facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




كأننا عشنا أكثر مما ينبغي!


حلمي الأسمر
19-07-2016 02:45 AM

قبل نحو خمس سنوات، نشرت مقالا هنا يحمل سؤالا: «هل عشنا أكثر مما ينبغي؟» وفجأة، خطر ببالي السؤال نفسه، بعد كل الأهوال التي مرت وتمر بنا، مما لا يكاد يمر في حقبة من تاريخ البشرية، ورجعت للمقال، بعد أن تذكرته، لأجد الحالة نفسها، ولكن وقد تعمقت أكثر، وغدت أكثر «فجائعية»!
في نحو عقدين من الزمن، ونيف، شهدنا سقوط دول، وانهيارات درامية، واختراعات لم يشهد لها التاريخ مثيلا، ورحيل زعماء، ونشوء قوى جديدة، وتغييرات جذرية في مختلف مناحي الحياة، حتى أننا بتنا نشعر أن ثمة تسارعا مذهلا في إيقاع التغيرات البشرية، لم يشهده الإنسان من قبل!.
وسط هذا الضجيج الصاخب، من تدفق بركاني للمعلومات والأخبار، يرنو المرء للحظة صفاء، بلا فيسبوك ولا تويتر ولا فضائيات ولا هواتف، فقط، أرض وسماء وهواء، وعودة لأجواء البيت الأول: بيت ريفي بسيط، ودجاجات، ومساحة أرض صغيرة (حاكورة!) مزروعة بما يحتاجه المرء من خضروات بسيطة، وورقيات خضراء، وربما عنزة ونعجة (لزوم الحليب واللبن واللبنة!) ومعرش عنب، وبعض أشجار الفواكه، وهدوء لا يقطعه سوى نباح كلب، أو «غناء» بوم، أو رفة جناح خفاش، فيما أنظر اليوم حولي، فأرى أن مصابيح البيت لا تنطفىء ليلا، فثمة في كل ساعة من ليل من هو مستيقظ، حتى مطلع الفجر: حياة صاخبة، وركض مستمر إلى اللاشيء، وأجهزة كهربائية مضاءة، وأخبار، وهواتف لا تكف عن الرنين!.
اشعر، أحيانا أننا نركض سريعا، وبلهاث لا ينقطع، ولكن دون أن نبرح مكاننا، كمن يركض على قشاط آلة رياضية منزلية، عرق وجهد وكيلومترات مقطوعة، ولكن مكانك سر، أو اركض!.
هل عشنا فعلا أكثر مما ينبغي؟.
إنك لا تنزل إلى النهر مرتين، هكذا تحدث أحد الفلاسفة، فالماء الجاري يتغير كل لحظة، كما تتغير القلوب والمشاعر، وكما نتحرك بجهد وعرق وتعب ونحن لا نبرح مكاننا، نجلس ساكنين أمام شاشة الحاسوب فينقلنا إلى عوالم نائية، ونلهث ونتعب ونتصبب عرقا، دون أن نحرك ساكنا في عضلاتنا، وتلك معادلة لو أدركها أينشتاين لربما استنبط نظرية أخرى أشد مضاء من نظريته النسبية!.
عشنا -فعلا- أكثر مما ينبغي، ليس اعتراضا على ما هو مكتوب في اللوح المحفوظ، معاذ الله، ولكن ما يبرر هذا العيش الفائض عن الحاجة، ويسوغه منطقيا، أننا أدركنا بعضا من الكرامة والكبرياء، ورائحة انتصار لم يكتمل، في غير بقعة من بقاع أرضنا، رغم قبح أعدائنا، وعدد النقاط التي سجلوها في «مرمانا» أقول، ثمة بعض، انتصار يقاومه أعداء الداخل والخارج على حد سواء، من المرتبطين بجني ثمار الخراب، وحلب ضرع الهزيمة، فالحمد لله أن امتد بنا العمر لكي نرى أول خيوط الفجر، الذي ثبت أنه لم يكن كاذبا، وإن رآه غيرنا غير هذا، ولكننا تعلمنا، بعد هذا العمر، المليء بالدهشة والخوف والأمل والاحباط والهزائم، أن نعيد إنتاج الخيبات لنصنع منها سلالم للصعود، وأن لا نبقى زاحفين على بطوننا، حتى ولو كان ثمن النهوض مكلفا، المهم أن لا ينكسر الظهر، فالضربة التي لا تكسره تقويه، كما يقول تولستوي!

الدستور





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :