facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




شعوبٌ سعيدةٌ، تلعبُ كُرةَ القدم، ليسَ كشعوبٍ تنتحرُ، وتلعبُ بدمائها ..


باسل الرفايعة
10-06-2016 03:36 PM

تبدأُ اليوم بطولةُ أمم أوروبا لكرة القدم في فرنسا. شهرٌ كاملٌ من المتعةِ والإثارةِ والحماسة بينَ الأمم الحيّة، فيما تستمتعُ أممٌ أخرى بتاريخٍ دراميٍّ، لا تزالُ سيوفهُ مرفوعةً فَوْقَ رؤوسٍ محنيّةٍ تحتَ سقيفة بني ساعدة، ولا يزالُ الدمُ يصيحُ بثارات الماضي، وتشهقُ الضحايا تحت ركامِ بيوتٍ، هدمها الاستبدادُ السياسيُّ والظلامُ الدينيّ.
انتهت حروبُ أوروبا إلى عشبٍ أخضر، ينمو في مستطيلٍ، ينتصفُ على دائرة. اثنان وعشرون لاعباً يمدُّونَ منذُ العام 1960 ألسنتهم لجنرالات المعارك في الحرب العالمية الثانية. هنا الأخطاءُ بين الدول عقابها ركلةُ جزاء، أو ضربةٌ حرّةٌ مباشرة. الخططُ يقررها المدرّبون، لا قادةُ الحرب. انفتحت الحدودُ، وبقيت خطوطُ التماس في الملعب. لا تُسدَّدُ فوّهاتُ المدافع إلى المدن. المسموحُ فقط هو التسديدُ على المرمى. هنا تعلو أصواتُ الجماهير التي ترفعُ كؤوس البيرة على هدير الطائرات والدبابات من الماضي القريب. النساءُ والرجالُ والأطفالُ يحتشدون بحناجرهم، وقمصان منتخبات بلادهم. لا بزّاتٍ عسكرية، ولا فتوحات، ولا أحدَ يُرِيدُ إعادةَ التاريخ.
تلكَ شعوبٌ سعيدةٌ. الانتصارُ والهزيمةُ مرهونٌ بكُرَةٍ، تركلها أقدامُ اللاعبين. الروحُ الوطنيةُ قد تدخلُ الشباكَ، وربما تصدّها العارضة. يا لها من ضربةٍ ركنيةٍ، يعلو لها الأندلسيُّ سيرخيو راموس، ويضعها في المرمى، فترتفعُ مبيعاتُ اسبانيا من الزيتون والنبيذ والزعفران. روحٌ وطنية، يعرفُ إيقاعها لدى الألمان الحارسُ مانويل نوير، وهو يصدُّ كرةً خطرة، فيقولُ لبلاده التي لم تعدْ شرقيةً وغربية: واصليْ صناعةَ الماكينات القوية، وعزفَ الموسيقى، وازرعي شعيراً للبيرةِ الغامقة، فأنا أتحلّى بما يكفي من قوةٍ للنصر، وأستطيعُ أنْ أمحو بقفازيَّ كلَّ جنون أدولف هتلر.
الفرنسيُّ پول بوغبا في الملعب بدلاً من شارل ديغول. تودُّ باريسُ أنْ ترفعَ كأسَ البطولة، وتشربَ نبيذها الفاخرَ، لتعادلَ الرقمَ القياسيَّ لألمانيا وإسبانيا. الرسامُ الكتالونيُّ أندريس إنييستا في وسط الملعب، وليس الجنرال الأحمق فرانسيسكو فرانكو الذي دفعَ بالدباباتِ إلى المستطيل. الرسامُ يبحثُ عن كأسٍ أخرى، تستحقُّ مزيداً من "الفلامنجو" في شوارع إسبانيا. الآزوري لن يكون بينيتو موسوليني، إنه جورجيو كيليني، والدفاعُ عن المرمى لا يُشبهُ سوى الدفاع عن روما، ليسَ عن نوم يوليوس قيصر في "الكولوسيوم"، ليسَ أكثر عن مطعمٍ في نابولي، يشربُ فيه عاشقان "بيروني" ناعمة مع جلالة الملكة مارغريتا.
إنها الشعوبُ السعيدةُ، التي تهطلُ عليها الأمطارُ في أمستردام ولشبونة وجنيف، ولا يرفعون أكفّهم للغيوم، لتمنحَ سفوحهم الكرومَ والزيتونَ والكرز. القارةُ التي استقرت على اتساعِ الحدودِ والبهجة. وقررت أنْ تلعبَ كُرةَ القدم، وقالتْ لأولادها: كونوا فنانين وعلماءَ ورياضيين، ولا تكونوا شهداء، فنحنُ لا نفخرُ بالموتى، ولا نزغردُ للجنازة. نُريدكم أحياءَ، تموتون بأمراضِ الشيخوخة، ولا تهطلُ على نومكم الصواريخُ. إنها الشعوبُ التي لوّحت للماضي، وتركت الكرادلةَ والقساوسةَ يذهبون مع الملوك إلى المتاحف، وفتحت الكنائسَ للتراتيل والسيّاح، وحفلات الزفاف، فلا يخرجُ منها الحالمونَ بدولةِ الرب على الأرض، ولا المهووسون بالحور العين.
إنها شعوبٌ سعيدةٌ، تلعبُ كُرةَ القدم، ليسَ كشعوبٍ تنتحرُ، وتلعبُ بدمائها..





  • 1 ليث 10-06-2016 | 03:45 PM

    في الك مقالات رائعة بتبين حجم الفجوة بينا وبين الغرب السعيد ومقارنات جميلة بالمقابل مقالات بتخليني احط 100 خط تحت كل مقالة باسمك

  • 2 نعم 10-06-2016 | 05:50 PM

    جميل جيدا نعم وألف نعم

  • 3 أشجع ألمانيا. 10-06-2016 | 06:00 PM

    الكاتب يقول "ولا يرفعون أكفّهم للغيوم". هل من الممكن توضيح هذه الجملة؟؟

  • 4 ايمن 10-06-2016 | 07:07 PM

    كم هو من السهل ان نسخر اقلامنا نقارن ما نحن فيه من كرب وضيق بمن هم في عافية و تيسير , ولكن كم هو من الصعب ان نسخر تلكم الاقلام لرفعة هذه الامة والحض على النهوض بالاخلاق والقيم, والدعوة الى صحوة حضاريه شاملة

  • 5 إلى رقم 3 الأشجع الألماني 10-06-2016 | 10:09 PM

    أنت تعرف المقصود من هذه الجملة وتعني أن هناك شعوب تعمل وتصنع وتنتج ولا تضيع وفتها في الغيبيات والتضرع...........

  • 6 اردني حر 10-06-2016 | 11:38 PM

    ابدعت يا استاذ باسل

  • 7 عبد الله محمد 11-06-2016 | 12:32 AM

    مقالات ربما تفيد ........لا الصائمين في شهر الدعاء والبركات

  • 8 ربداوي 11-06-2016 | 02:49 AM

    الدنيا دول يا سيد رفايعة ففي يوم من الايام كان خلفاء الامة يوزنون كتاب العالم لا بل العالم نفسه بالذهب كانت الامم السعيدة اوروبا غارقة في الظلمات والحروب والدماء فحبذا ذكر الماضي والحاضر لنستفيد للمستقبل.

  • 9 حسن 11-06-2016 | 05:19 AM

    كتابه رائعه.. ولكنك كمن ينكش عش الدبابير... أنك ستفتح على نفسك أبواب الظلامين.. على كل حان الأوان ليزيل الشعب عن كاهله الأفكار السقيمه الباليه وينفتح على العالم..

  • 10 اغلوطات فكرية 11-06-2016 | 12:01 PM

    اغلوطات فكرية من الكاتب مغلفة بقالب جميل........

  • 11 شريف الحموي - كاتب وباحث 11-06-2016 | 07:27 PM

    أبدعت أستاذ باسل .. فمقالك متفوق (ألترا أدب) لا يهتم به سوى من غرق في بحر المأساة العربية .. ومن سقط في الهوة السحيقة تماما كمن يسقط في أنبوب إلى القاع ليس هنالك من مكان يتشبت فيه
    وعزاؤنا هنا ... اننا كلنا في الهم شرق..

  • 12 فيصل 11-06-2016 | 11:18 PM

    كالعادة .. استاذ باسل انت انسان مبدع ترى الاشياء بمنظور الانسانية والتسامح والتعايش والسلام والمحبة .. بوركت هذة اليد اللتي تكتب لتنشر المحبة والرقي . ابدعت.

  • 13 ميشيل 12-06-2016 | 08:34 AM

    نتمنىان نصبح من الشعوب ألمتحضره المحترمه

  • 14 للتنويه 12-06-2016 | 09:18 AM

    راجع الأخبار...هيهم ذبحوا بعض مشان المباريات


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :