facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مسلسل جرائم الشرف تُسأل الأنثى إذا تزني .. وكم مجرمٍ دامي الزنا لا يسأل .. وسريرٌ واحدٌ ضمهما "تسقط البنت ، ويحمى الرجل" ..


د. ربا زيدان
12-02-2009 07:06 PM

- لم أجد افضل من هذه الأبيات والتي تحمل الفكرة التي أوّد مناقشتها هنا لتكون مقدمة لهذا المقال الذي يتطرق الى قضية من أهم القضايا المحليّة والعربيّة وأكثرها حساسية، وهي ما يسمّى بجرائم الشرف، والتي بتنا نسمع عنها كثيرا في الآونة الأخيرة والتي تأتي لتمزّق أواصر العائلات وتستفزّ مشاعر العامّة وتقضّ مضاجع المجتمع المحلي والدولي والذي يستغّل مثل هذه الحوادث ليربطها بديننا الاسلامي الحنيف وهو منها برئ ، وبثقافانتا العربية التي تغرق يوميا في وابل من الاتهامات المتعلّقة باضطهاد المرأة وتشييئها والتي قد تكون للأسف صحيحة في بعض الأحيان.

وفي كل عام تقتل المئات من النساء باسم الشرف في جميع أنحاء العالم وخاصة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا وجنوب آسيا و في الجاليات المسلمة والعربية التي تعيش في الغرب وفي بعض البلدان غير المسلمة أيضا كدول أمريكا اللاتينية كالبرازيل والأكوادور.

و حسب تقديرات صندوق الأمم المتحدة للسكان يجري قتل خمسة آلاف امرأة وفتاة في أنحاء العالم سنويا تحت مظلّة الشرف. وتعتبر الباكستان من الدول التي يقع فيها أكبر عدد من هذه الجرائم بمعدّل 500 جريمة شرف سنوياً ، ولكن من الصعوبة بمكان التعامل مع أرقام محددة في أي من هذه الدول، حيث أن عدد الحالات غير المسجلة مرتفع جداً. وفي العديد من الحالات لا تسجل جرائم الشرف على أنها كذلك من قبل الشرطة، إما لعدم وجود وعي بها أو لأن الجرائم تم إخفاؤها بشكل ذكي كحوادث غير متعمّدة أو حالات انتحار.

ورغم أننّي للّحظة لا أستطيع تصوّر أب أو أخ أو عم أو خال أو أي من الأقرباء تمتّد أيديه لتستلب الحياة من ابنة أو زوجة أورفيقة درب، الا أن ظهور العديد من حالات القتل هذه تجعل المرء يتساءل عن شرعية ما يسمى بجريمة الشرف وطبيعة الأحكام المخففة التي ينالها مرتكبو هذه الأفعال. وان أردنا أن نقدّم تعريفا موضوعيا لهذه الجريمة، يمكن أن نصوغه بالعبارات التالية المقتبسة عن المستشارة في شؤون سياسة الأسرة والنوع الاجتماعي والشباب "انجا ويهلر"* والتي تعرّفها كالتالي :

( تقع جريمة الشرف عندما تُقتَل امرأة من قبل أحد أفراد أسرتها بهدف إعادة ترسيخ شرف العائلة. ويُنتهك الشرف، وفقا لهذا التعريف، نتيجة لسوء تصرف أخلاقي فعلي أو مدّعى من طرف المرأة. ويكون سوء التصرف هذا جنسياً بطبيعته ولكنه يمكن أن يتخذ صوراً أخرى عديدة، كالعصيان العام أو التواصل مع رجل أو علاقة خارج الزواج. وأحياناً يكون حتى نتيجة مؤسفة لوقوع المرأة ضحية لعملية اغتصاب).

و ويتراوح معدل ما يسمى بجرائم الشرف في الاردن سنويا بين 12 و14 جريمة، فيما سجلت 17 جريمة من هذا النوع في 2007 وفقا ل(Human Right watch) لكن هذا الرقم يرتفع كثيرا ليصل الى حوالي 30 جريمة سنويا وفقا للتقرير الذي أعدّته لوكالة بترا من1 بضعة أعوام ، المراسلة في المحاكم الأردنية ، (رنا الحسيني) والتي قالت أن عددا كبيرا من هذه الجرائم يحدث كردة فعل لحوادث اغتصاب أو حمل أو بهدف حرمان النساء من حصّتهن في الميراث أو حتىّ لأسباب أتفه من هذا بكثير ، ففي العام 2003 طعن رجل ابنته 25 طعنة قاتلة لأنها أبت أن تخبره أين كانت في فترة غيابها عن بيتها التي دامت ثلاثة أسابيع؛ وفي عام 2002 قتل رجل أخته بعد أن رآها تحادث رجلا غريبا في حفل زفاف؛ وفي عام 2001 قتل رجل آخر أخته بعد أن رأى رجلا خارجا من منزلها.

والذي يؤلمني والكثيرين غيري ممن يشهدون مثل هذه القضايا أن معظم الضحايا اللواتي يتم قتلهنّ ادعاء للشرف وحماية لاسم العائلة تثبت الفحوصات برائتهن ، بعد أن يكّن قد لقين حتفهنّ دون ثمن، ووفقا لتقرير صادر عن" Human Rights Watch" فان 95 في المئة من النساء اللواتي قتلن عام 1997 في الاردن ثبت انهن بريئات. وفي مطلع آب 2008 اطلق اردني يبلغ من العمر 26 عاما النار على شقيقته (23 عاما) غير المتزوجة في جنوب عمان فأرداها لتغيبها عن المنزل اربعة اشهر برفقة شخص، الا ان الفحوصات اثبتت مجدّدا انها عذراء.

ولا يزال قتل البنات والنساء اليوم على أيدي أقربائهن الذكور دفاعاً عن "الشرف" في الأردن، وفي كثير غيره من بلدان العالم ، من أكثر التهديدات البدنية والنفسية انتشارا ضد النساء ؛ كما أنه أكثر صور العنف المنزلي تطرفا، وهو جريمة قائمة على تميز الرجل وسلطانه وعلى التبعية الاجتماعية للمرأة. وعلى الرغم من عدم ارتفاع اعداد حوادث القتل المبّلغ عنها نسبيا، فإن أصداءها تتجاوب في كافة جنبات المجتمع. حيث يمثل القتل دفاعاً عن "الشرف" أشد العواقب المأساوية للتمييز بين الجنسين في العقوبة والقصاص .

إن حياة المرأة في بعض الأحيان تصبح مهددة في الكثير من المجتمعات الشرقية إذا قامت بفعل يعتبره أحد أفراد عائلتها غير أخلاقي أو مشين، كالتحدث إلى رجل ليس بزوجها أو لا تربطها به قرابة دم أو الامتناع عن إخبار واحد من أقربائها الذكور أين كانت ومع من، أو الزواج برجل لا ترضى به أسرتها - أي إجمالاً لإتيانها أو الاشتباه في إتيانها فعلاً جرى العرف على اعتباره مجلبة للعار على نفسها ومن ثم على أسرتها. وقد يعتدي الأقرباء الرجال على المرأة المتهمة بذلك بضربها أو إطلاق النار عليها أو طعنها أو سوى ذلك من صنوف الإيذاء البدني أو الاهانة النفسية ، بموافقة أفراد أسرتها وموافقة قطاعات عريضة من المجتمع عموماً. ونادرا ما تقوم الجهات المختصّة باتخاذ أي مبادرة لمنع وقوع هذه الجرائم، وعادة ما تتعامل مع القتلة على أنهم معذورون لاسباب عشائرية وقبلية ومجتمعية لم نستطع بعد تخطّيها ومن المؤسف والمهين أن يتم إجبار النساء المتّهمات على الخضوع لفحص طبي مؤلم لإثبات عذريتهن بناء على طلب أسرهن للتأكد من سلامة بكارتهنّ، وكأن شرف العائلة بأكملها يتوقف على سلامة هذا الغشاء!!!

ولم يحدث في أي من الجرائم المتعلقة بالشرف، التي وقعت في الأردن في السنوات الأخيرة أن قضى الجاني أكثر من ستة أشهر في السجن. ممّا يجعلنا نتعجّب من ماهيّة مثل هذه الاحكام المخففّة وشرعيتها الدينية. فان أردنا الرجوع الى الاسلام نجد أنه لم يفرّق بين الذكر والأنثى في الجرم ولا في العقوبة وشرع القصاص العادل لطرفي العلاقة ولم يختّص به المرأة كما تفعل مجتمعاتنا المحلية وقوانين الدولة. يقول الله تعالى: ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِين)(النور:2).

كما أن الاسلام بحكمته وتفهمه المنقطع النظير لطبيعة النفس البشرية ولرغبته في الستر على عورات الناس وتقبّل توبتهم فقد وضع ضوابط واضحة وشروط قاسية لتحكم عملية ضبط الزنا أو الحاق القصاص بمرتكبيها . يقول تعالى : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا. وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا بالكلام فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (النساء 15-16). والمتتّبع لهذه الآيات يلاحظ ما يلي، هو أن تطبيق حد الزنا يتطلب شروطا يصعب استيفاؤها في جميع العصور. ذلك أن القرآن قد اشترط في إثبات الزنا شهادة أربعة شهود كما رأينا. ويقول المفسرون إن اشتراط أربعة في الزنا حكم ثابت في التوراة والإنجيل والقرآن. وأجمعوا على أن من شرط هذه الشهادة أن تكون بمعاينة المعاشرة الفعلية ، وبالتعبير الصريح لا بالكناية، وأن تكون شهادة كل من الأربعة واحدة لا تختلف لا في تحديد الزمان ولا في تعيين المكان. ومن ضمن الأمور الواجب التأكد منها أيضا قبل اقامة الحد في الاسلام ما يلي:

- أن لا تكون الفتاة مكرهة على الزنى، فإن أكرهت فلا شيء عليها.

- اعتراف الزاني نفسه بزناه، وإصراره على الاعتراف، لما روي أنه صلى الله عليه وسلم أقام الحد على ماعزٍ والغامدية، لما أقرّا بالزنى، كما روى ذلك الشيخان، وأحمد، والترمذي، وغيرهم.

- شهادة أربعة رجال بأنهم شهدوا الوطء، لقوله تعالى: (لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء، فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون) [النور: 13]. وقوله عزّ وجلّ: (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) [النساء: 15).

- وجود القرائن على الزنى ، مثل: اكتشاف حمل امرأة لا زوج لها.

ومن جميع الأمور الآنفة الذكر وغيرها الكثير ندرك حتما أن لا وجود لمثل هذه التشريعات التي تجعل من السهولة بمكان اتهام الأنثى بارتكاب الفاحشة جهرا دون اثبات حقيقي ومادي. يقول الله تعالى : (وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (النور: 4)

كما أننا لم نرى أي دليل في الاسلام يربط مثل هذه الجريمة بالمرأة وحدها دون الذكر، كما لم يطلب منا ديننا الحنيف ولارسولنا الكريم أن نصبح جميعنا قضاة وحكام ونقرّ بأنفسنا قصاصا على بناتنا لمجرّد خوفنا الشديد من ضغط اجتماعي أو فكرة قد تجلب العار. فالاسلام لم يتساهل مع الجرم لكنه كان حكيما وأقر عقوبات تتناسب مع الجريمة حيث إكتفى بالجلد والتعذيب لمن مارس الزنا الغير محصن - أي لغير المتزوجين - والرجم وهو عقوبة قاسية نهايتها الموت لمن مارسه من المحصنين أي المتزوجين والمتزوجات وذلك لان زنا المحصن والمحصنة ينتهك حقوق أشخاص آخرين من زوج أو زوجة الزاني أو الزانية وأطفالهم والمجتمع ككل .ولكن قبل كل شيء أكد الإسلام على وجوب الستر وعدم فضح الزاني أو الزانية منعاً لانتشار الفاحشة وانهيار البيوت.

وان جئنا للقانون فسنجد أنه للأسف، لا توجد جريمة تدعى القتل من أجل الشرف. لذا فإن التوصيف القانوني هو عادة جريمة من الدرجة الثانية عقابها 15 سنة في السجن، أو جريمة قتل من الدرجة الأولى وعقابها الإعدام. ولكن هذه العقوبات القصوى نادراً ما يتم تنفيذها. . فالعرف السائد هو أن يحصل المتهم الذي تثبت عليه جريمة القتل من اجل الشرف على حكم مخفف جداً.

وينظر قانون العقوبات الأردني حتى الآن إلى القتل من أجل الشرف كجنحة طفيفة وكسلوك يبرره عمل الضحية "الباطل" و"الخطير". وحسب المادة ٣٤٠ من قانون العقوبات الأردني لا يُحكم على الجناة في مثل هذه الحال بأية عقوبة أو يحصلون على تخفيض كبير في مدة العقوبة، - (نصت المادة 340(2) من قانون العقوبات على العذر المخفف في حالة خاصة وهي عند مشاهدة مرتكب القتل والايذاء لاحدى اصوله او فروعه او اخواته مع آخر على فراش غير مشروع. بينما جاء نص المادة (98) من قانون العقوبات مطلقا على انه يستفيد من العذر المخفف فاعل الجريمه الذي اقدم عليها بسوره غضب شديد) * كما أنه لا يقتضي من اجل الاستفادة من العذر المخفف ان يقع الجرم فورا على اثر رؤية المجني عليها متلبسه بفعل الزنا. وإذا كانت هناك بعض المسائل التي تزيد من حساسية هذه القضية ونتائجها القانونية في السنوات الأخيرة، فهو أن المحاكم ما برحت تقبل بصفة معتادة عذر القاتل بأنه أقدم على فعلته بسبب "سورة الغضب" و"نقص الأهلية" ،حتى عندما تقع الجريمة بعد مرور أسابيع على الفعل المقصود .

والجدير بالذكر أنه وفي يوليو 2003 زارت منظمة (Human Rights Watch) الأردن وأجرت مقابلات مع عدد من النساء المهددات بالقتل على أيدي أقربائهن - وكلهن محبوسات في مركز الجويدة لإصلاح وتأهيل النساء في عمان، الذي يعد الملاذ الوحيد لهن - ومع عدد من مسؤولي الحكومة ودعاة حقوق الإنسان وضباط الشرطة والقضاة والشخصيات السياسية الإسلامية. ووجدت المنظمة أنه على الرغم من تأييد بعض أعضاء الحكومة الأردنية والأسرة المالكة للإصلاح، فإن قضية جرائم الشرف في الأردن باتت بحاجة إلى إجراء عاجل. ومنذ تلك الزيارة فقد وردت بلاغات عن مقتل العديد من النساء لأسباب تتعلق بشرف الأسرة. وقد تطرّق تقرير (Human Rights Watch) الى وصف السياق الاجتماعي الذي تقع فيه جرائم "الشرف"، بما في ذلك وضع الفتيات والنساء كمواطنات من الدرجة الثانية في نظر القانون والعرف، وعدم الإبلاغ عن حالات العنف المنزلي بصورة وافية، وعدم وجود ملاذ أو ملجأ تحتمي به النساء المهددات، والاحترام الممنوح في كثير من الأحيان لمن يعترفون بقتل قريباتهم. وقدّم التقرير أيضا دراسة حالة عن أربع نساء ما زالت حياتهنّ مهددة من جانب أقربائهن، في محاولة لبيان استمرار ضعف استجابة الحكومة لجرائم "الشرف"، وما يخلفه ذلك من أثر مدمر ومشلٍّ لحياة المرأة. وقد اختتم ذاك التقرير المفصّل بجملة من التوصيات في هذه الصدد ومنها إن محاسبة الجناة وحماية النساء والفتيات يجب أن تكون من الأولويات العاجلة لدى المسؤولين ؛ وتقتضي المحاسبة الحقيقية من الحكومة الأردنية القيام بتعديل أو إلغاء نصوص القانون الجنائي التي تعفي مرتكبي جرائم القتل دفاعاً عن "الشرف" من العقاب الشديد، والعمل الجاد على التصدي للتمييز المستمر في إطار منع الجرائم والاعتداءات المرتكبة دفاعاً عن "الشرف" والتحقيق فيها، وتحريك الدعوى الجنائية ضد مرتكبيها. وينبغي على السلطات القضائية بالأردن فرض العقوبات المناسبة على من يرتكبون جرائم "الشرف" وغيرها من صور العنف ضد النساء والفتيات، أو يؤيدونها، أو يتغاضون عنها. كما يجب توفير الملاذ الكافي لضحايا جرائم "الشرف" والمعرضات للخطر من جراء هذا اللون من العنف ولأطفالهن الذين يعلنهن. ويجب عدم وضع هؤلاء النساء رهن "الاحتجاز الوقائي" قسرا، كما يجب السماح لهن صراحة بالإقامة في ملاجئ منشأة خصيصا لإيواء ضحايا العنف المنزلي. ونظرا لأن جانباً كبيراً من التمييز الكامن وراء جرائم القتل بدافع "الشرف" وضعف استجابة الحكومة ضارب بجذوره في المجتمع، فإن التصدي الفعال لهذه المشكلة يقتضي أيضا إجراء التدريب المخصص لقطاعات معينة من الشرطة والقضاء، مع تنظيم حملات قوية للتوعية العامة.ورغم ذلك فقد نظرت المحاكم في الأردن في 18قضية في العام 2006.

ووفقا لمديرة مركز ميزان الذي يعمل مع نساء معرضات للخطر المحامية (ايفا ابو حلاوة) فأن التحدث عن الأمر هو أول خطوة لايجاد الحل، وتؤكد أو حلاوة أن "عدد جرائم الشرف الحقيقية قليل جدا. تقع الكثير من الجرائم لأسباب أخرى مثل الخلاف على الميراث. بالطبع سيبحث القتلة ومحاموهم عن سبل لتفادي العقوبة". ويساعد مركز ميزان الذي ترأسه المحامية ايفا ابو حلاوة في ادارة أماكن لايواء نساء مهددات تحتجزهن الشرطة لحمايتهن ومكث بعضهن سنوات في ملاذ اجباري هربا من اسرهن. وتقول أن النساء "يحتجن للحماية ثم الاندماج من جديد" مؤكدة على الحاجة للعمل مع أسر الضحايا. وضربت مثالا بامرأتين نجتا من حادثي اطلاق نار ثم عادتا لمنزليهما بعد توسط المركز ودعم نفسي للطرفين. وقالت ابو حلاوة "إحداهما حملت بعد ان تعرضت للاغتصاب ولكن الاسرة قبلتها الآن".

ويسعى دعاة حقوق المرأة في الأردن إلى تعديل القوانين التي تحمي أفراد الأسرة الذين يقتلون دفاعاً عن "الشرف"، إلا أن مجلس النواب يعرقل هذه الجهود، مثلما عرقل مقترحات تشريعية أخرى تفتح الباب أمام إعطاء المرأة مكانة مساوية لمكانة الرجل في القانون الأردني. ورفض مجلس (البرلمان) مرتين تغيير "قانون العقوبات" وانهاء العقوبة المخففة ضد مرتكبي جرائم الشرف التي تتراوح بين ثلاثة اشهر الى عام واحد على الرغم من ضغوط ودعوات المنظمات التي تعنى بحقوق الانسان. وفي الوقت نفسه، نجد أن التزامات الأردن بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان تقضي بمعاملة المرأة على قدم المساواة مع الرجل في ظل القانون وبحماية السلامة البدنية للمرأة.

ولكن الجدل أخرج القضية للعلن فقد بدأ الأردن يحاول معالجة هذه القضية ، ويقول نشطاء حقوق الانسان ان المواقف تتغير ببطء وان القضاة أصبحوا أقل استعدادا لقبول الدفع بان الجريمة ارتكبت في ثورة الغضب كما ان هناك جهودا جارية للتعامل مع العنف الأسري على نطاق أوسع.

هذه وقد أنشأت وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية في خطوة محمودة دار الوفاق التي ساعدت 290 امرأة وفتاة أحالتهن الشرطة للدار لهروبهن من منازلهن لتعرضهن للضرب أو اعتداءات جنسية أو إهمال. ويعترف الأردن بان الأطفال والنساء قد يعانون من سوء معاملة نفسية وجنسية وعاطفية داخل الاسرة.

وتقول نانسي ناغور مديرة دار الامان وهو مركز تموله الحكومة "نحن أول دولة عربية تعترف بأن هناك سوء معاملة وتقول ينبغي ان نعالجها".

ويقدم دار الأمان مأوى مؤقتا وعلاجا لأطفال عانوا من سوء المعاملة منذ عام 2000كما يقدم دار الامان الاستشارات للاسر لضمان عودة الأطفال بامان في نهاية الامر.. وتقول ابو حلاوة "النساء يترددن في الشكوى من أزواجهن أو آبائهن أو أشقائهن. لا يردن الزج بهم في السجن أو تغريمهم. وفي نفس الوقت هناك جيل جديد من النساء كثيرات منهن يقلن انهن لن يقبلن العنف".


وتقول أمل صباغ المحاضرة في مركز الدراسات النسائية في احدى الجامعات الاردنية "طرحت القضيةعلى الساحة العامة منذ فترة ولكن لم يطرأ تغيير. الناس راضون عن الامر الواقع. نحن نسعى للتغيير".

وفي مبادرات ثقافية لترسيخ مفاهيم التسامح ومحاولة التعامل مع مثل هذه الحوادث بشكل أكثر عقلانية قدم المركز الوطني للثقافة والفنون الأدائية الأردني لمسرحية "رق الدم" التي تتناول حكاية مؤلمة لشابة يقتلها شقيقها بداعي "غسل العار"، وتمزج المسرحية ما بين الخيال والواقع المؤلم لقصة فتاة شابة ذهبت ضحية بعض العادات والتقاليد التي تحط من كل القيم الإنسانية ، بالرغم من أن جميع الأديان والتشريعات حرمت قتل الإنسان لأخيه الإنسان، فلماذا يقتل الأب ابنته؟ أو الأخ أخته؟ وهن من دمه و لحمه... تساؤلات عديدة تطرحها المسرحية في انتظار اجابات !!! واوضحت لينا التل مديرة المركز ان المسرحية تاتي ضمن سياسة المركز الوطني للثقافة والفنون الادائية في طرح قضايا اجتماعية من اجل التطور والتنمية من خلال المسرح التفاعلي،مبينة انه ومن خلال تجربة المركز اثبتت ان هذه المسرحيات لها دورا في احداث التأثير الايجابي على المجتمع واتاحة الفرصة للجمهور التمتع بمسرحيات تلقي الضوء حول قضايا انسانية آنيّة.

وأكدت التل مخرجة العمل " تأتي اهمية هذا العمل بالتأكيد على ضرورة عدم السكوت عن هذا السلوك الغير الانساني واللذي يناقض القيم الدينية الاسلامية حيث شهدنا في الاردن في الاونة الاخيرة ازدياد في جرائم الشرف لم تكن موجودة سابقا ومن واجبنا التطرق فنيا وانسانيا لهذا الموضوع لنشر الوعي حوله خصوصا فئة الشباب وصانعي القرار والحد من انتشار هذه الظاهرة ".

غريب أن يرتبط مفهوم الشرف في مجتمعاتنا بقيمة مادية بحتة، وأن نقوم بسفك دماء فتياتنا في لحظة خطأ أو غضب أو جهل. أراني أقف متعجّبة أمام قانون يجرّم الأنثى ويحفظ للذكر حقه الكامل في الحياة دون قيود وبلا ضوابط ، ومتألمة أمام اعراف تشجع الرجل على التباهي بعدد محظياته بينما ترجم الأنثى ان أحبّت أو زلّت..مجتمع يتصرف بلا وعي ولا ضمير مهمّشا جميع القوانين السماوية التي تدعو الى تحريم القتل ونبذ العنف واحتواء المشاكل، مجتمع لا زال بحاجة الى الكثير من التوعية للتخلص من رواسب القبلية والعشائرية والجهل والتي تضيف الى الضغوط الكثيرة التي تواجهها المرأة في مجتمعاتنا ضغطا اجتماعيا لا يحتمل ، يجعلها دائما موضع شك ومحل اتهام.

نحن بحاجة الى اعادة النظر في الأساليب التربوية التي نمارسها في توجيه أبنائنا وبناتنا وفي القيم الانسانية التي نزرعها فيهم دون انتباه، نريد أنظمة قانونية أكثر صرامة وأكثر وعيا و أقل رحمة بأولئك الذين يعتقدون أنهم يملكون حق استلاب الحياة ومنحها ، اولئك المتذرّعين بحجج واهية لاغتيال العلاقات الأسرية وتدمير العوائل ، المخدوعين باوهام توحي لهم أن في غيّهم ذاك مسح للعار واستجلاب للفخر. أتمنى أن نصل الى المرحلة التي يفكر فيها المرء ألف مرة قبل أن يجرأ على تهديد حياة أخت او ابنة أو زوجة بهذا الشكل.

ان جلّ ما أستطيع أن أختم به هو التأكيد على قناعتي وقناعات الكثيرين من غيري أن معظم تلك الجرائم المدّعوة بجرائم الشرف تكاد تخلو من الشرف كما تقول جلالة الملكة رانيا عندما تسأل عن رأيها في مثل هذه الحوادث الأليمة.

ملاحظة: والمثير للدهشة والألم في آن ، أنني وفي اللحظة التي هممت فيها بارسال هذا المقال الى النشر، سمعت عن الجريمة الأخيرة والتي راح ضحيّتها فتاة عشرينية أخرى ، بعد أن تم طعنها على يد شقيقها الأصغر وذلك بعد أن ساورته الشكوك حول مسلكها بعد أن تطرقت الى مسامعه بعض العبارات الخبيثة والتي أطلقها ذوي الضمائر الميتة. ورغم أن الأخ القاتل يدّعي ندمه بعد أن أثبتت الفحوصات كالعادة براءة الفتاة وعذريتها، نأمل أن لا يلقى هذا القاتل أي حكم مخفف كما حدث في الحالات السابقة.

.....................
* إنجا ويهلر- شوك متخصصة في مجال العلوم السياسية (جامعة برلين الحرة/معهد الدراسات السياسية في باريس) وتعمل مستشارة في مجال سياسات النوع الاجتماعي والأسرة والشباب في مؤسسة سياسية في برلين.
* الجريدة الرسمية. رقم 2، 1964
• مصادر :
- جريدة الرياض
- وكالة رويترز
- http://www.stophonourkillings.com/?name=News&file=article&sid=2478





  • 1 26-01-2010 | 02:18 AM

    الى رقم 31 انت شخص غريب

  • 2 26-01-2010 | 02:18 AM

    الى رقم 31 انت شخص عجيب


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :