facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الدولة المدنية انقلاب على الدين والديمقراطية معاً


د. محمد العايدي
23-01-2018 08:55 AM

لم نكن يوماً ضد المدنية بمفهومها الصحيح التي تكفل فيها الحريات والعدالة والمساواة والاصلاح السياسي والاقتصادي والتداول السلمي للسلطة ولكن بشرط أن يتم ذلك كله داخل الثوابت الوطنية والمحافظة على المرجعية الدينية كما نص على ذلك جلالة الملك في الورقة النقاشية السادسة حيث جاء في تعريف الدولة المدنية بأنها:( دولة القانون التي تستند إلى حكم الدستور وأحكام القوانين في ظل الثوابت الدينية والشرعية وترتكز على المواطنة الفاعلة...).
ولكن ماذا تعني الدولة المدنية ممن يطلقون على أنفسهم (التحالف المدني) اليوم؟
من خلال متابعتي للقائمين على هذا المشروع من خلال مقالاتهم ولقاءاتهم تبلورت لدينا ما هو مفهوم الدولة المدنية عندهم نوعاً ما، لأنه وبكل صراحة هم أنفسهم مختلفون في صياغة تعريف جامع مانع لها، ولكن ما استطعنا أن نصل إليه أنها عندهم: دستور وضعي ليس للدين فيه أي مكان أو اعتبار أو رعاية أو حماية من الدولة، وليس فقط فصل الدين عن الحكم أو السياسة، كما هي مطالب العلمانيين، بل أخطر من ذلك، فليس للدين أي قيمة داخل نظام الحكم في الدولة المدنية، ولا يراعى في مناهج التعليم، كما لا قداسة لشيء داخل الدولة المدنية، أما المجتمع في الدولة المدنية وأفراد المجتمع فهم أحرار في اعتقاداتهم وممارساتهم وسلوكاتهم حتى ولو كانت شاذة ومخالفة لقيم وأخلاق المجتمع ودينه وعاداته وتقاليده، وليس للدولة أي حق في التدخل فيها إلا من حيث حمايتها فقط وتأمين حرية المعتقد والسلوك أياً كان دون الاعتبار للدين أو الثوابت.
وعليك أيها المواطن الأردني قبل أن تقبل أو ترفض هذه الفكرة أود أن أضع لك تصوراً لما بعد الدولة المدنية حتى نخرج من جدلية الأفكار، لأن المشكلة ليس فقط في مجرد الكلام عن الدولة المدنية بقدر ما هو التحليل للتجربة المدنية، إذن فليكن الكلام عما خلف الدولة المدنية بمفهومهم وعلى ضوئها تحدد موقفك منها ايجاباً أو سلباً، وهل تناسب مجتمعنا الأردني (المحافظ) -إن جاز التعبير- القائم على ثوابت لا يمكن أن يتخلى عنها مهما كان الثمن، إليك تحليل ما بعد الدولة المدنية وكيف سيكون حال مجتمعنا الأردني إن طبقنا هذه التجربة:
أولاً: لا رعاية للدين في الدولة المدنية أو التوعية الدينية أو المحافظة عليه، ولذلك يقول د.مروان المعشر احد أبرز المؤيدين لهذا المشروع في أحد لقاءاته: (الدين مصان بالمجتمع) أي ليس من وظيفة الدولة المحافظة عليه وصيانته والدفاع عنه، وعليه ليس من وظيفة الدولة تعليم الدين للطلبة في المدارس الحكومية وعلى الناس أن يبحثوا عن مراكز وأماكن يتلقوا فيها المعرفة الدينية، وهذا سيجرنا إلى استغلال ابنائنا من الفكر المتطرف وسيجد الفكر المتطرف له فرصة مناسبة للنمو والتطور مع عدم قدرة بعض الناس في التمييز بين الأفكار المتطرفة والمعتدلة ولذلك لابد للدين أن يبقى محمياً بالدولة مصان بها لا بالمجتمع فقط.
ثانياً: إلغاء اعتبار الإسلام مرجعية كما جاء في مادة القانون الأردني (أن دين الدولة الإسلام) ليحل محله أنه لا دين للدولة، أي إلغاء مرجعية الإسلام في كل شأن من شؤون الدولة، وهذا تهميش وانقلاب على الدين كما هو انقلاب على الديمقراطية التي هي إرادة الأغلبية، ومعلوم أن الاغلبية في المجتمع الاردني هي من المسلمين، ولهذا وضع نص المادة في القانون أن المرجعية في الدولة للإسلام طبعا مع الرعاية والحماية لجميع الأديان، لان هذا يمثل إرادة أغلبية الشعب الذي لا يمكن أن يتخلى عن هذه المرجعية كجزء من قانون الدولة، فالمناداة بإلغاء الدين كمرجعية في الدولة هو الغاء لإرادة الشعب وانقلاب عليها، والذي يمثل استبداد للأكثرية، واغتصاب السلطة عن طريق الأصولية العلمانية أو اللبرالية.
ثالثاً: إلغاء المؤسسات الدينية وتحويلها إلى مؤسسات أهلية تتولى تمويلها بنفسها من غير أن تتحمل الدولة أي أعباء لأنه ليس من وظيفة الدولة المدنية الحفاظ على الدين أو رعايته بل هو مصان بالمجتمع، أي على أفراد المجتمع أن يحفظوا دينهم بأنفسهم، أليس هذا أيضاً انقلاباً على الدين الذي تؤمن به الأكثرية في الاردن وانقلاباً على مبادئ الديمقراطية من أن الحكم للأكثرية فيه، وأن الإسلام مرعي فيه ومرجعية لا غنى عنها لتحقيق إرادة الشعب، مع أن القانون يكفل ويرعى حقوق غير المسلمين من معتقدات وأديان وحرية ممارسة الشعائر والعبادة على قدم المساواة .
رابعاً: نزع القداسة عن كل شيء مقدس عند أغلبية الشعب فلا شيء مقدس في نظر الدولة، فلا الكتب السماوية مقدسة في الدولة وإن كانت مقدسة في المجتمع، ولا الوحي (الأنبياء) مقدس، ولا الأقصى مقدس، ولا اعتبار لقدسية شيء في نظر الدولة، يعني (الدولة في واد وارادة الشعب في واد آخر وهذا خطأ لأنه لا يمكن أن تفصل الإرادة السياسية عن الإرادة الشعبية في الدولة الديمقراطية)، وعليه فلا يوجد قانون يجرم الاعتداء على أي شيء مقدس، لأن الحريات محمية بالدستور، أما الدين فليس محمياً بالدولة، وفي المقابل هم يقدسون فقط مشروعهم وذواتهم وأفكارهم على أنها الحلّ النهائي للمجتمع الاردني مما هو فيه، مع أني تتبعت مشروع التحالف المدني أو الدولة المدنية التي يريدون فلم أجد فيها جديدا إلا الإصرار على إلغاء الدين من الدولة، مستغلين الحالة الاقتصادية الصعبة للأردنيين ليقدموا أنفسهم على أنهم المخلص الوحيد والجديد للمجتمع الأردني ولكن هيهات... .
وأخيراً: نحن لسنا بحاجة إلى إلغاء الدين من الدولة من أجل النهوض ولم يكن الإسلام في يوم من الأيام ولن يكون عائقاً أما التقدم والحرية والازدهار، بل كل هذه المعاني مطلب ديني قبل أن تكون مطلباً دنيوياً، كما أننا لسنا بحاجة اليوم إلى استبدال القانون والدستور الموجود استبدالاً جذرياً، بل نحن اليوم بحاجة إلى سياسة الأفكار أي كيفية استعمالها وطريقة انتاجها وتداولها وتفعيل القوانين وسيادتها فوق الجميع .
كما أن مفهوم المدنية ألصق بالمجتمع منه بالدولة، فليس المهم أن تكون الدولة مدنية، فيكفي أن تكون ديمقراطية، بل الأهم من ذلك أن يكون المجتمع مدنياً يحترم كل فرد فيه إرادة الآخر ومعتقده وممارساته، فالمجتمع المدني هو قدرة الفرد في التعامل مع هويته وذاته وانتماءاته من غير أن يتغول على الآخرين، فاذا كان المجتمع مدنياً حفظت فيه الحقوق والحريات والعدالة، وصار مجتمعاً مؤهلاً لتطوير الكفاءات واحترامها والنمو الفكري والمعرفي فتزيد حظوظ الفرد في الابداع والتقدم، وكما قال المفكر الجزائري مالك بن نبي:(حظوظ الإنسان في الدنيا مرتبطة بالمجتمع الذي يعيش فيه) وانا أقول أن الإنسان هو الذي يصنع المجتمع الذي يحب أن يعيش فيه، ثم تتغير الدولة على حسب إرادة المجتمع.

m.s.h75@hotmail.com





  • 1 احمد العجارمه 23-01-2018 | 10:34 AM

    روعه يادكتور

  • 2 هاله 23-01-2018 | 10:37 AM

    مقال اكثر من رائع

    بارك الله فيكم

  • 3 ابو عبيدة 23-01-2018 | 10:46 AM

    مقال مفيد ولكن يجب ان يطرز هذا المقال بايات قرانية لتكون الفيصل بيننا وبينهم تمس هذا الموضوع الدقيق مع كل الاحترام

  • 4 23-01-2018 | 10:58 AM

    روعه الله يزيدك من علمه

  • 5 مصطفى 23-01-2018 | 11:13 AM

    ان شاء الله لن ينجح الدولة المدنية في ظل القيادة الهاشمية الحامية للدين والمقدسات وجزاك الله خيرا دكتور

  • 6 بثينة 23-01-2018 | 11:19 AM

    بالنسبه للمقال عن المدنيه هي بالدرجه الأولى لا تناسب المجتمع الإسلامي بتاتاً

  • 7 عمر أبو زيتون 23-01-2018 | 11:24 AM

    أبدعت دكتور بتوضيحك الشافي لمفهوم الدولة المدنية

  • 8 إن 23-01-2018 | 11:35 AM

    ان المدنية بهذا المفهوم لا يتناسب ابدا مع المجتمع الإسلامي لأنها تهدف الى طمس الهويه الإسلامية واستبدالها بمفهوم أخر بعيد كل البعد عن المجتمع بكل ما يحمل

  • 9 محمد 23-01-2018 | 11:38 AM

    ما يطلبه هؤلاء هو أن يتحول الإنسان إلى حياته الغرائزيه. وهم من حيث يعلمون أو لا يعلمون يريدون أن نصل لأهداف الحركة النورانية المتحكمة في النظم المالية في العالم. النقاش قد يطول كثيراً.وإننا لمبعوثين نصف ليوم عظيم وسنسأل عن ما عملنا.

  • 10 عمر طارق 23-01-2018 | 11:57 AM

    بوركت دكتور

    حبذا لو تقتبس من أقوالهم حتى يعرف القارئ

    سلمت

  • 11 23-01-2018 | 12:31 PM

    لا أعرف لماذا يضعون دائما الدين هو حجر عثره في المجتمع

    مع أنه هو جزء لا يتجزأ لا من الدولة ولا المجتمع ..فيجب أن يكون الين قاعدة كل شيء في المجتمع

    مع الشكر ل د.محمد العايدي على هذه المواضيع المهمه

  • 12 مازن سلامه 23-01-2018 | 01:24 PM

    بارك الله فيك دكتور على هذا التوضيح لمعنى الدوله المدنيه و نحن كشعب مسلم نرفض هذا الطرح للدوله المدنيه

  • 13 معتصم 23-01-2018 | 01:36 PM

    ادام الله الهاشميين وملكهم وسيبقى دين الدولة الاسلام ... فهم اهل رايته ونسل رسوله الطاهر الشريف عليه الصلاة والسلام . فلا خوف على هذا الثابت من اي محاولات عابثين ايآ كانوا .

    اما موضوع ان المدنية تحقق مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص... فاصحاب هذه النظرية..واهمون . فمنذ متى كانت الاديان والشرائع السماوية لا تدافع ولا ترسخ هذه القيم ... فكل الاديان والشرائع السماوية جاءت من اجل تحرير البشرية من عبودية الناس للناس او للاشياء لتصلح عبودية لله الواحد ... وتكفل بذلك المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص والحكم الرشيد .

    وجزاكم الله خيرا

  • 14 فؤاد الشرع 23-01-2018 | 01:42 PM

    أؤيد مقالة الدكتور محمد العايدي وأرى ضرورة توعية الناس بهذا الموضوع

  • 15 د.اسكندري 23-01-2018 | 01:53 PM

    اسعد الله اوقاتك وطيب الله انفاسك الطيبة ونفعنا الله بك. لا بد ان نتأمل اقواله تعالى《هو الذ جعلكم خلاءف في الارض》.وقوله تعالى 《وأمرهم شورى بينهم》. صدق الله العظيم. تشير هذه الايات صراحة ان الخليفة يجب ان يتعين من قبل الحق عز وجل مباشرة . فهو سبحانه من يعين الخليفة لأنه اي الخليفة هو تنصيب مباشر من الله، وهذه لم تتحقق المسلمين. وأيضا تشير الآية الثانية أنه يخول الله تعالى صلاحيته في حكم الأرض إلى الأمة وهي حرة ان تختار ولي امرها. القرآن والديمقراطية - الفرزدق التميمي

  • 16 سامر الخليلي 23-01-2018 | 03:00 PM

    صح لسانك يا دكتور..

    نحن أمة نفخر بوجود روابط تقيد حياتنا وتسمو بنا نحو الفضيلة. وهذه الروابط هي: الإنتماء للإنسانية ككل ، والانتماء لأمة الإسلام ، والانتماء للعروبة ، والانتماء للوطن ، والانتماء للحي ، والانتماء العشيرة فيما يتعلق بمكارم الأخلاق ، والانتماء للاسرة ، وقبل ذلك كله انتماؤنا لدين الإسلام الذي تنبثق منه كافة الروابط الاخرى.

    وأما قوى الظلام في العالم ، فهم انتهوا من تفريغ المجتمعات الغربية من روابطها ، وهم يسعون بكل جهد لتخريب روابط أمة الإسلام بهدف الانتقال بالبشرية ككل إلى الفردية التي يسهل معها تحقيق الحلم اليهودي القديم بإستعباد الامم.

    ولن ينالوا ذلك بإذن الله.

  • 17 23-01-2018 | 04:23 PM

    بارك الله فيك يا دكتور محمد العايدي المحترم وانا أؤيد كلامك المنطقي بكل احترام وتقدير

  • 18 عدنان أبو حماد 23-01-2018 | 05:08 PM

    جاء الإسلام مهذبا وصاقلا ومثبتا لكل قواعد السلوك الاجتماعي.فكيف ينادون بفضله عن أمور الحياة الان . ان هي إلا هجمة غربية بحته تريد أن استئصال كل ما هو قيم في المجتمع الإسلامي.

    اشكرك على هذا المقال دكتورنا الفاضل.

  • 19 عدنان أبو حماد 23-01-2018 | 05:08 PM

    جاء الإسلام مهذبا وصاقلا ومثبتا لكل قواعد السلوك الاجتماعي.فكيف ينادون بفضله عن أمور الحياة الان . ان هي إلا هجمة غربية بحته تريد أن استئصال كل ما هو قيم في المجتمع الإسلامي.

    اشكرك على هذا المقال دكتورنا الفاضل.

  • 20 عدنان أبو حماد 23-01-2018 | 05:08 PM

    جاء الإسلام مهذبا وصاقلا ومثبتا لكل قواعد السلوك الاجتماعي.فكيف ينادون بفضله عن أمور الحياة الان . ان هي إلا هجمة غربية بحته تريد أن استئصال كل ما هو قيم في المجتمع الإسلامي.

    اشكرك على هذا المقال دكتورنا الفاضل.

  • 21 الدكتور ايمن الساسة 23-01-2018 | 05:59 PM

    المقالة فيها من السمو الفكري ما يحفظ اصالة التراث والرقي الحضاري الرفيع .


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :