facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الاتباع وسلطتهم


د. سامي الرشيد
22-09-2016 09:21 AM

يستمتع بعض الناس بارتباطهم بشخص قوي، لانه يمنحهم السلطة وتضفي عليهم الهيبة وتزيدهم رفعة بين الناس, انها سلطة الاتباع.

انها حشود الجماهير التي تسير خلف ذلك الشخص، الذي يشعر بلذة التابع ويأنس لها المتبوع.

لكنها في كثير من الاحيان تتحول الى رغبة في نفس المتبوع الرمز، وحاجة يتوسل بها الى مغانم يتنافس بها مع الآخرين والاستقواء باعدادهم تجاه من يعاديه, او قد تصل الرغبة بالمكاثرة بالاتباع حدا يجعل المتبوع الرمز ,فاصلا بين اهل الحق والباطل بناء على عدد الاتباع وكثرتهم، وبالتالي تتزين تلك الحشود في نفس من يرغب فيها ويراهن عليها.

قد يجري من خلالها علاقات تبادلية بين الرمز وجماهيره، تقوم على مصلحة مشتركة ترسخ رضا هؤلاء الاتباع وسيرهم في ركابه في مقابل ان يجاريهم ولا ياتي بما يستنكرونه او يرفضونه.

هناك اندفاع كبير على جمع الاتباع والتفاخر بكثرتهم ,يظهر ذلك في عدد من المؤشرات مثل السؤال عن عدد الحضور في محاضرة لمثقف، أو لخطيب في جامع، او عدد من قرأ مقال او كتاب معين.

اصبحت المفاخرة مع عدد من مستجدات التقنية في عدد من التابعين في برنامج التواصل الاجتماعي من اهم مظاهر التباهي، واحيانا اقامة الاحتفال بهذا الفوز الكبير من التابعين.

هذه الظاهرة الكمية للاتباع لها تاصيلها الشرعي والاخلاقي الذي يذمها باعتبارها فتنة تصيب المرء بالغرور, وكفى به فسادا للباطن ومحقا للتأثير.

يتأثر كثير باتباعهم عند تصور المسألة او الحكم بها او تنزيلها على ارض الواقع, ويحصل ان يصبح الاتباع سياجا يمنع المتبوع من الوصول الى المجتمع الارحب ويمنعون وصول الآخرين اليه ,حتى لا تتغير قناعاته بمجالسة غيرهم فلا يسمع حينئذ ولا يرى الا من خلالهم.

اذا كانت فتنة كثرة الاتباع قد تصيب النفوس بالغرور فانها قد توغل النفوس بالحسد لذلك المتبوع.

ان الرهان الحقيقي الذي يجب ان يقوم به السياسي والمثقف والداعية والفقيه ,هو جمع الناس على قواسم مشتركة وكليات جامعة ,وابقاء مساحة واسعة لحرية الراي والتعبير ,لان الاحتلاف بين البشر لا يمكن رفعه عقلا وشرعا ,لكن الممكن هو السماح بالتعددية مع تعلم ادب الاختلاف واحترام قواعد التعايش و فق الاطارالعام من الثوابت الوطنية ,وكل اقصاء متعمد او تجييش جماهيري للضغط والاكراه هو رهان خاسر واندفاع اعمى لاغراق سفينة المجتمع باوهام الانتصار وخدع الانتشار .
مع العلم انه في حالة هذا التابع والمتبوع فانه لا يمكن تطبيق العدالة والمساواة بين البشر.

تمثل العدالة احدى ابرز القيم المركزية في تكوين المجتمعات الانسانية ومراحل تحولها الحضاري .
التساؤل حول ما العدالة هو سؤال قديم يتجدد عبر التاريخ البشري ,لذلك اعتنت به الاديان والفلسفات الكبرى بتقديم اجابات عن معنى العدالة وان اختلفت حول تحديد مدلوله وتطبيقاته الواقعية ,وهذا يعود الى الاختلاف حول مفهوم الانسان بمعناه العام والمتجاوز لانتمائه الوطني ومعتقداته الدينية ,ومدى الاعتراف به كذات مستقلة لها حدود تجاه الآخر ,وهي نزعة انسانية لا تتحقق الا اذا توافر الاحساس بقيمة العدالة .
تعود القيمة المركزية التي اكتسبها مفهوم العدالة ,الى انها احدى المسلمات التاسيسية لمنظومة القيم والتي تمثل معالجة النوازع الانسانية في سعيه الى الاهتمام بالمصالح الذاتية والتي يجلب تعارضها حالة من الصراع الذي يفضي الى غياب الامن والفوضى ما لم يتم السيطرة عليه .
لقد تنوعت وسائل السيطرة الاجتماعية ما بين القمعية والقانونية ,فالقمع هو تجسيد لمنطق الغلبة بالقوة ,والقانون هو تجسيد للتمدن الانساني والذي يعد تمثيلا للعدالة .
الا ان المعنى الفلسفي للعدالة لم يكن محلا للاتفاق ,فقد شهد حالة من التجاذب بين القيمة المعنوية وتأسيسية المعياري ودلالته الواقعية ,فقد تنوعت تمثيليات العدالة في سياقها الاجتماعي بحسب هذا المفهوم .

لكن اين العدالة اذا كان 1% من سكان احدى الدول يتربعون على عرش الحكم ؟واليكم الامثلة التالية :
عائلتا روتشيلد في اوروبا وروكفلر في امريكا ,هما من وضعا اسس النظام العالمي منذ ثلاثة قرون ,ولا تزال – السلالة – حتى اليوم مع حفنة وفدت تباعا في العهود الأخيرة يكونون 1% يسيطرون على قمة هرم الثروة العالمية ,مالكي المؤسسات المالية الكبرى من بنوك وشركات عملاقة ,والاجداد وضعوا النظام العالمي , وهم مستمرون مكرسون نصف ثروة النتاج العالمي لهم ,حيث حققوا ذلك من خلال الحكام الرسميين المتصدرين في الواجهة .
قال ناثان روتشيلد اوائل القرن العشرين ,بان اصحاب المناصب الرسمية هم الطراطير يحركهم اصحاب رؤوس الاموال .
ان راس هذه العائلة هو من قام بتمويل معركة ووترلو التي قام لورد ويلنجتون بهزيمة نابليون بونابارت , كما ان امشيل روتشيلد كان قد قدم قرضا للحكومة البريطانية التي اشترت به اسهم قناة السويس في ازمة ديون الخديوي اسماعيل .
اما جون روكفلر فقد بدأ طريق الثروة في القرن التاسع عشر بتأسيسه ستاندرد اويل للبترول ونتج عنها ايضا شركة اكسون – موبيل وترتب بانها خامس اكبر شركة بترول في العالم .
يملكون امبراطورية اعلامية وشبكات تلفزة ,ثم اقاموا عام 2012صفقة بين العائلتين لتزيد سيطرتهما على الشعبين الامريكي والاوروبي .
اصبح الكارتيل الذي يضم اكسون موبيل ,بريتش بتروليوم تشيفرون ,شل , يستطيعون التحكم في الولايات المتحدة واوروبا ( ويحكمون من وراء الستار)
وهم يملون الحملات الانتخابية ويستطيعون انجاح اي رئيس دولة .
يسيطرون على اسعار النفط العالمية ازديادا وهبوطا لمصلحة حكوماتهم وعقابا لثلاثة دول منتجة للنفط ومنافسة لهم هي روسيا وفنزويلا وايران .

اما عصر الثروة الالكترونية فقد افرز ثروات طائلة لافراد مثل بيل جيتس ووضعته على اوائل قائمة اثرياء العالم وكذلك مارك زوكربرج مخترع الفيس بوك وغيرهم, ولكنهم لا ينافسون العائلتين في النفوذ والتحكم لمدة ثلاثة قرون .
لكن التقدم والتطور السريع في المجالات والتقنيات الالكترونية ,يحتم على الدول الراغبة في بناء نفسها من استثمار تلك التقنيات الخاصة بالاتصالات والمعلومات في تطويراجهزتها وادارتها ,وفي تطوير وسائل واشكال واساليب تقديم الخدمات للمواطنين واشباع احتياجاتهم .
لأن الادارة المحلية تعد هي الركيزة الاولى في التعامل مع اكبر شريحة من المواطنين ,فان تبني الادارة المحلية والالكترونية من شانه ان يساعد في شفافية ومصداقيةوجودة تقديم الخدمات ,وكذلك من شأنه ان يمنع الفساد وان يغلق ابواب المحسوبية والاثراء بلا سبب او عمل .

بعد هذا وذاك فاننا نحلم ان تتحقق في بلادنا الديموقراطية الناضجة الكاملة ,كما تعيشها اقوام كثيرة في آسيا واوروبا وامريكا.

يتحقق ذلك عندما تتحقق شروط جوهرية اساسية ,اهمها ان يكون هناك حريات وقبول للرأي الآخر ,وان يكون هناك قوى اجتماعية حقيقية ,لديها مصالح وطنية واضحة تدافع عنها قوى او احزاب او جمعيات ,ولها انصار فعليون يمارسون العمل السياسي ويتبنون افكارا ورؤى متنوعة,تتصارع في الانتخابات النزيهة المختلفة عبر برامج سياسية ,ومن ينجح يقود الوطن ويكون منتميا له لا لمصالحه الشحصية ويعمل على تطوير الوطن ورفعة شأنه.

يتم ذلك عندما نتخلص من الحروب الاهلية والحروب المذهبية والطائفية والدينية والعرقية والجهوية, ونتحلص من مشكلة الهوية والتعصب الاعمى والعنصرية ,ونحل المشاكل الاقتصادية والتعليمية والصحية, وبهذا نبني بلدا نموذجا حرا ديموقراطيا يدافع الجميع عنه ويعمل لصالحه مما يعكس الخير والمحبة على الجميع.

dr.sami.alrashid@gmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :