facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأوراق النقاشية ..


د. نضال القطامين
21-02-2018 01:09 AM

إن الوصول إلى نظام الحكومات البرلمانية الشامل يعتمد على ثلاثة متطلبات أساسية ترتكز على الخبرة المتراكمة والأداء الفاعل، وهي:

أولاً: حاجتنا إلى بروز أحزاب وطنية فاعلة وقادرة على التعبير عن مصالح وأولويات وهموم المجتمعات المحلية ضمن برامج وطنية قابلة للتطبيق. ولا شك أن هذه العملية تحتاج إلى وقت حتى تنضج. ومع وصول أحزاب سياسية تتنافس على مستوى وطني، ووفق برامج تمتد لأربع سنوات إلى مجلس النواب، وحصولها على مزيد من المقاعد، وتشكيلها لكتل نيابية ذات قواعد صلبة، سيكون هناك قدرة أكبر على إشراك نواب كوزراء في الحكومة). "الورقة النقاشية الثانية"

(إن مفهوم الديمقراطية لا ينحصر في تعبير الأفراد عن آرائهم ووجهات نظرهم، بل إنه يشمل العمل لتحويل ما ينادي به الأفراد إلى خطط عمل مشتركة باقتراحات واقعية وعملية تسهم في تقدم الوطن، وهذا هو الدور الرئيس للأحزاب السياسية.) "الورقة النقاشية الثالثة"

لم تجد أوراق جلالة الملك النقاشية أذنا صاغية ومنفّذة، وغني عن القول، بأن وضع هذه الأوراق موضع التنفيذ لم يأخذ بعد، مساراً مؤسسيا واضحا لأسباب كثيرة.

لقد أصدر جلالته سبع أوراق نقاشية هامة، تؤسس لإدارةٍ مدنية للدولة بنموذج رفيع، وتعكس فهما عميقا ودراية كافية، وقد جاءت خمس منها بعناوين مؤسسية تعلّقت بالبناء والتحول والتمكين الديمقراطي، بينما حملت الورقة السادسة تأكيدا على أن سيادة القانون هو أساس الدولة المدنية وحملت الورقة السابعة عنواناً يتعلّق ببناء القدرات البشرية وتطوير العملية التعليمية .

عندما يخصّص جلالة الملك جزءاً كبيرا من هذه الأوراق لعملية التحوّل الديمقراطي، فجلالته لا يرى طريقا قويما للتمكين الديمقراطي سوى بنموذج الحكومات البرلمانية ولكن وفق شروط وطنية حددتها الأوراق.

أهم هذه الشروط هو وجود أحزاب وطنية تنهض بالرسائل الوطنية في السياسة والاقتصاد والثقافة وغيرها، ولقد أشار جلالته إلى أن هذه الأحزاب يجب عليها أن تكون مؤسسات راسخة في التكوين السياسي الوطني، وذات قدرة كبيرة على تمثيل الشارع وحيازة ثقته، حتى يمكنها دخول حلبة التنافس على أغلبية مجلس النواب التي ستؤهلها بعد ذلك لتشكيل الحكومة البرلمانية.
ما الذي يقف دون تحقيق ذلك إذاً؟

إن القارئ المتمعن في المشهد السياسي الأردني، يجد أن ثمة معيقات تواجه النموذج الديمقراطي الذي يريده جلالة الملك، وتحدُّ من تحقيقه، بل وتتخذ بعض المعيقات شكل السباحة ضد التيار لتعزيز المكاسب السياسية التي ترسّخت عبر سنين طويلة، مستندة على روافع إعلامية ودينية واجتماعية بالترهيب من الأحزاب والعمل الحزبي، ووصم العمل بالسياسة بأنه مخاطرة بالوظيفة وبالمنصب وبالمكتسبات.

من المسؤول إذاً، هل هو المواطن الذي يرمي السياسة وراء ظهره في سعيه على لقمة عيشه، أم عشرات الأحزاب التي لا يزيد أعضاء بعضها عن العشرات، ثم تغلق عليها الأبواب دون برامج سياسية واضحة ومقنعة تأخذ في الاعتبار الخصوصية الوطنية، ثم تجلس منفصلة عن المجتمع وعن الشارع وعن الشباب، ثم يطلب منها بعد ذلك تشكيل حكومات برلمانية في مفارقة عجيبة؟

اليوم وفي التجربة السياسية والديمقراطية التي لا ترتقي لمفاهيم الأوراق النقاشية، يختلط حابل الحكومات بنابل النواب، ويخرج هذا الشكل الديمقراطي المشوّه للناس على نظام الفزعات دون عمل ديمقراطي مؤسسي، تتحوّل فيه الممارسة الديمقراطية الناجعة السليمة إلى حركات دق الصدر والنخوة في غير موقعها والتعتيم الإعلامي والنيابي والحكومي على أساليب لإدارة الدولة مثيرةً للجدل، تُشكّل فيما بعد حاضنة دافئة للحراكات ولغضب الناس في الشوارع والميادين.

لن يستقيم هذا الأمر إلّا بما استقام به أوله، ميثاق وطني يتفق فيه على أرضية مشتركة لكل الاحزاب، ثم الوصول بكل الطرق الى عدد محدود من الاحزاب يمثل التيارات الثلاث، اليمين والوسط واليسار، على أن تبدأ القوى السياسية في إطار هذا الميثاق، بحوار جاد وهادف وبنّاء مرجعيته الأساسية ما طرحه جلالة الملك، للخروج بقانون انتخابي يفضي في نتائجه إلى وجود تمثيل حزبي كامل في مجلس النواب لتمضي الأغلبية البرلمانية بعد ذلك الى الحكومة البرلمانية و حكومة ظل، على الوجه الذي يتوافق مع الملكية الدستورية وفق ما جاء في أوراق جلالة الملك.

لكن قبل هذه كلّه، يجب أن تعمل المؤسسات الوطنية كلها – وفي مقدمتها الأحزاب بالطبع - على ترسيخ التجربة الحزبية في الشارع الأردني، ولن يكون ذلك ممكنا إلا إذا استطاعت هذه الاحزاب أن تقنع الشباب ببرامج وطنية تضع حلولا ناجعة للمشكلات الاقتصادية والسياسية وغيرها.

لو كان لدينا في هذا الظرف الاقتصادي العصيب حكومة برلمانية، لتفهّم الشارع الوطني الأسباب والمبررات، بدلا من شتم الحكومة والنواب على حد سواء.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :