facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




كنيسة العقبة الأثرية تعود للحياة


نوف منير الور
15-12-2025 06:45 PM

لم يكن افتتاح كنيسة العقبة الأثرية حدثًا عابرًا في سجل المناسبات الكثيفة في المدينة، بل لحظة وطنية نادرة اجتمعت فيها الذاكرة بالتاريخ، والإيمان بالهوية، تحت قبةٍ شهدت تعاقب القرون ثم عادت اليوم تنبض بالحياة.

اجتمع الأردنيون مسلمون ومسيحيون، لا كضيوف على مكانٍ مقدّس، بل كأبناء وطنٍ واحد، ليشهدوا معًا إعلان عودة الكنيسة بعد غيابٍ طويل، كنيسة دمرها الزمن وأخفتها العصور، ثم كُشف عنها، ورُمّمت بعناية، لتعود بحلّة تليق بمهابة المكان وقدسيته.

جاءت مراسم الافتتاح فوق العادة في تفاصيلها ومعانيها؛ تنظيم دقيق، وتنسيق راقٍ، وتعاون واضح بين جميع الجهات، في إجماعٍ وطني على أن يظهر هذا الحدث بأبهى صورة، صورة لا تخص العقبة وحدها، بل تعكس الأردن كله؛ الأردن القيمة، والتاريخ والجذور الضاربة في عمق الأصالة، والذي صاغ هويته على المحبة والسلام والعيش المشترك.

وفي مشهدٍ قد يبدو استثنائيًا في عالمٍ يثقل كاهله التوتر والانقسام، بدا في الأردن طبيعيًا ومألوفًا، يقف الشيخ إلى جانب الكاهن ليقولا للعالم إن هذه الأرض تعرف كيف تحمي تنوّعها وتصونه. وزادت جماليات اللحظة بإطلاق الحمام الأبيض في سماء الكنيسة رمزًا للسلام، وبإضاءة الشموع معًا، لا كطقس ديني فحسب، بل كفعلٍ وطني جامع، شموع حملت دعاء الأمن والاستقرار للأردن، ورسالة واضحة باستمرارية هذه الصورة المضيئة، الناصعة، التي يقدمها الوطن للعالم.

في قلب مدينة العقبة، ارتفعت الترانيم البيزنطية من وسط المدينة، متداخلة مع الأغاني الوطنية، في لوحة سمعية وبصرية أُديرت بحسٍ فني رفيع، بدا المشهد وكأنه احتفال بالروح قبل المكان، وبالإنسان قبل الحجر، حيث تجلّت إدارة الاحتفال وتنظيمه بصورة تعكس احترام قدسية الموقع وأهمية الحدث.

وفي منتصف الاحتفال، دخل الفنان الأردني أنس القرالة مرتديًا زي الفرسان في العهد الإسلامي، ليقدّم مشهدًا تمثيليًا مبدعًا، تلا خلاله العهدة المحمدية فعاد الحضور وجدانياً وتاريخيًا إلى ذلك الزمن الذي أرست فيه العقبة واحدة من أقدم صور العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين، تحت القبة والمدينة ذاتها.

وتوحّدت الكلمات كما توحّد المشهد، فأعلن الشيخ إلى جانب الكاهن رسالة السلام والمحبة والطمأنينة، لتغدو الصورة أكثر من مجرد لحظة احتفالية، بل تعبيرًا صادقًا عن روح الوطن. وجاءت كلمات وزير السياحة والآثار الدكتور عماد الحجازين، ورئيس سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة شادي رمزي المجالي، ورئيس مجلس رؤساء الكنائس في الأردن المطران خريستوفوروس عطا الله، والمطران إياد طوال مطران اللاتين في الأردن، مشبعة بروح وطنية عالية، ومحاكة بنسيجٍ موثوق من الانتماء والمسؤولية، أكدت أن هذا الحدث يتجاوز كونه مناسبة دينية أو أثرية، ليشكّل موقفًا وطنيًا موحّدًا ورسالة أردنية خالصة إلى العالم.

وهكذا، لم يكن افتتاح كنيسة العقبة الأثرية مجرد إعادة إحياء لمعْلم تاريخي، بل تأكيدًا متجددًا لهوية وطن يعرف كيف يقرأ تاريخه، ويحمي تنوّعه، ويجعل من اختلاف أبنائه مصدر قوة ووحدة، وطن يقدّم نفسه للعالم نموذجًا حيًا للأخوّة والسلام، ونقطة التقاءٍ للإنسانية، نموذج اسمه الأردن.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :