facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أم .. ريكا وحلم المسافات الظامئة


زكريا النوايسة
04-05-2008 03:00 AM

ملعونة هذه العيون التي تطاردني وتتربص بي، أحاول الفرار والخلاص منها ولكن ساقيّ التي استدقت تخذلني ، ألملم طرفيَّ ثوبي وأجذبهما بوهن حتى لا تبين ورقة التوت ، والريح السوداء تحيلني إلى هباء أمام جبروتها المندفع ، فأنكشف على الملأ، فأصرخ من ينتشلني من قدري هذا ، يذهب الصوت يبحث في فلوات لا تنفك تتسع أمام عيني الجاحظة في الأفق البعيد، وبعد هنيهة أسمع هاتفا يقول لي ياهذا وسِّع خطوك فمفازتك كبيرة ونهارك قائظ ، وليلك مزروع بالعيون التي تطاردك ، وأنفاسك اللاهثة تغرسك في صحراء تيهك بلا حراك.



أم.. ريكا ، أم ..ريكا ،نعم هذا هو الصوت الذي كان يراود أذني عن نفسها ،قلت في نفسي قد تكون أضغاث أحلام ، فاصطنعتُ ابتسامة ومددت بصري فإذا بمفازتي تفتح فاها لي ،والصوت يطرق سمعي من جديد أم..ريكا ، أم..ريكا ،فصرخت مالي وريكا وأمها ، فأنا وهن على وهن ، تمتد يدي المتعبة لتمسح دمعة تعلقت بالأهداب من سنين ، وصوت الهاتف يلاحقني يا أيها الرجل الممعنُ في التيه أغذذ السير وأضربْ بعصاك ، فأفعى السحرة ترصد خطاك ،وفرعون يدعو وينادي في البلاد ويحشد كل شيطان مريد ، ويوم زينتهم تأذن شمسه بالانفلات من جديد.


الصحراء تكشف لي عن بعض أسرارها ، فأهمس في خبيئتي القوم مروا من هنا ، هذه آثارهم مغروسة بالرمال ، والعين لا تكذِّبُ ما ترى، فأصرخ في السكون الذي يلفني ما بالُ هذه القافلة البائسة كثيرٌ سقْطُها ، دمية مهشمة هنا ودمية بلا رأس هناك ، وثالثة يعبث بها دود الصحراء ، وأخرى يسكنها فرخ ثعبان يبدي رأسه بخبث، ورابعة وخامسة و...ينخرها ملح الصحارى المترفة ،ومتاع رث هنا ، وآخر هناك ، يالها من قافلة مسكونة بالضياع ، صوت الهاتف يطرد عني وحشة المكان فأصيخ السمع فيأتيني مجلجلاً لا تقفْ ، فعيون ريكا ترقُبكَ ، وأم ..ريكا تشتمُّ رائحة دمك، فاضربْ في مفازتك فليلكُ طويل ، وشمسكُ سرقتها عيون ريكا الملعونة .


انعطافاتُ أرنون تستقيم تحت وقع خطى جيش ميشع ، والجند وهم يستنشقون روح النصر القديم ينشدون ملعونة يا ريكا في الغابرين ، وملعونة الأن وأنت تطحنين عظمنا ، تلامس أقدام فتى مؤاب المظفر رأس أرنون، فيلتفت وينظر الى حيث ديبون وينقل بصره في عسكره ،فينادي بصوته الهادر يا ميشع يا ملك النصرِ العظيم ، إن عَمْري حشد الحشود ،فأذن لنا أن نمد عباءة نصرك على جراح بَنِيكَ ،فقد لاكتْهُم الهزائم حتى لم يعدْ لهم رغبةً في النصر ،وسنحرث أرضهم برمحكَ الذي شرب من دم عَمْري الأول ،ونبذر فيها نفحات من روحك المتوقدة ،لتستفز صمتهم وتلغي من عيونهم تفاصيل الردةِ والنكوص.


فتى النصر المؤابي يرمي ببصره إلى البعيد حيث مؤتة فإذا برجال ثلاثة ينهبون الأرض نهبا ، فينظر إلى جنده ويقول لعلَ الركب زيدا وجعفر وعبدالله أتوا يحملون روح مؤتة لترفرف فوق القلوب الواجفة من ريكا وأمها ، يلتقي الركبان والنصر عباءتهم ، ينظر فتى مؤاب إلى حيث الشمس ترقبهم من المغرب ويشير بأصبعه ويحدث الجند بحزم ،إن أم.. ريكا وابنتها المتوحشة هناك ،ومن ثم يدير وجهه نحو المشرق وهما هناك كذلك ، والعلقميون معهم عادوا سيرتهم الأولى يبيعون عظامنا ومن دمنا يسرجون خيولهم.


جلبة شديدة من الشرق الأصوات تتداخل والعيون تتعلق بالقادم ، والعين لا تخطئ صلاح الدين ،وقد أعتمر خوذته وشد قلوب رجاله بروح حطين حتى بدوا كصلد يهز الأرض تحته ، يقف صلاح الدين وينظر في عيون القوم ،ويخاطبهم لقد لويت عنق اللنبي بعد أن بترت قدمه التي ضرب بها القبر متحديا ، وهأنا أتيت لأقتفي أثر ريكا وأمها، الجيش الهادر تتعلق عيونه بقرص الشمس ويُعلن النفير ، زيدٌ يقرأ وصايا الرسول وجعفر يرتدي جناحيه الأخضرين وعبدالله يعلن في الجيش بيان النصر الآتي ، زغر البحيرة الملعونة تتلصص على الجيش وتستعيد ذكريات العذاب القديم ،ولوطنا الطيب يدل الجند على دروب النجاة وينادي يازيد ياجعفر يا عبدالله يا صلاح الدين يا فتى مؤاب المهاب خوضوا الماء ولا تخشوا سوءا ، فضيف ابراهيم أزالوا شوك الدروب ،وحجارتهم المسوّمة على أم.. ريكا وأبنتها الملعونة قدر الله القادم.



الفجر يوشك أن يعلن عن نفسه ،يتوزع القوم في كل الإتجاهات ،وخيلهم تمسح كل أثر للعيون المتربصة ،وسيوفهم التي ما نبتْ تلمح على حدّها الرغبة في لحم أم..ريكا وإبنتها المدللة .


الليل ينداح أمام جيوش الفجر ، وينشق عن رجل يعتمر عمامة الرسول ويسابق الريح أشتم في أعطافه رائحة النبوة ، يطرق باب القدس فيفتح له،يعانق دماء الشهداء ويرفع بصوته الطيب النداء ، السماء ترسل رسلها لتغسل وجه الأرض فتنبت زهرا بلون دم الشهداء ، أنْظُرُ خلفي فإذا المفازة مطوية كالسجل ، ولا أثر فيها لأم..ريكا وإبنتها الملعونة .





  • 1 عمار ابوعبيله 13-12-2011 | 04:09 PM

    بدي كتاب المسافات الظامئه-نايف النوايسه


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :