facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هيكل، أسير الحرب الباردة


عبد الله ابورمان
07-04-2007 03:00 AM

يحتاج الأستاذ محمد حسنين هيكل الى صديق مخلص، يتكبّد عناء إقناعه بأن الحرب الباردة قد انتهت، وأن كل ما تخللها من خطابات وإذاعات ثورية جدا ، قد ولى الى غير رجعة.وربما نشفق على الأستاذ هيكل أن نفاجئه بأن الاتحاد السوفيتي قد انهار، وصار أثرا بعد عين.. وأن زمن الاستقطابات يعيد انتاج نفسه، الآن، على نحو مختلف، تماما، عن الذي عاينه هيكل، وشارك فيه، قبل نصف قرن. وقد تبدلت الولاءات والأدوات والأدوار، على نحو ملتبس.

يقينا، لو أدرك الأستاذ هيكل هذه الوقائع، واستوعبها؛ لبدّل موقفه الاتهامي العدائي القديم من الأردن. ولكفّ، على أقل تقدير، عن التلذذ والاستمتاع باستعداء الأردن، وتلفيق الدعايات الموجهة ضده.

خيارات الأردن، السياسية، في زمن الحرب الباردة، لم تكن عشوائية، ولا غرائزية ، كما يحلو للصحافي القديم أن يصورها؛ ولكنها كانت نتاج قراءات احترافية، وتحليلات معمّـقة. والمفارقة، أن عبدالناصر، نفسه، أدرك أهمية استثمار خيارات الأردن، وعلاقاته الدولية، لتجاوز آثار هزيمة .1967. في حين أن الأستاذ هيكل، ورغم تبدّل العقود، مازال مصرّا على تجاهل التحولات التي أعقبت الهزيمة المرة، وانحسار الخطاب الناصري، وأفول نجم أحمد سعيد؛ شريك هيكل، في تأسيس وقيادة دفة مدرسة الإعلام الملتهب! على كل حال، ليس هنا مجال المحاكمة. وهو حتما مجال متروك للتاريخ، كعلم ومنهج، ليقول كلمته في نصف قرن من الهزائم والانكسارات والمجازر الوحشية والانقلابات المراهقة، وكل ما كان هيكل مبشرا به، وناطقا بلسانه.

وسيأتي وقت، لا محالة، نعيد فيه قراءة تاريخ هيكل نفسه، كصاحب مدرسة ونهج في الإعلام العربي المعاصر، منذ كان صحافيا شابا، يتردد على بلاطات الملوك في مصر والأردن والعراق وحتى إيران، مرورا بذيوع صيته إثر انقلاب العسكر 1952، وتحوّله الى منظر إعلامي للسياسات والانفعالات التي دفعت باتجاه دخول الحرب قبل أوانها عام67، ومن ثمّ لينهمك في اختراع تراكيب لغوية تحل محل كلمة الهزيمة، فاكتشف ببراعته المعهودة، تعبير النكسة الكاريكاتيري، وليس انتهاء بكتابته بيان استقالة عبدالناصر التي لم تتم! والطريف، أنه وفي كل تلك اللحظات الصعبة، ومراحل التحولات المفصلية، كان هيكل، قادرا على توفير وقت كاف ولو لإطلاق تصريح واحد معادٍ ضد الأردن. وحتى عندما كانت الوقائع تبرهن سلامة الموقف الأردني، وشجاعته، واحتراف الساسة الأردنيين في قراءة المعطيات واستشراف الأحداث؛ كان هيكل يقف وحده، أحيانا، ثابتا في تنديده بالأردن، وتوجيه الاتهامات نحوه.

وإذا كانت حركات التطرف الديني، في مصر، قد استجابت لاستحقاق المراجعة. وأخذت تقرأ أداءها السابق، وتصدر الكرّاسات والمذكرات، التي تعترف فيها بأخطائها وخطاياها؛ فإن هيكل، المثقف والمحلل الألمعي، مازال مصرا على كونه وحده يمتلك الحقيقة.. ومدافعا، بشراسة، عن الأداء السياسي الغوغائي الذي قادنا إلى أمرّ هزائمنا، وبكل ما نتج عنها من خسارة للأرض، وتدمير للجيوش والبُنى التحتية والفوقية. و هو، مازال، يواصل نهج الاحتيال على الحقائق، بحثا عن مشاجب، من الأنظمة الرجعية ، ليحملها مسؤولية الهزيمة، وليس الغوغائية والمراهقة السياسية، وقمع كل صوت يختلف مع صوت الثورة ، وتسليم مقاليد القيادة العسكرية، زمن الحرب، الى مهووسي النساء والسهر وتدبير الدسائس! كنا ننتظر من الأستاذ هيكل، وهو في هذه السن، وبعد أن راكم الخبرات والمعارف، بحكم ما أتيح له، استثنائيا، من فرص وإمكانات؛ أن يتجاوز عقدة الخمسينيات، وأن يعيد قراءة أدائه ومواقفه السابقة، وأن يعترف أنه كان مسؤولا، مثله مثل عبدالحكيم عامر، عن هزيمتنا؛ فقيادة الإعلام العربي، في تلك المرحلة، لم تكن أقل خطورة من قيادة الجيوش. وهيكل، كان، بحق، قائدا أول، للإعلام الناصري، ومؤثرا في كل مواقع التأثير في الشارع العربي.. لولا أنه أراد أن يكون جزءا من الجوقة، وأن يساهم بتجييش الناس والبسطاء نحو حرب خاسرة، وأن يزيد العلاقات العربية توترا وانقساما، ويفتت أي أمل بمصالحة عربية جادة! واليوم، يعود هيكل، مدفوعا بغرائزه العدائية، وحساباته المادية، للتشكيك بالتاريخ الأردني. وهو، هذه المرة، يتجاوز في أحقاده النظام السياسي، الى الناس والأرض والجغرافيا؛ فيقدم قراءة سطحية ساذجة لنشوء الدولة الأردنية، ثم يستند إليها في تشويه خيارات النظام السياسي، واتجاهاته، في حقبة الحرب الباردة.

ومادام شتم الأردن، والتحريض عليه، لا يكلفان صاحبهما أي ثمن. وإنما من شأنهما أن يجددا شبابه، ويعيدا الى ذهنه ذكريات زمان الوصل في صوت العرب و الأهرام ، وغيرهما، فما الذي سيمنع هيكل وغير هيكل، من القفز فوق كل الحقائق، وتجاهل الوقائع، في سبيل تسجيل موقف مدفوع الثمن، يحقق لصاحبه مزيدا من الأضواء والنجومية، حتى لو كان ذلك في الوقت الضائع.. ولم لا؟ والرجل قد ناهز التسعين من عمره، قضى أكثر من نصفها في شتم الأردن والتشكيك به، وما زال حيا، وبأحسن حال؛ لم تطله عصابات التصفية الجسدية، التي كانت تستأجرها الأنظمة التحررية التقدمية، لإسكات خصوم الثورة و.. للأبد! يستطيع هيكل أن يقول ما يشاء، ودون حساب أو حتى عتاب؛ ولكنه، لا يستطيع أن يفسّر، بموجب نظريته، كيف أن نظاما يصفه بأنه كان معلقا في الخمسينيات، هو النظام الوحيد الذي استمر وبقي وازداد قوة وتأثيرا، وأنشأ المؤسسات الراسخة، و أشاد دولة القانون، وصمد في وجه كل التحديات وأمام المنعطفات الكبرى.. في حين أن أنظمة أخرى، تمتعت بالإمكانات الضخمة، ولم تكن معلقة ، أصبحت اليوم جزءا من التاريخ، ودرسا من دروسه!





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :