facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأردن .. فن الممكن الجميل


جريس سماوي
30-05-2016 09:28 PM

كان لاحتفال الأردنيين هذا العام بعيد الاستقلال مذاق خاص، فهو يأتي ضمن احتفالات المملكة بمرور مائة عام على الثورة العربية الكبرى التي اجترحها المغفور له الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه وحمل رايتها أنجاله وثلة من قيادات العرب.

وهو يأتي أيضا في ظل نجاحات سياسية باهرة لجلالة الملك عبدالله الثاني في التعامل مع ملفات المنطقة الساخنة أدت الى تجنيب الأردن الهزات الأرتدادية لما حدث ويحدث في دول الجوار فجعلته بلدا آمنا مستقرا قادرا على تجاوز الأزمات.

لقد أسست الثورة العربية الكبرى لمشروع نهضوي عربي عبر عن ذاته في تأسيس دولة مدنية في سوريا الطبيعية عاصمتها دمشق على يد الملك فيصل الأول قبل ان تسقطها اتفاقية سايكس – بيكو، وانتجت بنفس الوقت قيام الأردن كدولة مدنية عصرية أصبحت أنموذجا عربيا فريدا للدولة البرلمانية الحديثة التي تقوم على التعددية والتنوع والقدرة على استيعاب المعارضة وأعتبارها جزء من مؤسسات الدولة تحت مظلة القانون والدستور.
كان طموح الملك المؤسس عبدالله الأول هو وحدة سورية الطبيعية في مملكة حديثة، وأذ لم يتحقق هذا الحلم الكبير، أشتغل الملك المحنك على تأسيس نظام سياسي ينتمي للمستقبل ويستطيع أن يستمر ويكون أنموذجا للدولة العربية العصرية.

ولم ترفع الدولة الأردنية منذ تأسيسها شعارات براقة ولم تخدع الشعب بطموحات غير واقعية بل أن المدرسة الأردنية في الحكم منذ عبدالله الأول ومرورا بطلال والحسين وانتهاء بعبدالله الثاني كانت مثالا يحتذى في التعامل الإيجابي مع أي مرحلة والاستفادة من كل العناصر الأيجابية في أي مشروع يطرح على الساحة مع الحفاظ على الثوابت الوطنية وعدم السماح لأي كان بالمساس بها وأعتبارها خط أحمر دفع الملك المؤسس وقبله الشريف الحسين ثمنا باهضا للحفاظ على هذه الثوابت.

لقد استطاعت الدولة الأردنية أن تبني بنى تحتية في قطاعات الطب والتعليم والبنية اللوجستية من طرقات وشوارع وكهرباء ومياه وخدمات وتأمينات طبية واجتماعية وصلت الى كل قطاعات المجتمع. وأصبحت الأمية لا تتعدى نسبة 3 بالمئة من السكان بحسب اليونسكو، في حين أنها تصل معدلات مرتفعة في كثير من البلدان العربية وبلدان العالم. وتحول السكان الى سكان حضريين بالمجمل بحيث بلغت نسبة الساكنين في الحواضر 82 بالمئة من مجموع السكان.

وحافظ النقد الأردني منذ تأسيس الدولة على توازن فريد فلم يشهد تغيرات درامية او أنهيارات أو سقوط للعملة كما حدث في كثير من بلدان العالم. بل أن الدينار حافظ على قيمته نسبيا حتى في الظروف السياسية والأقتصادية الصعبة التي مرت بها البلاد.

وشهدت البلاد نموا حقيقيا للحالة المؤسسية وكان على رأس هذه المؤسسات التي حافظت على أنضباطها ونظامها ودقة الأنجاز وسرعته المؤسسة العسكرية والأمنية. ويُسجل للمؤسسة الأمنية أنها استطاعت أن تحافظ على حدود الأردن الطويلة مع دول ملتهبة وأنها أسست لتعامل حضاري وأنساني وشريف مع المعارضين السياسيين.

لقد قدم جلالة الملك عبدالله الثاني في أوراقه النقاشية رؤية متكاملة لمستقبل الدولة الأردنية: دولة مدنية حديثة تقوم على المؤسساتية والحوار والحكم العادل الذي يتميز بالمشاركة الشعبية من خلال الأحزاب والجماعات والتعددية والتسامح وسيادة القانون والوقوف في وجه الظلامية والتأسيس لعصر تنويري جديد أذ أن التنوير كان دائما سمة الحكم في الأردن وكان دائما رسالة الهاشميين.

وعلى الرغم من النكوص عن هذا الحس التنويري في بعض المراحل الزمنية وتراجع مناهج التعليم عما كانت عليه سابقا فيما يختص بالمواد التي لها صلة بالعقل والتنوير فأن ذلك بسبب الموجة العارمة التي اجتاحت البلاد العربية جميعها والمد الماضوي الذي شهدته منطقتنا.غير أن الثابت في نبض الدولة الأردنية ووجدانها هو العامل التنويري والحضاري المتطلع دوما الى التحديث والعصرنة والسير في ركب الدول المتقدمة.

يقول جلالة الملك عبدالله الثاني في الورقة النقاشية الأولى: ( إن مسؤوليتي في هذا الظرف تتمحور في تشجيع الحوار بيننا كشعب يسير على طريق التحول الديمقراطي ). وهذا بالفعل سر النجاحات الكبيرة للقيادة الأردنية في أنها أتخذت الحوار أساسا للعلاقة مع كافة أطراف المعادلة الوطنية ولم يكن الأقصاء أو الألغاء من سمات هذه العلاقة التي أسسها الهاشميون مع فئات المجتمع بما فيها المعارضة.

كان بلاط المغفور له الملك عبدالله الأول مؤسس الدولة يعج بأصحاب الفكر من كتاب وشعراء وسياسيين من مختلف انحاء العالم العربي بما فيهم اولئك المعارضين لحكمه وسياسته وكان الملك الشاعر والمثقف يحاورهم ويطارحهم القضايا الثقافية والشعرية فكان البلاط الملكي بحق منتدى ثقافي وفكري وسياسي قل وجوده في المنطقة.

الواقعية السياسية والسماحة وسعة الصدر والأتزان انسحبت جميعها على سياسة الملوك الهاشميين وخرجت بالأردن من نادي الدول التوتاليتارية الشمولية التي كانت سائدة في المنطقة لتدخل في مدار الدول العصرية القائمة على التنوع والحرية والديمقراطية وبالتالي استطاعت الدولة أن تنجو رغم محاذاتها لمنطقة انهيارات كبرى.
واستطاعت الدولة بمنظومتها كاملة أن تكون وفية لأحلام قادتها الأوائل ومؤسسها ومفجر الثورة العربية الكبرى التي نحتفل بمرور مائة عام على انطلاقها.

لذلك كان لأحتفال الأردنيين هذا العام بعيد الأستقلال مذاقا خاصا يمتزج بالنشوة والكبرياء الوطنية والثقة العالية في تواضع علمنا أياه الهاشميون، ولقد وصلتني شخصيا كثير من عبارات المعايدة والتبريكات الصادقة من عدد من الأصدقاء العرب كان منها: ( هنيئا لكم الأردن.. ودامت عليكم نعمة الأمن والآمان).

نعم هذا هو الأردن الصحيح المعافى المضيء المبشر بمستقبل قادم مشرق. أردن كانت نجاحاتها نتيجة لرؤية استشرافية ثاقبة للحكم وشفافية في العلاقة مع الشعب وواقعية في سياسته المتزنة والعارفة والقائمة على الفكر العلمي مع محافظة على ما يمليه الوجدان القومي.

وأذا كانت السياسة هي فن الممكن، كما يقول حكماء السياسة، فأن الأردن هو فن هذا الممكن الجميل.

الرأي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :