أجرأ حوار مع مروان المعشر : لا ربط بين خروج عوض الله والاصلاح .. ولا اردني او فلسطيني واحد يريد الاردن وطناً بديلاً لاحد .. وحمل الاحزاب للاسلحة مرفوض ..
21-10-2008 03:00 AM
د.المعشر يتحدث عن تغيير ولاية العهد والسلام الاردني الاسرائيلي والمبادرة العربية والرئيس الاميركي بوش وحزب الله وحماس وايران ..
عمون - تنقل عمون عن العربية المقابلة التي اجرتها جيزيل خوري مع الدكتور مروان المعشر :
بالعربي: مع د.مروان المعشّر (وزير خارجية ووزير البلاط الملكي الأردني سابقا)
اسم البرنامج : بالعربي
تقديم: جيزال خوري
تاريخ الحلقة: الخميس 16/10/2008
ضيف الحلقة: د.مروان المعشّر (وزير خارجية ووزير البلاط الملكي الأردني سابقا)
جيزال خوري: مساء الخير، الدكتور مروان المعشّر وزير خارجية، ووزير البلاط الملكي الأردني سابقا، هو ضيف برنامج بالعربي الليلة، هو من القلائل من السياسيين العرب الذين كتبوا مذكّراتهم، واليوم في بيروت يوقع كتابه بالنسخة العربية "نهج الاعتدال العربي". باللغة الإنجليزية صدر الكتاب منذ سنة تقريبا؟
د.مروان المعشّر: منذ 4 أشهر.
جيزال خوري: منذ 4 أشهر وعنوانه: "The Arab center The Promise of moderation"، دكتور مروان المعشر أولا اشتقنا لك، ثانيا: أنا بحب قول إنّو مش بس من القلائل من السياسيين اللي عملوا مذكراتهم، ولكن من الناس اللي تركوا يعني الحقيقة فراغ كبير في الساحة العربية يعني في الساحة السياسية العربية، اشتقنا لك على مستوى وزير خارجية كمان، فينا نقول..
د.مروان المعشّر: شكرا.
هل ذهب الوسط العربي؟ ولماذا؟
جيزال خوري: ليش نهج الاعتدال العربي؟ يعني أنا حسيت هيدا الكتاب كأنه صرخة للقول إنّو راح الوسط العربي، فشوفوا شو بدكن تعملوا؟
د.مروان المعشّر: الحقيقة صحيح أن الاعتدال العربي في مأزق اليوم، والسبب الرئيسي في رأيي هو أن قوى الاعتدال العربي ركّزت على قضية واحدة فقط وهي قضية السلام، ورغم الجهود – حقيقة - الكبيرة التي بذلتها من أجل حل النزاع العربي الإسرائيلي لم تنجح في إيجاد تسوية لهذا الحل، ولكنها في المقابل لم تركز على القضايا الأخرى التي تهم حياة المواطن اليومي، الحاكمية الرشيدة، التعددية السياسية، التنمية الشاملة، وبالتالي ليس لديها شيء اليوم لتعطيه، لا نجحت في السلام ولا عالجت مواضيع التنمية الشاملة.
جيزال خوري: إي يعني نحنا رح نقول ليش ما نجحت، لأنك أنت حاكي في هيدا الكتاب إن كان في السلام أو كان بالإصلاح، بس يعني وقت بتقول هذه الصرخة، كأنه فيه يأس، يعني إنّو هل تعتقد إنّو خلص بزمن الراديكالية الموجودة إن كان الراديكالية بالأنظمة القامعة العسكرية من جهة أو الأنظمة أو للأحزاب اللي بدها تدخل في راديكالية، الدينية شو ما كان الدين، إنّو ما في محل وكأنك أيضا تقول أن الولايات المتحدة مسؤولة.
جيزال خوري: أنا لا.. أنا الاعتدال العربي الذي أتكلم عنه ليس اعتدالا يعني مرتبطا فقط بعملية السلام، اليوم الخيار كما قلتِ في العالم العربي للمواطن العربي هو إما أنظمة حاكمة بدون يعني نظم مساءلة ومراقبة مرافقة لهذه الأنظمة، وإما قوى راديكالية دينية في بعض الأحيان تؤمن بالعنف ولا تؤمن بالتعددية السياسية والثقافية، هذان الخياران يعني ليسا بالخيارين المريحين للغالبية من المواطن العربي، المواطن العربي برأيي يريد اعتدالا مبنيا على التعددية السياسية، مبنيا على السلم سواء كان هذا السلم إقليميا أو داخليا، ومبني على مجتمع يحتوي كافة أبنائه ويحتفل بهم، هذا الاعتدال العربي كما أفهمه وأراه، ليس الاعتدال العربي المرتبط بمصالح الولايات المتحدة، وإن كنا في موضوع السلام عملنا مع الولايات المتحدة بكل تأكيد من أجل حل النزاع العربي الإسرائيلي، ولكن هذا لا يعني أن الاعتدال العربي مرتبط دائما بمصالح الولايات المتحدة.
ما الذي يجمع الأنظمة السعودية المصرية الأردنية؟
جيزال خوري: إي. بس كمان إنّو بتحكي عن محور ثلاث بلاد بفتكر، بس كل واحد بنظامه ما له علاقة بالثاني، يعني كأنّك كنت عامل حلف وقت كنت وزير خارجية مع الأمير سعود الفيصل في المملكة العربية السعودية ومع وزير خارجية مصر أحمد ماهر وأنت وزير خارجية الأردن، يعني سعودي أردني مصري، شو كان بيجمعكم غير السلام؟
د.مروان المعشّر: كان السلام هو القضية الرئيسية التي تجمع هذه البلدان الثلاثة بالفعل، وسواء كان الموضوع متعلقا بمبادرة السلام العربية أو ما أصبح يعرف بخارطة الطريق فيما بعد، حقيقة كانت هذه هي قوى الاعتدال التي حاولت من خلال علاقاتها مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بشكل عام، حاولت أن تصل إلى نهاية سلمية للنزاع العربي الإسرائيلي، من جهة تلبي الحقوق العربية ومن جهة أيضا تعالج المطالب أو المشاغل الإسرائيلية. فيما يتعلق بالقضايا الأخرى لا نستطيع أن نقول أن هذه القوى نفسها عملت من أجل القضايا الأخرى التي تحدثت عنها وعلى رأسها قضايا الإصلاح السياسي، لم يكن هذا موجودا، الاعتدال العربي لا يمكن أن يكون قائما على ركيزة واحد هي ركيزة السلام، يجب أن يكون هناك مشروع عربي شامل من أجل معالجة المشاكل كما قلت التي تهم المواطن العربي غير موضوع السلام. لا شك أن موضوع السلام موضوع رئيسي ويجب معالجته، ولكن لا نستطيع فقط النظر إلى هذه القضية ونترك باقي القضايا الأخرى.
جيزال خوري: ليش المواطن العربي اللي بالشارع ما اهتم فيكم؟ يعني خلينا نقول أنت عم تحكي عن أنه لازم هذا الشارع العربي أن نخدمه مش بس نحكي عن قصة فلسطين وإسرائيل، في شي ثاني في هذا العالم، في عندهم هموم أخرى الشباب العربي، بس هل كان عندكم خطاب أنتم المعتدلون يهم يعني بيهتموا فيه الشباب؟ هل أعطيتم حلول لهؤلاء الشباب؟
جيزال خوري: كان لدينا خطاب فيما يتعلق بالقضية السلمية، لم يكن لدينا خطابا واضحا فيما يتعلق بالقضايا الأخرى.
جيزال خوري: لماذا؟
د.مروان المعشّر: هذا تقصير واضح، وهذا يعني أنا كتبت الكتاب أصلا لكي أحاول تسليط الضوء على هذا الموضوع، لا يمكن لقوى الاعتدال أن تنجح في المستقبل إن بقيت تركز على قضية واحدة فقط، بدون بناء مجتمع تعددي. نعم تدريجيا. لأنني لا أؤمن بالثورية ولا أؤمن بأن الديمقراطية هي مجرد انتخابات حرة، ولكن لا بد من تركيز كافة دعائم الديمقراطية. إنما بدون بناء هذا المجتمع، وبدون النظر إلى المشاغل اليومية للمواطن العربي الذي يهمه السلام ولكن يهمه أيضا الحاكمية الرشيدة والتعددية السياسية والتنمية الشاملة، بدون أن تركز قوى الاعتدال العربي وتوسع من مدى اعتدالها ليشمل كافة هذه القضايا لن تستطيع برأيي الصمود أمام هذه الراديكالية المتصاعدة التي تطالب بالعنف، التي لا تؤمن بالتعدية، التي لا تؤمن بالانفتاح على الآخرين، وبالتالي أنا لا أريد حقيقة أن ننتهي بمجتمع منغلق منعزل عن الآخرين لا يؤمن بالوسائل السلمية، إن كنا نريد لهذا المجتمع أن يلحق بركب الحضارة العالمية ويكون جزءا من هذه الحضارة لا بد لنا من تركيز اهتمامنا على كافة هذه القضايا.
جيزال خوري: فيه أمل؟ أم تعتقد كما يقول يعني الكثيرون أنه إذا كان هناك انتخابات حرة في كل الدول العربية الأحزاب الراديكالية الإسلامية هي التي ستنجح بهذه الانتخابات؟
جيزال خوري: الأحزاب الراديكالية الإسلامية، يعني حقيقة جزء من نجاحها راجع إلى عدم.. أو قصور الأنظمة السياسية العربية في الوطن العربي من معالجة الاهتمامات اليومية للمواطن العربي. أنا لست مع الانفتاح الشامل الآني والسريع، لأنه بالفعل حقيقة بدون أن نعطي الفرصة..
جيزال خوري: شو يعني الانفتاح الشامل؟
د.مروان المعشّر: يعني بمعنى الديمقراطية لا تقوم على الانتخابات الحرة فقط، إن لم يكن لدينا نظام يضمن حكم الأغلبية، ولكن أيضا حقوق الأقلية، يضمن حقوق الإنسان، تمكين المرأة، القضاء النزيه والعادل، الصحافة الحرة، بدون أن يكون هناك كل هذه الركائز لبناء مجتمع ناضج سياسيا لن يكون بإمكاننا حقيقة تحقيق مجتمع ديمقراطي في الوطن العربي. أنا أعتقد أن كل القوى والأحزاب السياسية في الوطن العربي سواء كانت إسلامية أم غير إسلامية، عليها أن تلتزم بمبدئين من البداية، التزام الوسائل السلمية، يعني لا نستطيع الحديث عن حزب سياسي في أي دولة من الدول يحمل السلاح، لأن ذلك يعطي الحق لغيره من الأحزاب بحمل السلاح وتكون مقدمة لحرب أهلية وليس مجتمع تعددي..
جيزال خوري: مين قصدك؟
د.مروان المعشّر: يعني قصدي حماس، وحزب الله، الأحزاب العراقية، كل من يريد العمل في السياسة وحمل السلاح، هذا مرفوض برأيي. والأمر الآخر هو الالتزام بالتعددية السياسية والثقافية في كل الأزمنة والأوقات، لا يأتي حزب إلى السلطة ثم ينكر حق الأحزاب الأخرى للوصول والتداول السلمي إلى السلطة، إذا التزمنا بهذين المبدئين عملا وليس قولا وكانوا موجودين في الدساتير العربية بحيث يمنع كل حزب من ناحية من العمل إن كان لا يلتزم بالتعددية أو بالوسائل السلمية، وبحيث تمنع الدولة أيضا من محاربة حق الأحزاب السياسية في التنظيم إن كانوا يؤمنون حقيقة بالتعددية والوسائل السلمية، هذه الخطوة الأولى التي علينا أن نخطوها إن كنا نريد بناء..
هل تأخر الاعتدال في منع الراديكالية؟
جيزال خوري: ألم تتأخر الدول لهذه القوانين؟ يعني شو بيقولوا هنّن إنّو هذه الراديكالية المتشددة كسحت، يعني اليوم إذا بدنا نفتح كل هالأمور مثل ما صار مثلا في مصر، عندما فتحت الصحافة، يعني صار في حرية صحافة نوعا ما في مصر منشوف أن هذه الصحافة هي صحافة معارضة أكثر تنتمي إلى الراديكالية المتشددة من أنها تنتمي إلى الاعتدال، حتى اليسار العربي أصبح يعني مع الأحزاب المتشددة. أما تأخرنا؟ فينا نقول إنّو راح القطار؟
د.مروان المعشّر: تأخرنا كثيرا، وهذه مشكلة الاعتدال العربي في العالم العربي، يعني إما تكوني معتدلة في السلام ومتصلبة في الإصلاح، وإما أن تكوني مثل اليسار العربي معتدل في الإصلاح ومتصلب في السلام، ليس لدينا اعتدال يغطي كافة الجوانب، ولكن حجة القوى التقليدية بأنه لا يجب علينا تطوير الأنظمة السياسية أو فتح هذه الأنظمة لأن أي عملية فتح لهذه الأنظمة تأتي بالقوى الراديكالية حقيقة لا يدعمها التاريخ والحقائق، إن رأينا القوى الدينية أو القوى التي تلجأ للعنف.. إن رأينا قوتها اليوم في الشارع أقوى بكثير مما كانت عليه قبل عشرين أو ثلاثين عاما.
إذن، حجة أن إغلاق الأنظمة السياسية يؤدي إلى إضعاف هذه القوى حجة حقيقة واهية، الحجة المقابلة والتي أنا من المؤمنين بها تقول: إن لم نفتح الأنظمة السياسية ستأتي القوى الراديكالية للحكم، ليس إن فتحنا، لأنه إذا خيّر المواطن العربي وبقي هذا الخيار بين أنظمة بدون شفافية ومساءلة ومراقبة وبين قوى دينية لا تؤمن بالسلام ولكنها يعني تعطي الوعود لهذا المواطن بحاكمية رشيدة، نرى مثلما حصل في الضفة الغربية في انتخابات 1996 نرى أن المواطن العربي ينجرّ أحيانا وراء هذه القوى ليس لإيمانه بالضرورة بأيديولوجيتها الراديكالية، ولكن لإيمانه بأنها قد تعطيه حاكمية رشيدة أفضل مما أعطته السلطات في حينه، إن كنا نريد الابتعاد عن هذا الخيار أو هذا الخيار لا بد من تطوير بدائل وخيارات أخرى.
من سيقود الاعتدال العربي؟
جيزال خوري: بس مين الدولة أو مين الشخص أو مين الحزب اللي ممكن أن يقود؟ لأنه نحنا منعرف في العالم العربي يجب أن يكون هناك زعيم أو على الأقل دولة كبيرة أن تقود هذا الاعتدال العربي. هل شايف بالأفق شيء من هذا النوع؟ أو أنك تطلب من هؤلاء الناس أن يجتمعوا وأن يعطوا خطاب آخر كمان، أولا من المهم ترويج فكر الاعتدال العربي، لأن فكرة الاعتدال العربي فكرة أصبحت مناطة بالسلبية لدى المواطن العربي، يعني الاعتدال العربي لدى المواطن العربي هو: استسلام للعالم الغربي، هو عميل أمريكي، حتى الإصلاح بات يوصف بالعمالة لأمريكا، الإصلاح الذي هو مطلب عربي ومطلب أساسي لكل مواطن.
جيزال خوري: صحيح، بس الحق عالأمريكان، لأنهم أتوا بأجندة الإصلاح ليفرضوها على الأنظمة العربية.
د.مروان المعشّر: صحيح، ولكن مش بس الحق على الأمريكان، الحق أيضا على القوى التقليدية في الوطن العربي التي لم ترد للإصلاح أن يبدأ في هذا الوطن، ولذلك كان من السهولة نعت كل من يطالب بالإصلاح بالعمالة لأمريكا. من السهولة بمكان مستخدمين في ذلك عدم صدقية الولايات المتحدة بالفعل، خاصة خلال إدارة الرئيس بوش فيما يتعلق بهذه المنطقة. إنما أنا برأيي الإصلاحيين الحقيقيين، الإصلاحيين السياسيين، يعني لا نقول فقط بالإصلاح الاقتصادي، نقول بالتعددية السياسية والإصلاح السياسي لا يجب أن يبقوا خائفين من تهمة الخيانة ومن تهمة العمالة لأمريكا، الإصلاح مطلب شعبي عربي ضروري لتنمية المجتمعات العربية بغضّ النظر عن أية تهم تكال من هنا وهناك.
جيزال خوري: إذن العقبة الأساسية هي خلينا نقول القوى التقليدية لهذا الإصلاح العربي؟ وربما سياسة أمريكا التي لا تساعد هذا الإصلاح؟
د.مروان المعشّر: أنا أعتقد أن القوى.. قوى الاعتدال، وأنا الآن لا أتكلم عن نظام بحد ذاته، ولكن أتكلم عن فكر، فكر الاعتدال العربي يجب أن يكون موجود على الساحة بشكل أكبر بكثير، وهناك مسؤولية مباشرة على المعتدلين العرب في أن يرفعوا صوتهم بالنسبة لضرورة تنمية مجتمعاتهم السياسية داخل الوطن العربي.
جيزال خوري: شو بيمثّلوا؟ برأيك شو بيمثلوا في العالم العربي؟ أديش نسبة مئوية؟
د.مروان المعشّر: أنا لا أعرف النسب، لا أعرف..
جيزال خوري: بالأردن أديش بيمثلوا؟
د.مروان المعشّر: بدون شك، بدون شك هم أقلية على المستوى السياسي، بدون شك، أما على المستوى الشعبي أنا مقتنع بأن المواطن العربي العادي يهمّه موضوع السلام، يهمه أن يعيش في بيئة آمنة، في بيئة سالمة، في بيئة مزدهرة، يهمه أن يعرف أن صوته مسموع، بأن هناك تعددية سياسية، بأن هناك مكافحة للفساد، بأن هناك حقيقة من يعمل من أجل تنميته، وبأن هناك مساءلة ومراقبة، أعتقد أن الغالبية العظمى من المواطنين العرب يهمهم هذا الموضوع، المشكلة أن السياسيين سواء الدينيين أو العلمانيين حقيقة لم يركزوا على كافة هذه الأمور، كانوا اعتداليين انتقائيين، من جهة كان هناك معتدلين انتقوا اعتدالهم بالنسبة للعملية السلمية وأغفلوا الأمور الأخرى، ومن جهة أخرى كان هناك أيضا معتدلين في موضوع الإصلاح والمطالبة بالتعددية السياسية ولكن في نفس الوقت إيمان بالعنف وإيمان بالانغلاق وإيمان بالانعزال.
جيزال خوري: إذا بتسمح دكتور مروان المعشّر نتوقف لحظات، ونعود إلى عملية السلام ومذكراتك.
[فاصل إعلاني]
جيزال خوري: نعود إلى برنامج بالعربي، وضيفنا هو وزير خارجية ووزير البلاط الملكي الأردني سابقا الدكتور مروان المعشّر. أنا عم سميك دكتور مروان المعشّر لأنّو اليوم عم بتعامل معك كأنك الكاتب وليس معاليك. فأنا بفتكر إنّو هالكتاب أخذ كثير حيّز لعملية السلام، رغم ما عم بتقول أن الاعتدال ما لازم يفكروا بس بالسلام، لازم يفكروا على كل شي، بس نحن رح نحكي بعملية السلام اللي لا زالت القضية الأولى للعالم العربي، طبعا بتعطي تفاصيل كيف صارت خارطة الطريق، كيف صارت المبادرة العربية، وكأنك تقول أن الأمل الوحيد أو الأمل اللي أضاعه العرب أو الفلسطينيون بالتحديد هو طابا أو مقترحات كلينتون، معايير كلينتون قبل طابا، هل تعتقد أنه يمكن اليوم أن نبدأ عملية السلام من طابا؟ ولاّ انتهت طابا؟
انتهى وقت الحل التدريجي لإحلال السلام
د.مروان المعشّر: لا لم تنتهِ، أنا برأيي أن الحل التدريجي استنفد كل حقيقة قواه، يعني عملية أوسلو التي نادت بحل تدريجي مبني على أولا بناء الثقة بين الجانبين والنظر للأمور السهلة أولا ثم بعد أن تبنى الثقة معالجة الأمور الصعبة، هذا الموضوع لم ينجح في بناء ثقة بين الجانبين، واليوم بعد 15 سنة من بدء عملية السلام التي كان من المفترض أن تنتهي بعد خمس سنوات من أوسلو ولم تنتهي، أصبح كل وقت يعطى لهذه العملية وقت يستخدم من قبل القوى المناوئة المعادية للسلام وليست القوى التي تريد السلام. لكن أنا برأيي الحل تم التوصل إليه. وتم التوصل إليه إما من خلال المفاوضات التي تمت مباشرة سواء بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي، أو بين الجانب السوري والإسرائيلي وأصبحت الخطوط الحمراء معروفة لدى الجميع، وإما من خلال المقترحات التي تم تقديمها من خلال أطراف أخرى بدأت من معايير كلينتون في عام 2000، ثم أتت ربما المقترح الأقوى بين كل هذه المقترحات وهو مبادرة السلام العربية التي وضعت إطارا ليس للحل فقط بين الجانب الفلسطيني وإسرائيل أو الجانب السوري أو اللبناني وإسرائيل لكن بين العالم العربي وإسرائيل. وأعتقد..
جيزال خوري: بس هي عنوان.
د.مروان المعشّر: لا. أكثر من عنوان. أنا أعتقد أكثر من عنوان حددت المبادرة العربية أولا المطالب العربية بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية يعني الفلسطينية والسورية واللبنانية، إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وحل متفق عليه لقضية اللاجئين وفق القرار 194، ولكنها لم تنتهي بذلك، بل أيضا أعطت إسرائيل ما تريد من مطالب أيضا، وقالت أنه في مقابل ذلك يلتزم العالم العربي بمعاهدة سلام جماعية مع إسرائيل، علاقات طبيعية مع إسرائيل، ضمانات أمنية لكافة دول المنطقة بما فيها إسرائيل، وإنهاء تام للنزاع وعدم المطالبة بأي شيء غير الدولة الفلسطينية على حدود الـ 1967.
من عرقل المبادرة العربية للسلام؟
جيزال خوري: بس هيئتها إسرائيل بدها غير شي، يعني إذا بدنا نقول بشكل هيك بسيط، من عرقل المبادرة العربية للسلام؟
د.مروان المعشّر: أنا أعتقد جانبين، الجانب الأول الإدارة الأمريكية التي ربما إن لم تعرقل لكنها لم تكن متحمسة لهذه المبادرة بسبب أيضا عدم حماس إسرائيل لها، وكان جل اهتمام الإدارة الأمريكية منصبّ على العراق في حينه كما تذكرين، وكانت حجة الإدارة الأمريكية أنه بعد الحرب على العراق ستكون جادة تماما في موضوع إنهاء النزاع العربي الإسرائيلي، للأسف لم نرَ هذه الجدية على الإطلاق، وعندما حاولنا بذل المزيد من الجهود لترجمة هذه المبادرة إلى خطة عمل حقيقة على الأرض لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وخرجنا بخارطة الطريق وضعت إسرائيل عليها 14 تحفظا، وولدت ميتة لأن الولايات المتحدة لم تقبل بجزء أساسي، فعليا لم تقبل وإن قبلت فيه اسميا، بجزء أساسي من هذه الخارطة وهو آلية المراقبة من خلال اللجنة الرباعية كي نضمن أن الأطراف بالفعل جادة في تنفيذ التزاماتها بسبب رفض إسرائيل لهذه الآلية.
جيزال خوري: إذن المبادرة العربية ما أعطت لإسرائيل اللي بدها ياه، يعني رغم أن المبادرة العربية أعطت لإسرائيل اللي بدها ياه مثل ما حضرتك قلت، كمان إسرائيل عرقلت، ما بدنا ننسى إنّو ثاني يوم دخلوا على المقاطعة للرئيس ياسر عرفات.
جيزال خوري: بدون شك. أنا عندما أتكلم عن إعطاء إسرائيل أتكلم عن إعطاء الشعب الإسرائيلي، لكن الحكومة الإسرائيلية تحت قيادة شارون في حينه لم تكن جادة في موضوع السلام على الإطلاق، وأنا قلت ذلك صراحة في كتابي، وأشرت إلى المقابلة التي قام بها فايس كلاس مستشار شارون حينئذ لصحيفة هآرتس في العام 2004 وقال: إننا لم نكن جادين، وقال: إننا لا نريد إلا حل يعني بعيد المدى لا نعطي فيه دولة فلسطينية ذات سيادة.
جيزال خوري: طيب من خلال يعني كل هذه السنوات من الدبلوماسية، كنت سفير في إسرائيل، وسفير في واشنطن، ووزير خارجية فيما بعد، هل إسرائيل هي مستعدة لسلام ما؟ بشو ممكن تقبل إسرائيل؟
د.مروان المعشّر: أنا أعتقد أن المبادرة العربية للسلام أعطت إسرائيل كل ما تريد، بدون مجاملة، وبكل صراحة، أعطت المواطن العادي الإسرائيلي كل ما يريد، لأن المواطن العادي الإسرائيلي يريد الأمن لنفسه، وهذا تم ضمان إعطاء ضمانات للمواطن الإسرائيلي ليس من قبل الجانب الفلسطيني أو السوري أو اللبناني أو الأردني أو المصري بل من قبل العالم العربي بشكل عام، أعتقد أنه إذا عرضت هذه المبادرة بالشكل السليم على الشعب الإسرائيلي وأنا أعتقد أنا مقصرين في العالم العربي لأننا رفضنا.. لأننا رفضنا بحجة عدم التطبيع وأنا لا أرى أن في ذلك تطبيعا، الحوار مع العدو ليس تطبيعا، لكن مطلوب الحوار حتى نصل إلى..
جيزال خوري: مصالحات..
د.مروان المعشّر: إلى حل، رفضت بحجة التطبيع، أنا أعتقد أن ترويج المبادرة العربية مباشرة للإسرائيليين هو في صالح المبادرة وفي صالح الحل، وإلا سنصل إلى وقت ونحن يعني نصل إليه سريعا..
جيزال خوري: نحن على خطاه.
د.مروان المعشّر: حقيقة ينتهي في حل الدولتين وتعرض علينا خيارات كلها خيارات سيئة ولا تخدم المصلحة العربية أو المصلحة الفلسطينية.
هل ما زال الخيار الأردني مطروحا؟
جيزال خوري: يعني أنت حكيت بندوة مؤخرا تقول عن الخيار الأردني لأنّو هيئته الإسرائيلي اللي كان معك عم يحكي كان عن الخيار الأردني كما رأيت في الصحافة، هل ما زال مطروحا الخيار الأردني، هون بس لنقول للمشاهدين أن تكون الأردن هي الوطن البديل للفلسطينيين؟
د.مروان المعشّر: كل ما واجهت إسرائيل مشكلة في حل سلمي للنزاع العربي الإسرائيلي تبدأ بالحديث عن خيارات مثل الخيار الأردني، يعني كأن نقول مثلا لأن كاليفورنيا فيها عدد كبير من..
جيزال خوري: المكسيكيين..
د.مروان المعشّر: الأشخاص من أصل مكسيكي إذن ندعو نقول أن كاليفورنيا اسمها المكسيك منذ الآن فصاعدا!! طروحات سخيفة تتجاهل 3.5 مليون فلسطيني على الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة ممن لا يريدون إلا أن يكونوا حرّين على أرضهم وليس على أراضي غيرهم، تتجاهل 5.5 مليون أردني لا يريدون أن تكون الأردن هي فلسطين، وتتجاهل الحقائق على الأرض بشكل حقيقة سخيف يريد تلبية المطالب الإسرائيلية دون تلبية المطالب الفلسطينية. هذه الحلول..
جيزال خوري: أنت خايف منه؟ هل ما زلت تخاف على كيان الأردن من هذا الخيار؟
د.مروان المعشّر: أنا لا أعتقد أن هذا خيار جدي، لا أعتقد أن.. ولذلك لست بالخوف الذي يخاف منه الآخرون، لا أعتقد أن هناك أردني واحد يريد هذا الموضوع، ولا أعتقد أن هناك فلسطيني يريد هذا الموضوع.
جيزال خوري: دكتور المعشّر أنا وقت قرأت كتابك عن موضوع عملية السلام والحديث عن ياسر عرفات من قبل الإدارة الأمريكية، قلت أنا: لو هذه الصورة كانت موجودة لدى يعني العالم العربي والناس العاديين، منعرف شو كان عم بيصير أحاديث بينكم وبين الإدارة الأمريكية، وشو كنتم عم بتقولوا له لياسر عرفات، كان من الطبيعي نعرف أن ياسر عرفات سيموت بشكل يعني ربما مش طبيعي، لأنه لحدّيت هلأ يقال أنه قتل، وما منعرف إذا قتل أو لأ، ولكن كان واضح أنه فيه تحضير لأن يخلصوا الأمريكان والإسرائيليين من ياسر عرفات. أنا الحقيقة عندي سؤالين: هل أنت شعرت أن ياسر عرفات كان عارف أن هيدي نهايته وتمسك.. يعني كان مظبوط بين إيديه موجود هالفصائل الراديكالية وكان يسمح بالعمليات الانتحارية كما قال الأمريكيون؟ هيدا السؤال الأول. والثاني: هل افتكروا عنجد الأمريكيين أن البديل ممكن أن يكون أفضل من ياسر عرفات؟ أم كانت كمان لعبة سياسية من قبلهم ومن قبل الإسرائيليين؟
د.مروان المعشّر: الحقيقة أنا لا أعرف عن ظروف وفاة الرئيس ياسر عرفات، ولكن أنا ما أستطيع أن أقوله أننا يعني لما عملنا مع الرئيس عرفات وقت إعداد المبادرة العربية ووقت أيضا خارطة الطريق، كنا نعطيه النصيحة بأن الجانب الأمريكي جانب متشدد، وبأن موضوع العمليات الانتحارية موضوع لا يجب يعني بأي شكل من الأشكال التغاضي عنه.
جيزال خوري: كأنه كان عندهم معلومات بأنه هو كان يشجع هذه العمليات.
د.مروان المعشّر: أنا لا أستطيع الجزم إذا كان يشجع أم لا، أنا أستطيع أن أقول لك أعطيناه النصيحة دائما بأنه يجب الوقوف بحزم ضد هذه العمليات التي يعني تستهدف المدنيين، وبأن هذه العمليات أضرت بالقضية الفلسطينية، وقلنا ذلك بصراحة رغم أنه تعرضنا ليعني انتقادات لاذعة من قبل ربما الكثير في العالم العربي وحتى انتقادات داخلية من قبل المعارضة الأردنية. وقلنا في حينه إن كنا نقبل بمبدأ استهداف المدنيين سيأتي الوقت الذي يستهدف فيه غيرنا مدنيينا، وهذا حصل بالفعل، ولم يحصل فقط في الأردن، حصل في العراق وحصل في السعودية وحصل في المغرب وحصل في مصر، مبدأ استهداف المدنيين لا يمكن برأيي أن يكون مبدأ مقبولا بغض النظر..
*وفي دمشق. بغض النظر عن الأسباب، إن كنت تسمح للغير ستسمح بفعل ذلك، سيأتي يوم تستهدف فيه أنت من هذا الموضوع.
جيزال خوري: أنت برأيك كان معه خبر بالعمليات؟ كان يقدر يضبط؟ ما بدنا نقول معه خبر، كان يقدر يضبط العمليات الانتحارية اللي صارت؟
د.مروان المعشّر: أنا أعتقد أنه كان يستطيع فعل أكثر مما فعل.
جيزال خوري: لماذا لم يفعل؟
د.مروان المعشّر: لا أعرف يعني الخارطة السياسية الداخلية الفلسطينية في حينه.
جيزال خوري: بس راح ياسر عرفات وإجا أبو مازن بنفس الوقت صار عندهم شريك هنّن بيقولوا إنّو كان ممكن يتعاملوا معه، بس شو عملوا؟ ما عملوا شي، طلعوا حماس يعني..
د.مروان المعشّر: أتفق معك في ذلك كل الاتفاق. الجميع وعلى رأسهم الإدارة الأمريكية هم الملامون لعدم دعم الرئيس الفلسطيني أبو مازن، وعدم يعني إنهاء النزاع العربي الإسرائيلي وقت أن كان بالإمكان إنهاء مثل هذا النزاع، لم يأتِ رئيس فلسطيني معتدل في تاريخ القضية الفلسطينية أكثر من الرئيس الفلسطيني أبو مازن، ولا أعرف إن كان سيأتي في المستقبل رئيس فلسطيني معتدل كذلك، لم تعطِ الإدارة الأمريكية أبو مازن أي دعم حقيقي على الأرض، إسرائيل لم تعطه أي دعم حقيقي على الأرض لا من خلال يعني الحواجز الإسرائيلية في الطرق، ولا من خلال إعادة الأموال الفلسطينية..
إسرائيل أعطت حزب الله أكثر من أبو مازن
جيزال خوري: أعطت لحزب الله أكثر.
د.مروان المعشّر: بدون شك.
جيزال خوري: هذا يعني أنه ربما يعني طريق المقاومة هو أفضل، يعني أنت بتعرف أنه اليوم بفلسطين يقولون حزب الله ربحوا، نحن أعطينا كل شيء ما عطيونا شي الإسرائيليين.
د.مروان المعشّر: الدول العربية ذهبت إلى مدريد عام 1991، وعام 1991 اتفقت على حل النزاع العربي الإسرائيلي بالطرق السلمية، حتى نكون أيضا واضحين، الخيار العسكري جرب عربيا وهو ليس خيارا جديدا، ولم ينجح هذا الخيار، لا نجح في الـ 1948 ولا نجح في الـ 1967.
جيزال خوري: حزب الله؟
د.مروان المعشّر: حزب الله أنا برأيي يعني نجاحاته كانت نجاحات تكتيكية ونجاحات يعني لا تؤدي إلى حل النزاع العربي الإسرائيلي، خلينا نعرّف: ما هو النجاح؟ النجاح برأيي هو حل النزاع العربي الإسرائيلي. ولا أعتقد بأن حزب الله يستطيع حل هذا النزاع. هذا الحل الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي. بغير ذلك نبقى نتكلم عن معارك هنا وهناك ولا نتكلم عن الصورة الكبرى والأشمل.
جيزال خوري: أنت عم تكتب كواليس.. بعض الكواليس طبعا في أشياء كتير هلأ بعدين منحكّيك عنها، شو خبيت علينا، مثلا بقصة المبادرة العربية حكيت عن يعني النهج السوري مع فاروق الشرع واللي بتقول بشكل واضح إنّو ما بيعرفوا شو فيه في الخارج، يعني هنّن في مدرسة حزبية داخلية، بس ما بيعرفوا كأنهم لم يتعاطوا مع العالم الخارجي، ولكن كمان عم تحكي عن قصة الرئيس إيميل لحود اللي ما كان بده المبادرة العربية، وبعدين ضابط أمن هو الذي أقنعه في هذه المبادرة. يعني أنت كنت حاسس بالجو الأمني في لبنان؟ أكثر من هيك وقت اللي بتحكي عن الرئيس الحريري يعني بتقول الرئيس الحريري ما قدر يحكي معك قدام الناس اللي كانوا موجودين في بيته، فطلع معك على الحديقة وهي صارت معروفة في لبنان، بأن يتكلم صراحة معك في السياسة، هل شعرت وأنت بيروت اللي عشت فيها يعني وكنت طالب جامعي أن هذا الجهاز الأمني اللبناني كان هو المسيطر حقيقة في لبنان؟
د.مروان المعشّر: بدون شك، يعني بدون شك حتى لا يعني حتى أكون صريحا طبعا بدون شك، لكن يعني المحزن حقيقة أننا كنا بصدد مبادرة عربية تؤدي إلى حل النزاع العربي الإسرائيلي، ولم نكن بصدد تسجيل المواقف، والمواقف العربية أصلا يعني معروفة ولا تحتاج إلى تسجيل، ولم نكن نريد الابتعاد عن القرارات الدولية قيد أنملة واحدة، ولم يكن المطلوب تسجيل المواقف، وشعرنا حقيقة أن المطلوب كان تسجيل المواقف أكثر مما هو مبادرة عربية..
جيزال خوري: إنّو مش نهج المقاومة.
د.مروان المعشّر: تماما..
جيزال خوري: كأنه فيه محورين؟ من وقتها فيه محورين؟
د.مروان المعشّر: لا شك أنه لدى إعداد المبادرة كان هناك موقفين، خليني أقول، موقف معتدل يريد أن يخرج بمبادرة لا تحيد عن قرارات الشرعية الدولية وفي نفس الوقت يعني تمثل خطوة إلى الأمام تساعد على حل النزاع العربي الإسرائيلي، وبين موقف كان يريد إعادة تكرار أمور سابقة بدون أن يأتي بجديد يؤدي إلى تحريك الوضع وإلى..
جيزال خوري: بس هنّن لساتهن عم يحكوا مع إسرائيل.. عم يتفاوضوا مع إسرائيل.
د.مروان المعشّر: حقيقة أولا الحديث بين الجانب السوري والإسرائيلي جيد، لأنه مطلوب أن يتم هناك حوار، لكن ينسى الناس أن هذا ليس حديثا جديدا، يعني مفاوضات شبر ستاون بين وزير الخارجية الشرع في حينه وإيهود باراك، هناك العديد من المباحثات المباشرة التي تمت بين سوريا وإسرائيل، إيقافها في المدة الأخيرة من عام 2000 ربما حتى مؤخرا هو كان الاستثناء وليس القاعدة، ولكن منذ أن ذهبت سوريا كما ذهبنا جميعا إلى مؤتمر مدريد كانت هناك مفاوضات.
جيزال خوري: كان في.. ما بتحكي أبدا بفتكر يمكن غاب عن ذهني، ما بتحكي أبدا عن إيران في عملية الشرق الأوسط؟
د.مروان المعشّر: إيران أولا دولة غير عربية، وبالتالي لما نتكلم عن مباحثات السلام..
جيزال خوري: في ناس بينسوا وقت بيحكوا لنا عن العروبة بيكونوا هنّن حلفاء إيران.
د.مروان المعشّر: إيران فيما يتعلق بالنزاع العربي الإسرائيلي لا تلعب دورا إيجابيا، وبدها يعني تكون هي الحريصة كأنها على مصالح الشعب الفلسطيني أو على الشعوب العربية..
جيزال خوري: بس ما حكيت عنها؟
د.مروان المعشّر: لأ ما حكيت عنها حقيقة لأنه يعني أنا الكتاب تحدث عن السلام وعن الإصلاح بصورة مباشرة ولم أتحدث عن إيران، ولكنني أعتقد أنه إذا تم هناك سلام وفق المبادرة العربية للسلام تنتفي حجة دعم إيران لأي من الأطراف التي لا تريد لهذه العملية أن تنجح، لا تستطيع إيران إن كان العالم العربي كله يوقّع معاهدة سلام مع إسرائيل لا تستطيع إيران أن تبرر استمرار دعمها للقوى المسلحة في الوطن العربي.
جيزال خوري: كمان رح نتوقف لحظات ونكون مع الفقرة الأخيرة.
[فاصل إعلاني]
لماذا أبعد الأمير الحسن عن الملكية؟
جيزال خوري: نعود إلى الفقرة الأخيرة من برنامج بالعربي، وضيفنا هو الدكتور مروان المعشّر عن مذكراته السياسية. في هذه المذكرات السياسية دكتور المعشّر هناك شيء من الإنسانية وشيء من الذكريات الخاصة، خاصة فصل الأيام الأخيرة لجلالة الملك حسين اللي أنا بقدر قول أنها مؤثرة جدا. ولكن تقول أو تقول صراحة كيف تم تبديل وضع ولاية العهد، يعني بعد ما كان الأمير حسن 33 سنة ولي عهد، في الأيام الأخيرة وضع ابنه اللي أصبح اليوم الملك عبد الله هو يعني ولي العهد، في ناس بتقول أنه صار فيه تدخّل إقليمي ودولي لمنع وصول الأمير حسن إلى الملكية، هل تعتقد أن هذا الأمر صحيح؟ وأنت أخفيته مثلا؟ أو تعتقد أنه حقيقة مثلما تقول: كان يريد الملك حسين أن يورث ابنه أحد أبنائه يعني؟
د.مروان المعشّر: الحقيقة ظهرت شائعات كثيرة. أنا كنت ربما المسؤول الأردني الوحيد اللي عايش جلالة الملك يعني بشكل متواصل في..
جيزال خوري: في الفترة الأخيرة.
د.مروان المعشّر: في الأشهر الستة الأخيرة من خلال موقعي كسفير للأردن في واشنطن حينذاك. أنا أجزم أنه لم يكن هناك أي تدخل، لا من قبل الإدارة الأمريكية، ولا من قبل أي ناس في هذا الموضوع. وأعتقد أن هناك الكثير ممن يعرفون أن موضوع ولاية العهد كان موضوع يشغل بال جلالة الملك منذ فترة طويلة، يعني على الأقل منذ العام 1992 ومرضه الأول بالسرطان، هذا ليس بأي شكل من الأشكال برأيي انتقاص من المكانة التي يتمتع بها سمو الأمير الحسن، أو من خدمته بأمانة وإخلاص لمدة 33 أو 34 عاما. لكن بالنسبة لجلالة الملك الراحل أعتقد أن العامل الأهم كان برأيه هو من يستطيع قيادة المرحلة القادمة من تاريخ الأردن، واعتقد بأن جلالة الملك عبد الله هو أفضل من يعني هو مؤهل لمثل هذا الخير..
جيزال خوري: كان مدربه للأمير عبد الله..
د.مروان المعشّر: جلاله الملك عبد الله كان يعني في الجيش لمدة 17 عاما، وكان.. يعني ننسى أنه كان ولي العهد أصلا منذ العام 1962 حتى العام 1965. أما الحديث عن يعني خرجت يعني قصص عن تصرّفات معينة لبعض عائلة الأمير حسن، هذه أمور أنا لا أعتقد أنها في المحصلة النهائية يمكن أن تؤثر على قرار بمثل هذه الخطورة، ولا أعتقد أن جلالة الملك الحسين كان يعني يتخذ قراراته بناء على تصرف هنا أو تصرف هناك، ما كان يشغل باله هو مستقبل المملكة الأردنية الهاشمية وما كان يعتقد بأنه مؤهل..
جيزال خوري: يعني أخذت منحى ثاني مع الأمير حسن، برأيه هو الملك حسين كانت أخذت غير منحى المملكة؟
د.مروان المعشّر: الأردن كان يواجه خطرين حقيقة في الماضي، خطر من إسرائيل التي كانت تنادي دوما بأن الأردن هو الوطن البديل للجانب الفلسطيني، وخطر كان في الخمسينات والستينات من بعض الأنظمة الثورية العربية التي كانت يعني تريد العداء للأردن، مصر أيام جمال عبد الناصر، حزبي البعث في سوريا والعراق إلى آخر ذلك. هذان الخطران تلاشيا بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل ويعني تلاشي خطر الأردن كوطن بديل، وطبعا بعد تحسن العلاقة الأردنية مع هذه الأنظمة بشكل كبير جدا بعد العام 1967.
وليس باعتقادي من قبيل المصادفة أن جلالة الملك بدأ بالتفكير جديا حول موضوع الخلافة بعد تلاشي هذين الخطرين وخاصة بعد توقيع المعاهدة الأردنية الإسرائيلية، ونظرته إلى من هو أكثر تأهيلا لقيادة المملكة في المستقبل، خاصة أن جلالة الملك عبد الله كان أقرب سنا وربما أيضا عقلية للغالبية من المواطنين الأردنيين الذين يعني المجتمع الأردني مجتمع فتي ومعظم سكان الأردن من..
جيزال خوري: بس هنّن بيقولوا كان بدّو الأمير حسن، إشاعة من الإشاعات.
د.مروان المعشّر: أنا لم أرَ حقيقة، لا أطلعني جلالة الملك حسين على هذا الموضوع، وباعتقادي أنه لم يطلع أحدا على ما كان يدور في ذهنه، كل ما رأيته عندما كنت سفيرا هو كيفية اتخاذه لهذا القرار، وأعتقد توقيت اتخاذه لهذا القرار، وأنا كتبت في كتابي أنني أعتقد أن التوقيت جاء في شهر 10 من العام 1998.
جيزال خوري: على كل حال بتقول كيف هو كمان واجه الموت بأي شجاعة، يعني عارف حاله أنه كان رح يموت وعم يواسيكم إنّو أنتم اللي كنتوا يعني خايفين عليه وهو كان يواجه الموت بشجاعة كبيرة، على كل حال هو معروف عن شجاعته الملك حسين. مروان المعشر وقت أنت كنت عم تكتب شو.. كيف كنت تحذف الأشياء؟ في أشياء يعني أكيد كان عندك خطوط حمراء أيضا ورقابة في رأسك، كيف قدرت توزن هيدي الأشياء؟ هل تعتقد أن حذف بعض الأمور يقلل من مصداقيتك؟
هناك أمور لم يستطع البوح بها
د.مروان المعشّر: آمل أن لا يكون الحال كذلك. أنا أعتقد أنني كنت صادقا إلى حد كبير، وأعتقد أنني كنت صريحا حتى إلى حدود لا نعتاد عليها في المجتمع العربي خاصة أنني تكلمت عن أشخاص ومواقف ودول يعني لا زلنا نعمل معها، لكن في العالم العربي ليست هناك من طريقة خاصة للسياسي العربي من عرض مذكراته على جهة معينة، ليس هناك من قانون يقول تستطيع أن تكتب كذا أو لا تكتب كذا، في النهاية إما أن يمنع الكتاب أو لا يمنع، ويعني في الغرب هناك قوانين تحدد ما يمكن أن يكتب وما لا يمكن، ولذلك لا بد من الرقابة الذاتية في بعض الأمور التي أعتقد أنها يعني ليس من يعني لا أستطيع البوح بها، ولكنني أعتقد أيضا..
جيزال خوري: أديش نسبة مئوية؟
د.مروان المعشّر: قليلة جدا، أنا حاولت خاصة في موضوع الإصلاح حاولت أن أكون صادقا جدا.
مهاجمة الحرس الأردني القديم
جيزال خوري: كنت صادقا جدا بالنسبة للحرس القديم في الأردن، يعني كنت مهاجمهم كتير وتعتقد أنهم هم اللي منعوا الإصلاح بالنهاية.
د.مروان المعشّر: أنا أعتقد أن القوى التقليدية، وأنا يعني كتبت عن التجربة الأردنية لأنها أعتقد أنها تمثل التجربة العربية بشكل عام، أعتقد أن بعض القوى التقليدية في الأردن لا تريد التغيير وتنعت من يريد التغيير بالعملاء الأمريكيين وبالخونة ربما في بعض الأحيان، لأنها مستفيدة من الامتيازات الممنوحة لهم حسب النظام القائم. وأعتقد بأنه لا مجال لتنمية شاملة في الوطن العربي إلا من خلال عملية إصلاح تدريجية ولكن جدية. أما أن يقال لا إصلاح على الإطلاق أو..
جيزال خوري: كان في خطر.
د.مروان المعشّر: أو إصلاح شكلي وليس إصلاح جدي لأن فتح النظام يتيح المجال أمام القوى الراديكالية. أنا أقول العكس عدم فتح النظام هو من يتيح المجال للقوى الراديكالية.
جيزال خوري: هنّن السبب بخروجك من السلطة؟ أو خلينا نقول من السيستم؟
د.مروان المعشّر: هذه الأمور يعني هناك صراع في الوطن العربي كله ليس فقط في الأردن بين من يريد التغيير ومن لا يريد، هذه من الأمور الطبيعية، ينجح أشخاص أو تنجح مواقف في بعض الأحيان وتنجح مواقف أخرى في أحيان كثيرة، ليس المهم وجودي أو وجود آخرين في السلطة أو في خارج السلطة، المهم هو ترويج الفكر الذي أنادي به كما طبعا من حق الآخرين ترويج أفكارهم أيضا، ليس المطلوب وجود خارج السلطة أو داخل السلطة برأيي بقدر ما هو مطلوب أن يكون المعتدل العربي ومن يريد الإصلاح أن يكون جريئا أكثر في طرحه لمواضيع التنمية السياسية الداخلية، وعدم اهتمامه فقط بقضايا السلام.
جيزال خوري: خروج باسم عوض الله هلأ هذا الأسبوع، يعني كمان تقوية الحرس القديم أو منقدر نقول أن الحرس القديم ما زال يسيطر تماما على الأردن؟
لماذا خرج باسم عوض الله من السلطة؟
د.مروان المعشّر: أولا أنا لا أربط خروج الدكتور باسم حقيقة بموضوع الإصلاح، يعني هناك مواضيع أخرى على الساحة السياسية الأردنية غير متعلقة بهذا الموضوع، لا شك أن الدكتور باسم يعني من الأشخاص اللي حقيقة كفوئين إلى أبعد الحدود، صار عليه يعني حملة لعدة أسباب بعضها يتعلق بالإصلاح، لكن ليس كلها يتعلق بالإصلاح، لكن لا أعتقد أننا يجب أن نربط موضوع الإصلاح بخروج الدكتور باسم أو عدم خروجه، موضوع الإصلاح مشروع يجب أن يكون أردنيا شاملا ويجب أن يكون عربيا شاملا لا يعتمد على أشخاص معينين بقدر ما يعتمد على فكر يجب أن يروّج له حتى يستطيع الاعتدال العربي حقيقة أن يكسب المعركة ضد التطرف، وأن تكون له مصداقية لدى الشارع العربي.
جيزال خوري: الملك عبد الله الثاني عامل يعني كلمة على كتابك، قرأ الكتاب، شو قال لك عنه؟
د.مروان المعشّر: أنا قدمت نسخة لجلالة الملك فور صدور الكتاب، وحقيقة جلالة الملك ممن حمسني على الكتاب، لأن تاريخ المنطقة العربية بشكل عام يكتب من قبل من هم خارج المنطقة، إما أن يكتب من قبل الغربيين أو من قبل الإسرائيليين.
جيزال خوري: ما قال لك إنّو فيه شوية قساوة على مثلا الحرس القديم على بعض الزعماء العرب على بعض..
د.مروان المعشّر: لم يعطني.. حقيقة لم يعطني أي تعليق..
جيزال خوري: أعجبه الكتاب؟
د.مروان المعشّر: أي تعليق سلبي، أنا لم أتحدث مع جلالة الملك بعد قراءته الكتاب، أنا رأيته عند إعطائه الكتاب..
الاعتدال العربي والابتزاز الأمريكي
جيزال خوري: بدنا نعمل مقابلة بعد ما تشوف الملك. على كل حال أنا رح أنهي الحقيقة بسؤال عن مقالين، لأمريكيين: ديفيد إغناتيوس كاتب إنّو.. قايل أن المعتدلين اللي مثل مروان المعشّر اللي اتهموا بأنهم أقرب إلى الأمريكيين، الحقيقة الأمريكيين ابتزوهم وهنّن اللي منعوا بغبائهم وبسياستهم ما بدنا نقول غباءهم يمكن بسياستهم في الشرق الأوسط منعت المعتدلين أن يصلوا إلى الحكم، والمقال الثاني اللي نشر في الإكونوميست اللي عم Review على كتابك بيقول رغم كل ما يقول والمناصب اللي وصل لها الدكتور مروان المعشر فينا نقول أن هذا النوع من الشخصيات أصبح خارج الأردن؟ فبدي جوابك على: هل الأمريكيين هنّن اللي ابتزوا المعتدلين وأخرجوهم بفضل سياستهم من السلطة العربية؟ وهل أن الأشخاص اللي مثلك لازم يكونوا خارج هذه المنطقة العربية؟
د.مروان المعشّر: بدون شك أن الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس بوش أضرت ضررا كبيرا بالمنطقة سواء ما يتعلق بقضية السلام أو ما يتعلق بقضية الإصلاح..
جيزال خوري: والحرب على العراق طبعا.
د.مروان المعشّر: بدون أدنى شك، الآن المعتدلين العرب ليسوا الوحيدين اللي عملوا مع الإدارة الأمريكية، كل القوى عملت مع الإدارة الأمريكية لأنه من يعتقد أنه يستطيع حل النزاع العربي الإسرائيلي بدون أن يعمل مع الإدارة الأمريكية فهو واهم، فموضوع العمل مع الولايات المتحدة لا يجب أن ينظر له وكأن هناك حلف يعني واتفاق كامل على كافة القضايا، لا ليس هناك اتفاق، وكما قلت هذه هي الحجة التقليدية الآن التي تروّج لها، أنا لا أعطي هذه الحجة أي يعني اهتمام، أنا أريد المجتمع العربي أن يكون مجتمعا تعدديا مزدهرا لأن في ذلك مصلحة المواطن العربي ولا أهتم إن كنت أنعت بأنني أمريكي أو عميل للولايات متحدة، أعتقد أن الشعب الأردني والشعب العربي أقدر من يحكم على هذه الأمور، لا شك أن موضوع الاعتدال في تراجع، ولا شك أن المعتدلين العرب وأنا منهم ربما الآن وضعوا في موقف دفاعي، ولكنني أرفض أن يعني أسكت بسبب هذا الموضوع. الموضوع ليس مرة أخرى مكان وجود المعتدلين العرب، يعني ليسوا إن كانوا داخل السلطة فالاعتدال العربي في تحسّن وإن كانوا خارج السلطة فالاعتدال العربي في تراجع..
جيزال خوري: بدهن قوة يعني..
د.مروان المعشّر: المطلوب الترويج، الترويج لهذا الفكر كي تكون القوة مستمدة من الشارع..
جيزال خوري: فيه مكان؟ هو سؤال الإيكونوميست هل هناك مكان لهؤلاء الناس؟
د.مروان المعشّر: بدون شك، ليس هناك من مكان بدون معركة، يعني نحن مشكلة الاعتدال العربي أنه لم يحارب حقيقة من أجل ولم يكن منظما، وربما المعتدلين العرب أو لنقل لنتكلم عن الأردن، من طالب بالإصلاح في الأردن لم يكن يعني حزبا منظما كما يدعي.. ويا ريت كان في حزب منظم ومتجانس، لم يكن كذلك، كنا مجموعة من الأفراد نلتقي في مواقف ونختلف في مواقف، ولكن لم يكن هناك إطار منظم، ونحن حاولنا من خلال لجنة الأجندة الوطنية تعديل قانون الانتخاب حتى يتاح المجال أمام تنظيمات حزبية تدخل إلى المعترك السياسي ويكون لها تمثيل بالبرلمان حتى نبدأ بخلق مثل هذه الخيارات البديلة للمواطن الأردني والعربي.
جيزال خوري: إن شاء الله وقت بتقول إن شاء الله المنطقة ما تكون نهاية موت الوسط أو بداية جديدة أن تكون حقيقة نهضة عربية جديدة. معالي الوزير الدكتور مروان المعشّر شكرا لوجودك معنا في بيروت أولا وثم على شاشة العربية، شكرا للمشاهدين لوفائهم وإلى اللقاء الأسبوع المقبل.
عن العربية .