facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ثنائية العلمانية و الإسلامية في الأردن


د. نزار قبيلات
09-03-2017 04:17 AM

يبذل التياران وقتاً كبيراً في الجدل اللّامفضي إلى شيء، ففي أي لقاء يضمّهما يتجه التحاور هناك إلى تصادم يصل إلى المواجهة من درجة صفر حول تفسير مُجتزأ لآية قرآنية أو في الدفاع عن شخصية بارزة من أحد التيارين، والعجيب في الأمر أن هذا التلاقي الفكري ينجُم عنه عُنف فكري نَعي أين ستكون مآلاتُه في قادِم الأيام، فبدلاً من أن يفضي الحوار و الحِجاج بين الطرفين هناك إلى نُضوج حالة جديدة على أساس التباين و التعدد و التنويع، تبرز الخلافات بين مثقفي التيارين وتشتد، ما يجعل الخِشية ترتسم بوضوح في نهاية كل مواجهة تجمعهما، إذ فَهم الشبيبة في المشهدين للخلاف لا يقتصر على النجاة بموقفِه ورأيه بل وبسحق رأي الأخر و تفحيمه.

وفي سيرورة اللّقاء بين التوجهين يرى العلمانيون أن أصحاب التيار الإسلاموي كانوا قد تمددوا كثيراً واستفادوا من فترات زمنية سابقة؛ ذلك حين أحسنوا توظيف شعارات تحرير فلسطين وكنِزها تحت باب الجهاد، وأنهم و ليس سواهم من استطاع تحقيق قاعدة جماهيرية صلبة في الأردن تمددت في مخيمات حلم العودة و الطلبة الفُقراء و الأسر المعوزة وأصحاب المظلمات، كل ذلك تم بأدوات كـ" المستشفى الإسلامي و الجمعيات و المراكز الخيرية و الأندية الطلابية وكتلها في الجامعات و المعاهد و المدارس و البلديات". 

و في الضفة الثانية لهذا المجريات كان العلمانيون قد وجدوا متأخرين عصاتَهم التي فقدوها فراحوا يمتَطون الفيسبوك و الانستجرام و التويتر وغيرها من مواقع و مدونات إلكترونية، وبل ودفعهم الأمر لاتخاذ منصات انطلاق حقيقية تمظهرت في صحيفة رسمية تكاد تنطق باسمهم (الغد الاردنية) و بمنتديات عديدة ، و بدعم شبه كامل من إذاعات و تلفزة محلية خاصة كقناة "رؤيا"، فقد علا صوت الحركة العلمانية التجديدية الأردنية بعد أن استشعرت الخَطر الكامن في إرهاب فكري متطرّف إسلامياً و صار مؤطراً بحركات مسلّحة انفلتت من عِقالها و من رحمها في افغانستان (القاعدة)، وكان قد جنّ جُنونها حين تجسّد حلمُ ذلك الإسلامي و تمكن أخيراً من حمل السّلاح وقتل المرتدين و الآثمين و الكفرة وبمحاربة أعوان الصهيونية و الإمبريالية، و بإقامة حكم شرعي تموضع قبل ألف و أربعمائة سنة دون النظر في إمكانية تساوق ذاك الحكم مع المعطيات الحياتية الجديدة؛ حكم يرى شرعيون مجددون من ذات التوجه أنه لم يعد موائماً لسياق الحاضر و معطياته الجديدة في المجتمع الإسلامي نفسه.

و بالمقابل تسرّب للتيار العلماني من متقاعدي الحزب الشيوعي الذين آن لهم تصفية حساباتهم مع أولئك الذين هزموهم في معركة افغانستان، فقد غدا التيار العلماني يضم في حناياه من يحمل ضغينة و سوداوية غير منتجة بل ومن شأنها تثوير الآخر و جعله منفعلاً و منفجراً في وجه من يطالب وفق زعمه بالاستنارة والتساوق مع قفزات هزت البنية المجتمعية وغيرت من كفاءات الاتصال و التواصل الرقمي، بل وصار التيار العلماني الأردني يضم أصحاب برامج ضيقة كالحقوق المنقوصة وبداخله يلتف بعض الهائمين في برجوازية الدولة وفي محاصصة كبيرة من ادعياء الانفتاح الاقتصادي والعولمة المصنعة.

هنا وجد المعتدلون في التيارين العلماني و الاسلامي أنفسهم في أزمة حقيقة و حبس يكاد يخنق حناجرهم ويضعف مواقفهم، وزاد الأمر تعقيداً حين بدأت أقليات و إثنيات تشعر بالخوف و القلق بعد أن كادت تفقد الثقة بالدولة كمؤسسة وطنية حامية؛ ففي حادثة مقتل الكاتب "ناهض حتر" تبين أن المجتمع الأردني بدأ يستشعر أعراضا خطيرة في بنيته من ناحية تخوّف بعض المسيحيين من تصاعد تيارات السلفية الدعوية التي لم تمسك السلاح قبلاً ولكنها فعلت و فعلت حين أردت "حتر" صريعاً أمام قصر العدل الأردني، حتر الذي أثارت مواقفه بلبلة ليس فقط إزاء موقفه من النظام السوري بل وفي رسمه للهوية الأردنية القاصمة. التصادم على هذا الأساس غير منتج، ومعركة تغيير المناهج الاخيرة أبانت عن عراكيّة عدمية يجدر أن تدار بعيداً عن صنمي المعادلة الحزبية الأردنية: المتأسلمين و المتحررين وتكون المعيارية هي ما ينقذ مستقبل أجيالنا و ليس حساباتنا. فثمة ملفات وطنية لا تستطيع أن تنتظر تتمثل في تجويد التعليم وآفة المخدرات والسلة  الاقتصادية و التفاهمات الاقليمية الجديدة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :