facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




نحن عشّاق المصائب


فايز الفايز
12-06-2016 02:31 AM

لا أدري كم هي نتيجة الإحصائية الرسمية للحوادث والجرائم والجنح التي وقعت في بلدنا الذي كان وادعا مسالما تملؤه نخوة الرجال ومروءة النساء وحكمة الأجداد و عقلانية الأحفاد حيث كان الجميع آنذاك يسبّحون بحمد الله ويشكرونه على ما يجدونه مما يسد عوزهم ، ويشكرونه على نعمة الزيت والزعتر وألبان المواشي وخبز القمح الذي تفيض به سهول أربد ومادبا والكرك وشرقها وغربها، ولكن ما أعلمه أن حصة أخبار الحوادث والجرائم أصبحت تحتل ما يقارب 70 بالمائة من الأخبار على الصفحات الرئيسة، وهذا ما جعل قاعدة التفضيلات لدى الجمهور تنجذب للجريمة، ونحن نخدمهم بأخبارنا» البيّاعة».
في ما مضى من زمن أردني جميل، كان العسكري في الجيش الأردني والأمن العام، يعود الى بيته في بلدته أو قريته وهو يحمل بندقيته فضلا عن مسدسه،وكان الجميع يتنقل عبر وسائل النقل العام،في الباصات العمومية أو خطوط السرفيس أو «سيارة طلب»، في المقابل كان كثير من رجال العربان خصوصا في البادية والقرى يحملون بنادقهم على أكتافهم على الدوام ويذهبون الى المناسبات بها وكان أغلبهم سيّارة لا يملكون «سيارة» وحتى من كان يملك مركبته كانت البندقية رفيقته،ومع هذا لم يكن سهلا أن يطلق أحدهم النار،ولم تقع الجرائم التي نعيشها اليوم رغم ممنوعات القانون.
كثيرة هي صور الجمال في ماضينا الأردني الرائع ، رغم صعوبة الحياة ورغم إحساس الخوف وعدم الشعور بالأمان نتيجة للصراعات السياسية والعسكرية مع الأعداء التقليديين للأنظمة، فيما طبقات الشعب لم تكن تتخذ المواقف مسبقا، لأن تربيتهم الحقيقية كانت في بيوت محترمة مبنية على أطيب الشمائل، ولم ينحدروا كثيرا في ذلك الوقت الى سفالة الأحزاب المؤدلجة القادمة من خارج الخارج العربي، بل إن المسجد والمضافة والشق وقهوة المنشية وقهوة الجامعة العربية وديوان رئاسة الوزراء ومكتب العشائر في الديوان كانت كلها تعج بالرجال الصالحين والمصلحين وأهل الرأي والمشورة والنصيحة، ممن يسمعون النصيحة ويُسمعونها،الكل كان قدوة طيبة في بث روح السلام، ولهذا كان مجتمعنا طيبا متكاتفا.
بصراحة أستحضر جزءا بسيطا من هذا التراث النقي الشهي الكريم الداعي للإفتخار، لأنني عشت جزءا متأخرا منه، ولا شك أن كثيرا من رجالاتنا كبار السن والقَدر اليوم، يدركون ما أقوله بل يعرفون أكثر مني بكثير مما كان عليه بلدنا الطيب قبل أربعين عاما وأسبق، ولا ألوم من يصاب بالكآبة ويعتزل الناس اليوم نتيجة ما يراه المرء يوميا في الشارع من أخلاق متقهقرة لشبابنا الذين هم رجال الغد، وأي غدٍ سيكون ورجاله اليوم يقتلون بعضهم على أتفه الأسباب، ويهدمون البيوت ويحرقونها إنتقاما لمقتل رجل أو إمرأة.
إذا كان شهر رمضان ،الذي خصه الله بالرحمة وهوسبحانه خالق البشر والحياة والموت وخالق كل شيء وبيده ملكوت كل شيء،إذا كان لا يردع أنفسنا وشهواتنا ورغباتنا ولا يهذب أخلاقنا ولا يطفئ نار أحقادنا، و لا يوحد صفنا وكلمتنا على الحق وبالحق والعمل للإرتقاء ببلدنا وزجر المنحطين أخلاقيا ونفسيا وهجرهم، ولا يقضي على أو يخفف من كل ما نراه من الجرائم والمشاجرات والنزاعات ، فهذا لا يعني أن الخلل في مبدأ الصوم والشهر الفضيل، بل أن الخلل متأصل في أنفس الناس،ومن كانت تلك المثلبة متأصلة في نفسه، فلا بد من إستئصال شأفة الإحقاد السوداء الملتصقة بقلوب البعض، وهذا لا يأتي إلا بالردع والحزم.
منذ وقوع جريمة البقعة تتالت خلال أسبوع رمضاني الجرائم والمشاجرات حتى ظهر أمس السبت، فالجريمة الأولى أمنيّة خطرةّ لا يمكن أن تمر دون أن يحاسب أحد، والثانية قتل رجل عجوز لعائلته دون أن يعرف أحد ما السبب والثالثة قتل رجل بسبب شهامته ونخوته، وما تبعها من رد فعل جنوني، وما بين كل تلك الجرائم هناك عشرات الوقائع داخل المساجد وخارج البيوت.
هنا يبرز السؤال الأهم من الجريمة: هل هناك إرادة حقيقية لمنع الجريمة في بلدنا،هل هناك تطبيقات فاعلة لمعاقبة المجرمين وردع المنحرفين ومنع المستقيمين من الإنجرار خلف المتخلفين فكريا ممن يقتلون ويشكلون عصابات إجرامية ويروعون الناس،، أم إن ما نسمعه ليس سوى مخدر لكي نستمتع بأفلام الواقع البائس ونعيش كعشاق للمصائب التي نراها لأن شخصا ما لا يقوم بواجبه الحقيقي ولا يعاقب المجرم الحقيقي.

الراي





  • 1 د علاءالدين علي 12-06-2016 | 04:23 AM

    أصبت فيما طرحت يا أستاذ فايز... في السنوات القليلة الماضية تشكلت لدي قناعة راسخة بأن الأزمة التي تعيشها البلاد هي أزمة أخلاقية وليست أزمة اقتصادية. اللهم احفظ البلد.


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :