قصيدة لبغداد .. عمر كامل السواعدة
18-06-2008 03:00 AM
بغداد
بغداد...
هل عصفورة بقيت وهل بقي الشجر؟
بغداد...
هل لا يزال الحب يقتلك ويحييك المطر؟
ها اننا لما نزل في امسيات العاشقين
تجتثنا الكلمات...
يقتلنا السهر...
ها اننا لما نزل في الموت نهتف للحياة
ويهزمنا القدر...
***
بغداد...
تقتلك القنابل ايتها الحبيبة
ويطل فوق جباهنا العار القديم
ونظل نحلم بالتواريخ الكئيبة
ونقول كنا....
وتطعننا المشاهد والوقائع والمناظر في الصميم
بغداد... بتنا نأكل الشاشات بدلا من تحاويج الشراب
بغداد...
صار يسكرنا البكاء
فلا نميز بين ذلٍّ أو ثياب
بغداد...
شيعنا الرجولة
بغداد... ليت الله يقتلنا
فلا نرجوه يمنحنا البطولة
***
بغداد...
أتراي بعتك بعد ان أفلست
أتراي خنتك بعد ان فاوضت واستسلمت
بالله يا بغداد... قولي
هل في قواميس الرجولة والفحولة
ما عاد يُدفع فيّ ( سنت)
***
بغداد... يا وجع الطفولة والكهولة
يا من وهبت الموت اغنية البطولة
يا من جعلت الموت احلى من مشاوير الفرات
يا من رسمت العيد في قمم الحياة
يا قبلة الاحرار في زمن العبيد
يا طاهرة
يا شامخة
يا ظاهرة
يا موطن الايام في الزمن الجديد
بغداد... ضميني لصدرك ما عاد يدفئني الجليد
بغداد...
ردي بعض ايام الطفولة يوم عيد
ها قد منحتك ادمعي
ها قد رسمتك أضلعي
ردي لنا العيد السعيد
ردي لنا الامس الفقيد
وكتائب الكلمات
والحبر البليد
وسنابل القمح
اذ يراقصها النشيد
بغداد... يا ليلى ويا بلقيس
يا ام الرشيد
بغداد... يا وجعي ويا صبحي الوليد
***
بغداد... يقتلني السكوت
وتمر بي الذكرى
واحس انفاسي تموت
وأراك يا ام المدائن بعد بسمتك .... حزينة
ويدي على وجهي تسائلني:
هل ما يزال الصبر يجتاح المدينة
بغداد... يا بغداد... يا بغداد...
يا درة السياب يا وطن القصيدة
يا من وهبت نزار بلقيس المجيدة
يا من قهرت الدمع في أوج المكيدة
يا نكهة الشاي المعطر بالحضارات المسافرة البعيدة
***
بغداد
ليلى لديك أمانة
فلتخبريها كيف تنتظر الرسائل
ليلى لديك هدية
مزدانة
بالدر بالياقوت في زهو السنابل
بغداد ...
ليلى تلوح بالسلام فأيقظي صوت الاذان
الله اكبر
الله اكبر
وتوضأت في دجلة الطهر
وألقت في سماء الله دعوات الطفولة بالامان
بغداد ...
هل مات الكلام؟
هل وزعت ليلى على حانات أقزام الزمان؟
أم ما يزال الله يحميها
ليلى تلوح بالسلام...........
ليلى تلوّح يا جماهير العروبة
يا خير خلق الله ردوا ..... يا جماهير العروبة
ودعوا بنادقكم تدمدم بالرعود
ها انهم يسقوننا طعم اللحود
ها انهم في شركهم ... في حقدهم .... في فوهات الموت والبارود
يقفون في ارض الجدود
يرمون ليلى بالرصاص وبالقنابل والجحيم
وترد ليلى
يا عار من هربوا
يا عار من كذبوا
يا ويل من كتبوا مواويل الرحيل
بغداد ... لم تسقط
بغداد... تكتب كل يوم دربها في قصة المجد الطويل
سيحدِّث التاريخ عنا
سيقول انا لم نفرق بين ضحكات وآه
سيقول انا لم نفرق بين موت كل ساعة
وبين ان نحيا أعزاء الجباه
والله...
ان لم نفرق بين ذل وانتحار
ان لم نقاوم في ضمائرنا اندحار
ان لم نفجر في بوادينا النهار
ستكون ليلى في الرصافة دمية للعار
***
بغداد... يا وطن السلام
يا غابة الكلمات يقتلها الزحام
يا قصة ان لم نقدسها
سنقول وعلينا السلام
بغداد ...
إني اسرق الكلمات من شفتي نزار
بغداد ...
إني أخلط الاسماء في وضح النهار
بلقيس كانت قصة
بلقيس كانت تجربة
واليوم يا بغداد... كيف الموت دون ان احيا بعار؟
إني اسرق الكلمات من شفتي نزار
قتلوك يا بغداد...
اية امة عربية تلك التي شحذت أسنتها لتغتال النهار
صارت لبلقيس اثنتان
بلقيس قتلت قبل عقدين... ونيف
بغداد... تقتل منذ عقدين.... ونيف
صارت لبلقيس اثنتان
وعلى الاريكة الغربية الحمراء
تتكئ اولى الامم.... خير الامم
وعلى ذراع الموت يغمرها الدخان
بغداد... كيف تطيقنا الكلمات ؟
لا أدري....
وعلى يدينا يحمل كل يوم للثرى جثمان
وفي ضمائرنا تعشش قصة الشعب الجبان
صارت لبلقيس اثنتان
لكنني ما زلت لا أدري
هل لبغداد... اثنتان؟؟؟
***
بغداد...
يا من زرعت الشعر في قُبل الحنين
يا من جعلت الموت أحلى ما يحس به الجبين
بغداد... يا وطني
ويا امي اذا امست
وفي أهدابها الدمع السجين
بغداد... يا اسطورة الايام
كيف جعلتنا نصحو على الله اكبر بعدما
مُلأت مسامعنا عجين؟
بغداد...
ان سكوتنا جبنٌ وصرختنا قذارة
ورماحنا أوهى من التحليق نحو فراشة دوّارة
وسيوفنا اللائي تعتق في ملامحها الصدأ
ليست سيوف الله بل حاشا
إنها دون الحقار
يا ويلنا من قصة التاريخ والاجيال
إنّا شعوب قُسمت
كل يصنّف حسب عاره!!!
***
بغداد...
ان القول يعسرنا فلا نجد الشفاه
لا شيء نعرفه
لاشيء نتقنه الا القصيدة في الرياء
أو لتمجيد الطغاة
***
بغداد...
يا موسوعة المجد البعيد
أسماعنا ليست تفرق بين ضحكات وآه
بغداد... إنا قصة الاجيال حين تحيا كي تموت بلا جباه.
بغداد...
هذي آخر الكلمات في زمن القصيد
هذي أول الانفاس في الزمن الجديد
أعلنت تعليق البطولة والرجولة والفحولة
اعلنت توقيف المشاعر والاحاسيس النبيلة
أجلت كل قصائدي
أوقفتها
وبدأت أعتاد النشيدة
عاش الطغاة
عاش الغزاة
إنها حقا قصيدة
تبا لنا...
بعدا لنا...
اليوم أدركنا المكيدة؟؟؟
***
بغداد... لو تدرين ما وجعي
إني لاعلم جيدا
ان الكلام جريمة في مهجعي
إني لدى سادات أسوار الظلام
طير يرفرف يستفيق
ويعلن صرخة الايام
***
بغداد...
خذي مني دمائي
صيري سمائي
تعالي صبح ايام الربيع
إني خذلتك مرتين:
حين ولدت ... ولم أصرخ بإسمك
وحين مت ... ولم يحضرن رسمك
ولم أمت وأنا أدافع عن بلادي
اجتث من صوتي حدادي
***
بغداد...
إن نسيجنا العربي مخترق جبان
بغداد...
إن قلوبنا ثقبت
وعصورنا صارت معتقة بأوجاع الزمان
والمارد العربي أضحى
في قبضة الاوغاد من شتى قواميس الدخان
بغداد...
إن الموت يجعلنا نعيش لا كيان
نختار للطاغوت من أبنائنا قربان
لنعيش تحت الارض في عمق الظلام
لا شيء يذكر
حتى الله والقرآن
لا شيء يعبد
إلا الحاكم المعبود والسجان
***
بغداد...
هذي مساجدنا تهلل للهزيمة
هذا كنائسنا تزغرد للجريمة
ومقابر الشهداء ليس يزورها أحدٌ
إلا ويكتب في ملفات النظام ممزق ملعون
ونقتنع...
من يأسنا ... من كفرنا...
أن الذي قتلوه مجنونٌ
ونحن لا نرضى الجنون
***
بغداد...
ان سجون العالم العربي تغتال القصيدة
تغتال كل فراشة تأوي الاضواء... تخترق المكيدة
حتى الحارس المسكين كان أخي
ويعلم كيف يصلبني
ويمشي في جنازاتي السعيدة
بغداد...
إن القاتل المأجور بين صفوفنا
يبتزنا...
يسرق الايام منا والزمن
ويهل دمعا كاذبا
حين يُحتل الوطن
وحليب اطفال العراق
في صندوقه المملوء بالابواق
في كرشه المنفوخ بالاحداق
***
بغداد...
نختبر الرجولة كل يوم دون جدوى
بغداد...
صرنا هيكلا للعار ليس فينا أي رجوى
بغداد...
هذي قصة الشعب القتيل
بغداد...
إن مت قبل النصر تجدين البديل
في كل ركنٍ قابع في بعد قاتمة الزوايا
في المرايا
بغداد...
نرفضهم
بغداد...
نلعنهم ونلعنهم
بغداد...
إن مت فهبيني السماح
وابكي علي من الصباح الى الصباح
وإذا تسائلك المدائن مالخبر؟
قولي لها:
هذا شعبي العربي...
مات ...ولم يذق طعم الحياة
إنه لم ينتصر
إنه لم ينتصر
إنه لم ينتصر
عمر كامل السواعدة
دبي