facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حارس سيلايجيتش واللغة العربيّة


د. صلاح جرّار
26-11-2015 02:37 AM

شاركتُ قبل سنتين في مؤتمرٍ علميّ في جامعة ساراييفو في البوسنة كان مخصّصاً لتكريم العلامة البشناقي الدكتور أسعد دوراكوفيتش الذي ترجم إلى البوسنية كثيراً من عيون كتب التراث العربيّ. وقد أتيح لي في تلك المناسبة أن أتعرّف شخصياً على حارس سيلايجتش الرئيس السابق للبوسنة والهرسك وكانت تلك فرصة للحديث معه في كثير من قضايا الأمّة الإسلاميّة وأزماتها، وكان حوارنا باللغة العربيّة التي يتقنها إتقاناً تامّاً.

وفي المقابلة التي أجرتها معه فضائية الجزيرة مؤخراً، وكانت بالعربيّة أيضاً، سأله أحمد منصور عن سرّ إتقانه للغة العربيّة، فأجاب قائلاً إنّ والده كان يعرف العربيّة وجدّه لأمّه كان فقيهاً، وأنّه تعلّم العربيّة في بيئة لها اهتمام باللغة العربيّة والقرآن الكريم، وأنّه تعلّم في المعاهد الدينية التي توجّه عناية خاصّة للغة العربيّة.

وكان أكثر ما لفت نظري في حديثه عن اللغة العربيّة قوله إنّ العربيّة تمثل مكوّناً رئيسياً ومهمّاً من مكوّنات الحضارة العربيّة، وأنّه لهذا السبب لا بدّ من المحافظة عليها من أجل المحافظة على الحضارة العربيّة والتراث العربيّ.

وقد أصاب سيلايجيتش في هذا الرأي كبد الحقيقة عندما ربط الحضارة باللغة وأن من خصوصيات اللغة العربيّة أنّها المعبّرة عن حضارة العرب والحافظة لها. ومن هنا تأتي أهميّة المحافظة على هذه اللغة والعناية بها، لأنّه كلّما ازدادت عناية الأمّة، أيّ أمّة، بلغتها ازداد تقدّمها الحضاري واعتمادها على الذات في نهضتها، وكلّما تراجعت مكانة اللغة لدى أبنائها كان ذلك دليلاً على تراجعها الحضاري وتبعيتها للآخرين. وفي ذلك ردٌّ على من يتوهّمون بأنّ اللغة هي مظهر شكليّ خارجيّ لا شأن له بالتقدم والنهضة.

إنّ الحضارة أو المظاهر الحضارية التي تنشأ لدى أيّ أمّة لا يمكن أن تدوم أو تتطوّر إذا كانت بلغة غير اللغة الأمّ، لأنّ كونها بلغة أخرى هو دليل على أخذها جاهزة من أبناء تلك اللغة دون بذل أي جهد في تأسيسها، ومتى جاءت جاهزة فإن قابليتها للتطوير على يد غير صانعيها تكون قابليّة ضعيفة.

وإذا بقي المستوَرد الحضاري الجاهز بلغته الأصلية وجرى التعامل معه بتلك اللغة، فمن الصعب على المستورِد تطويره بتلك اللغة، لأنّ لغة التفكير والتطوير والإبداع هي في العادة اللغة الأمّ وليس اللغة الطارئة، إلاّ في النادر، والنادر لا يمثل التوجّه الحضاري للأمّة، فلا بدّ إذن من الاعتماد على اللغة الأمّ عند التطلّع إلى أي مشروع حضاريّ.

وقد ذكّرني حديث حارس سيلايجيتش بالعربيّة الفصيحة وعن العربيّة بحالةٍ تستحق أن نتوقف عندها مليّاً، وهي أنّه في الوقت الذي نجد فيه شعوباً كثيرة تتعلّم العربيّة عن حبٍّ لها وتعلّق بها نجد العرب يغفلون عن تلك الشعوب ولا يبذلون أيّ جهد من أجل تشجيعهم على الاستمرار في تعلّم العربيّة، بينما تعمل كثير من الأمم والشعوب على نشر لغاتها خارج حدودها مهما كلفها ذلك من جهودٍ وأموال. إنّ هذه الحالة هي دليلٌ آخر على التراجع الحضاري للأمّة.

الرأي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :