facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




اشتقت


عبد الهادي راجي المجالي
06-07-2015 04:51 AM

أتذكر طفولتي , في رمضان ...كان لي وظيفة غاية في الأهمية , تناديني أمي قبل الإفطار بساعتين , وتطلب مني أن أتذوق الطبيخ وأحدد.. كمية الملح وأنا كنت ماهرا في التذوق ... كانت تغرف بالملعقة قليلا , من (صلصة البندورة) ثم تبدأ بالنفخ عليها كي لا يتضرر لساني من الحرارة ... وحين تتأكد أنها بردت , تطعمني إياها ..
في تلك اللحظة ..كنت أكتفي من العمر كله ,فحنان الأم لا يعدله حنان ..والهواء النازف من رئتيها ...كان بلسم العمر كله .... ( زفير ) الأم ..كان يكفينا , والان كل هواء الدنيا لم يعد يتسع رئتي.

وأتذكر أنني بعد الإفطار , ونتيجة ..لحجم ما أكلت , أرمي رأسي ..على قدمها ويطربني صوت صبية الحي الذين خرجوا للعب ..وأحتار بين الخروج للعب معهم وبين النوم الذي داهمني على قدم أمي ..ولكني أنام , وتلك القدم كانت أوسع من المدى كله ...كانت أجمل من غرف الفنادق الفارهة ...كانت أعمق من رغد العيش ...كانت تمنحني الراحة التي لم نعد نتذوقها ..في زمن كل ما فيه صار تعبا.

وأتذكر ...يوم كانت تناديني , كي أحضر لها من الرف العلوي (الكركم) ..كانت تمنعني من التسلق , خشية السقوط ..ولأني في طفولتي كنت نحيلا ...ومن دون وزن يذكر , كانت تحملني وترفعني ...إلى أعلى , كي أتناول (الكركم) من الرف ... وكنت أحس برجفة يديها , من الصيام والتعب , ولكن الخوف علي ..من السقوط كان أكبر من الرجفة والتعب , ونار (الغاز) ....وهدير الطناجر ...

في حياتي زرت الكثير من العواصم , وطفت البر الأردني كله ...ولكن إتساع يديها ما زال أكبر ...من الشوارع , من المدن , من الصحاري ...فالأرض تحملني مكرهة متعبة ...والمقال حين أكتبه وكأني أحمل الحروف , اثقالا مضاعفة ... هي فقط من تحملت حملي على يديها ....من دون منة , من دون تعب ...ومن دون أسئلة ...

وأتذكر ...أنها كانت طبيبة , لديها كم هائل من الأعشاب , وحين يداهمني المغص تقوم بغلي الميرمية ... وأنا لم أكن أشفى من الميرمية , كنت أشفى حين تقوم بجعلي أستلقي على بطني , وتهزني على قدميها ... كنت اشفى من (الهز) ...فهي (الأرجوحة) الربانية ...التي وهبها الله للخلق , كي نداوي بها الجراح والالام .
رمضان شهر للرحمة والمغفرة , وهو شهر للأم أيضا .....

ونحن شعب , حين نقسم بشيب أمهاتنا نصدق , نحن الشعب الوحيد في العالم..الذي يقسم بشيب الأم .....
أنا مشتاق لأمي وأحاول أن أغطي بعضا من الغياب , عبر المقال هذا ...

كل ما وددت قوله :- ( وشيبات أمي ...إني اشتقت لأمي)

الرأي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :