facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الدمُ في إربد ..


باسل الرفايعة
03-03-2016 05:18 AM

الدمُ في إربد. أعني دمَ الشهيد البطل راشد الزيود ورفاقه الذين ذادوا عن نومِ أطفالنا في الحيِّ الشماليًّ وشارع حكما ومخيم إربد، وعندما يقرأُ رجلٌ مثلي الأخبارَ عن أمكنته، فهو يتخيَّلُ الدكاكينَ والشوارعَ وعرباتِ الكعكِ وأيّامه، وتلكَ أيّامٌ بعد العام 1985، حينَ هبطتُ إربدَ ذات ظهيرة، وتذكّرتُ شاعرَ الأردنّ الكبير عرار، وهو يغني: قالوا تدمشقَ قولوا: ما يزالُ على علاتهِ.. اربديَّ اللونِ حوراني.
نعم أنا إربديٌّ حورانيٌّ، وأعرفُ السهلَ الذي كان يختفي فيه الفرسانُ، حينما يقطعونَ حقولَ القمحِ، لأنَّ السنابلَ كانت تستطيلُ وتُغطي الرموش، ولا مجازَ في الوصف، لا استعارةَ، فحورانُ ربيعٌ للدحنون، وصيفٌ للقمح، وأغنيةٌ لفهد بلّان: ع البال بعدكْ يا سهلْ حورانْ/ شرشفْ قصَبْ وامطرَّزْ بنيسانْ. ويُضيفُ ذلك النايُ العربيُّ الدرزيُّ: عُرسكْ صبايا ولمّتكْ خلانْ/ وآني غريب أسألْ عن الرفقةْ.
مشيتُ كثيراً في مخيم اربد. اسألوا صديقي الرائع الشاعر أحمد الخطيب، ولي قهوةٌ وسجائرُ في شارع حكما، ثم أنني عشتُ في الحيِّ الشماليّ شهوراً قليلة، ثم عدتُ إلى ايدون، وتلك قريةٌ الطلبة، تبعدُ كيلومتراتٍ قليلة عن جامعة اليرموك، حيثُ درستُ الصحافةَ والإعلامَ، ورأيتُ البنات لأول مرّة، بفساتين وتنانير، وبنطلونات جينز، وكنَّ يقلنَ لي: مرحبا، وذلكَ لِعَمري شأنٌ عظيمٌ، فقد جئتُ من صحراء معان فتىً متجهِّماً، لا أعرفُ النساءَ، ولا مغزى العطر تحت الأذنين، ولا التذرُّع بطلبِ دفتر المحاضرات، وأكادُ بالكادِ أحسنُ ردَّ التحيةَ على الفتيات اللواتي يبتسمنَ باللغة الانجليزية، وتغمرني بهجةٌ بالقروياتِ اللواتي أفهمُ حُمرةَ خدودهنّ وارتباكهنّ أمامَ الرجال.
إربدُ يساريّة، وكنتُ فتىً يكتبُ شعراً يساريّاً بريئاً من كارل ماركس تماماً، وخجولاً أمامَ طالباتِ الجبهةِ الشعبيّة، فهنا عليكَ أنْ تحفظَ شيئاً من تشي غيفارا، ومن هوشي منه، والحكيم جورج حبش، لتحظى بابتسامة من إحداهنّ، أو تدّعي أنّ الزعيمَ الطلابيَّ الرمثاويَّ رمزي الخُب صديقكَ الحميم. أو أنَّ الكاتبَ الشيوعيَّ السجين هاشم غرايبة من أقاربك، ويُراسلكَ باستمرار.
إربدُ يساريَّة. وجامعةُ اليرموك مستنبتٌ زراعيٌّ في قلب الريف، اقتحمتهُ قواتُ الأمنِ في ربيع 1986، فقتلت طلاباً، واعتقلت العشرات، وطردت أستاذ الفيزياء النووية الدكتور جاسر الشوبكي، وأستاذ النقد الأدبيّ كمال أبو ديب، وآخرين.
الريفُ باتَ مدينةً شديدةَ الصخب والتنوُّع والحانات. كنتُ اشتري نبيذي من سوبرماركت اليرموك عند دوّار القيروان، وأحيانا من "بوغوص" قبل ارتفاعِ شارع أيدون، وكتبي من "الكتّاني".. أما الفلافل فمن مطعم "الحشّاش" و"النهضة"، ولديَّ مع صديقي جهاد اللواما عرضٌ متواصلٌ في سينما الجميل، وقصائد مع حسين الرواشدة في مقهى الكمال عند تقاطع شارع السينما.
فمن أين يا ترى جَاءَ الهمجُ، لتذبلَ سنابلُ حوران، ويهرب باعةُ العربات من شارع الجامعة، وتُسرع البناتُ إلى سكن الطالبات هلعاً من رصاصٍ بعيد، ويُغلق مطعم "الأندلس" في الثامنة، دون عشّاقٍ، ودون موسيقى، وأزهار خجولة في دفاتر المحاضرات..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :