facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ب"فنجان قهوة" ..


16-01-2016 11:06 PM

عمون - كتب الدكتور السفير ياسين الرواشدة - شكلت التقاليد والعادات العشائرية سمة ايجابية كبيرة في المجتمعات العربية التقليدية والاردنية خاصة وكانت تلك المعايير تلازم المجتمع فتمنحه ملحا طيبا يعطي المجتمع ميزاته في تعزيز الكرم والشهامه والايثار والنخوة والكبرياء.

وكان القضاة العشائريون قد ساهموا منذ بداية تأسيس الدولة الاردنية في ادارة المشكلات والقضايا سواء بين العشائر والقبائل والعائلات الاردنية او بين الافراد فيما بينها حيث كان دور "قضاة" العشائر في مساعدة ادارة الدولة والحكام الادريين خصوصا في تسهيل اعمالهم ومعالجة المشكلات باكثر سلاسة وسهولة حيث تاخذ "الجاهة العشائرية" دورا هاما في تخفيف الاحقاد والضغائن و"الاخذ بالخواطر " تمهيدا لاعلان الصلح والعفو من خلال اجراءات معنوية او رمزية في الغالب.

ذلك ان دور قضاة العشائر والتمسك بعادات وتقاليد العشيرة في معالجة المشكلات والجرائم كان مساعدا لدور الحكام الاداريين وتسهيلا وتخفيفا على عمل الاجهزة القضائية ولم يكن ابدا بديلا عنها .
ومع مرور الزمن وتعقيد اسس وظروف الحياة تخلت الدول العربية ومنها الدول الخليجية -وهي المجتمعات القبلية في الاساس- تخلت عن التمسك بالقضاة العشائريين وبتلك العادات المتعلقة بالجنح والجرائم وتركت للسلطات الادارية والامنية والقضائية بالكامل مهمة التعامل مع تلك الاحداث .
لكن المجتمع الاردني الذي يفخر بخصائصة العشائرية الطيبة استمر فيه توغل دور تلك العادات والتقاليد ودور "القضاة " العشائريين على دور اجهزة الدولة واصبحت تلك "العادات" عبئا على المواطن والوطن وتناقضا مع احكام القانون والسلامة العامه للبلاد .
ليست خطورة توغل تلك العادات والتقاليد في انها تصدر احكاما ومصالحات تتعارض و تختلف مع منطوق القوانين المحلية والدولية المتعارف عليها بل العبء والخطر فيها انها "ابن " العشيرة الكبيرة او الغنية التي تستطيع "حشد " جاهة كبيرة و "مهمه" يستطيع التعدي على "ابن "العشيرة الصغيرة التي لا تملك تبك المقومات .
ذلك ان "الجاهة "العشائرية وقيمتها التقليدية الطيبة في تخفيف الاحتقان وتطييب الخواطر والنفوس عند حدوث المشاكل والجرائم وكمقدمة وتسهيلا لعمل اجهزة الدولة اصبحت بديلا لها وصارت تعطي الاحكام والقرارات التي لا تكون دائما متناسبة مع احكام القانون في دولة تسعى التاكيد على سيادة القانون فيها وعلى مساواة الناس كمواطنين امام القانون كبارا كانوا او صغارا .
ان التمسك بالجانب السلبي والمبالغة في الاحتكام للقضاء العشائري يضع دولة القانون على الرف و يمهد للفوضى القانونية ويساهم في تخريب العلاقات الاجتماعية بدل تمتينها وتوطيدها . وما كنا نشهده من مشاجرات طلاب الجامعات لاتفه الاسباب مثالا صارخا اخر على ذلك .
نشهد ما حصل هذه الايام من تعد صارخ على القانون وحقوق الانسان في "قرار" جاهة حصلت يوم الجمعة الماضي في محافظة الكرك والتي ترأسها و ياللعجب "الرجل الثاني في الحكومة الاردنية -نائب رئيس الوزراء ووزير التربية والتعليم محمد الذنيبات والتي قررت "ترحيل "عشرات العائلات والاسر بكاملها من عشيرة المطارنة من منازلهم الى محافظة اخرى( الطفيلة ) بسبب ان ابنهم متهم بجريمة قتل شاب من عشيرة الصرايرة . لا يعني معارضة اجراء ترحيل عشيرة الجاني الى محافظة اخرى التهاون امام هذه الجريمة البشعة او التقليل من فظاعتها والمسؤلية الجادة عنها بل على العكس يعني ان تاخذ الدولة والاجهزة الادارية والامنية بزمام المبادرة وتقوم هي بدورها في تطبيق الاحكام والقوانين بشدة وصرامه وانضباط بما فيها تنفيذ احكام الاعدام في الجرائم البشعة الواضحة المعالم القانونيه .لان التراخي والتساهل في قيام الدولة بدورها هو الذي يشجع العبث والتوجه للتمسك الى القضاء العشائري .
بلا شك فان هذه الجريمة البشعة تستحق كل ادانه ويلزم انزال اشد العقوبة بفاعلها الا ان ترحيل عشيرة بكاملها " حتى الجد الخامس " من منازلهم وبيوتهم الى محافظة اخرى وما يعني ذلك من تحمل اعباء مادية ومعنوية واجتماعية وغيرها يحمل في طياته عبثا واستهتارا بالقانون والنظام وتعديا على الدولة الاردنية التي تصر على انها دولة متحضرة ومعاصرة و عضو في المنظومة الدوليه الحديثه .
أن حقيقة ان عشيرة القاتل لها منازل وتقيم في بلدة عي والتي تبعد حوالي عشرين كيلومترا تقريبا عن بلدة مؤته التي جرت فيها الجريمة والتي يقطنها اخواننا من عشيرة المغدور – الصراريرة هو كاف لان تقوم الجاهة الكريمه وبالتنسيق مع الحاكم الاداري المعني -اذا ارادوا تحقيق غرض ابتعاد و " تفريق "عائلة المتهم عن عائلة المغدور - ان يقرروا ان يلتزم ذوو واقارب المتهم في منازلهم في بلدة عي بدل الرحيل الى مدينة الطفيلة والتي تبعد تقريبا نفس المسافة او اكثر قليللا عن بلدة مؤتة نفسها والتي جرت فيها الجريمة والتي تبعها حرق بيوت ومحلات تجارية واعتداء واسع على الممتلكات العامه . ان "العطوه "العشائرية التي اخذتها جاهة نائب رئيس الوزراء والتي اشترطت "جلوة " عشيرة المطارنه الى الطفيلة مدتها ثلاثة اشهر فقط.. والسؤال ماذا بعد ثلاثة اشهر هل ستاتي "جاهة جديدة برئاسة وزير او رئيس الحكومة نفسه وتفرض شروطا اخرى تتعارض مع القانون و ماذا لو اشترطوا- كما يشاع ان - ياتي والد المتهم بابنه الى ذات المكان الذي جرت فيه الجريمه ويقوم شقيق المغدور باطلاق النار على القاتل و بنفس السلاح ؟ .
أن دولة القانون تتطلب الانضباط والتشدد في تطبيق الاحكام والقوانين ويعني ذلك في هذه الحالة ان تقوم المحكمة الجزائية المختصة باصدار احكامها حسب الاصول القانونية على القاتل بالحكم المناسب والعادل والشديد وان يقبل الجميع بتلك الاحكام ضمن مفهوم التسلسل القضائي المعتاد .
ان فرض هيبة الدولة و سيادتها تتطلب ان يثق المواطن باجهزة تلك الدولة وممثليها من حكام اداريين او مسؤلين لا ان يساهم هؤلاء المسؤلين وفي هذه الحالة نائب رئيس الوزراء وعدد من المسؤلين والنواب الذين شاركوا في "الجاهة " في اضعاف هيبة تلك الحكومة والدولة بكاملها ان لم نقول المساهمة في التعدي عليها والاستخفاف باجهزتها ومؤسساتها وانظمتها .
ان احترام مبدا الجاهات العشائرية واخذ الخواطر واحترام مفهوم "العطوه" العشائرية بمعناها الايجابي هي امور يجب ان تكون عوامل واجراءات تساعد دولة القانون وتساهم في تطبيق الاحكام بسلاسة و ليست بديلا للدولة . لان دولة الجاهات و "بوس اللحى " تطلق بهذا العنان لان ياخذ كل فرد "حقة بيده" لان ذويه قادرين على "تسوية " الامور " بفنجان قهوة " .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :