علمٌ جديدٌ في تحريف الواقع!
اسامة احمد الازايدة
08-09-2017 02:47 AM
عندما اصبح نقل المعلومة (خبرا و صوتا و صورة )سهلا و سريعا اكثر من أي وقتٍ مضى فقد اصبح من الضروري على من يمتلكون السلطة أياً كانت أن يجدوا حلاً لإعادة ضبط المسألة ، فلا يمكن إخفاء الحقيقة التي تراها العين ، وبالتالي لم يعد من الممكن السيطرة على الاعلام بالانغلاق و الإغلاق ، وهنا فقد جاء الحل البديل -بوجهة نظري- من ملهمة الفكر الاجرامي الحديث كونداليزا رايس مبدعة نظرية الفوضى الخلاقة ، تلك النظرية التي ألقت بظلالها ليس فقط على الثورات الشعبية فحسب بل على جميع أنماط تحريف الواقع و استعباد الاستيعاب الإنساني ،و ها نحن نلمس انها نجحت في علم الإعلام أيضا و اثبتت نجاعتها بتوجيه ذهن المتلقي من خلال إحداث تزاحم معلوماتي هائل حول حدث اللحظة ذلك التزاحم الذي يؤدي بالضرورة الى فوضى فكرية لدى القارئ أو المستمع.
قبل هذا الإبداع الأخير كان تكنيك الحرب الإعلامية يعتمد على محاربة الحقيقة بالإشاعة أو محاربة الإشاعة بالإشاعة ، هذه الحرب لم تكن بتلك الصعوبة على المتلقي لان لديه مِكنة التفكير والمقارنة و التقييم بين كلا الخبرين ثم يتجه باتجاه ما يقنع به منهما ، اما الان فإننا امام احدث فنون تشويه الحقيقة و هو المبالغة بها و ليس نفيها !!! ، و في تلك الحالة يتعطل ذهن المتلقي اذا ما وجد مبالغة بالحدث فيذهب فورا الى نفي الحدث بما حمل من صحة و من مبالغة،، قد تبدو الفكرة معقدة قليلا و تحتاج الى مثال حي :
حدثُ الْيَوْمَ هو جرائم الإبادة في ميانمار(بورما)و انشغلت وسائل التواصل الاجتماعي بتداول الكثير من الأخبار و الصور و الفيديوهات الحية بتلك الجرائم منها ما هو صحيح و منها ما يتعلق بأحداث اخرى و قديمة لا علاقة لها بالحدث، هنا يلاحظ المتابع-و الْيَوْمَ تحديدا- ان الكثير من متلقي المعلومة أصبحوا يشككون ليس فقط في بعض المعلومات المتداولة بل ذهبوا الى التشكيك بقضية مسلمي بورما ككل ،على الرغم انها معاناة تاريخية ثابتة و يزيد عمرها عن ثلاثة قرون .
هنا لا بد ان يستوقفنا ذلك و كأن نظرية الفوضى الخلاقة تقول للإعلام :( حتى و إن ذهبت نحو الحقيقة فالفوضى ستشوّه الحقيقة).