facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حابس إرفيفان المجالي .. عَباءةُ الوطنِ الضَّافية


فايز محمد الحميدات
22-04-2017 02:44 PM

إضاءة 
بمزيدٍ من الحزنِ والأسى يَنعى الدّيوانُ الملكيّ الهاشميّ مَعالي المشير المرحوم حابس المجالي الَّذي انتقلَ إلى رحمتهِ تعالى يوم الأحد 28 محرم سنة 1422 هجرية الموافق الثّاني والعشرين من ‏نيسان‏‏ 2001 ميلادية بعدَ حياةٍ حافلةٍ بالبذلِ والعطاءِ والتفاني في أداءِ الواجبِ والوفاءِ للرّسالةِ الهاشمية . 

أوّلُ الكلام 
سيِّدي أبا سَطام: حينَ أكتبُ اسمَكَ على الورقِ تنتصبُ الذّكرياتُ مثلَ مئذنةٍ عليها هلالٌ عتيق وتمرُّ مثلَ البرقِ في لحمي وترجعُني إليك فيضجُّ في روحي الحنينُ، ويلجُّ في قلبي الهوى فلا أنا على كلِّه قادرٌ، ولا أنا عن بعضهِ صابرٌ يمزقُني بينَ حضورٍ جميلٍ وغيابٍ جليلٍ فيورقُ الورقُ ساعتَها وتطلعُ من بينِ الأسطرِ بشموخِكَ الأردنيّ وهيبتِكَ الكركيّة وعنفوانِكَ العربيّ وحينَها أقفُ إجلالاً لك وأنحني أقبِّلُ يديكَ الطّاهرتينِ وأصبُّ روحي في كأسِ زمانكَ وقد أسقيتَ الوطنَ من سلسبيلِ روحكَ حتّى اخضلَّ النّدى وأخضرَّ الزَّمان. يداهمُني صوتٌ من زمانِكَ العَذْبِ يملأُ كيانَ نفسي: 
تخسى يا كوبانْ ما أنتَ وِلْف إلي ولفي شاري الموت لابس عسكري يزهى بثوب العزْ واقفْ معتلي بعيونِ صــقرٍ للقنصْ متْحضري فيحملُني الصَّدى على جناحِ فراشةٍ وأراكَ تدخلُ مع المرحوم وصفي التل بابَ الإذاعةِ الأرنيةِ وتحيلانِ بيتاً من الشِّعرِ إلى أهزوجةٍ شكَّلتْ وجدانَ الأهلِ فتلقَّفَها النّشامى وطاروا إلى حدودِ الوطنِ وشُغفتْ بها النّشميات لأنَّ كلَّ واحدةٍ منهنَّ قد ودَّعتْ جزءاً من قلبِها"شاري الموت ولابس عسكري"فايّ وَجْدٍ تبعثُهُ في النُّفوسِ يا أبا سطّام!وأيّ قلبٍ هذا الَّذي أريدُ منهُ أن يعيدَ سيرتَكَ" مثلَ شَدوٍ يُراقُ على الذِّكريات"! وأنتَ من علمْتَنا كيفَ نجتازُ حواجزَ الصَّمتِ ومتاريسَ الخوفِ، وأن نجعلَ الوطنَ يصعدُ على سُلَّمِ أجسادِنا لا أن نرتقي من خشيةِ النّاسِ سُلَّما، وأن لا نقفَ في الوسطِ حينَ يتعلقُ الأمرُ بهيبةِ الوطنِ وكيانِ الدولة. 
المشير الركن حابس المجالي

سَهمٌ في كنَانةِ بني هاشم "ما انتمى لغيرِ لهيبِ النَّارِ" عرفناهُ عبرَ مسيرةِ الوطنِ الخيّرةِ ضابطاً مقداماً وقائداً ناجحاً وظلَّ على ما هو عليه: إخلاصٌ بلا مِنَّةٍ ووفاءٌ بلا حدودٍ، وعزيمةٌ يلينُ الصَّخرُ ولا تلينُ وشموخٌ تنحني دونَهُ عالياتُ القممِ لقد كانَ الجنديَّ المخلصَ الأمينَ الَّذي ما تأخَّرَ يوماً عن وطنِهِ ومليكِهِ. قالَ لهُ جلالةُ الملكِ الحسينِ _طيَّبَ اللهُ ثَراهُ _ ذاتَ يومٍ "لقدْ عرفناكَ عبرَ السنينِ والأعوامِ رفيقَ الدَّربِ والأخَ الَّذي تَجَسَّدتْ فيه أعمقُ صفاتِ الأمانةِ والرُّجولةِ وأطيبُ ميزاتِ الشَّرفِ والمروءةِ". 
 لقد كانَ رجلَ المهماتِ الصَّعبةِ والمواقفِ الجريئةِ، لم يجاملْ على حسابِ الوطنِ، ولم يَحدْ قلبُهُ عن بَوصلةِ الأردنِّ قِيدَ أُنْمُلَةٍ، وظلَّ الوطنُ هاجسَه الدَّائمَ الدَّائبَ المتجددَ حتَّى آخرِ نبضةٍ في قلبِهِ. يعشقُ الجنديةَ ويحبُّ العسكرَ ويقدسُ ترابَ الوطنِ. ولدَ عام ألفٍ وتسعمائةٍ وأحدَ عشرَ للميلاد والتحقَ بالخدمةِ العسكريةِ في الأوَّلِ من أيلول عامَ الفٍ وتسعمائةٍ واثنينِ وثلاثينَ وحملَ الرَّقمَ العسكري (47) وتسلمَ خلالَ خدمتِهِ العديدَ من المناصبِ القياديةِ فعملَ قائداً للكتيبةِ الرّابعةِ وقائداً لمنطقةِ نابلس ومساعداً لرئيسِ الأركانِ للإدارةِ وقائداً للقوّاتِ الغربيةِ وحاكماً عسكرياً عاماً ورئيساً لأركانِ حربِ الجيشِ العربيّ وقائداً عاماً للقوّاتِ المسلحةِ الأردنيّة وكبيراً لأمناء جلالةِ الملكِ الحسين رحمهُ اللهُ ووزيراً للبلاطِ ووزيراً للدّفاعِ وعضواً في مجلسِ الأعيان. 


المشير الركن حابس المجالي
رجلٌ من "قومٍ طريقُهُمْ مبنيةُ على الموتِ" لم يعرفوا سوى اتجاه الوطنِ فساروا إليه زرافاتٍ ووحدانا. سَّيفٌ ما امتُشِقَ إلا لحقٍّ وما أُغمدَ عن باطلٍ، بطلٌ لم يكتبْ في دفترِ أهلِهِ صفحةً سَوداء وما سوّدَ صفحةً بيضاءَ حتّى افْتَرَّ مَبْسَمُ التَّاريخِ وهو يروي بطولاتِهِ للنُّجومِ الزَّواهر. وحتَّى "لا يجفَّ الصَّهيلُ في رئةِ الخيولِ" لم يترجلْ عن صَهوةِ جوادهِ فخاضَ وزملاؤه من فرسانِ الجيش العربيّ غمارَ المعارك في فلسطين وظلَّ يحرسَ أحلامَ الأمَّةِ في بابِ الواد واللطرون وعمواس، ما أُوَارُ نارِهِ خَبَا، ولا صَدْرُ جوادِهِ كَبَا، ولا حَدُّ سيفِهِ نَبَا، إلى أنْ عادتْ كتيبتهُ الرَّابعة بأذنِ ربِّها رابحة. واستطاعَ رغمَ شحِّ الإمكاناتِ وقلَّةِ السِّلاحِ أنْ يحفظَ ما تبقى من الأرضِ العربيّةِ ويكبدَ الإسرائيليينَ أفدحَ الخسائرِ. شَهِدَ بذلكَ بن غورين في خطابٍ ألقاهُ في الكنيست في الحادي عشرَ من حزيران عامَ تسعةٍ وأربعينَ حيثُ قال: "إنَّ اليهودَ قد خسروا في معاركِ بابِ الواد ضعفي العددِ الَّذي خسروهُ في معاركِ فلسطين الأخرى". 

وماذا بعد 
بكتْ السُّيوفُ حينَ فقدنَ كفَّكَ وشفَّ الأرضَ لاعجٌ حينَ غابتْ عنها خَطاكَ وما استطاعَ الكلامُ أن يفيكَ حقَّكَ فأنتَ أوسعُ من مداهُ وأكبرُ من حروفِهِ لأنَّ البطولةَ وحدَها هي الَّتي تكتبُ الكلامُ وقد كتبـتَ بخطٍّ واضحٍ أنَّكَ ابنُ الوطنِ من ألفِهِ إلى يائِهِ. وماذا بعدُ يا أبا سطام والمدى يترنَّحُ تحتَ وَقْعِ خُطاكَ والشذا يتصاعدُ من جميلِ أفعالكَ وكأنِّي أرى رياحينَ روحِكَ تعبقُ كلَّما قيلَ الأردن وسواسنَ قلبكَ تنتشي كلَّما قيلَ الجيشُ العربيّ، وكأنَّنا نراكَ بيننَا مُعْتَمِرَاً كوفيتَكَ الحمرَاءَ مُدَّثِّراً بالوقارِ الأردنيّ مُتجمِّلاً بالتَّاجِ الهاشمي نراكَ في عيونِ الجنودِ البواسلِ، وزغاريدِ النَّشمياتِ، في ميادينِ التَّدريبِ وساحاتِ البطولةِ خالدٌ مقيمٌ في ذاكرة الجيشِ "فمثلُكَ لا يُنسى ومثلُنا لا يَنسى". ولسوفَ تذكركَ القدسُ كلَّما ذكرتْ عُشاقَها وفرسانَها وأنتَ واحدٌ منهمْ، ولسوفَ تبقى راسخاً في وجدانِ أهلِ الوطنِ كجبلِ شيحانَ الأشمِ. وفي حَضرتِكَ نجدِّدُ البَيعةَ الَّتي ما رَثَّ حَبلُها ولا انقطعَ زمانُها بَيعةَ الرِّجالِ الَّذينَ خَرجوا ذاتَ شَــعبان عُراةً إلا من مُروءةِ سُـيوفهِمْ ورَجاحةِ عقولهِمْ وظلُّوا يُسابقونَ الرِّيحَ، ويَخوضونَ لُجَجِ الرَّدَى يَجوبونَ العلياءَ ويَرتادونَ المجدَ إلى أن أيقظَ صهيلُ خيولِهم رُموسَ الثَّرى في شمالي حلب فاستيقظَ النَّائمونَ وعادَ الخائفونَ. 

 

ولسوفَ يبقى الجيشُ العربيُّ الهاشميُّ على عهدِكَ به يحملُ رؤى القائدِ وأحلامَهُ بوطنٍ عزيزٍ بأهلِهِ صامدٍ بقاماتِهِمْ الشّامخة. 





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :