facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




متى يطور تيار المعارضة البيروقراطية خطابا سياسيا واقتصاديا بديلا؟


باتر محمد وردم
01-06-2008 03:00 AM

تتغير خارطة التيارات السياسية في الأردن بشكل متسارع هذه الأيام، وإذا كانت المعارضة الأردنية قد تمثلت تاريخيا بالتيارات القومية والبعثية واليسارية ومن ثم التيار الإسلامي بعد الإنفتاح الديمقراطي الأخير، فإن هذه المعارضة بدأت باستقبال وافد جديد قوي ومؤثر ويملك حضورا شعبيا وسياسيا حتى في أوساط \"النخبة السياسية والاقتصادية\" في الأردن وهو تيار المعارضة البيروقراطية.

في البداية أود أن أؤكد بأن وصف \"المعارضة البيروقراطية\" هو أفضل ما أستطعت الخروج به من محاولات لتكوين إسم واضح للتيار السياسي والاقتصادي المعارض الذي بدأ يظهر في الأردن في السنوات الخمس الماضية نتيجة توسع سياسات الليبرالية الاقتصادية المنفصلة عن الليبرالية السياسية وتراجع دور الدولة الريعي إلى اقتصاد سوق مفتوح.

كل الفئات المتضررة من تراجع دور الدولة الريعي والبيروقراطي بدأت تتماسك معا لتشكيل تيار سياسي لا يزال حتى الآن غير واضح في المعالم التنظيمية ولا حتى في الخطاب ولكن إنتشاره يزيد ولو إمتلك رموزه نظرة إستراتيجية سياسية لتمكنوا من إنشاء حزب أو تيار مؤثر في المعارضة الأردنية قد يسود حتى على المعارضة الإسلامية لأن هذا التيار يتحدث بالقضايا التي تمس الناس مباشرة وليس المجادلات العقائدية والسياسية الممتدة خارج الأردن.

إذا أردنا إسترجاع نشأة هذا التيار وولادته الحقيقية يمكن العودة إلى العام 2005 عندما أعلن حوالي 50 نائبا في البرلمان رفضهم لحكومة د. عدنان بدران لعدة اسباب. السبب الرئيسي المعلن كان عدم وجود \"عدالة في التمثيل الجغرافي للحكومة\" وغياب وزراء من الجنوب. ولكن الاسباب الحقيقية كانت تتعلق بالسياسات الليبرالية للحكومة ووجود عدد كبير من الوزراء من خارج أطر البيروقراطية التقليدية ومنهم من جاء بخلفية من القطاع الخاص أو المنظمات غير الحكومية. وقد كان أحد الزملاء الكتاب الذي يعتبر نفسه يساريا اجتماعيا واضحا في وصفه لحكومة بدران بأنها حكومة \"النساء والأقليات والمهاجرين\"!

وبعيدا عن هذا الوصف العنصري البغيض فإن التيار المعارض لحكومة بدران كان قويا ومؤثرا وساهم في تعديل جذري على الحكومة وبقي معارضا لها طوال عمر الحكومة. وبالإضافة إلى ذلك فأن الرئيس بدران كان الخصم المثالي لأنه لا يستند على قاعدة عشائرية ولا أمنية ولا يسيطر على \"شلة سياسية\" من النخبة القادرة على التأثير في القرار حتى بعد الخروج من الحكومة. الرئيس الأكاديمي خرج بعد أقل من سنة من رئاسة الوزراء وبقي في القطاع الأكاديمي ولكن التيار الذي تشكل آنذاك إستمر.

تشكيلة حكومة بدران مشابهة تماما لتشكيلة حكومة الذهبي من ناحية \"الأقليات والنساء والمهاجرين\" والوزراء الآتين من القطاع الخاص والمدني ولكن الرئيس الذهبي ليس مثل بدران وليس عرضة للإنتقادات المباشرة، وهذا ما جعل النقد يوجه بطريقة \" تحويلة\" نحو رئيس الديوان الملكي بإعتباره \"عراب السياسات الاقتصادية\" بغض النظر عن مدى صحة ذلك النقد من عدمه فكل من هاجم رئيس الديوان حتى الآن لم يقدم دليلا على إرتباط الرجل بصفقات تثور عليها علامات الإستفهام.

تيار المعارضة البيروقراطية قوي جدا وهو مكون من مجموعة من رؤساء الوزراء السابقين ووزراء سابقين وقيادات برلمانية مؤثرة وأعضاء كثر من مجلس الأمة إضافة إلى إعلاميين وتيارات شعبية متضررة جدا من السياسات الاقتصادية التي قلصت من الدعم الحكومي لبعض القطاعات وتتخلي تدريجيا عن دور الدولة الريعية نحو اقتصاد حر يتميز بعدم العدالة في توزيع عوائد التنمية على المواطنين.

يحصل تيار المعارضة البيروقراطية الآن على زخم شعبي كبير نتيجة التراجع الكبير في نوعية حياة المواطنين بسبب أرتفاع الأسعار والقلق المشروع من الحديث عن بيع الأصول التنموية والإستملاك، ويمكن ملاحظة مدى التأييد الذي تحصل عليه الشخصيات السياسية التي أعلنت رفضها لهذه السياسات الاقتصادية في المنتديات والمواقع الإخبارية أو التعليق على المقالات وهو تأييد لم يحصل على نصفه الإسلاميون في أفضل حالاتهم الشعبية.

إعتماد تيار المعارضة البيروقراطية على الغضب الشعبي قد يبدو مفيدا في البداية ولكن هذا التيار بحاجة إلى تطوير خطاب بديل للسياسات الاقتصادية الحالية بدون الإعتماد على النقد المجرد. لقد حاولت مراجعة أكثر من 50 تصريحا ومقالا وخطابا للشخصيات الرافضة لليبرالية الاقتصادية ولكنني لم أجد خطابا اقتصاديا بديلا في قضايا حساسة مثل جذب الإستثمار وتقليص الإنفاق العام والضرائب وربط الدينار بالدولار ودعم السلع والخدمات والصحة والتعليم والطاقة والمياه ومكافحة الفقر والتخطيط الحضري والأمن الاجتماعي والبطالة وغيرها من عشرات القضايا التي يجب أن يتعامل معها تيار المعارضة البيروقراطية بجدية وبدون الشعارات الرافضة التي قد تخدم الغرض الشعبي ولكنها لن تقدم بديلا.

لنأخذ مثلا قضية ربط الدينار بالدولار. كل الخطاب الذي قدمته المعارضة البيروقراطية وحلفائها الجدد من اليسار والإسلاميين اعتمد على الإيديولوجيا والتخويف من الإمبريالية الأميركية وخذلان واشنطن لمعسكر المعتدلين ولكن لم تكن هناك نقاشات جادة. في دول الخليج لا توجد حوارات سياسية بالمعني الحقيقي باستثناء الكويت والبحرين ولكن متابعة الإعلام ومراكز الدراسات هناك تشير إلى وجود حوار اقتصادي بديع وعميق حول مستقبل الدولار والعملات المحلية واليورو أدى في النهاية إلى شبه إجماع على إستثمار فرصة العوائد النفطية العالية لفك ارتباط العملة المحلية بالدولار، وما بقي الآن هو نشاط سياسي دبلوماسي للحكومات الخليجية للتنسيق مع واشنطن لتنفيذ هذا القرار.

في الأردن لم يتم ذلك. الخطاب الحكومي أصر على الربط، والخطاب المعارض أصر على الفك، وغابت الجامعات ومراكز الأبحاث والدراسات الممولة محليا وخارجيا عن هذه القضية الحساسة ولا نزال حتى الآن لا نعرف مصلحة الأردن في هذه القضية وربما نفيق بعد سنتين على حقيقة أننا أضعنا الفرصة المناسبة لفك الإرتباط ولكن هذا القرار لا يمكن إتخاذه بدون تفكير إستراتيجي اقتصادي متين كما حدث في الخليج.

على الصعيد السياسي لا يختلف إثنان على خذلان الولايات المتحدة لحلفائها في معسكر الإعتدال وخاصة الأردن ولكن خيار تعديل السياسات لا بد أن يستند إلى دراسات وتحليل واقعي لمستقبل السياسة الأميركية في حال فاز ماكين أو المرشح الديمقراطي بالإنتخابات الرئاسية إضافة إلى مستقبل السياسة الإسرائيلية وصعود قوة تيارات الممانعة العربية والإيرانية في فلسطين ولبنان. هذا الخطاب السياسي غائب تماما عن تيار المعارضة البيروقراطية باستثناء التشخيص المتكرر للخذلان وفشل السياسات المعتمدة على الخيارات الأميركية ولكن هذا الخطاب لا يصنع سياسة بديلة.

يمتلك تيار المعارضة البيروقراطية فرصة كبيرة لتبوؤ القيادة في صفوف المعارضة الأردنية وربما العودة من جديد بطريقة ديمقراطية إلى سدة القرار السياسي والاقتصادي ولكن لا يمكن له الإستمرار في إستثمار مشاعر الإحباط الشعبية لتقوية حضوره بدون وجود خطاب سياسي واقتصادي متماسك بديل عما يتم تنفيذه حاليا.

إنها فرصة كبيرة لإيصال العمل السياسي الأردني إلى حالة نضوج ولكن من المهم دائما تطوير البدائل المعتمدة على الحقائق والمؤشرات المدروسة لا الشعارات التي تشفي غليل الناس فقط.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :