facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




كرامتنا شاهد علينا .. فيا للكرامة


21-03-2009 12:06 AM

معركة الكرامة وقعت في 21 من آذار للعام 1968 بعد أقل من عام على هزيمة الجيوش العربية في حرب حزيران 1967 ، ولم تك أرض المعركة ببعيدة عن معركة اليرموك التي فصلت الحق من الباطل ، ولا بعيدة عن معركة مؤتة التي كانت أول عهد العرب والمسلمين بالنصر الكبير على الأعداء العابرين للقارات .

لم تكن معركة الكرامة حرب دارت رحاها وسجلت أول انتصار للعرب ضد الكيان الصهيوني فحسب ..ولم تكن تلك الحرب التي شنتها القوة الإسرائيلية نزهة بصحبة الإعلام لتحديد مساحة الطوق الأمني الاستراتيجي للحدود التي حاولت الدولة المعتدية ضمانها لأمن قواتها .

وبالتالي فإن المعركة التي خاضها بواسل الجيش العربي الاردني وأخوتهم أبناء العشائر ومقاتلو القوات الفدائية من الشعبين الفلسطيني والأردني ، ليست موعدا للغناء والحداء والفخر والافتخار ، بجولة هي الوحيدة التي كسبها الأردنيون والعرب ضد عدوهم .

بل ان تلك المعركة كانت ولا تزال أحدى الدلائل القاطعة بأن الشعب المؤمن بالله والمخلص لوطنه ، والمترابط مع قوته العسكرية ، لا يمكن ان يهزم ، ومهما كانت قوة العدو ، فإنه ـ الشعب الجيش ، والجيش الأمة ـ لا ينكسر وإن انهزم في جولة من جولات معاركه ، خاصة إن كانت تلك الجولات اشتركت فيها السرايا واختلفت فيها النوايا .

وغني عن القول إن معركة الكرامة كانت الفاصلة بين القوة الدعائية للجيش الذي لا يقهر ، جيش العدو الغاصب ، وقوة الحق الثابت الذي كسر قاعدة الجيش العرمرم بسلاحه ، وقهر جيش جولدا مائير وموشيه دايان الذي لا يقهر .. ولما لا يقهر ، ان كان شعبنا هم أصحاب الحق ، وأبطالنا هم الذين يقررون كيف هو الفرق بين حياة الخزي والعار ، وموت الكرامة والفخار .. فيهزم جيش مدجج بكل الأسلحة مدرعة وآلية وطائرة ، ويقتل من جحافله ما لم يقتل في الحرب الكبيرة عام 67 التي اشتركت فيها جيوش العرب كلها تحت قيادة مصرية ، ولم تفلح .

الكرامة .. معركة لم تخضها جيوش العرب ، وانتصر فيها الجيش العربي ، جيش من بواسل صيد ، ونشامى صناديد ، اشتروا بأرواحهم كرامة الأمة وعزة الوطن ، وقايضوا بالدم سيادة التراب .. تلك هي معركة الكرامة ، تظافرت الأسماء على ذلك التراب ، من الشيمة القديمة ، الى البلدة القديمة ، الى الحياة التي يبتغيها الأردني بأي قيمة .

شريان النهر كان شاهدا على اندحار مرورهم ، وانكسار حضورهم ، وتعانق الكفتان من غربي النهر ومن شرقه ، أردنيون حـُماه ، وفلسطينيون أباه ، وجيش مصطفوي ، وشعب لا ينحني ، ضد عدو غاصب أجُبر غصبا أن ينحني .

كيف لشعب لا زالت معركة الكرامة ذاكرة تاريخه ، وتاريخ ذاكرته ، يتنازل عن كرامته ، ويبيع إرث حقه والفاصلة التي أثبتت إنه شعب لا يـُهان ولا يهين ..؟
لا وحق من كتب لهم الكرامة ، وألبسهم رداء العزة ، وآزرهم بنصره المبين ، لا يتنازلون عنها ، لحفنة من مارقين ، يحاولون ان يجعلوا من هذا الوطن مخططا على ورق ، يقسمونه حسب آلاتهم الهندسية ، وألهتهم الرأسمالية ، الى شرقي وغربي ، وشمالي وجنوبي ، ومستكثر ، ومستنكر .
لن يكون هذا الشعب يوما ،ان أراد، سوى حفرة كلما أخذت منها زادت ، وكلما حفرت فيها اتسعت ، حتى تكون مقبرة للعملاء والمتخاذلين ، وأعداء الأوطان .

يا كرامتنا التي لا تزال رأسمالنا ، وبيت عائلتنا الذي ورثناه عن آباءنا ، لن نخذلك ولو كان آخر عهدنا بدمنا ، سننثره زئبقا يذيب فراء ذئابهم الحمراء ، ويصلي أجوافهم الجائفة ، ويجندل رؤوسهم الجوفاء ..

يا شهدائنا الذين كتبتم بشهادتكم شهادة ميلادنا ، ووقعتم بسلاحكم الأبيض على وثيقة حق تقرير مصيرنا ، يا أبطالنا الذين لا زلتم تتذكرون يوم وفاة قوة اليهود أعدائنا ، لن ننساكم ، حتى وأن عاد " يهود القوة " على أرضنا المقدسة كالكلاب الضالة تنبح ..

ستبقى جيادنا البلق العتيقة تحن الى مهاميز فرسانها ، وستأتي جياد الحق يوما الى يوم الكريهة تضبح ،.. ومهما أغلقوا بيننا وبين النصر ألف باب وباب ، سيأتي اليوم الذي فيه أبواب النصر على مصاريعها تفتح .

يا آبائنا على ضفتي النهر قوموا وارفعوا رؤوسكم عاليا من تحت تراب الكرامة ، وذكرونا بأننا أبناء الكرامة ، وإن أسهم الكرامة ليس لها سوق تباع فيها وتشترى ، وأخبرونا إننا خنا العهد بعض اليوم حين أغفلنا الكرامة ، واشترينا السهم ، لنبيعه بسهمين ، ونطعن الوطن بسهمين ، لنأكل رغيفين دسمين ، ونطعمه بدل السُم ، سُميَّن ، ولكنه .. وطن الكرامّة ، لا تقتله السُموم ، ولا رياح السَموم .

ولكننا سنقتله حتما إن نسينا العهد ونكثنا الوعد بأن نحمي ترابنا ، أو نستكين لأعداءنا ، أو نشطب معالم تاريخنا بجرة قلم من سفهاء قررنا أن يكونوا بديلا عنا مسؤولين عن مؤسساتنا المدنية ، التي ورثت تركة الرجال الأوائل ، والرعيل المقاتل ، ليستبدلوا مقرات جيوشنا بملاه وسينمات ، ومطاعم ومحلات .

وقعت حينما وقعت معركتنا بعد ان قررت قوات الجيش الإسرائيلي المنتصرة حينذاك احتلال أراضي الأردن في غور الاردن من النهر حتى مرتفعات السلط . لأسباب تعتبرها إسرائيل استراتيجية.. يحدوها الأمل الكبير بالنصر ، مراهنة على انتصارها في المعركة السابقة ، وقوتها الجوية الخارقة ، وأرتال دباباتها الأحدث ، وعدتها وعديدها من الضباط والجنود الذين تدربوا جيدا لقتل كل من يقف بينهم وبين وجودهم على أرض ادّعوها .

وقد عبرت نهر الاردن الشاهد قوات الصهاينة خدمتها عمليات تجسير سريعة ، تحت غطاء جوي كثيف.. ولكن كانت قوات الجيش العربي الأردني لها بالمرصاد على طول جبهة القتال من أقصى شمال الأردن الى جنوب البحر الميت

ولكن القدر أبى إلا ان تكون قرية الكرامة هي قلعة الصمود حيث التحم الجيش الأردني واشتركت معه مجموعة من الفدائيين وأبناء العشائر الأردنية من رجال ذلك الغور الساخن وجبال الشموخ في قتال ضار ٍ بالسلاح الأبيض مع الجيش الإسرائيلي في معركة استمرت أكثر من 16 ساعة ادخلت فيها قوات العدو الاسرائيلي اللواء المدرع السابع واللواء المدرع 60، ولواء المظليين 35، ولواء المشاة 80، وعشرين طائرة هيلوكبتر لنقل المظليين وخمس كتائب مدفعية 155 ملم و 105 ملم ، بالإضافة إلى قواته التي كانت على خطوط التماس مع الجيش الاردني على امتداد خط وقف إطلاق النار .

كما كان سلاح الجو والطيران الصهيوني يسيطر سيطرة تامة على سماء وأرض المعركة ، بالإضافة إلى كتيبة دبابات وكتيبة مشاة آلية وسريتي مظليين وكتيبة مدفعية هاجمت فيها غور الصافي .

ولأن النصر لا يأتي إلا بعد إيمان وإخلاص ووحدة القوى ، فقد حطمت قوات الجيش الاردني القوة العسكرية الغازية ، ودمرت دباباتهم وآلياتهم ، وأوقعت فيهم خسائر بشرية ومادية لم يتوقعونها .. حتى إذا ما بدأت المعركة البشرية ، اشترك الجميع في القتال ، قوات نظامية وشعبية اردنية.

وأحصت القوات المعادية حينها خسائرها فوجدتها : 244 قتيلا بين ضابط و جندي و 450 جريحاً .. وتدمير 88 آلية وهي 27 دبابة و 18 ناقلة و 24 سيارة مسلحة و 19 سيارة شحن وسقوط طائرة حربية .

وهذا ما اضطر الإعداء لطلب وقف إطلاق النار ، ولكن الحسين الملك و القائد المشرف على تلك المعركة رفض الطلب ، بالرغم من تدخل الولايات المتحدة والضغط بهدف إيقاف القتال .. حتى اشترط الحسين انسحاب كافة القوات المعتدية الى ما بعد حدود الهدنة ، وهذا ما حصل .

فانسحب الجيش الصهيوني الاسرائيلي بالكامل من أرض المعركة مخلفين وراءهم ولأول مرة في تاريخهم البغيض خسائرهم وقتلاهم دون أن يتمكنوا من إجلاءها ..
وتمكنت القوات الأردنية في تلك المعركة من تحقيق النصر وحالت بين إسرائيل وتحقيق أهدافها التي تلخصت في :
احتلال المنطقة الشرقية لنهر الاردن محاولة ووضع موطئ قدم لها على مرتفعات السلط وتحويلها إلى حزام أمنى لإسرائيل تماما كما حدث في جنوب لبنان والجولان فيما بعد ..

وقتل الروح المعنوية وصمود السكان المدنيين في غور الاردن وارغامهم على النزوح عن أراضيهم لتشكيل أعباء جديدة على الدولة الاردنية والقضاء على أي منطلقات للمقاومة ضد اسرائيل وحرمان المقاومة من وجود قواعد لها بين السكان
كما هدفت الى تحطيم القوة العسكرية وضرب القيادة الاردنية ما من شأنه إرغام الأردن على قبول تسوية وجره الى معاهدة سلام تفرضه إسرائيل بشروطها وقوتها ..وهذا ما كان سيضمن الأمن والهدوء على خط وقف إطلاق النار مع الأردن.
ولا شك ان الانتصار الذي كانت ترجوه تل ابيب حينها سيحافظ على الروح المعنوية للجيشها بعد المكاسب بعد انتصاره على الجبهات العربية في حزيران النكبة .

بيد ان الاردنيين البواسل ، كسبوا المعركة بثمن غال أيضا ليس ماديا بل بأطهر وأشرف من ذلك بكثير ، حيث كان عدد الشهداء 87 شهيدا عسكريا و100 مدني ومقاوم و108 جرحى ، اضافة الى تدمير 13 دبابة و39 آلية...

ولقد أثبت الجندي الأردني على إنه الرقم الصعب في المعادلة السياسية والعسكرية التي يتبجح بها الكثير من قادة المناورات السياسية ، وأكد مقدرته العالية على الثبات وامتلاكه روحا قتالية عالية وتصميما وإرادة لتحقيق النصر .

وجاءت ردود الفعل على نتائج المعركة صاعقة على رؤوس الأعداء وأصدقاءهم .. وشمسا للحرية والكرامة والفخر أشرقت في حياة العرب والاردنيين .. وعلى الفور وجه المغفور له الملك الحسين بن طلال خطابا الى جنود الوطن الاشاوس ورفاق السلاح ، قال فيها
{ لقد مثلت معركة الكرامة بأبعادها المختلفة منعطفاً هاماً في حياتنا ذلك أنها هزت بعنف أسطورة القوات الإسرائيلية كل ذلك بفضل إيمانكم و بفضل ما قمتم به من جهد وما حققتم من تنظيم حيث أعدتم إحكام حقوقكم وأجدتم استخدام السلاح الذي وضع في أيديكم وطبقتم الجديد من الأساليب والحديث من الخطط وإنني لعلى يقين بأن هذا البلد سيبقى منطلقاً للتحرير ودرعاً للصمود وموئلاً للنضال والمناضلين يحمى بسواعدهم ويذاد عنه بأرواحهم وإلى النصر في يوم الكرامة الكبرى والله معكم }

وكان رد الفعل عند الجانب الاسرائيلي المعتدي فكانت بائسة حيث صرح " حاييم بارليف" رئيس أركان جيشهم في حينه ان إسرائيل فقدت في هجومها الأخير على الأردن آليات عسكرية تعادل ثلاثة أضعاف ما فقدته في حرب حزيران.

أما قائد مجموعة القتال الإسرائيلية المقدم (أهارون بيلد) فقد وصف المعركة فيما بعد لجريدة " دافار" الإسرائيلية بقوله:
" لقد شاهدت قصفاً شديداً عدة مرات في حياتي لكنني لم أر شيئاً كهذا من قبل لقد أصيبت معظم دباباتي في العملية ما عدا اثنتين فقط.

وعلق المارشال جريشكو رئيس أركان القوات المسلحة السوفياتية حينها : لقد شكلت معركة الكرامة نقطة تحول في تاريخ العسكرية العربية.

ونشرت صحيفة نيوزويك الامريكية تقريرا بعد معركة الكرامة جاء فيه : "لقد قاوم الجيش الأردني المعتدين بضراوة وتصميم وإن نتائج المعركة جعلت الملك حسين بطل العالم العربي".

بعد هذا كله .. ألا يحق لنا نحن الضعفاء المرتجفون ان نفتخر بما أعلاه لنا الأبطال الغيارى من صروح الذكريات العزيزة ؟ .. لا ندري .. ولكننا ندري تمام الدراية إن لنا الحق كل الحق أن نبقى نمر من أمام مبنى قيادة الجيش الذي شهد إدارة معركة الكرامة .. فكيف نبقي مأذنة مسجد البلدة منتصبة والقذائف لا تزال شواهد فيها على تاريخ البطولة .. ثم نضيع شواهد تاريخنا الواحدة تلو الأخرى ؟

فيا عزة الله التي لا يمنحها أحد سواه ، كوني كرامتنا حين يضيع أهل الدنيا كرامتهم .. و يا أصحاب الكرامات ، يا أولياء الله على هذه الأرض الصالحة ، أدعو لنا بأن نتخلق بأخلاق الكرامة ، وان نتجحفل ضياغما كالأسود الذين ذادوا عن تراب هذا الوطن ، وحمّوا كرامتنا يوم الكرامّة .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :