facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




كالشجر .. تجدد لا تتجمد !


رشاد ابو داود
11-10-2017 01:53 AM

أن تبقى مكانك،صامداً غارسا قدميك في الارض،أمر جيد لكنه لا يصلح الا للجندي المدافع عن وطنه . لا يصلح ابدا للانسان العادي .فكل ما حواليك يتحرك الى الامام والزمن يركض سريعاً.الثابت الوحيد هو المتحرك .فان توقفت يعني انك تخلفت ،وان تخلفت يعني انك اصبحت من الماضي .ليس كل الماضي جميل وطبعا ليس كله قبيح .
ثمة من تحجر في مكان ما من الزمن .مكان كان في ذاك الوقت حديقة مليئة بالاشجار .اشجار سياسية وايدولوجية وحتى اخلاقية .لكن لكل ما على الارض خريفه.تموت اوراق وتتعرى الاشجار وتهب رياح .
تعيس من يتماهى مع الورق الاصفر فتذبل روحه وتتساقط اوراقه ويسكن في خريفه ولا يرى من الحياة الا اصفرها ومن النهار الا الغروب.
سعيد من يدرك ان الخريف فصل الاستعداد للشتاء ،للمطر يحيي الارض وما عليها .فصل التجدد والتجديد وارتواء الارض ،حضن الورد والزرع والقمح.الشجرة لا تخجل من عريها ،لذلك تظل واقفة ترقب اغصانها تخضر غصنا غصنا ،كل غصن يلد اوراقا جديدة .التجدد سمة الكون ،صيرورة الحياة.
لا تكن مثل بطريرك ماركيز في رائعته «خريف البطريرك» تلك الموسوعة التي تعج بأغاني الساحل الكولومبي وألحانه، حيواناته وأعشابه، طرائفه ومآسيه، قصص حب وهمية وحقائق دموية، سحر وتعاويذ، مآدب من لحم بشري مبّل، وبحر يباع قطعاً مرقّمة. الرواية التي يتجاوز بها غابرييل غارسيا ماركيز حدود أمريكا اللاتينية، دكتاتور كلّي الوجود يعلن حالة حرب على كل منافسيه، من الأطفال إلى الكرسي البابوي في روما... حيث يقول في ذروة خريفه، عاش أنا... يموت ضحاياه: أطفال ومعارضون، رجال دين ومتمرّدون، هنود وهندوسيون، عرب ومضطهدون آخرون. عاش أنا، يقول. غير انه في النهاية يجد نفسه وجهاً لوجه مع الموت في صفحات رائعة يكثف فيها ماركيز الوجه الآخر للحياة، الحياة التي لم يكن البطريرك يراها إلا من القفا، قبل أن ينتهي زمن الأبديّة الهائل، وقبل أن تدق أجراس الحبور وتعلو معزوفات التحرّر، ومنذ طفولة البطريرك إلى توليه السلطة أو، بالعكس، منذ توليه السلطة إلى طفولته الأولى التي نتعرف عليها متزامنة مع طفولته الثانية، حسب تسلسل الأحداث وتداخلها في الرواية، يوجد زمن مغلق هو الحيّز الذي تدور فيه أحداث الرواية. حركة دائرية مغلقة ونشيد مذهل ضد الدكتاتورية.
الزمن يتغير ، فلا تقف عند المنفلوطي و طه حسين و العقاد وحتى بايرون و شيلي وشكسبير ودانتي .هؤلاء عباقرة كانوا يتحدثون عن زمنهم دون ان ننكر عليهم غوصهم في عمق الانسانية وفي تفاصيل العقل النشط و القلب المفكر.وربما لو عاشوا في زمننا لكتبوا شيئا آخر غير الذي كتبوه ،وعلى الكيبورد وليس بالقلم الازرق او الاخضر او الاحمر.
لم يعد السيف سلاح الشجعان ولا الخيل تشق الغبار .لقد تطور الانسان حربا و سلما وحبا.كبسولة صغيرة بامكانها ان تدمر مدينة.جهاز رادار بامكانه ان يرى ما لم تكن تراه زرقاء اليمامة.قيس ما كان ليشقى بحب ليلى لو ان ليلى كانت ترتدي الجينز وتضع يدها بيده الى مقهى بعيد عن العيون .وما كانت غادة السمان تكتب رسائل لغسان كنفاني لو كان في زمنها موبايل وفيسبوك وانستغرام .
ليس تسطيحا ولا استهانة بالذين سبقونا ،لكنه تنبيه لعدم العيش في الماضي حتى لا نخسر الحاضر ولا نصل الى المستقبل !!

الدستور





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :