عمون - صدر مؤخراً كتاب "السعادة المؤسسية - سعادة الموظفين والطاقة الإيجابية في بيئة العمل" عن مؤسسة قنديل للطباعة والنشر والتوزيع من تأليف : رولا المعايطة وصالح الحموري.

ويتناول الكتاب السعادة المؤسسية وسعادة الموظفين بمفهوم جديد في علم الإدارة والتميز، حيث كان هدف المؤسسات الأول في الماضي رضا العملاء، بينما أثبتت الدراسات الحديثة والتجارب العملية أن سعادة الموظف هي ما ينبغي أن يأتي في المرتبة الأولى؛ فالموظف السعيد = إنتاجية أعلى، وجودة أحسن، وسمعة أفضل، ونجاحاً أدوَم، وهذا يؤدي إلى تحقيق سعادة العملاء.

عن هذا المفهوم ألَّف المدربان "رولا المعايطة" و"صالح الحموري" كتاباً بعنوان "السعادة المؤسسية"، ركزا فيه على إبراز المعايير الجديدة التي أصبحت الحكومات تقيِّم نجاحها من خلالها، فلم يعد النجاح الاقتصادي هو المعيار الأول، بل أصبح معدل سعادة المجتمعات هو معيار التفوق بين الأمم.

يبدأ الكتاب بعرض عدة تعريفات للسعادة جاءت على لسان كبار المفكرين القدماء والمعاصرين، وتأتي كل التعريفات مؤكدةً على أن السعادة مطلب أسمى للإنسان، وأنها نسبية تختلف باختلاف الشخصيات، وتستطيع الشخصيات القادرة على تحديد أهدافها تحقيق النجاح والسعادة أكثر من غيرها، ثم يأخذنا الكتاب في رحلة حول العالم لاستعراض أفضل التجارب في إسعاد الموظفين وبث الطاقة الإيجابية في مكان العمل، ويعرض لنا لمحة من تجارب الحكومة الإماراتية، ومؤسسات "جوجل"، و"فيسبوك"، و"زابوس"، و"ديزني"، وغيرها.

يستعين المؤلفان بعديد من المراجع من إصدارات موقع (إدارة.كوم) لعرض بعض الإحصاءات، ونتائج الدراسات، والقصص عن سعادة الموظف وأثرها على الإنتاجية وسعادة العميل، كما يعرض أيضاً بعض الخطوات العملية التي تقوم بها المؤسسات للموازنة بين الحياة والعمل.

ثم يسلط الكتاب الضوء على برنامج الشيخ خليفة للتميز الحكومي، والذي قام لتحقيق الرفاهية والسعادة للموظفين والمواطنين، وتحقيق متطلبات المجتمع وتوقعاته في الحصول على خدمة متميزة، ثم يوضح مؤشرات رأي الموارد البشرية الأربعة: مؤشر الرضا الوظيفي، والتناغم الوظيفي، والولاء الوظيفي، والسعادة.

ينتقل الكتاب بنا إلى الاطلاع على بعض ممارسات كبرى المؤسسات في العالم، والتي حققت نجاحات كبيرة في إسعاد موظفيها مثل "فيسبوك"، ويوضح بعض أهم هذه الممارسات التي جعلتها أفضل أماكن العمل في العالم، مثل: المساواة في العمل، وتوجيه المهام للموظفين وفقاً لمواطن قوتهم، وتشجيعهم على مساءلة وانتقاد مديريهم، ومنحهم الحرية في كيفية تنفيذ مهام العمل، مما يؤكد أن المؤسسة صممت سياستها الداخلية على أساس تحقيق السعادة للموظف، لا على جني الأرباح، مما نتج عنه تحقيق الأرباح بالفعل لأن الموظف سعيد، ويشعر بأهميته واهتمام مؤسسته به.

ثم يعرض الكتاب بعض الاستراتيجيات منخفضة التكاليف لإسعاد وتقدير الموظفين، حتى يتضح أن تحقيق هذا الهدف لا يتطلب بالضرورة إنفاق كثير من المال، وأنه يمكن تحقيقه حتى في المؤسسات الصغيرة. على سبيل المثال: رسائل الشكر، أو ميداليات التكريم، أو حائط المتميزين، أو تقديم الحلويات والهدايا الرمزية، مما يشعر الموظف بتقدير مؤسسته له.

علاوة على ما سبق، يقدم لنا المؤلفان رؤية جديدة لدور إدارة الموارد البشرية في إسعاد الموظفين من خلال التجديد في ممارسة بعض مهامها الأساسية – كالتدريب، والتعويضات، وتحفيز الإبداع، وتحسين العلاقات الداخلية – فكل هذا لن يحقق الهدف منه ما لم يشعر الموظف بقوة الرابطة بينه وبين عمله ومؤسسته.

وفي نهاية الكتاب يزودنا المؤلفان بعدة نماذج استقصائية متخصصة لقياس: مستوى تناغم الموظفين وسعادتهم، واستبيان لسعادة الموظف في عمله، بجانب استبيان أخرجه أحد الأساتذة في جامعة "أكسفورد" لمعرفة مستوى السعادة، ثم اختبار للذكاء العاطفي.

لا يعلمنا الكتاب كيف نكون سعداء، بل يبرز لنا الأثر العظيم للسعادة على المؤسسة، والموظف، والعميل، والمجتمع بصفة عامة.