facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بدران: رجل دولة يسمع عبدالوهاب ويحترم مبدأ التقاعد


mohammad
10-11-2008 01:39 PM

عمون - كتب د. مهند مبيضين - في محافظة جرش ومع بداية ثلاثينيات القرن الماضي، رأى مضر بدران النور، خلال فترة حافلة في تاريخ الأردن.

وسط أسرة ميسورة الحال، وأب كان يعمل قاضيا شرعيا، درس مضر في مدرسة السلط الثانوية ليتخرج منها ويتجه إلى دمشق المكان الذي يربطه بوالدته، ليعود منها حاملا ليسانس في الحقوق في العام 1956 ودرجة الدبلوم في المالية والاقتصاد.
محب لدمشق التي كون فيها معرفته الأولى قبل السياسة، وشكلّ حبه الذي توجه بنسب مع عائلة السرايجي الدمشقية العريقة التي تنتسب إليها زوجته.

داخل البيت يوصف الباشا بحسب نجله الأكبر عماد وزوجته، فهو أب شديد العناية بما يجب أن يكون عليه أبناؤه عماد وعمر وريم ولما ورنا، مع خفض في جناح المودة لهم، وإفراط أحيانا في الديمقراطية، لكنه لا يفرض خياراته أو رغباته على أبناءه في الدراسة أو في مستقبلهم المهني.

نادرا ما يغضب، وهادئ جدا، لدرجة أنك تضطر أن تجلس على مقربة منه لتسمع ما يريد قوله، فهو يضيق من ارتفاع الصوت والصخب.

يميل إلى سماع الأغنيات القديمة، خصوصا عبد الوهاب وأم كلثوم وأحيانا يستمتع في سماع الأغاني الأجنبية.

يجد متعة غريبة في متابعة للدراما السورية؛ يجد فيها قربا من الواقع، مثل "باب الحارة" وأما ضرورات النشاط والشباب فيديمها برياضة السباحة والمشي.

استطاع عبر تاريخه المليء بالأحداث والانجازات المهمة أن يبقى رجل دولة تغيب تفاصيل حياته الشخصية عند الكتابة عنه جراء كثافة انجازاته.

"من انجح رؤساء الوزراء الذين مروا في تاريخ الأردن"، على ذمة المؤرخ عبدالكريم غرايبه، كما أنه "الأقدر على حل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، شريطة أن لا تطول مدة حكومته".

ربما يشاطر غرايبة كثيرون، وقد يختلف معه آخرون حين الحديث عن شخصية جدلية مثل رئيس الوزراء الأسبق مضر بدران، فهو واحد ممن أدوا خدمة للوطن في ظروف عصيبة، واكتسب من العداوات بقدر ما ربح من صداقات.

تقدم هو والراحل محمد رسول الكيلاني بطلب للعمل في الوظيفة العامة، ولكن تم رفضهما كونهما "لا يصلحان للوظيفة في الخدمة المدنية"، بحسب ما تم التأشير على طلبيهما.

غالبية معاصريه يرون أنه لم يكن شغوفا بالايدولوجيا، وبرغم تأكيده أنه لم ينتسب لأحزاب سياسية طيلة حياته، إلا أن المحامي هاني الدحلة يقول في كتابه "رماد السنين" أنه فاتح الضابط الحقوقي مضر بدران مع عدد آخر من الضباط للانضمام للحزب فوافق بدران شفويا.

وكان أعضاء الحلقة البعثية العسكرية هم: عبدالمجيد القاسم ومضر بدران وأديب طهبوب ومختار جرار وتيسير نعناعة.

الدحلة يشير إلى انه انقطع عن الاتصال بأعضاء الحلقة بعد أسابيع عدة عندما تم اعتقاله، وأنه فوجئ ببعضهم، من دون ذكر أسماء معينة، من جملة المحققين مع الضباط المعتقلين.

ويبدو أن عدم قبول الرجل في الوظيفة المدنية كان سببا دفعه إلى الوظيفة الأمنية التي ترقى بها، منذ أن بدأ في العام 1957 بوظيفة مستشار عدلي في القوات المسلحة الأردنية، ثم في العام 1962 ليصبح مدعيا عاما لخزينة القوات المسلحة.

وبعد ثلاثة أعوام – 1975- أصبح مساعدا لمدير المخابرات الأردنية للقسم الخارجي ليتوج تقدمة العسكري العام 1968 بتعيينه مديرا للمخابرات العامة.

لم يطل به البقاء في الجهاز الأمني، فتقاعد برتبة لواء في العام1970، بعد تعرضه لحادث إطلاق عيار ناري في إحدى يديه، في وقت كانت فيه البلاد تشهد ما اصطلح على تسميته "أحداث أيلول"، ليأتي بعده نذير رشيد.

في العام نفسه عين بدران أمينا عاما للديوان الملكي، ثم مستشارا الملك لشؤون الأمن القومي بعدها بعام، ثم عضوا في اللجنة التنفيذية للاتحاد الوطني العربي، ورئيسا للمكتب التنفيذي لشؤون الأرض المحتلة العام 1972.

دخوله الوزارة للمرة الأولى جاء في حكومة زيد الرفاعي التي شكلها العام 1973متوليا حقيبة وزارة التربية والتعليم، وهو واحد من ثلاثة وزراء جاؤوها من خارج كوارد التعليم، وتركوا بصمات واضحة فيها، إلى جانب عبدالرؤوف الروابدة والراحل عبد الوهاب المجالي.

تميز بدران في التربية يتمثل في أنه :"استطاع توفير حماية للمعلمين، ومدهم بالقوة وتفهم قضاياهم".

ويقول معاصر له "حمى المعلمين من المؤسسات الأمنية، وعرف معلومات دقيقة عنهم فاحكم إدارة الوزارة".

بيد انه ما إن خرج من الحكومه، حتى عاد من جديد للقصر رئيساً للديوان الملكي ما أتاح المزيد من بناء الخبرة السياسية اللازمة لإدارة حكوماته الأربع فيما بعد.
الحكومة الأولى بلغ بتوليها وهو في المطار، قاصدا الذهاب في إجازة إلى أسبانيا في 13/7/1976، وتولى فيها إلى جانب الرئاسة منصبي وزير الخارجية والدفاع.

تمتع بدران بحسب شهادة د. إبراهيم بداران "بحس عال من المسؤولية"، فضلا عن أنه "أدرك مفاصل النظام السياسي والجهاز الإداري للدولة"، وهي المعرفة التي شفّ عنها بيان حكومته الأولى إلى مجلس النواب في 26 /8 / 1976 بالتأكيد على دعم الحكومة للجهاز الإداري ومحاربة الاستغلال والفساد والضرب بيد من حديد على يد العابثين، فضلا عن توزيع مكاسب التنمية وزيادة اعتماد الموازنة على الموارد المحلية، وغيرها.

في أواخر السبعينيات وصل الاقتصاد الأردني إلى نهايات صعبة، ما استدعى التفكير برجل يضبط الموقف، فأسندت له مهمة تشكيل حكومته الثانية في 27/11/1979 والتي استمر فيها حتى 19/12/1979، إلا أن الفكاك من عالم السياسة كان مبكرا على الرجل، فلم يطل كثيرا ليعود مجددا في 28/8/1980م ويشكل حكومته الثالثة والأطول عمرا له، إذ استمرت حتى 10/1/1984، ليخلفه بعدها احمد عبيدات.

وتلا عبيدات زيد الرفاعي، وكانت البلد تشهد حالة من الحراك وتنامي الوعي السياسي الذي لم تفلح كل المحاولات في لجمه، إذ تكسرت صواري حكومة الرفاعي في الجنوب في نيسان 1989، وكان الموعد مع بدران مرة أخرى ليعيد الأمور إلى نصابها.
استشعر هذه المرة معنى أن يأتي ليعيد الديمقراطية إلى مائدة الحكم في 6/12/1989م، إلا أن الربيع الثاني في التاريخ السياسي الأردني لم يطل، فقد غادر بدران الحكومة في 9/6/1991، وليدخل عضوا في مجلس الأعيان، ومن ثم بدأت رياح الرجل تتجه إلى عالم الأعمال، وكأن الفراق تم مع السياسة في الابتعاد عن الإعلام.

حكوماته بقيت فارقة في أحداثها، ففي حكومته الثانية (27/11/ 1976- 19/12/1979 جرى تشكيل أول مجلس وطني استشاري، واصدر قانون مؤقت متعلق بالضمان الاجتماعي، وتم انجاز وافتتاح مستشفى الأميرة هيا في العقبة والتوقيع على عقد إنشاء وتوريد وتركيب وتشغيل مخازن تبريد في كل من عمان والعقبة وغيرها من المنجزات التنموية المحلية.

وفي حكومته الثالثة (28/8/1980-10 /6/ 1984) كان عليه أن يواجه أزمة التضخم المالي وإعادة الاعتبار للجهاز الإداري للدولة، ومما جاء في بيانه الوزاري :"أن المواطنة الصالحة هي بذل وعطاء، ومن أهداف الحكومة بناء شخصية المواطن ورفع شعار خدمة الوطن والمواطن، وان يؤدي كل مواطن واجباته مراعيا الصالح العام.

إلى ذلك ايلاء الجهاز الإداري كامل العناية في ترسيخ أسس الانضباطية في العمل، وتطوير أجهزة الحكومة برفع نوعية العاملين فيها، والتصدي لظاهرة التضخم وتحقيق الانضباط المالي، وانجاز المشاريع الصناعية الكبرى، فضلا عن استغلال موارد الدولة الطبيعية وتسليح الجيش وتدريبه.

أما الحكومة الرابعة (7 /12/ 1989- 19/6/1991) ففيها تجلت حكمة الرجل ودهاؤه السياسي، إذ شهدت هذه الوزارة عودة الحريات بعد أن شكلت إثر عودة المجلس النيابي الذي فاز به الإخوان المسلمون بأكثر من أربعين عضوا.

وظل مشهد جلسة الثقة واصطبار الرجل في ثلاثة أيام وصفها هو آنذاك بأنها "عصيبة" لأن النواب الذين كان يعرفهم جيدا ربما بالغوا في الاقتصاص منه والنقد خارج حدود الموقف، إلا أنه صمد وكأنه بلا مرارة، ولكنها كانت فرصته التاريخية، إذ نجح في استقطاب الإخوان المسلمين وجرهم للحكم فشارك في هذه الوزارة عدد منهم أمثال عبد اللطيف عربيات و إسحق الفرحان وغيرهما.


الحكومات التي سبقته فشلت في إنهاء أزمة مقر جامعة مؤتة الجناح المدني، وحدث أن طلب رئسها د.عوض خليفات زيارة ميدانية للحكومة فزارها بدران آنذاك وأنهى كل مشكلاتها المتعثرة، وداوم الطلبة عام 1991 بعد أن كانوا من قبل يداومون في مبان جاهزة بجانب كلية مجتمع الكرك.

بدران الذي أنقذ جامعة مؤتة من واقعية صعبة، هو الذي سرّع باكتمال حرمها المدني، فهو تنفيذي في قطاع التعليم العالي، إذ رأس اللجنة الملكية لبناء جامعة اليرموك، ثم كان رئيسا اللجنة الملكية لبناء جامعة العلوم والتكنولوجيا، ومن بعد رئيس اللجنة الملكية لبناء الجامعة الهاشمية ورئيس مجلس أمنائها، وهي في غالبها جامعات لم تتعرض لعثرات التأسيس والتجريب في القيادات كما حصل في غيرها.

الاعتراف باستثنائية الرجل ليس من ألسنة الأحبة والأصدقاء أو ممن كانوا من خريجي المدرسة المضرية وحسب، بل يؤكد معاصروه الذين لم يبادلونه أو يبادلهم كثير من المودة، إذ يشهد د. ممدوح العبادي بقوله:" برغم عدم الحميمية بيني وبين دولته، إلا أن مقارنته بكثير من الرؤساء من بعده وقبله تؤكد انه رجل دوله جريء وحصيف، صاحب قرارات حاسمه".
ويضيف العبادي بلغت قمة إعجابي به في أنه استطاع أن ينقل البندقية من اليمين لليسار بسرعة تشابه الكذب حين كان يتعامل مع برلمان 1989 بديمقراطية منقطعة النظير على عكس تاريخيه السابق".

لكن فرادة الرجل أو قوته في اتخاذ قرارات مهمة، لا تلغي مسؤوليته العامة عن كثير من قضايا الفساد التي ظلت تثار في عهد حكوماته: طريق اربد عمان، وأراضي حوض اليرموك، ومزارع التفاح في الشوبك.

ومع أن تجربة الحكومة الرابعة تعد الأبهى لبدران من حيث انجازها السياسي، فإنه ليس بالإمكان عزل منجزها عن مقدرة الرجل في استثمار كل ما يملك من أوراق لتنفيذ مشروعه.

صلاته العائلية مع قيادات الحركة الإسلامية من حيث صلة المصاهرة مع اسحق الفرحات، وعبد اللطيف عربيات وعدنان الجلجولي، كانت محل استثمار جيد في إدخاله الإسلاميين أول حكومة في تاريخهم.

في النهاية اوجد الرئيس الذي رسخت حكومته الرابعة التجربة الديمقراطية أسلوبا في إدارة الدولة، واستطاع التجديد والمغامرة أحيانا في تقديم وجوه جديدة وطنية لتولي مهام عليا، وهذه الوجوه استمر بعضها حتى اليوم، مما جعل البعض يميزون أحيانا بين مدرستين: المُضرية نسبة إلى مضر بدران والرفاعية نسبة إلى زيد الرفاعي.

قد تغيب في التفاصيل كثيرا من نوازل الحياة، وبالضرورة هناك إخفاقات بمثل ما هناك نجاح، إلا أن محطات الحياة السياسية التي أثرت في مسار الرجل بعد العام 1980 تبدو واضحة.

الأولى عندما لم ير من الصالح التفكير بسلام مبكر، مثلما فعلت مصر في كامب ديفد، وأعطى رأيا احترمه الملك الحسين، والثانية في حرب الخليج الثانية التي كسب فيها عدم رضا الاميركان، إلا أن الغالب بين الأحبة والخصوم الرفاق، نجاحه في السياسة أكثر من الأمن.
(الغد)
Mohannad.almubiadin@alghad.jo





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :