facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أكباش وتيوس ..


د. صبري ربيحات
14-02-2017 01:38 PM

في شمال غرب محافظه الطفيلة,,,تقع اراضي عشائر الثوابيه الممتدة من عفرا ومليح شمالا وحتى مشارف الاغوار غربا..وهي مساحة واسعه نسبيا بعضها سهلي والاخر مناطق جبلية متوسطة الى حادة الوعورة كانت في غاية الخصب الا انها لم تعد اليوم كما كانت في السابق .

في الستينيات من القرن الماضي كانت الجبال والوديان والسفوح والسهول تعج بعشرات القطعان او الشلايا كما كان يحسن لنا ان نسميها...وكان الاطفال في مثل عمري يقومون بأعمال الرعي و الحلب وعزل المواليد وعلف المواشي في الشتاء وغيرها من الاعمال التي لا تنتهي وتعتبر برامجنا الاولى في الاعداد لحياة مستقبلية فيها من القيادة والمسؤولية الشيء الكثير.

كانت الادوار شاقة وممتعة وفيها قدر لا محدود من السلطات والمسؤوليات التي تزيد على كل برامج التمكين والمسؤولية التي تدار في ايامنا هذه.

في القرية الشفاغورية المطلة على الاغوار الجنوبية والمناظرة لأضواء الخليل ليلا كنا نشعر اننا نعيش في عالم شبه مستقل ينتج الخبز واللحم والزيت والبيض والجلود والحبال والحطب والاعشاب الطبية وأجيالا من الحمير والبغال التي اغنت الاهالي عن التراكتورات والشاحنات ووسائل النقل التي لم تعرف طريقها للقرية الا عند بيت او اثنين من بيوتات القرية وما جاورها في تلك الايام.

بالنسبة لي فقد قرر المجلس الزراعي للأسرة انني لا اصلح للكثير من الاعمال الزراعية المتعلقة بالحراثة والنقل والتحميل....فقد ادركوا ان لدي ميلا فطريا للتعامل مع الحيوانات وفهمها والعناية بها فاسندوا لي مهمات تتعلق بالرعي وسوق المواشي والعناية بالصغار ومراقبة رعيها وعزلها خلال فترات الحلب الصباحية والمسائية.

كنت اشعر بعاطفة وتقدير لصغار المواشي فاحملها واشعر بدفئها واستمتع بمراقبتها وهي تستدير بقفزات فيها الكثير من اللهو والاستمتاع والاحتفاء بخصوبة المرعى واعتدال الطقس والوعد بعودة الامهات من المرعى بعد رحلة قطاف الازهار والاوراق من المراعي الممتدة فوق الاراضي التي تبتهج بأداء ادوارها في انبات البذور التي كفرتها من الموسم الماضي لتديم دورة الحياة.

ما كان يدهشني هو الروح العدوانية التي تميز اتجاهات الاكباش والتيوس. فقد كنت اشعر ان الاجواء مهيئة لانفجار العنف واشتعال المناطحة او المرادحة في اي لحظة......يبدأ التحرش باستعراض لا مبرر له....ثم ما يلبث الذكر الممتلئ زهوا بفحولته بتمرين لا متناهي من الشم والتبول والدوران في محيط المرعى الذي يحتله القطيع.....ويسير بحركات استعراضية فيها من الغرور والتحدي ما يكفي ليدفعك للتعاطف مع التيوس الاخرى التي لا تخفي ضعف حماسها للاقتتال الذي يحاول الفحل المغرور افتعاله .

وما يكاد الذكر الاستعراضي يفرغ من تهيئة نظرائه الذكور لجولة الاقتتال حتى تتدخل بعض الاناث وكأنها تعرض نفسها كحافز للمنتصر من الذكور الذين يمارسون لعبة البقاء. في كل مرة كانت تسيل الدماء....وتكسر القرون ...وربما تتجاوز الاضرار حدود المتوقع فيخسر احدهم عينا او كسرا في الحاجب....وربما ارتجاج في الدماغ.

بعض الرعاة ومعهم الاغنام كانوا يرحبون بالاقتتال ويشجعونه.....وشعارهم دع الطبيعة تأخذ مسارها فالأقوى هو الأنسب "البقاء للأقوى".....وكانوا يجدون متعة كبيره في مشاهدة ذلك......انا لم اكن اجد في ذلك غير التهديد للسلم الاهلي .

 

كنت احاول ان اوقف الاقتتال بكل ما استطيع.....ولا اذكر انني استطعت في اي مرة من المرات.....التنظيم وسيلة افضل للحد من الاقتتال........والحياة والمكان تتسع لجميع الذكور .......المغرورين وغير المغرورين......ففي البرية يتساوى الجميع.





  • 1 شايش النعيمي 14-02-2017 | 02:25 PM

    والله معاليك انك اوجعت القلب لانك أرجعتنا لزمن الخير والبركة الذي نفتقده وذكرتنا بالزمن الجميل البسيط النقي ...

  • 2 مواطن 14-02-2017 | 05:44 PM

    منتهى العذوبة والجمالية بالكتابة


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :