facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




اشتغل السيستم بضرائب إضافية


أ.د. عصام سليمان الموسى
16-03-2017 11:40 AM

السيسستم هنا هو الكمبيوتر في المؤسسات الحكومية التي عليك مراجعتها بين فترة وأخرى لتسوية معاملة تتوقع - رغم ما قد يحمله لك من مفاجآت على صفحته (غير سارة كمخالفات او ضرائب جديدة) - ان تنهيها بسرعة ، لكنك تصدم فوق ذلك أكثر حين تواجه أحيانا بالموظف ينبئك بهدوء: "السيستم معطل ". 

تنظر إلى الموظف الجالس وراء لوح زجاجي سميك من طاقة صغيرة في الاسفل تضطر ان تنحني لتضع فمك عند مدخلها حين تتحدث معه، وبعد ان تقول جملتك تحرك اذنك بسرعة نحو الفتحة لتسأله بقهر المهزوم: “هل سيطول خراب السيستم"؟

يقول ساخرا من سذاجتك: "من يعرف.. لكن انا في كافة الأحوال اغلق الصندوق الساعة الواحدة والنصف". تنظر إلى الساعة فتجدها قاربت الثانية عشرة والنصف. فتقرر ان تنتظر مسلما امرك لمشيئة السيستم.. مؤجلا عملا آخرا كنت تنوي ان تؤديه لو سارت الأمور بسرعة هنا.

تجلس على مقعد متهالك الى جانب المراجعين المنتظرين مثلك رحمة السيستم وانت تتحسس ورقة الكراج الذي ركنت به سيارتك بالأجرة.. وتتذكر في جلستك تصريح المسؤول الحكومي في مؤتمر صحفي متباهيا بتطوير الحكومة الإلكترونية وأجهزتها، لكنه يتناسى ان يصارحك امام الكاميرات بحجم ساعات الهدر التي ستقضيها كمراجع غلبان بانتظار عطوفة السيستم ان يتكرم بالعمل، أو حتى باحتمال ان يحرد في اية لحظة. 

تنظر حولك إلى الجالسين فتجد معظمهم يمعن النظر في هاتفه الذكي يقلب صفحاته، الا من قلة تتحدث بصوت مرتفع. وتتمنى حالما وسط هذا الضجيج لو ان في المؤسسة مكبر صوت يسمعك صوت المسؤول وهو ينادي الأسماء بدل الذهاب بين فترة وأخرى لتلك الطاقة في اللوح الزجاجي تمد فمك منها لتسأل الموظف الذي لا تزال المعاملة بحوزته فيما اذا اعتدل مزاج "عطوفة الكمبيوتر" او "معالي الكمبيوتر"؟؟ 

مثل جيرانك في الانتظار تفتح هاتفك الذكي وتأخذ بتقليب صفحاته ، وتمر دقائق طويلة، وفجأة يقطع الضجيج سماعك صوت أحدهم يعلن بنشوة الانتصار: "السيستم اشتغل"، فيظهر الارتياح على وجوه المراجعين وتخفت اصواتهم وهم يتقافزون عن مقاعدهم ويندفعون باتجاه اللوح الزجاجي. وحين تصل تكتشف ان جمهرة سبقتك وانه لا أمل قريب لك بالوصول إلى الفتحة الصغيرة. 

تنظر حولك فتقدر ان حجم المراجعين قد زاد اثناء فترة تعطل الجهاز.. وان عليك ان تنتظر وقتا أطول.. وتطير دقائق أكثر مهمة في الانتظار.. 

أخيرا وحين تتمكن من الوصول إلى اللوح الزجاجي وتمد فمك من الطاقة وتسأل عن معاملتك وتذكر اسمك يقول لك الموظف بصوته الهادئ :" لقد ناديت على اسمك فبل فترة".. وتبلع قهرك، وتنتظر ان ينتهي من معاملتك ليقذفك بقنبلة جديدة تكتشف حين ينجلي دخانها ان الرسوم التي عليك ان تدفعها قد ارتفعت بما يقارب الثلث عما كانت عليه العام الماضي . وفي لحظة تلمح في عيني الموظف نظرة انتصار. انه انتصار "السيستم الكبير" الذي يعمل فيه. تقول له متفاجئا: "ماذا"؟ يقول بهدوء ترافقه ابتسامة: "الم تسمع بأن الرسوم قد ارتفعت؟؟" .. وتقول له "نعم ولكن ليس بهذا المقدار فما تطلبه يزيد عن نصف راتبي التقاعدي"؟ وتكتشف ان المبلغ الذي تحمله في جيبك لا يكفي، فتقول له آسف سأعود غدا ، فيركن المعاملة إلى جواره على الرف. 

 

تخرج من المؤسسة ، ورغم الضيم، لا تحس بأنك غاضب كثيرا لكنك تتمنى ان تكون تسهم حقا في حل مشكلة المديونية التي تغرق الوطن، متمنيا ايضا حين تعود غدا ان يكون "السيستم الصغير" معافى. 





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :