبدأ الهموم صغيرة والمشكلة بجلسة واحدة تنتهي لكن لا وقت لهؤلاء الآباء أن يحلوا المشكلة. تتراكم الهموم وتكبر المشاكل إلى أن تصبح بحجم المصيبة ومن الصعب تداركها.

البنت في عالم آخر ولصوص الليل يسرقوا جمال أنوثتها وسائل الضياع كثيرة والأهل لا حس لهم ولا خبر.

الابن أدمن الدخان والمخدرات وتعاطى الأفيون، ولعب القمار، واللذة تحتاج للمال الكثير، يحتال على والديه يحترف الكذب وفنون الدهاء ويسرق في صمت ولا حياة لأب ولا أم.

هؤلاء هم اليتامى وليس الذين فقدوا أباءهم بقدر الموت. في بلاد عربية صار من المستحيل ومن العجائب العشر
أن تجد عائلة تجلس على وجبة غداء أو عشاء. ومن الصعب أن يلتقي الأب مع الابن أو البنت مع الأم كل في حياته واسم العائلة هو كل ما يربطهم.

إن كانت صلة الرحم في العائلة الواحدة قد انقطعت فكيف يكون هناك صلة رحم ما بين الأقارب. كثير من الناس يتامى وأباؤهم على قيد الحياة وكثير من اليتامى من فقدوا اباءهم في ألفة ومحبة ويد السماء تربت على أكتاف قلوبهم لأن آباءهم قبل أن يموتوا أشبعوهم بالحب والحنان.

ضموا أولادكم إلى صدروكم واغمروهم بالحب والعاطفة، لا بالدلال ولا بكثرة الأموال. الابن يحتاج أب يفاخر به
الأصدقاء وأم تبدو على وجهه منها آثار الحنان. لوقت قصير أصغوا لهمومهم قبل أن يصلوا إلى يتم الروح وأنت على قيد الوجود أحياء. قبل أن يمضي القطار وتصرخ صافرة الندم. الدستور





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :