facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عولمة الإعلام


12-08-2008 03:00 AM

استطاعت الثورة المعلوماتية التي شهدها العالم, في التكنولوجيا والاتصالات والبث الفضائي, خلال العشرين سنة الأخيرة, أن تخلق عالما إعلاميا آخرا, أكثر سرعة وفاعلية, في إطار محيط عمل تلفزيوني تنتفي فيه المسافات, أمام ذوبان الحواجز والموانع بكافة أشكالها, في عمومية العولمة التي قرعت أبواب الجميع. ولعل مفهوما كمفهوم العولمة, المرتبط لفظيا بدلالة نشاط يؤثر ويتأثر فيه الجميع, في واقع الحلبة الكونية, التي ترفع شعارا وصفيا لا تعريفيا بالعولمة؛ مفاده أن العالم قرية صغيرة متشابكة, لم يجد حتى الآن إطارا منهجيا يعرفه تماما, رغم تعدد الاجتهادات.

وترتبط سمات العولمة بهيكلة العالم الجديدة, في بدايات العقد الأخير من القرن الماضي, الذي أصبح أحادي القطب. بحيث تسود ثقافة عالمية التوجه على غيرها من الثقافات المحلية والوطنية والقومية, وتحل مكانها أيضا, في عملية صياغة جديدة لبيئة كونية حديثة, "تترابط أنحاؤها بالأقمار الصناعية والاتصالات الفضائية وقنوات التلفزيون وكل وسائل البث والاتصال الإعلامي والثقافي.. وتنفتح على السوق العالمي بطرق تدفع نحو إزالة الحواجز أمام التجارة الدولية للسلع والخدمات.. وإلغاء القيود على الاستثمار الأجنبي المباشر مع تحرير التدفقات المالية والنقدية في القرية المالية العالمية، وهي تعميق للاندماج في الاقتصاد الدولي".

لقد كان التفوق التكنولوجي من أكبر العوامل التي تشير إلى عملية البناء العالمي الجديد, كما يطلق بعض العلماء على العولمة, وهو ما ينزع ـ والمقصود التفوق التكنولوجي ـ إلى أن يكون ميدانا للصراع, الذي لن يستطيع فيه فرد أو جماعة أو شعب أو أمة, العيش في أطواره منعزلا في أية زاوية من العالم. وذلك أمام هذا التحشيد المعلوماتي الهائل, الراكن إلى تطور التقنيات, التي تشمل إلى جانب ثورة الاتصالات, تقدم البث الفضائي والتلفزيوني, الذي يقوم بدوره على أساس تشكيل رأي وفكر عالمي متجانس عبر الإعلام, لم ينجز حتى الآن, بل صار مكانا للمنافسة الجادة, بعد أن تعددت التوجهات.

لقد فقدت بعض الدول والشركات المهيمنة السيطرة على عالم الإعلام, وذلك لأن الجميع استفاد من فرص التقدم المذهل في "تكنولوجيا الاتصال الحديثة التي أتاحت العديد من الوسائط والوسائل التي ألغت الحدود الجغرافية، وقربت المسافات، وسهلت إمكانية الحصول على المعلومات من أي مكان وتجميعها وتخزينها وبثها بشكل فوري متخطية قيود الوقت والمسافة، وقد تمثلت هذه المبتكرات في الأقمار الصناعية والحسابات الإلكترونية وخطوط الميكروويف، والألياف الضوئية والاتصالات الرقمية والكوابل المحورية، والوسائط المتعددة، والاتصال المباشر بقواعد وشبكات المعلومات مثل الإنترنت والجوال والبريد الإلكتروني، وعقد المؤتمرات عن بعد، وتعمل معظم هذه المبتكرات في إطار المشروعات الخاصة وتخاطب الحاجات الفردية". كما اتجهت صناعة الاتصال الجماهيري, إلى التركيز في كيانات ضخمة ومِلكِية مشتركة متعددة الجنسيات, وامتد هذا التركيز من السلاسل الصحفية إلى شبكات الراديو والتلفزيون ونظم الكابل والحاسبات الإلكترونية.
ولعل الصفة الجماهيرية التي صبغت بها العولمة وسائل الاتصال, طيلة القرن الماضي, بدرجات متفاوتة من حقبة إلى أخرى, قد اكتسبت شعبويتها من خلال انتشار المذياع في عشرينيات القرن العشرين, والتلفاز في خمسينيات ذات القرن. ما جعل التواصل بين الأمم والشعوب أسرع وأدق. لتغدو العولمة قائمة على مبدأ درج استخدامه عالميا "عصر السرعة" في كل شيء, وهو ما أتاحته وسائط الاتصال المتعددة وعلى رأسها المذياع والتلفاز ومن قبله, ظهور آله الروتاتيف في طباعة الصحف, وولادة الصحافة الشعبية أو صحافة البنس عام 1880م, والتي جاءت بالطبع بعد ظهور الروتاتيف عام 1793م.

لهذا نجد أن العمل التلفزيوني ومنذ أكثر من نصف قرن, يخضع لمنافسات واضحة, اشتدت في تسعينيات القرن الماضي وبعد دخول الألفية الثالثة, في خضم التكاثر الأفقي للقنوات التلفزيونية, والتناسل العمودي الذاتي لبعض الفضائيات التي أنجبت قنوات متخصصة, كـBBC التي صارت شبكة محطات, وكذلك الجزيرة. "فالتلفزيونات غدت تقدم الأخبار على مدار اليوم بشكل مباشر وطازج وآني, كما تحولت الشاشة الصغيرة إلى أهم وسيلة بين الفرد والمجتمع, بعد أن أصبحت الوسيلة التي يتابع معظم الناس من خلالها الأخبار الدائرة في العالم, ففي عام 2003م على سبيل المثال أعلن 82% من الأمريكيين أن التلفزيون أصبح المصدر الأول الذي يستقون من الأخبار". وقد زادت الثورة المعلوماتية في العقد الأخير من القرن الماضي, حتى وصلت التكنولوجيا الإعلامية, حدا أتاح نهضة كبرى للعمل المتلفز, من حيث الحداثة والتطور. "وجاءت حرب الخليج الأولى في عام 1991م مقدمة لمرحلة جديدة من طبيعة الخدمة الإعلامية عبر التلفزيون الذي أصبح بإمكانه تصوير الحدث في أي مكان من العالم وبثه مباشرة عبر الأقمار الاصطناعية إلى أي مكان في العالم فنشأت مقولة أن العالم أصبح قرية إعلامية".

وقد صارت مسألة تقديس السرعة في النقل الإخباري والبث الفضائي, تختمر في عقول بعض الاختصاصيين كأيديولوجية, تطورت في ذروة التنافس بين الفضائيات في الألفية الجديدة إلى هدف ومبتغى بحد ذاته, بعد أن كانت في خمسينيات وستينيات القرن الماضي, مجرد وسيلة تسهل نقل الخبر والمعلومة إلى المشاهدين. ولهذا أخذت السرعة حيزها في العمل الإعلامي, حتى باتت علامة فارقة, تميز المراحل والحقب الإعلامية عن بعضها البعض برسم التطور الكوني. "فعندما اغتيل الرئيس الأمريكي (أبرهام لنكون) في أبريل سنة 1865 استغرق خبر مقتله ستة أشهر حتى يعم الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، وعندما اغتيل الرئيس الأمريكي في 1963 وصل خبر مقتله إلى جُل الأمريكيين خلال الساعة التي تم فيها، أما عندما تم تنفيذ حكم الإعدام في الرئيس الروماني نيكولا شوشيسكو في ديسمبر 1989 فقد علم الشعب بالخبر في الدقيقة التي حدث فيها بفضل البث التلفزيوني المباشر", بينما توقع العالم إعلان خبر إعدام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في 30/12/2006م, لأنهم كانوا على دراية بموعد التنفيذ نسبيا عند الفجر, واعتبرت صور الإعدام التي بثت بعد حوالي أربعة عشر ساعة من وقوع الحدث سريعة, نظرا للظرف السياسي والأمني المعقد الذي ساد تلك التغطية.

وتجيء الصورة في عالم التقنية الفضائية المتطورة, التي يمتزج فيها الرقم مع الحرف, كمادة للنقل الأولى, التي يُبنى عليها الخبر, ما يعني أن التلفاز في عصر العولمة الحديث, قد ساهم في الدخول عميقا في حياة المجتمعات, عبر استلابه أكثر من حاسة واحدة عند البشر, فالمستمع مثلا للمذياع يقرأ أو يمارس عملا خلال استماعه, بينما من يرى الشاشة يكون مضطرا للاستغراق في فعل المشاهدة وحدها بتأثير الصورة.

ولم تقتصر سمات العولمة التي ميزت الإعلام الحديث, على أداء التقنيات التكنولوجية متعددة المنفعة فقط, بل خلقت هامشا كبيرا من الحرية ونوعت من أساليب التقديم والتغطية, تتفاوت بشكل نسبي من وسيلة إلى أخرى. وذلك رغم وجود ضوابط خارجة عن الإرادة أحيانا, تجعل من الصعب على أي شاشة البوح بكل ما تعرفه, كما حدث في التغطية الإعلامية لحرب الخليج الأولى.

* الكاتب باحث أردني في العلاقات الدولية والإعلام





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :