facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الإصلاح السياسي الأردني على الأجندة الأميركية


د. محمد أبو رمان
11-03-2009 02:54 PM

تسود قراءة سياسية في دوائر القرار في عمان بأنّ الإدارة الأميركية الديموقراطية الجديدة سوف تمارس ضغوطاً على الحكومات العربية، ومنها الأردنية، للمسارعة في برنامج الإصلاح السياسي الذي يراوح مكانه منذ سنوات، برغم الأجندات والعناوين العديدة التي وضعت له.

استناداً لهذه القراءة، تعيد مراكز القرار، مرة أخرى، التفكير في عملية الإصلاح السياسي وبرنامجها، على الأقل في سياق الخطاب الرسمي المعلن، وتسعى لاستباق أية ضغوط خارجية بإجراءات داخلية في المسار الإصلاحي نفسه.

المفارقة، وبالرغم من الإيجابيات المترتبة على هذه القراءة(!) إلاّ أنّها غير دقيقة، بل ومعكوسة إلى درجة كبيرة. فإدارة أوباما الديموقراطية غير معنية بقضية الإصلاح السياسية على أجندتها، على النقيض من إدارة الرئيس بوش، التي أعلنت بعد الحرب العراقية عن عدة مبادرات وقدمت خطابات تضع الإصلاح السياسي في مقدمة أجندتها في التعامل مع المنطقة.

صحيح أنّ الإدارة السابقة جعلت من الإصلاح السياسي بمثابة «قميص عثمان» لتسويغ حروبها وتدخلها في المنطقة، بمستويات سياسية وعسكرية مختلفة، إلاّ أنّ بوش هو أول رئيس أميركي يضع الإصلاح السياسي (على الأقل في الخطاب الأميركي الرسمي) على رأس الأجندة تجاه المنطقة، ويجعل من هذه القضية موضوعاً ساخناً في العلاقة حتى مع الحكومات الحليفة والصديقة للأميركيين، بخاصة في العام 2005، حيث شهد ازدهاراً في حركات المعارضة العربية، قبل التراجع العكسي.

بل إنّ بعض المسؤولين الكبار في الإدارة السابقة، بدأوا يتحدثون بلغة نقدية تجاه تجاوز التلويح بخطر «البديل الإسلامي» للنظم العربية الحالية، على اعتبار أنّ مشاركة الحركات الإسلامية بالسلطة ستؤدي إلى أحد احتمالين، إمّا قبولها أكثر بالواقع وتطوير أيديولوجيتها ومواقفها لتكون أكثر براغماتية في التعامل مع السياسة الأميركية، وإمّا أن تفشل وهو احتمال جيد يفتح المجال لصعود تيارات أخرى في الشارع العربي.

على أي حال لم تدم تلك المقاربة طويلاً وبدأت بالتهاوي مع منتصف العام 2006، بعد صعود القوة الإقليمية الإيرانية وارتفاع وتيرة الحديث عن البرنامج النووي الإيراني، بالتزامن مع تحقيق الإسلاميين انتصارات انتخابية وسياسية لافتة، في مصر وفلسطين.

في المقابل، فإنّ المفكرين والسياسيين الديموقراطيين والمقربين من دوائر الحزب لا يطرحون «الإصلاح السياسي» على رأس الأجندة الأميركية المقترحة تجاه المنطقة، بل ويدعون إلى اعتماده باعتباره استراتيجية طويلة الأمد، وعدم الضغط على الحكومات الحليفة والصديقة في هذا المجال.

المقاربة الديموقراطية، عموماً، تقوم على عدم أهلية الحكومات والمجتمعات العربية اليوم لإصلاح سياسي فوري وبنيوي، وإلى ضرورة التدرج والعمل بمراحل وبطء على مستويات متعددة ومتنوعة، كالمرأة والطفل والأقليات وحقوق الإنسان والحريات الإعلامية.

ولعلّ توافر إدراك واضح، لدى أوساط الأكاديميين والمثقفين الأميركيين، بأخطاء إدارة الرئيس بوش في السياسة الخارجية قد ردّ الاعتبار للمقاربة الواقعية التقليدية في السياسة الأميركية التي تركز على أولوية المصالح والأمن، وإن كانت هنالك طروحات قريبة من المزاج الحزبي الديموقراطي تمنح ملف الإصلاح والديموقراطية وحقوق الإنسان أهمية أكبر مما درج في السياسة الخارجية الأميركية خلال العقود السابقة، التي ألقت بذلك الملف وراء ظهرها تماماً.

على سبيل المثال، يرى الباحث شبلي تلحمي، في كتابه المخاطر، أنه وعلى الرغم من أهمية الإصلاح في المنطقة العربية، إلاّ أنه ينبغي أن يأخذ مساراً طويلاً مرحلياً متدرجاً، وألا تكون هنالك مجازفات كبيرة فيه. ويقدم زبيغنيو بريجنسكي تصوراً جديداً لموقع الإصلاح السياسي على الأجندة الخارجية الأميركية، يطلق عليه مصطلح «الواقعية التقدمية»، وهي مقاربة تحافظ على المصالح والأمن والقوة باعتبارها محددات رئيسة في صنع السياسة الخارجية الأميركية، بينما تمنح الديموقراطية وحقوق الإنسان مرتبة رابعة من حيث الأولوية والأهمية.

في السياق نفسه، تطرح مؤسسة كارنيغي البحثية المعروفة كتاب «الشرق الأوسط الجديد»، قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية، ويتضمن تصورها للأجندة الأميركية نحو المنطقة، وكان اللافت في الكتاب أنه يطالب الإدارة الجديدة بجعل المطلب الديموقراطي من الدول العربية بعيداً عن سمة الفورية والجذرية.

الملاحظات هذه جميعها تلتقطها الباحثة الأميركية المعروفة، في مؤسسة كارنيغي نفسها، ميشيل دن، في سياق مداخلة لها بمؤتمر حول الإصلاح السياسي عقد في البحر الميت في الأردن، مؤخراً. إذ ترى الباحثة أنّ مقاربة الإدارة الأميركية الجديدة حول الإصلاح السياسي غير واضحة بعد، وإن كانت المؤشرات لا تشي بوجود اهتمام كبير بهذا الملف.

وتحيل دن إلى خطاب هيلاري كلنتون، في باكورة عملها، الذي يركز في ملف الخارجية على قضايا معينة وجزئية كحقوق المرأة وتحسين شروطها، ولا تتحدث عن الإصلاح السياسي باعتباره ملفاً كاملاً، كما كانت الحال في الإدارة السابقة، أو على الأقل مع كل من كولن باول وكوندوليزا رايس، الذين أزعجوا في فترة معينة الحكومات الصديقة والحليفة في إصرارهما على ملف الإصلاح السياسي وأولويته. لكن، هل هذا يعني أنّ قراءة الحكومة الأردنية، وحكومات عربية أخرى، في غير محلها وأنّ عليها أن تطمئن لجهة عدم اهتمام الإدارة الأميركية الجديدة بملف الإصلاح السياسي؟..

بالضرورة، الجواب:لا، وأحسب أن الحكومة الأردنية تعي ذلك، لكن المسكوت عنه في خطابها هو أنّ المشكلة ليست في وجود أو عدم وجود ملف الإصلاح السياسي على أجندة الإدارة الأميركية، إنّما من أغلاق ملف «الحرب على الإرهاب» الذي كان يشكل العصب الحيوي في تحسين علاقة الحكومة الأردنية، والعديد من الحكومات العربية، مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكان ذريعة رئيسة في زيادة حجم المساعدات الأميركية إلى الأردن بصورة ملحوظة خلال المرحلة السابقة، بالإضافة إلى اعتبارات متعددة للدور الإقليمي الأردني، حول العراق والتسوية السلمية.

في مرحلة «ما بعد الحرب على الإرهاب»، وفي ظل الأزمة المالية العالمية، والتحضير للانسحاب من العراق، مع تراجع فرص التسوية السلمية، فإنّ كل ذلك سيدفع إلى صعود اعتبارات أخرى لدى الكونغرس الأميركي في تقييم العلاقة مع الأردن، وبصورة خاصة تجديد المساعدات المالية والعسكرية، المباشرة وغير المباشرة.

هذا التحول سيؤدي إلى بروز أسئلة حقوق الإنسان والحريات العامة والحريات الإعلامية لتمثل معياراً رئيساً وتساهم في رسم ملامح العلاقة مع الإدارة الديموقراطية، حتى وإن لم توضع تلك العناوين في محفظة واحدة ضمن مشروع «الإصلاح السياسي».

عن "الحياة اللندنية"






  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :