facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مقال " المتدهدهون " ، جعبة خاوية وقطار فائت


سامر حيدر المجالي
07-09-2008 03:00 AM

ما بين مصطلح شاذ لا يمُتُّ إلى معاجم العربية بصلة ، أُريدَ من خلاله التغطية على قحط لغوي شامل وضعف في مبنى المقال وعبارته ، وفكرة متعالية أقامت الكاتبة خلالها نفسها حكما على النوايا والسرائر بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ، ما بين هذين الشذوذين كان مقال السيدة زليخة أبو ريشة في جريدة الغد ، الذي حمل عنوان " المتدهدهون " ، وكانت هذه الوقفة .

ثمة مشكلة كبيرة تلازم نفرا من الكتاب الذين تعودوا التطرق لمظاهر التدين عند بسطاء الناس وعامتهم ، المشكلة تكمن في عجزهم عن تجديد خطابهم ومواكبة الزمن الذي تتغير معطياته يوما بعد يوم ، وتكرارهم موضوعا واحدا لا يتغير أبدا ، يتحركون خلاله ضمن ثالوث معروف هو فحوى نقدهم ومرمى سهامهم : الإسلام السياسي ، اللحية والثوب القصير ، وحجاب المرأة . محاور ثابتة لا يتوانون عن مهاجمتها والغمز واللمز من جهتها ، ضمن حملة لا تهدأ أبدا ، وتكرار ممل الى أبعد الحدود .

مشكلة تكرار الأفكار هذه ، تدل على جعبة خاوية من الموضوعات التي تستحق الطرح ، سببها تكلس في البنيان الفكري الذي يبدو أنه سكن منذ زمن بعيد منطقة من الوعي ، فلم يعد قادرا على مغادرتها . هذه المشكلة تقدح في مسألة الثقافة أصلا ، فما دام الزمن متوقفا عند هؤلاء النفر من الكتاب ، والموضوعات لا تتغير ، والتجديد معدوما ، هذه الصورة البائسة تجعل من الكاتب ( حكواتيا ) لا أكثر ، يحدثك حديثا تحفظه عن ظهر قلب ، تعرف مبتدأه ومنتهاه ، وتدرك من أول كلمة مراميه وأغراضه .

هذا من ناحية التكرار ، أما من ناحية فحوى الحديث ، فلعل الكثيرين يتفقون مع صاحبة المقال في أن بعض الذين يتمظهرون بمظاهر الدين والسنة يسيئون بتصرفاتهم ولهاثهم وراء مصالحهم الشخصية إلى الدين والمتدينين .

قد يخفي الحجاب وراءه ما لا يعلمه إلا الله ، وقد يتسربل بالدشداشة أشد الناس نفاقا وعتوا ، وقد يطالب بتطبيق الشريعة من لا يقيم أبسط المبادئ الأخلاقية في حياته الشخصية . غير أن هذا لا يمنع أن لهذه المظاهر قدسية خاصة ، وأن في مقابل المسيء محسنين كثرا ، وأن بعضها إن لم يكن فرضا فهو يمثل مرتقيات في طريق التدين والقرب من الله .

فيجدر بمن يريد أن يقترب من هذه المظاهر نقدا أو إصلاحا ، أن يُظهر موقفه كاملا ، فلا يكتفي بإبراز الجانب المظلم مع حشو كلامه بمصطلحات الهمز واللمز والتحقير والغمز ، ثم يترك ما تبقى فريسة للظنون والشكوك . كان يجدر كذلك بالكاتبة التي يبدو أنها لا تعرف الفرق بين القراءة والتلاوة ومدلول كل واحدة منهما ، كما بدا ذلك واضحا في حديثها عن ( الأشرطة المسجلة التي عليها ألوان من القراءات القرآنية ) ، وهذا جهل فاضح لا يمكن رده إلى مجرد المخزون اللغوي المجدب في المقال . نقول كان عليها أن تكون أكثر حرصا عند تناول هذا الموضوع ، وأن تعلم أن نسبة الأصوات القبيحة إلى تلاوة القرآن – حتى لو افترضنا جدلا أن في السوق أشرطة تتلو القرآن بصوت غير جميل – عمل يخلو من توقير هذا الكتاب العزيز واحترامه .

يضاف إلى ذلك أن القرآن ليس مجرد كتاب جمالي يتأمله المسلم من أجل الاستمتاع فقط ، فهو وان كان جماليا إلا أنه قبل ذلك كتاب تشريع وعظة واعتبار ، ووسيلة يتفكر الإنسان من خلالها في عظمة الخالق وهيمنته على سنن الكون ومجرياته .

عيدية السيدة زليخة للقراء في ثاني أيام الشهر الفضيل لم تكن في محلها ، وهي ب ( تهويشها ) وتركها مساحة كبيرة للظن وتأويل الكلمات المستخدمة في غير مكانها الصحيح ، تفتح مجالا واسعا للخطر الذي حذَّرَتْ هي منه ، أي خطر التكفيريين الذين يبحثون بطبيعتهم عن هكذا أسلوب مبهم ومساحات غائمة ليطلقوا بناء عليها سهام تكفيرهم ومبررات أحكامهم .

التكفيريون يفهمون الدين انطلاقا من نظرة مغلقة وجهل بأحكامه وقواعده ، وبعض الكتاب يتعاطون مع الدين أيضا بدون حد أدنى من العلم به والاطلاع على شؤونه . كلا الطرفين يقيم نفسه حكما على النوايا والسرائر ويمعن في وصم الآخرين بشتى ألوان النقائص . كلا النظرتين مغلقة على نفسها ، وأصحابها - في الإتجاهين - يخدمون الهدف نفسه .
samhm111@hotmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :