facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




دروس في القومية تستذكر مع رحيل حمادي


شاكر الجوهري
17-03-2007 02:00 AM

رحم الله الدكتور سعدون حمادي..فمثله يتوجب الترحم عليه بمقدار ما خدم وطنه العراق وأمته العربية، وابتعد عن الطائفية والمذهبية المقيتة.
لم يكن حمادي سياسيا فقط، لكنه كان مفكرا قوميا كبيرا، قبل أن يكون سياسيا. وقد وظف فكره الوقاد في خدمة، ورسم سياسات قومية حكيمة.التقيته لأول مرة في مكتبه بوزارة الخارجية العراقية ببغداد، وأظن أن ذلك كان سنة 1975.
الرجل الذي لا يبتسم، وفقا لما هو شائع عنه، دخلت إليه في مكتبه وعلى وجهه قد رسمت نصف ابتسامة.
لم يكن مشروع الإبتسامة غير المكتملة من قبيل الترحيب بي، وإنما تعبيرا عن عدم قناعته بما عرضه عليه قبيل دخولي وفدا زائرا من دولة جزر القمر.
بدأ الحديث واضعا إياي في صورة طلب الوفد الزائر..قال لي تصور إنهم يريدون تأييد العراق لطلبهم الدخول في عضوية جامعة الدول العربية..نحن لا نؤمن بعروبتهم..هم مسلمون لكنهم ليسوا عربا..!
سألته، بم أجبتهم..؟قال لم أعطهم اجابة واضحة قاطعة..اكتفيت بكلام عام لا يتضمن أي وعد. بصراحة لا نعتزم التصويت في مجلس الجامعة لصالح قبول عضويتهم، ولكن إذا وجدنا أن هناك أغلبية تؤيد قبولهم فسنكون مضطرين لإعادة النظر في موقفنا. وهذا ما حدث.
كان السؤال الأهم الذي وجهته له في ذلك اللقاء الصحفي: كيف تقدمون منحة مالية لمصر قيمتها 80 مليون دينار في الوقت الذي تقودون فيه جبهة الرفض العربية لسياسات الرئيس المصري أنور السادات..؟
الإجابة التي قدمها يومها تصلح لأن تكون درسا في العمل السياسي العربي المنتج، لا المناكف. قال رحمه الله، حرفيا، ولا أنسى كلامه "نحن لا نكتفي بدعم الشقيقة الكبرى مصر، لكننا نحث كذلك كل الدول العربية على أن تقدم المساعدة لها. إذا كنا نريد أن نصلب الموقف السياسي المصري علينا أن نصلب الإقتصاد المصري".
لهذا، أتصور أن عراق صدام حسين عمل على تعزيز الإقتصاد الأردني بالرغم من استحالة التطابق مع السياسات الأردنية.
وقد كان الدكتور حمادي رحمه الله من أبرز المفكرين القوميين في الوطن العربي، وهو عضو مؤسس في مجلس امناء مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت. وله العديد من الكتب والإسهامات الفكرية والسياسية. وبعد الاحتلال وخلال اقامته في قطر ورغم اعتلال صحته، الف كتابا عن "السبيل الى الوحدة العربية الآن"، كما كان يتواصل مع نشاطات فكرية وثقافية عربية في مركز دراسات الوحدة العربية وغيره في بيروت.
وخلال اقامته في الدوحة خلال السنتين الأخيرتين، عرفه المثقفون في قطر متابعا دؤوبا لكل النشاطات والمجالس والندوات الفكرية والثقافية، كما عرفوا تواضعه وادبه الجم، وثقافته الواسعة، وشغفه بالشعر العربي وعمقه الفكري.
وقد كان الدكتور حمادي، وهو الشيعي المذهب، أول عراقي ينتمي إلى حزب البعث، حيث انتظم في صفوف حزب البعث اواخر الاربعينيات في مسقط رأسه كربلاء، ثم سافر في بعثة حكومية الى لبنان عام 1952 وحصل على درجة الماجستير في الاقتصاد من الجامعة الأميركية في بيروت، وأكمل دراسته العليا وحصل على الدكتوراه في الاقتصاد الزراعي من جامعة وسكونسن في الولايات المتحدة في عام  1956. وعاد الى العراق في العام نفسه وعمل استاذا في كلية الزراعة بجامعة بغداد. وكان عضوا في اول لجنة ثقافية في حزب البعث في العراق قبل ثورة تموز/يوليو 1958. وتولى بعد الثورة تولى رئاسة تحريرجريدة "الجمهورية" الناطقة بلسان حزب البعث. وبعد التدهور المؤسف في العلاقات بين اطراف الحركة الوطنية في العراق وتعرض البعثيين والقوميين للملاحقة والقمع، سافر الى ليبيا وعمل في التدريس، حيث اعتقلته سلطات الحكم الملكي السنوسي بتهمة العمل في قيادة تنظيم حزب البعث في ليبيا، والتخطيط للقيام بحركة انقلابية ضد نظام الحكم الملكي في ليبيا، وهو ما تنفيه كل المصادر. وقد حكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات، كما حكم بالسجن على معظم اعضاء حزب البعث الذي تمكنت السلطات الليبية من القبض عليهم في حينه، ذلك أن من يقيم منهم خارج ولاية طرابلس (في ولايتي برقة وفزان) تمكنوا من الهرب ومغادرة الأراضي الليبية قبل القبض عليهم.
وبعد اطلاق سراحه، إثر انتهاء محكوميته، انتقل الى سوريا وعمل في مؤسسات الحزب الثقافية حتى قيام ثورة الرابع عشر من رمضان (8 شباط/فبراير 1963) في العراق، فعاد الى بغداد، وكان انذاك عضوا في قيادة قطر العراق لحزب البعث، حيث عين وزيرا للاصلاح الزراعي. وبعد انقلاب الثامن عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 1963 عاد الى سوريا. وبعد ثورة السابع عشر من تموز/يوليو 1968 عين رئيسا لشركة النفط الوطنية العراقية ثم وزيرا للنفط. وفي فترة توليه المسؤولية شهدت صناعة النفط الوطنية العراقية وضع الاسس المتينة لانطلاقتها الكبرى. ثم تولى وزارة الخارجية في منتصف السبعينيات وحتى عام 1982 حيث اصبح نائبا لرئيس مجلس الوزراء للشؤون الإقتصادية، وفي اواخر الثمانينيات انتخب عضوا في قيادة قطر العراق لحزب البعث، وعين في آذار/مارس 1991 رئيسا لمجلس الوزراء، ثم انتخب في عام 1996 رئيسا للمجلس الوطني العراقي، وبقي كذلك لدورتين حتى الاحتلال الاميركي للعراق. وكانت قوات الاحتلال اسرته لمدة 9 أشهر دون أن توجه له أية تهمة. وتعرض خلال فترة الأسر، وهو في اواخر السبعينيات من العمر، لمعاملة قاسية، وأخضع لظروف مزرية من انعدام الرعاية الصحية وظروف احنجاز مع 35 من الأسرى حشروا في خيمة مهلهلة ممزقة نصبت في العراء بدون افرشة، في اجواء البرد والمطر وشحة الغذاء. وبعد تدهور صحته أطلقت قوات الاحتلال سراحه وبدأ في مراجعة المشافي في الأردن ولبنان والمانيا ثم في دولة قطر، التي استضافته واستقر فيها منذ اوائل عام 2005 .
وقد رفض حمادي جميع الإغراءات التي عرضت عليه للإشتراك في العملية السياسية الحالية في عراق الإحتلال بعد اطلاق سراحه، ورفض على وجه الخصوص المشاركة في مؤتمر الوفاق والحوار الوطني العراقي الذي انعقد في القاهرة أواخر 2005 بإشراف جامعة الدول العربية.
وكان حمادي طلب الإقامة في الأردن لدى افراج سلطات الإحتلال الأميركي عنه في 15 تشرين أول/اكتوبر 2004، لكنه فضل بعد ذلك نقل مقر اقامته إلى قطر جراء حياة العزلة التي فرضت عليه في العاصمة الأردنية، إذ منح اقامة لمدة ثلاثة أشهر كانت تجدد لفترات مماثلة، حيث حظر عليه ممارسة أي نشاط سياسي أو لقاء أي من المسؤولين السابقين في العراق أو في حزب البعث العربي الاشتراكي، كما حظر عليه مقابلة سياسيين اردنيين، أو الادلاء بأية تصريحات صحافية. بل إنه كان لا يرد على الهاتف اذا ما حاول أحد الإتصال به.
وهكذا كتب الله لابن كربلاء، أن يموت في دنيا الإغتراب، كما بدأ حياته مناضلا من أجل وطنه في دنيا الإغتراب..حيث وافته منيته في المانيا صباح أمس الخميس عن عمر يتراوح حول السابعة والسبعين عاما.






  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :