facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الكوليرا العربية


د.باسم الطويسي
05-06-2017 01:29 AM

أخبار الكوليرا باتت تعصف بالشعب اليمني وتزيدهم ويلات فوق ما هم فيه، علاوة على الأخبار الأخرى عن انتشار هذا المرض الوبائي وسط السودانيين، ما يجعل المنطقة العربية بؤرة جديدة لانتشار هذا المرض اللعين القادم من التاريخ بعد أن كاد أن ينقرض من العالم، ما يضيف المزيد من العتمة والعلل على هذا الجزء من العالم تتراكم فوق العلل السياسية والفقر الاقتصادي والفتن التي يعيشها، بينما كل يوم تتأكد الحقيقة أن الكوليرا والوباء الفعلي المزمن يكمن في رؤوس الرجال الذين يصنعون السياسة أكثر من أمعاء الأطفال والنساء والشباب ضحايا الكوليرا وغيرها من العلل والأمراض.
حسب منظمة الصحة العالمية هناك نحو 70 ألف إصابة بالكوليرا في نحو 18 محافظة يمنية، بينما بلغ عدد ضحايا الوباء نحو 600 شخص خلال شهر واحد، وحسب التقديرات فإن اليمن مقبل على أم الكوارث، فأكثر من عشرة ملايين إنسان يقعون في دائرة الخطر منهم نحو سبعة ملايين من سكان مناطق الانتشار ونحو ثلاثة ملايين من النازحين بدون أدنى شروط السلامة في الغذاء والماء. هناك أيضا نحو 1.1 مليون من النساء الحوامل مصابات بسوء التغذية هن أكثر عرضة لفتك الكوليرا. الوجه الآخر الذي لا يقل ظلمة وفتكا في الكارثة اليمنية أن تتعثر جهود الإغاثة الدولية في بلاد دمر أو تعطل ثلثا مرافق وقدرات نظامها الصحي نتيجة للحرب. بينما ينتشر المرض بسرعة كبيرة في بيئة يصعب التعامل السريع معها، حيث رصدت منظمة الصحة العالمية 14 ألف حالة جديدة خلال يومين فقط.
في السودان، وجه آخر للكوليرا العربية بنسختيها المعوية والسياسية؛ فرغم التكتم الحكومي أشار تقرير رسمي إلى وفاة 272 شخصاً، وإصابة 14 ألفا آخرين بالمرض. بدأت الأنباء عن انتشار الوباء ووصوله إلى الخرطوم منذ نهاية العام الماضي، وتتهم المعارضة السودانية الحكومة بالفشل في مواجهة الوباء ومحاصرته وسط تفشي الفقر وانهيار المنظومة الصحية.
أصل الكوليرا العربية كوليرا سياسية بامتياز تبدو في الاستبداد والجهل وفشل التنمية، في إحدى نظريات تفسير التخلف تدور المجتمعات والسلطة في حلقة مفرغة من دوران إنتاج المشاكل ذاتها والعلل ذاتها حتى تسقط الجماعات من إعياء الدوران في الاقتتال وتبادل الأدوار في الصراعات والهدر، ويشترك في هذا الدوران المجتمعات والسلطة والنخب وتتداخل علاقات الخارج بالداخل حتى يغيب عن المشهد ما هو القادم من الداخل وما القادم من الخارج.
معظم المجتمعات العربية تواجه تحدي فشل التنمية التي دشنتها الدولة الوطنية منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، بشكل أو بآخر. ما قاد اليمنيين إلى الاقتتال هو فشل التنمية بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وجاء أخيرا بالكوليرا، وبعد حين سوف نكتشف حجم المحنة التي دخل إليها هذا الشعب؛ للأسف سيخرج من حرب مسعورة ليس بالكوليرا وحسب بل جيل من ذوي الإعاقات والتشوهات الجسدية، مصاب بالعلل والأمراض النفسية والعصبية، وجيل من الأميين حيث تتجاوز الأمية اليوم في هذا البلد 65 % وهي مؤشرات كارثية. ستنتهي الحرب في لحظة ما، وسيخرج اليمنيون على العالم وهم أقل حيلة وأكثر نقمة. مئات الآلاف من النساء الصغيرات مصابات بفقر الدم وبلا بيوت أو مأوى، وأعلى معدل لوفيات الأطفال الرضع في العالم، وجيل من الرجال المحبطين بدون أمل أو أفق أو فرص؛ الحرب اللعينة تجعل الناس ينسون التنمية وحقهم في حياة كريمة ومعافاة، لينشغلوا في الفخ بتقاسم السلاح والموت والدمار. كما قلنا سابقا أصل الكوليرا العربية سياسية بامتياز، وكل ما نخشاه كيف وأين تنتقل العدوى.


الغد





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :